لبنان
هوكشتاين يتبلغ اليوم ردّ لبنان الرسمي بخصوص مفاوضات الترسيم
تتجه الأنظار اليوم إلى قصر بعبدا، حيث سيتبلغ المفاوض الأمريكي عاموس هوكشتاين القرار الرسمي اللبناني من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بخصوص مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، لا سيما بعد الخطوة الصهيونية الأخيرة باستقدام سفينة التنقيب إلى جوار حقل "كاريش".
أجمعت الصحف الصادرة في بيروت صباح اليوم، أن الموقف اللبناني موحّد في هذا الموضوع، لتحصين حقوق لبنان في ثرواته البحرية وعدم التنازل عنها، فيما يحفظ الدستور لرئيس الجمهورية المرجعية الوحيدة في هذا الملف الحساس.
"الأخبار": لبنان لأميركا: قانا مقابل كاريش
مرجعيّة التفاوض الوحيدة في ملف الترسيم هي للرئيس ميشال عون. هذا كان أول ملامح الموقف اللبناني الموحّد الذي لمسه الوسيط الأميركي العائد إلى لبنان عاموس هوكشتين، بعد وصوله إلى بيروت أمس، ولقائه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ووزير الطاقة وليد فياض، قبل أن ينهي نهاره بلقاء مع نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب. من كلّ من التقاهم، سمع هوكشتين موقفاً واحداً: الجواب على اقتراح الخط المتعرّج الذي قدّمه إلى لبنان في زيارته الأخيرة في شباط الماضي سيسمعه من رئيس الجمهورية اليوم، وهو يعبّر عن موقف الرؤساء الثلاثة، وأنه سيسمع من الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي أن موقف عون هو موقفهما.
في لقاء بعبدا اليوم، يبدو موقف لبنان التفاوضي أكثر قوة مما كان سابقاً، مع الإجماع اللبناني، ومع تحرّر رئيس الجمهورية من حفلة المزايدات والضغوط بعد «التغطية» التي أمّنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله للموقف الرسمي الخميس الماضي. فيما يبدو أن الوسيط الأميركي جاء مستمعاً، من دون أن يحمل أجوبة على الطرح اللبناني. ووسط تكتّم على ما سيبلغه عون لهوكشتين، يبدو أن الحديث يدور حول الخط ٢٣ من دون تعرّجات، مع تحصين حق لبنان في «حقل قانا».
بحسب المصادر، فإن أجواء لقاءات الوسيط الأميركي كانت «جيدة»، وهو «كان مستمعاً وإن بدا أكثر انفتاحاً». وقد أبلغ من التقوه أنه مطّلع على توافق الجميع على موقف واحد سيبلغه إياه الرئيس عون، لكنه يريد أن يسمع الموقف بنفسه من بقية المرجعيات، متمنياً أن يكون الموقف اللبناني موحّداً فعلاً، ومؤكداً أن الولايات المتحدة ترغب في تسريع التفاوض، لافتاً إلى أن «لبنان يدرك أن أيّ شركة عالمية لن تعمل في المياه اللبنانية قبل التوصل إلى اتفاق». ونقل عنه أن «لبنان كان قد طلب سابقاً اعتماد الخط 23، لكنكم اليوم تطلبون زيادة عليه، وهذا يعدّ تعديلاً. لذلك، على لبنان أن يطلب ذلك رسمياً، وسأعود الى الولايات المتحدة للتواصل مع الإسرائيليين والحصول على جواب منهم». واستغرب «تفاجؤ» اللبنانيين بقدوم منصة الحفر اليونانية إلى حقل «كاريش»، علماً «بأنني أبلغتكم بموعد قدومها منذ عام»، مشيراً إلى أنه «تبلغ رسمياً من إسرائيل أن السفينة اليونانية لم ترسُ في المنطقة المتنازع عليها». وبحسب المصادر، بدا هوكشتين مهتماً بالسؤال عن موقف حزب الله والتهديدات التي أطلقها نصر الله الأسبوع الماضي، وحجم القلق من انفجار أمني أو عسكري بسبب ملف الترسيم، من دون أن يخفي قلق واشنطن وتل أبيب من هذه المواقف.
