لبنان
ملف الحكومة بانتظار لقاء جديد بين عون وميقاتي.. وترقّب لمواقف السيد نصر الله اليوم
تعيش البلاد أيامًا حاسمة على أكثر من صعيد، لا ما يتعلق بضيق الوقت لانتخاب رئيس للجمهورية، وملف الحكومة الذي عادت إليه الحرارة بعد اللقاء الأخير بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون الأسبوع الماضي.
وتحيط الأجواء الضبابية بكل الملفات، بانتظار أن تُفرج من مكان ما، فالحكومة تنتظر لقاء جديدا بين الرئيسين، والرئاسة تحتاج لتوافقات واتصالات بين مختلف القوى السياسية، كذلك ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والكيان الصهيوني ينتظر عودة المفاوض الأمريكي عاموس هوكشتاين بجواب من العدو ليبنى على الشيء مقتضاه.
ووسط هذه الأجواء، يطل الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله اليوم في احتفالية ضخمة للمقاومة تحت عنوان "أبجدية النصر"، ومن المرتقب أن يطلق مواقف حاسمة في العديد من المواضيع الساخنة محليًا وإقليميًا.
"الأخبار": حرب اشاعات حول ترسيم الحدود وانتظار لموقف نصرالله اليوم: الدولة والمقاومة ينتظران رد اسرائيل... الخطي!
حرب شائعات تسيطر على ملف ترسيم الحدود البحرية مع العدو، فيما لا تزال بيروت تنتظر عودة الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين آخر الشهر واستئناف التواصل معه، بحسب مصدر لبناني رسمي أكّد لـ«الأخبار» أن المعطيات لم تصل بعد الى مستوى الوثيقة التي يبنى على أساسها الموقف. وأوضح أن الأميركيين تحدثوا عن إيجابية. لكن، في المقابل، هناك إشارات سلبية تفيد بأن «العدو قد يعرض على لبنان مقايضة جديدة ستُرفض حكماً». وأعرب عن خشيته من أن تكون التسريبات الإسرائيلية عن اتفاق وشيك مقدّمة لتحميل لبنان فشل المفاوضات في حال قدم عرضاً غير مقبول، وتحميل المقاومة مسؤولية اندلاع الحرب في حال المبادرة إلى توجيه ضربات الى المنشآت الإسرائيلية في البحر.
ويتوقع أن يعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، مساء اليوم، مواقف تفصيلية حول الملف في خطاب لمناسبة اختتام احتفالات حزب الله بالذكرى الأربعين لانطلاقته وفي الذكرى السنوية لانتصارَي تموز وتحرير الجرود الشرقية من التكفيريين.
وبحسب مصادر معنية، فإن الوسطاء غير المعلنين مستمرون في العمل. لكن كل الكلام الإيجابي من جانب العدو لم يُترجم بعد الى ورقة مكتوبة تثبت الكلام الشفهي عن الاستعداد للقبول بمطالب لبنان. ولفتت إلى أن إسرائيل تفعل تماماً ما تفعله الولايات المتحدة مع إيران، إذ تبدي استعدادها لتوقيع الاتفاق النووي لكنها لا تقوم بأي خطوة عملية موثقة نحو الاتفاق. وأكّدت المصادر أن لبنان لن يناقش الأمر أو يطلق موقفاً قبل تسلّمه ورقة مكتوبة تمثّل الردّ الإسرائيلي الرسمي على ما حمله هوكشتين الى تل أبيب. فيما يتوجه الى الولايات المتحدة غداً مستشار الأمن القومي إيال حولاتا لإجراء محادثات مع مسؤولين كبار حول التهديد الإيراني وملف الترسيم مع لبنان.
ثرثرة إسرائيلية
وبعد صمت مطبق لنحو أسبوعين، ضجّت وسائل إعلام العدو في اليومين الماضيين بتقارير عدة عن ملف الترسيم. وكان البارز ما ذكرته القناة 14 العبرية أمس عن أن إسرائيل «قدّمت قبل أيام مقترحاً إلى الولايات المتحدة أبدت فيه استعدادها لتقديم تنازلات في ما يتعلق بمنطقة الخلاف مع لبنان». ووفقاً للقناة، فإن تل أبيب «أكدت للوسطاء أنها لن تتنازل في مسألة حقل كاريش»، وأنه «بعد جولة المفاوضات بين إسرائيل ولبنان، بشأن ترسيم الحدود البحرية، يبدو أن هناك تسوية دائمة أقرب من أي وقت مضى، ويتوقع توقيعها قريباً». وذكرت أنه «في حين أن الولايات المتحدة ولبنان راضيان، فإن هناك عدة جهات في إسرائيل تعتقد بأنه ستكون هناك تنازلات مؤلمة، وتحديداً في تفاصيل الاتفاق». ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤول كبير في قطاع الغاز والطاقة، وصفه «اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي تتبلور مع لبنان»، بأنها «استسلام كامل من جانب إسرائيل».