هوكشتين «وعد» بتسريع عقد استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن
إلى ذلك، كان لافتاً أمس تأكيد قائد الجيش العماد جوزف عون «أننا لا نتدخل في الشؤون السياسية إطلاقاً»، وأنه في ما يتعلق بملف ترسيم الحدود البحرية «الذي كثرت التحليلات والتعليقات المتعلّقة به»، فإن الجيش «أعلن موقفه صراحةً بانتهاء مهمته التقنية، وهو يقف خلف السلطة السياسية في أيّ قرار تتّخذه. لسنا معنيين بأيّ تعليقات أو تحليلات أو مواقف، سواء كانت سياسية أو إعلامية. الموقف الرسمي يصدر عن قيادة الجيش حصراً، وأيّ رأيٍ آخر لا يعبّر عن موقف الجيش».
الكهرباء
من جهة أخرى، أفادت المصادر بأن هوكشتين أكد لوزير الطاقة تأييد بلاده حصول لبنان على الغاز من مصر والكهرباء من الأردن، وطلب أن يوقّع الجانب اللبناني الاتفاق مع مصر، ووعد بالعمل على إنجاز رسالة الضمانات التي تعفي الجانب المصري من عقوبات قانون قيصر، وبالتدخل لدى البنك الدولي لتأمين التمويل. كما وعد بالتدخل مع الجانب العراقي لتجديد عقد تزويد لبنان بالفيول أويل لمعامل الكهرباء. وبحسب المعلومات، فإن لبنان بصدد إنجاز الاتفاق مع مصر بحلول الأحد المقبل، «وخلال عشرة أيام على أبعد تقدير»، علماً بأن هوكشتين أشار الى أن «دراسة الجدوى السياسية» للمشروع التي يجريها البنك الدولي «تستند الى مخاوف من استفادة النظام السوري وشركات روسية تخضع للعقوبات الأميركية من الاتفاقيات».
"البناء": هوكشتاين اليوم أمام معادلة: غاز «بحر صور» مقابل غاز «بحر عكا»… أو تنفجر المنطقة
خطفت زيارة الموفد الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي عاموس هوكشتاين الى بيروت الأضواء المحلية، حيث يجول اليوم على المسؤولين اللبنانيين للبحث بالتطورات الأخيرة على صعيد ملف ترسيم الحدود البحرية والعمل للتوصل الى حل للنزاع بين لبنان و»اسرائيل»، في ضوء تبلور موقف لبناني موحّد اتفق الرؤساء الثلاثة على إبلاغه لهوكشتاين خلال اللقاء به اليوم.
واستهل المبعوث الأميركي جولته بلقاء المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في مكتبه بحضور السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، وتناول البحث تطورات ملف ترسيم الحدود البحرية. ولفت إبراهيم في حديث لقناة «المنار» الى أن «اللقاء مع هوكشتاين كان جيّدا، وأبلغته أنه سيسمع موقف لبنان الموحّد حيال ملف ترسيم الحدود البحرية من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون».
وأوضحت مصادر مطلعة لـ»البناء» أن الهدف من لقاءات هوكشتاين هي جس نبض موقف الدولية اللبنانية من ملف الترسيم والباخرة الاسرائيلية وتهديدات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لباخرة استخراج الغاز الاسرائيلية في كاريش، كما أنها زيارة تمهيدية وتحضيرية للقاء بين الوسيط الأميركي والرئيس عون لإبلاغه الموقف اللبناني الرسمي الذي سيؤكد على الحقوق اللبناني كاملة ورفض استخراج الغاز من المنطقة المتنازع عليها قبل التوصل الى حل يرضي الطرفين ويرسم الحدود بشكل واضح من خلال المفاوضات غير المباشرة».
والتقى الموفد الأميركي وزير الطاقة والمياه وليد فياض، وتم البحث في سبل تفعيل خط الغاز العربي الى لبنان.
وذكرت وسائل إعلام أن «هوكشتاين أكد تأييد بلاده لحصول لبنان على الغاز من مصر والكهرباء من الأردن، وأصرّ على أن يوقع لبنان مع مصر، وسيتم خلال هذا الأسبوع وفي أبعد تقدير يوم الأحد المقبل». وشدّد هوكشتاين أنه «في حال التوقيع على الاتفاق فسيعمل على تحضير وإنجاز رسالة الضمانات التي تعفي الجانب المصري من قانون قيصر، وستضغط الولايات المتحدة على البنك الدولي لتأمين التمويل ليشتري لبنان الغاز»، ووعد هوكشتاين وزير الطاقة خلال زيارته «بالتدخل مع الجانب العراقي لتجديد العقد مع لبنان».