إشارات سلبية بأن العدوّ قد يعرض على لبنان مقايضة جديدة ستُرفض حكماً
من جهتها، نقلت وكالة «سبوتنيك» عن مصدر رسمي لبناني تأكيده أن «لبنان وإسرائيل اقتربا من التوصل إلى اتفاق بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين». وأضاف: «نحن قريبون جداً من التوصل إلى اتفاق حول ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، وتبلغنا بأن الجواب الذي سيحمله الوسيط الأميركي رداً على المقترح اللبناني إيجابي، وهو عائد قريباً إلى بيروت»، معتبراً أن «شهر أيلول سيشهد الحسم في ملف ترسيم الحدود».
لكن قناة «المنار» نقلت عن مصادر خاصة أن «ما يشاع عن إيجابية الآن يشبه ما أشيع عن مناخات سلبية قبل فترة، وهو كلام غير صحيح والكل ينتظر ما يحمله الوسيط الى الرؤساء الثلاثة».
وزيرة الطاقة تهدد
رسمياً، كان الكلام الأول لوزيرة الطاقة كارين إلهرار في مقابلة مع قناة «كان»، أول من أمس، قالت فيها إن «أول فرصة تستطيع فيها شركة إنيرجين استخراج الغاز من حقل كاريش ستفعل ذلك وليس لدينا أيّ مانع في هذا الأمر»، مضيفةً رداً على سؤال عما إذا كان ذلك سيجري رغم تهديدات حزب الله: «إسرائيل ستستخرج من حقل كاريش عندما تكون شركة إنيرجين جاهزة لاستخراج الغاز، ليس لدينا أيّ مانع في هذا الأمر». وأضافت إن «حقل كاريش لا يقع في منطقة الخلاف، فهو تماماً داخل إسرائيل». وعن تهديدات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قالت إن التهديدات تعني أنه «يجب وقف الاستخراج من حقل تمار وحقل ليفيتان أيضاً. لكن إسرائيل دولة سيادية، لديها أصول استراتيجية ونحن ندافع عنها بكل صورة وبكل طريقة. أما المفاوضات فهي حول المنطقة المختلف عليها وليست (بخصوص منطقة) ضمن دولة إسرائيل. وحقل كاريش لم يكن ولن يكون ضمن المنطقة المختلف عليها، هناك منطقة مختلفة عليها محددة جداً ونحن نعمل على الحل».
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية أن حكومة العدو «أرسلت تحذيراً للبنان ولحزب الله، لكن جرى التشديد على أنها لا تريد تصعيداً». وكان لافتاً في التقرير نفسه الإشارة الى أن «إسرائيل وحزب الله غير معنيين بمواجهة عسكرية، كلٌّ لأسبابه الداخلية. في النهاية، إسرائيل يمكنها تأجيل موعد استخراج الغاز الطبيعي من حقل كاريش البحري لعدة أشهر، حتى بعد انتخابات الكنيست والدفع نحو خفض التوتر».
ونقلت وسائل الإعلام نفسها عن مصادر أوروبية أن الولايات المتحدة «تريد أن تتوصل إسرائيل ولبنان إلى اتفاق بعد الانتخابات الرئاسية في لبنان. الوضع في لبنان حساس، لبنان لديه حكومة انتقالية، ومن المفترض إجراء الانتخابات الرئاسية في تشرين الأول، لبنان لا يمكنه تحمّل أي مواجهة عسكرية مع إسرائيل».
لكن ذلك لم يمنع إعلام العدو من نقل كلام عن مسؤولين أمنيين وعسكريين فيه أن إسرائيل «تأخذ على محمل الجد التهديدات المتكررة من حزب الله، وأن الجيش الإسرائيلي مستعد في الشمال لحماية منشأة غاز كاريش بكل الوسائل، وأيضاً لاحتمال معركة لعدة أيام إذا هاجم حزب الله منشآت غاز إسرائيلية في البحر الأبيض المتوسط».
وذكرت القناة 12 العبرية أنه «خشية قيام حزب الله بتنفيذ هجوم قبل توقيع اتفاق حول الحدود البحرية مع لبنان، فإنّ المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تبقي حالة التأهب مستمرة».