ولفت فياض بعد اللقاء الى «أننا تناقشنا مع الوسيط الأميركي حول توقيع اتفاقيات استجرار الكهرباء إلى لبنان من الأردن ومصر، ونحن خلف فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والدولة كلها لديها موقف واضح وهذا يقوّي لبنان».
وأضاف: «في ما خصّ موضوع ترسيم الحدود البحرية أكدت للوسيط الأميركي على أن الموقف الوطني الموحّد هو ما يتوافق عليه الرؤساء الثلاثة ولبنان يسعى للحفاظ على حقوقه».
وتساءلت مصادر سياسية لـ»البناء» هل يقوم الوسيط الأميركي بمحاولة جديدة لخداع لبنان بجرعات مخدر عبر إلهائه بتفعيل خط الغاز العربي وتأمين كهرباء ونفط مقابل غض النظر عن ما تقوم به «اسرائيل» من اعمال تحضيرية لبدء استخراج الغاز من كاريش؟ محذرة من أن الهدف من زيارة هوكشتاين هو احتواء ردة الفعل اللبنانية على استقدام باخرة الاستخراج الى تخوم الخط 29 وإغراء الدولة اللبنانية ببعض النفط والكهرباء عبر إعادة تفعيل خط الغاز الذي تحول الى وعد لم ينفذ من أكثر من عام لأسباب سياسية واضحة.
وبرز موقف المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، بقوله إن «الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع لبنان وإسرائيل للمساعدة في حل الخلاف بشأن حقل كاريش البحري».
ووصل هوكشتاين الى بيروت على وقع التهديدات الاسرائيلية برد عسكري على لبنان إزاء أية هجمات ضد أهداف في كيان الاحتلال، ووضعت مصادر عسكرية وسياسية هذه التهديدات في إطار الحرب النفسية الاعلامية ولتحقيق توازن مع تهديدات السيد نصرالله الأخيرة بمنع «اسرائيل» من استخراج الغاز من حقل كاريش، مشيرة لـ»البناء» الى «أن التهديدات موجهة ايضاً الى الجبهة الداخلية الاسرائيلية لضخ جرعة معنويات للمستوطنين بعد تهديدات السيد نصرالله العالية السقف»، وتساءلت: هل تستطيع «إسرائيل» شنّ حرب على لبنان في ظل تنامي وتعاظم قدرات المقاومة خلال العقد الماضي؟ وهل تستطيع شن حرب من دون ضوء أخضر أميركي؟ وهل الأميركي في وضع يسمح له بتغطية حرب اسرائيلية قد تمتد الى المنطقة، في ظل أزمة الطاقة العالمية وارتفاع أسعار النفط العالمية إثر الحرب الروسية – الاوكرانية؟
ورجحت المصادر أن يكون هدف زيارة هوكشتاين الى بيروت لاحتواء الموقف اللبناني والحؤول دون تدحرج الأمور نحو الحرب العسكرية والسعي لإعادة الطرفين الى التفاوض للتوصل الى حل سلمي.
وتوقعت المصادر أن تتراجع «اسرائيل» عن استخراج الغاز في كاريش بعد التهديدات التي اطلقها السيد نصرالله المعززة بموقف لبناني موحد سيتبلغه الوسيط الاميركي اليوم ويتضمن تمسك لبنان بالخط 23 ورفض العمل في المنطقة المتنازع عليها قبل التوصل الى حل، والتمسك بحقل قانا كاملاً ورفض اقتراح الاستثمار المشترك للحقول أو اقتراح آخر لا يحمي الحقوق اللبنانية». وشددت المصادر على أن «بعد كلام السيد نصرالله وموقف الدولة لم تعد «اسرائيل» قادرة على الاستمرار بمشروعها باستخراج الغاز من البلوكات المحاذية للخط 29 خشية استفزاز لبنان والدخول بحرب عسكرية ستؤدي الى تدمير باخرة انرجين والمنصة التي تعمل عليها».