"البناء": تأجيل الترسيم والاستخراج من كاريش يواجه طلباً لبنانياً بالبدء بالتنقيب في البلوكات 4 و9
كلما اقتربت نهاية شهر آب وبداية شهر أيلول تتصاعد درجة الاهتمام بمصير المفاوضات حول ملف ترسيم الحدود البحرية للبنان ومستقبل ثروات النفط والغاز، التي جعلتها المقاومة قضية تحدٍّ مصيري لمستقبل الأمن والاستقرار في البحر المتوسط، في ضوء التهديد باستهداف منصات النفط والغاز الاسرائيلية ما لم ينل لبنان مطالبه المشروعة بترسيم حدوده واستثمار حقوله، ووفقاً للمعلومات المتداولة يفترض توقع وصول الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين خلال الأيام القليلة المقبلة حاملاً ما يفترض انه العرض الإسرائيلي رداً على الطلبات اللبنانية، في ظل تسريبات إعلامية غربية وإسرائيلية عن عروض تتضمن تأجيل الترسيم الحدودي مقابل تجميد استخراج الغاز من حقل كاريش، تفادياً لتهديدات المقاومة، وفي هذا السياق قالت مصادر على صلة بملف المفاوضات إن لبنان يدرس على أعلى المستويات الرد الذي سوف يقابل به هذا العرض في حال حمله هوكشتاين. وتقول المصادر إن تجميد الاستخراج من كاريش رغم كونه استجابة لضغوط المقاومة لكنه مع تأجيل الترسيم يحمل في خفاياه فرضيات مماطلة لن يقبلها لبنان، خصوصاً في ظل الحظر المفروض على الشركات العالمية وفي طليعتها شركة توتال عن التنقيب في البلوكات اللبنانية رغم وجود عقود تلزيم واضحة للبلوك 4 والبلوك 9.
وتسأل المصادر هل سيضمن هوكشتاين بدء التنقيب الفوري في البلوكات 4 و9؟ وهل سيقدم رسالة ضمانات أميركية رسمية بمضمون اتفاق الترسيم الذي يلبي مطالب لبنان يؤكد التبني الأميركي لهذه المطالب، وسقفا زمنيا للشهور التي يجري الحديث عنها لإنجاز الاتفاق؟
في الملف الحكومي رغم التحرك الذي شهدته الاتصالات مؤخراً لا يزال المناخ السلبي يخيم على العلاقات بين بعبدا والسراي. وتحدثت مصادر على صلة بالملف الحكومي عن وساطة سوف يقوم بها حزب الله خلال الأيام المقبلة لترجمة دعوة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بهدف تسريع تشكيل الحكومة، ولم تستبعد المصدر أن يتطرق السيد نصرالله في كلمته اليوم في ختام احتفالات حزب الله بـ الأربعين ربيعاً، بصورة أكثر وضوحاً للملف الحكومي، وملف ترسيم الحدود والمفاوضات حولها.
ينشغل لبنان باستحقاقي تأليف الحكومة الذي عاد وتقدم الى الواجهة على الملف الرئاسي في ظل الحديث عن احتمال بدأ يتوسّع حيال الفراغ الرئاسي، وملف ترسيم الحدود وسط حديث القوى المتابعة لهذا الملف ان الوسيط الاميركي في هذا الملف اموس هوكشتاين سيزور لبنان بين نهاية آب وبداية شهر ايلول حاملاً معه مقترحه المكتوب والذي جاء نتيجة حراكه على خط لبنان وكيان الاحتلال، حيث سيعرضه على القوى السياسية في لبنان ليبنى على الشيء مقتضاه على ان يعود بعد لبنان الى تل أبيب للغاية نفسها. واذا حصل هوكشتاين على موافقة من الطرفين من المرجّح ان تعود مفاوضات الناقورة الى الواجهة تمهيداً لإعداد المرسوم الذي سيوقعه كل من لبنان وكيان الاحتلال على حدة على ان يرسله كل منهما على حدة الى الامم المتحدة. وتقول مصادر متابعة لـ»البناء» إن الأجواء إيجابية في هذا الملف. وهذا ما تبلغه اكثر من معني في لبنان من السفيرة الاميركية دوروثي شيا، معتبرة ان التنقيب آتٍ لا محالة وان الامور ليست ذاهبة الى اي تصعيد.
اما على الخط الحكومي، فالأمور لا تزال ضبابية تقول مصادر مطلعة لـ»البناء» مشيرة الى ان اي جديد ايجابي لم يطرأ بعد زيارة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الى قصر بعبدا، وسط معلومات تشير الى ان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عاد مجدداً ليدخل على خط التأليف في سبيل العرقلة، علماً أن الأمور من جانب الرئيس المكلف باتت أكثر من مسهلة في ضوء حصره استبدال وزيرين فقط في الحكومة وهما الاقتصاد والمهجرين من دون الإتيان على ذكر وزير الطاقة، علماً ان ما حصل في الايام الماضية من نقاشات مع اكثر من مرجعية سياسية كان الهدف منه البحث عن مخارج لعقدتي المهجرين والاقتصاد وسط حديث عن رفض مطلق من باسيل اي تغيير في التركيبة الراهنة لناحية الحصص. وهذا يعني وفق المصادر قطع الطريق على طرح الرئيس ميقاتي السابق الذكر من شأنه ان يفتح الباب مجدداً لإعادة البحث بين القوى السياسية الاساسية الممثلة بحكومة معاً للإنقاذ للإبقاء على حكومة تصريف الاعمال عبر اصدار مرسوم بتشكيلها تمهيداً لنيلها الثقة في الحكومة.
وبينما ربطت المصادر نفسها الحراك الحكومي بدعوة امين عام لحزب الله السيد حسن نصر الله الى تأليف حكومة بالتوازي مع مساعيه لتقريب وجهات النظر بين المعنيين، عادت الاجواء مساء امس لتنذر بان الامور قد تعود الى النقطة الصفر حكومياً، علماً ان الترقب كان سيد الموقف لما ستؤول اليه الامور في اليومين المقبلين وفيما تردد من اجواء تقاطعت حولها اكثر من جهة سياسية من بينها اوساط في 8 آذار ان «باسيل يريد الحصول على 6 وزراء مسيحيين زائد وزراء آخرين من اجل الحصول على الثلث المُعطّل ضمن الحكومة»، لفت مصدر مقرب من حزب الله لـ»البناء» الى ان الرئيس ميقاتي تواصل مع حزب الله ووضعه في اجواء ما حصل منذ عصر الاربعاء، مرجحة ان يدخل الحزب على الخط لإيجاد الحلول المناسبة.
هذا ونفى المكتب الاعلامي لرئيس التيار الوطني الحر ما يقال في هذا الاطار، قائلا: هذه الفبركات الاعلامية لن تفيد صاحبها رئيس الحكومة المكلّف ولا تعفيه من مسؤوليته الكاملة عن عدم التأليف، مع العلم انّ موقفه غير المبالي بالتأليف سيتغيّر فور تغيّر موقف داعميه وموجّهيه.
وردّ المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي من جهته في بيان على باسيل بالقول يبدو أنّ صيف اليونان أضرّ برئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، فحاول التنصّل من مسؤوليته المباشرة عن تعطيل تشكيل الحكومة. وأوضح «ميقاتي يستخدم الاسلوب المباشر والواضح في الكشف عن اي معلومة او موقف يريد اعلانه، وان تعطيل الحكومة يتحمل مسؤوليته باسيل مباشرة، وكل اتهامات باطلة لن تفيده في شيء. فاقتضى التوضيح».
أصدر وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى الموقف الآتي تعليقاً على التصويب على رئيس الحكومة: «المركب الذي في وسط البحر تعصف به الأنواء من كل جانب، فينبغي للبحارة فيه أن يتكاتفوا ويتعاونوا لاجتياز الخطر، لأن الاتهامات والخصومات أشد ضراوة من الموج والريح».
وتابع: «فكيف إذا كان المركب هو الوطن والعدو يتربص بنا وبثرواتنا بل وبوجودنا والشعب ينتظر منا ان نهتدي الى حلول تحصن واقعنا وتحدث الفرق الايجابي في حياة المواطنين فلا يصح من ثم ان ننزلق الى المناكفات او نستسيغ استيلاد الازمات وعلينا العدول عما انزلقنا فيه والركون مجدداً الى التضامن والتعاون والعمل بجهد وكد وبنفس يرتقي الى مستوى المرحلة».
وختم: «ان هذا الموقف لا يعبر عن رأيي الشخصي فحسب، وانما يعبر في ما يعبر عن رأي سائر الزملاء الوزراء».
"اللواء": ضغوطات لتأليف الحكومة هذا الأسبوع.. وباسيل يُصعِّد ضد ميقاتي
حالما يشاهد اللبنانيون او يتناهى إلى اسماعهم ان الرئيس المكلف نجيب ميقاتي في بعبدا، فعليهم التيقن أن أمراً ما نضج: العودة إلى مراسيم الحكومة، بصرف النظر عن التغييرات أو التعديلات أو المكاسب من هنا وهناك. فمجرد إنهاء الوضع الحكومي الشاذ، يعني خطوة إلى الأمام، بانتظار ما يمكن ان يطرأ على جبهة ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع عودة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين نهاية الأسبوع الجاري او اواسط الاسبوع الذي يليه.