وفي سياق ذلك، ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن «إنتاج إسرائيل للغاز لن يكون سهلاً في ظل نزاعها الحدودي البحري مع لبنان، حيث ما زال الطرفان في حالة حرب رسمياً».
وأكد قائد الجيش العماد جوزاف عون، خلال زيارته كليّة فؤاد شهاب للقيادة والأركان الى أن «الجيش أنهى مهمّته التّقنيّة، ويقف خلف السّلطة السّياسيّة في أيّ قرار تتّخذه». وقال: «لسنا معنيّين بأيّة تعليقات أو تحليلات أو مواقف سواء أكانت سياسيّة أم إعلاميّة. الموقف الرّسمي يصدر عن قيادة الجيش حصرًا، وأيّ رأي آخر لا يعبّر عن موقف الجيش».
"الجمهورية": لبنان يُبلغ هوكشتاين التمسّك بالحقوق والحدود
على هدير التهديدات، وصل الوسيط الاميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل آموس هوكشتاين. وفي موازاة هذا الملف المُلتهِب، تحبس المنطقة انفاسها، ترقّباً لما ستؤول اليه حركة الوسيط الاميركي. وما اذا كانت الأمور ستنحى إلى مزيد من التأزيم والتسخين، او انّ في جعبة الوسيط الاميركي ما يمكن أن يقود الوضع في الاتجاه المعاكس، ويصبّ الماء على الحريق وإطفاء النار قبل اشتعالها؟
كل المراقبين في الداخل والخارج يُجمعون على انّ التطوّرات البحرية التي تصاعدت مع استقدام اسرائيل لسفينة الحفر اليونانيّة الى المنطقة البحرية المتنازَع عليها مع لبنان، فرضت مشهدا جديدا يتّسِم بخطورة كبرى تهدّد المنطقة بأسرها. وثمّة مخاوف جدية يعبر عنها ديبلوماسيون غربيون وامميون، من انزلاق الوضع الى مواجهة عسكرية يصعب مسبقاً التكهّن بتداعياتها التي قد لا تكون محصورة في تلك الرقعة، بل قد تكون امتداداتها وارتداداتها اوسع واشمل واكبر من ان تُحتوى.
روية وحكمة!
هذه المخاوف عزّزتها التهديدات التي سبقت ورافقت مجيء الوسيط الاميركي الى بيروت، وترافقت وفق معلومات موثوقة لـ"الجمهورية" مع رسائل ديبلوماسية غربية إلى كبار المسؤولين اللبنانيّين، تعكس بشكل لا لبس فيه انها تأخذ التهديدات المتبادلة بين اسرائيل و"حزب الله" على محمل الجد، وتشدد في الوقت نفسه على وجوب ان يقارب لبنان تطورات ملف الترسيم التي استجدّت بكثير من الروية والحكمة.
وقالت مصادر ديبلوماسيّة غربيّة لـ"الجمهورية": إنّ اي توتر مهما كان حجمه لن يؤدي الا الى زعزعة استقرار المنطقة وأمنها، وبالتالي لن يكون في مصلحة احد. ومن هنا، فإنّ زيارة هوكشتاين الى المنطقة في ظل هذا الوضع، نعتقد انها تشكّل عامل اطمئنان، وكابحاً لأيّ توتر محتمل، فالاميركيون راغبون في بلوغ ايجابيات في الملف العالق بين لبنان واسرائيل، وما يزالون يعتقدون انّ في الامكان التوصّل الى اتفاق بينهما، وحضور هوكشتاين يعكس هذا التوجّه، وهذا يحتّم تجاوب كل الاطراف مع المسعى الأميركي لبلوغ اتفاق في مصلحة الطرفين اللبناني والاسرائيلي، خصوصاً ان الاتفاق إن حصل من شأنه أن يَرتدّ بالفائدة على لبنان واسرائيل".
ورداً على سؤال عما يؤكد رغبة واشنطن في عدم انزلاق الامور في المنطقة الى مواجهة، اكتفت المصادر الديبلوماسية بالقول: إنّ الحرب التي تشنّها روسيا على اوكرانيا فرضت ارباكا واضحا ووقائع دراماتيكية على مستوى العالم، فلننظر كيف سيكون عليه الحال في حال نشبت مواجهة جديدة في المنطقة، فهذا قد يضع المنطقة امام احتمالات حرب اقليمية بتداعيات عالمية اضافية وآثار تدميرية في كل المنطقة".
تهويل
وفي السياق ذاته، واذا كانت التهديدات الاسرائيلية بشن حرب تدميريّة على لبنان، قد أقلقت بعض الداخل اللبناني، فإنّ مصادر رسمية لبنانية أدرَجتها في سياق التهويل على لبنان ومحاولة التأثير على الموقف اللبناني، والتشويش على زيارة هوكشتاين. واكثر من ذلك، فإنّ المطلعين على "أجواء "حزب الله" يعتبرون أنّ هذه التهديدات، وخصوصاً تلك التي وردت على لسان رئيس الاركان الاسرائيلي، ليست موجّهة الى لبنان بقدر ما هي موجّهة الى الداخل الاسرائيلي كعامل تطمين، في ظل ما تعكسه وسائل الاعلام الاسرائيلية من إرباك كبير يسوده، اضافة الى الصدى الذي أحدثته التهديدات الاخيرة التي اطلقها الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في المجتمع الاسرائيلي".
الغاز حاجة مشتركة
يتقاطَع ذلك، مع ما يكشفه معنيون بملف الترسيم حول مضامين بعض التقارير الغربية التي تستبعد فرضية المواجهة، وتؤكد على "انّ حاجة اسرائيل إلى الغاز في البحر تكاد تُعادل او تفوق حاجة لبنان اليه، وإنّ الطرفين لا يحبذان ان يسود التوتر المنطقة الغازيّة. يضاف الى ذلك ان كل العالم كان في حاجة الى النفط والغاز الروسي، وجاءت الحرب في اوكرانيا لتشحّ من هذا الغاز ما انعكسَ نتائج واعباء شديدة السلبية على اقتصاديات الدول، بدءا من اوروبا وصولاً الى العالم. ومع استمرار هذه الحرب تصبح الحاجة اكبر للغاز، الذي يبدو ان لا وجود بديل منه سوى الغاز الموجود في البحر اللبناني والاسرائيلي، ما يعني ان هذا الغاز اصبح حاجة عالمية، وبالتالي هو يحظى بحماية عالمية لن تسمح في اي حال من الاحوال بنشوب حرب او مواجهة حوله".
موقف قوي
في هذا السياق سألت "الجمهورية" مسؤولا كبيرا عما اذا كانت زيارة هوكشتاين ستجعل الأفق البحري مفتوحاً على حلول، فأجاب: كل ذلك رهن بأمرَين:
الأول، نزاهة الوسيط الاميركي وحياديته، وصدق التوجّه نحو اتفاق على الترسيم يؤكّد حقّ لبنان الكامل بحدوده وحقوقه.
الثاني، قوة الموقف اللبناني. والحسم النهائي لموقف واحد وثابت يحدّد بصراحة ووضوح نقطة الحدود اللبنانية النهائية وأين هو خط الحدود النهائي وأين هو خط التفاوض.
ولفت المسؤول الكبير الى "انّ نقطة الخلل الاساسية التي يعانيها الموقف اللبناني هي حال الارباك السائدة والضياع بين الخطين 23 و29، فهذان لا يخدمان ابدا الموقف اللبناني، بل يعززان المنطق الاسرائيلي ويتيحان له التسلل للسطو على حقوق لبنان، من هنا لا بد من حسم نهائي لنقطة الحدود، فعند الاساسيات تنتفي الثانويات. وهذا يوجِب الخروج من دائرة التلهّي السياسي بالخلافات والمناكدات، والتعامل مع ملف مرتبط بمستقبل ومصير وطن وشعب، بمسؤولية وعلميّة تؤكد الحق اللبناني بحدوده البحرية الخالصة وثرواته فيها، ذلك انّ استمرارنا في هذا التخبّط سيجعلنا نخسر حقوقنا ونحن نتفرّج عليها".
وصول هوكشتاين
وكان الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين قد وصل الى بيروت امس، وأجرى محادثات مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم في حضور السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا، كما التقى وزير الطاقة والمياه وليد فياض في حضور شيا ايضاً. واعلن وزير الطاقة بعد اللقاء انه اكّد للوسيط الاميركي "على انّ الموقف الوطني الموحّد هو ما يتوافق عليه الرؤساء الثلاثة، وان لبنان يسعى للحفاظ على حقوقه".
واضاف: "نحن خلف رئيس الجمهورية والدولة كلها لديها موقف واضح بشأن ترسيم الحدود، وهذا يقوّي لبنان بشكل كبير".
ومساء، استقبل نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، هوكشتاين في دارته في الرابية، بصحبة السفيرة الاميركية دوروثي شيا والوفد المرافق، وذلك عشيّة الاجتماعات الرسمية التي يستهلّها اليوم الوسيط الاميركي من قصر بعبدا والتي ستعقبها لقاءات مع رئيس مجلس النواب ورئيس حكومة تصريف الاعمال.
وتناول البحث تطورات ملف ترسيم الحدود البحرية، حيث أكد بو صعب أنّ الموقف اللبناني حيال هذا الملف موحّد، وسيبلغه رئيس الجمهورية إلى الوسيط هوكشتاين خلال استقباله له غداً في قصر بعبدا، لافتاً إلى أن أجواء اللقاء كانت إيجابية وأن هوكشتاين أبدى الرغبة في المساعدة.
وقد استبقى بوصعب هوكشتاين والسفيرة شيا والوفد المرافق الى مأدبة عشاء.
مساعدة دولية
واللافت في هذا السياق ما عبّرت عنه المنسّقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان جوانا فونتيسكا، من انّ الامم المتحدة مستعدة للمساهمة في كل ما من شأنه تحريك المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية".
عون
وكان ملف ترسيم الحدود محل بحث بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووفد نواب التغيير، الذي زار ايضاً للغاية نفسها رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال، للتشديد على تمسّك لبنان بالخط 29 وتوقيع المرسوم 6433.
واكد عون امام الوفد انه "من غير الوارد التنازل عن حقوق لبنان في استثمار ثروته الغازية والنفطية". ولفت الى "انّ المحادثات التي سَتتمّ مع الوسيط الاميركي في المفاوصات آموس هوكشتاين ستتناول موقف لبنان المتمسّك بعودة المفاوضات غير المباشرة مع اسرائيل التي كانت قد توقفت على أثر رفض العدو الاسرائيلي الاقتراح اللبناني باعتبار الخط 29 خطاً تفاوضياً وبعد رفض الجانب اللبناني للخط الاسرائيلي رقم 1 و"خط هوف".
وامل عون "ان تحقّق المحادثات مع هوكشتاين تحريكاً للمفاوضات، متحدثاً عن الضغوط التي يواجهها لبنان لمنعه من استثمار ثروته النفطية والغازية".
وإذ اشار الى حصول ضغوط دولية للتوقف عن الحفر في البلوك رقم 4، اكد "رفض لبنان للتهديدات الاسرائيلية"، لافتاً الى "أن العدو الاسرائيلي يتصرّف خلافاً للقوانين وللقرارات الدولية، مستغلاً سكوت المجتمع الدولي عن انتهاكاته لقرارات مجلس الامن". ونافياً في الوقت نفسه "وجود اي ارتباط بين المفاوضات حول ترسيم الحدود بمسألة استجرار الغاز والكهرباء من مصر والاردن، او المفاوضات مع صندوق النقد الدولي".
"الديار": مُهمّة هوكشتاين «تبريد» الأجواء... لبنان يتمسّك بالخط 23
ووفقا لمصادر ديبلوماسية، لا تشبه زيارة الموفد الاميركي هذه المرة زيارته السابقة، فالجميع تحت ضغط امكانية تحول النزاع «الغازي» الى مواجهة غير محدودة في المنطقة، خصوصا ان المؤشرات مقلقة للغاية في ظل تصعيد ميداني «اسرائيلي» تجاوز اكثر من «خط احمر»، سواء بقصف وتعطيل مطار دمشق الدولي، او باستمرار العمليات الامنية داخل ايران، وذلك على وقع وصول التفاوض حول الملف النووي الايراني الى «عنق الزجاجة». ولا تنفي تلك المصادر وجود حالة من التوتر والقلق لدى الجانب الاميركي عكسته السفيرة الاميركية دوروثي شيا خلال الساعات القليلة الماضية خلال جولاتها المكوكية على عدد من الشخصيات اللبنانية، اثر التدخل المباشر لحزب الله بالملف واعلان السيد حسن نصرالله وضع امكانياته العسكرية في «خدمة» الجانب اللبناني المفاوض، وهو ما يراه الاميركيين تطورا دراماتيكيا بنقل عملية التفاوض من مكان الى آخر.
قلق اميركي
ووفقا للمعلومات، لو لم يسارع لبنان الرسمي الى دعوة هوكشتاين الى بيروت، لكانت واشنطن قد اخذت المبادرة في استئناف مساعيها، في ظل قلق شديد من خروج الامور عن «السيطرة» ولهذا سيسعى الموفد الاميركي لتبريد الاجواء اولا. وقد جاءت التهديدات العسكرية «الاسرائيلية» اول من امس بتدمير لبنان، لاعادة التوازن «الردعي» بعد خطاب السيد نصرالله، وهي تهديدات على «الورق» لا ترتقي الى مصاف الجدية، كون «اسرائيل» غير معنية بحرب ستؤدي حتما الى وقف استثمارها الغازي، بينما ليس لدى لبنان ما يخسره بعد. ولكن التصعيد «الاسرائيلي» كان ضروريا، وسيستخدمه هوكشتاين «ورقة» على «الطاولة» لممارسة ضغط معنوي على الجانب اللبناني بغية التوصل الى تفاهمات سريعة في ظل رغبة الاميركيين في ايجاد بديل غازي عن روسيا لمد اوروبا بالطاقة.
وعود هوكشتاين ؟!
اولى لقاءات هوكشتاين كانت مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم وبحضور سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، وقد تناول البحث تطورات ملف ترسيم الحدود البحرية من كافة جوانبه التقنية، وكذلك مخاطر عدم الوصول الى تفاهمات عاجلة حوله، وقد ابلغه اللواء ابراهيم انه سيسمع اليوم موقفا موحدا من المسؤولين اللبنانيين. وبعد لقائه هوكشتاين، اكد وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، ان الجميع يقف خلف فخامة الرئيس في ملف الترسيم، والدولة كلها لديها موقف واضح وهذا يقوي لبنان.
وقد تصدرت المحادثات بين هوكشتاين ووزير الطاقة، ملف استجرار الغاز والكهرباء من الاردن ومصر، وفي تكرار للمواقف الاميركية المتناقضة مع الواقع، «زعم» الموفد الاميركي مجددا ان بلاده تدعم اتمام هذه الصفقة، وهو اصر على الوزير ضرورة التوقيع مع مصر على الاتفاق، وتعهد بانه بعد ذلك سيتولى شخصيا العمل على الحصول على الضمانات الخطية المطلوبة لتجنيب الجانبين الاردني والمصري عقوبات «قيصر»، ووفقا للوزير فياض، فان الاتفاق سيوقع يوم الاحد المقبل، واعلن ان هوكشتاين التزم بانه سيضغط على البنك الدولي لتسريع الافراح عن القرض، وسيتم التوقيع مع مصر قبل يوم الاحد. ووفقا للمعلومات سيتدخل ايضا مع العراق لتجديد العقد في مسالة الفيول الذي ينتهي في ايلول المقبل.! ومساء امس اقام نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب حفل عشاء لهوكشتاين وقد سبق العشاء لقاء اتسم «بالايجابية» حيث ابدى الموفد الاميركي رغبة بالمساعدة.
موقف حاسم للجيش
وقبيل ساعات من زيارة الوسيط الأميركيّ، التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، رئيس مجلس النواب نبيه برّي في عين التينة، في جلسة استمرّت لأكثر من ساعة، غادر بعدها من دون الإدلاء بتصريح، ووفقا للمعلومات ابلغ بري ميقاتي انه يترك ملف التفاوض للرئيس عون، وهو يجدد قناعته بضرورة اعتماد اتفاق الإطار كـ»نقطة ارتكاز»، لحصول لبنان على كامل حقوقه. ووفقا لمصادر معنية بالملف، جرى تواصل مع قيادة الجيش لوقف السجالات «غير المفيدة» في هذا التوقيت الحساس، من قبل ضباط حاليين أو سابقين أو شخصيات قريبة أو محسوبة على قائد الجيش، خصوصاً أن المواقف التي تُعلن تظهر كأن هناك في الحكم من يريد التفريط بحقوق لبنان، وقد اثمرت هذه الاتصالات خروجا من قبل العماد جوزاف عون عن صمته بالامس، وردا على تحميل قيادة الجيش، ولا سيما العميد بسام ياسين الذي كان يتولى رئاسة الوفد التقني المفاوض مسؤولية خلق الخط 29 والمزايدة على السلطة السياسية، أعلن قائد الجيش امام ضباط دورة الأركان السادسة والثلاثين الذين سيتخّرجون الخميس المقبل، أن الجيش انهى مهمته التقنية، والآن هو دور السلطة السياسية، ولا نعرف ما الذي ستتخذه، والجيش يقف خلف السلطة السياسية في أي قرار تتخذه، وقال: لسنا معنيين بأي تعليقات أو تحليلات أو مواقف سواء أكانت سياسية أم إعلامية، الموقف الرسمي يصدر عن قيادة الجيش حصراً وأي رأي آخر لا يعبّر عن موقف الجيش...
التخلي عمليا عن الخط 29؟
ووفقا لاوساط مطلعة، سيبلغ الجانب اللبناني هوكشتاين ان ثمة مخاطر كبيرة باندلاع نزاع عسكري في المنطقة اذا حاولت «اسرائيل» استخراج الغاز في المنطقة المتنازع عليها قبل حصول الاتفاق، مع تجديد رفض الاقتراح الاميركي بتكليف شركة أميركية أو من جنسية أخرى أعمال التنقيب في المناطق المتنازع عليها، لان فكرة الصندوق الاستثماري المشترك تعني عمليا تطبيعا للعلاقات، وهو امر لن يقدم عليه لبنان مهما كانت الظروف. وسيبلّغ الرئيس عون هوكشتاين ان الخط 29 هو خط تفاوضي، وهو تريث في تحويله الى وثيقة رسمية كي لا يفشل عملية التفاوض، وهذا سيعني عمليا ان العرض اللبناني الذي سيكون على «الطاولة» اليوم، سيتضمن «دفن» ال29 مقابل الاقرار «الاسرائيلي»- الاميركي بالخط 23 واسقاط «الخط المتعرج» لتصبح المعادلة كامل حقل قانا للبنان، مقابل الاقرار بان حقل «كاريش» بكامله هو «لاسرائيل». واذا ما جرى تثبيت هذه المعادلة، يمكن القول ان «فتيل التوتر» بات خلف الجميع، ودون ذلك ستكون المنطقة، وليست الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، قابلة للاشتعال، خصوصا ان الرئيس سيكون مجبرا في نهاية المطاف على توقيع المرسوم بعد اعادة «احيائه» حكوميا.
وكان رئيس الجمهورية ميشال عون اكد خلال لقاء وفدٌ من نواب «التغيير» زاره في إطار جولة لهم على الرؤساء الثلاثة بهدف تأكيد ضرورة تمسّك السلطة التنفيذية بالخط 29 عبر تعديل المرسوم 6433، أنّه من غير الوارد التنازل عن حقوق لبنان في استثمار ثروته النفطية والغازية، كما أعلن تمسُّك لبنان بعودة المفاوضات غير المباشرة والّتي توقّفت على أثر رفض العدو اعتبار الخط 29 خطاً تفاوضياً، وأوضح أنّ «الجانب اللبناني رفض الخط الإسرائيلي رقم 1 وخط هوف».
«اسرائيل» تستعد «للاسوأ»!
ووفقا لاوساط معنية بالملف، ليس من مصلحة احد الاعلان عن فشل المفاوضات، لكن اذا لم تلتزم «اسرائيل» بوقف التنقيب قبل انتهاء المحادثات، فعندها يصبح القلق من انتقال التهديد المتبادل، من الكلام الى الافعال مشروعا، وفي هذا السياق، كشفت هيئة الاذاعة «الاسرائيلية» أن «الجيش الإسرائيلي» يستعد «للاسوأ»، وهو لا يستبعد تنفيذ حزب الله هجوما على حقل «كاريش»، ولفتت الى ان البحرية «الاسرائيلية» عززت تواجدها لتأمين المنصة، وستنشر في الساعات المقبلة غواصات في المنطقة، وكذلك نسخة بحرية من منظومة الدفاع الصاروخي «القبة الحديدية».
ميشال عونالحدود البحرية اللبنانية