وعليه، يؤكد مصدر مطلع ان هوكشتاين يتعين ان يبحث مسألة الترسيم، على اي مسار سارت مع حكومة مكتملة المواصفات، بما في ذلك اصدار المراسيم وثقة المجلس النيابي.
وقالت مصادر سياسية لـ«اللواء» أن ثمة معلومات يتم التداول بها عن احتمال حصول تحريك للملف الحكومي الجامد، وذلك نتيجة الضغط الحاصل لتشكيل حكومة قبل تحوّل مجلس النواب الى هيئة ناخبة.
وحسب المعلومات فان هذا الضغط داخلي وخارجي في آن وقد يسفر عن تحريك عجلة التشكيل من خلال افكار يتم التداول بها خلال الـ٤٨ الساعة الماضية.
من هذه الافكار اما السير بصيغة تبديل وزيرين في الحكومة الحاضرة يسميهما رئيس الجمهورية او العودة الى الاقتراح القديم بزيادة ٦ وزراء الى الحكومة الحالية يكونون وزراء دولة يؤمنون تغطية سياسية للحكومة ويحصنونها لمواجهة الاستحقاقات المرتقبة واهمها الاستحقاق الرئاسي الذي يحيط به خطر الفراغ.
وتوقعت المصادر المطلعة ان تتبلور الصورة اكثر خلال اجتماع مرتقب بين الرئيس عون وميقاتي خلال الساعات الثماني والأربعين المقبلة للوصول الى تفاهم حول اي من الحلين الذي يمكن السير به.
وكشفت مصادر سياسية عن اتصالات تسارعت خلال الساعات الماضية وراء الكواليس، لتسريع تشكيل الحكومة الجديدة، شارك فيها أطراف محليون، ودول فاعلة من بينها، فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، أسفرت عن ابداء رغبة جدية، لدى الرئاستين الاولى والثالثه لاستئناف التشاور بهدف تضييق شقة الخلافات بين الرئاستين، تمهيدا للتوصل الى اتفاق الصيغة النهائية للتشكيلة الوزارية، يعلن عن ولادتها باسرع وقت ممكن.
وفيما أشارت المصادر إلى استمرار الرئاسة الاولى في الترويج للصيغة التي طرحها رئيس الجمهورية ميشال عون، وهي صيغة الحكومة الموسعة التي تضم في صفوفها ست وزراء دولة يمثلون الطوائف الست الاساسية، وكأنها الصيغة الاقرب إلى الأتفاق عليها، نفت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة هذه المعلومات، ونقلت عن وسطاء ان الصيغة التي ضمنها رئيس الحكومة المكلف نجيب للتشكيلة الوزارية التي سلمها إلى رئيس الجمهورية وتضم اربعة وعشرين وزيرا، مع تعديل محدود باسم وزيري الاقتصاد واللاجئين، هي الصيغة التي يتمسك بها رئيس الحكومة، والاكثر تداولا بين الاطراف المعنيين خلافا لكل ما يتردد بهذا الخصوص، والخلاف المتبقي حاليا، على الاسمين المطروحين لتولي حقيبتي الاقتصاد واللاجئين، ومن يتولى تسميتهما، بعدما برزت محاولات الرئاسة الاولى، لتسميتهما في حين يرفض ميقاتي ذلك ويصّر على ان تكون تسميتهما، بالتشاور وليس محصورة بالرئاسة الاولى كما يروج البعض لذلك.
وتوقعت المصادر تزايد الأخذ والرد بخصوص الصيغتين المطروحتين، ومحاولة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل تفخيخ المشاورات والاتصالات الجارية لانجاز التشكيلة الوزارية، وعرقلة التوصل الى اتفاق نهائي بين الرئاستين، اذا لم يكن له اليد الطولى بعملية التشكيل، والحصول على ما يروج له حصة وازنة بالوزارات للتيار، او ما يسمى بالثلث المعطل، لكي تستطيع تحقيق التوازن السياسي والطائفي المطلوب، لتولي مهمات رئيس الجمهورية في حال لم تحصل الانتخابات الرئاسية بموعدها.
واعتبرت المصادر ان الإلحاح المحلي والخارجي، والرغبة الشعبية العارمة، والحاجة لتشكيل حكومة جديدة تتولى القيام بالمهمات المنوطة بها لاستكمال متطلبات الخروج من الازمة الراهنة، والخشية من عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية في الموعد المحدد، قد تسرع تشكيل الحكومة الجديدة، لتفادي اي اشكالات دستورية او احداث فوضى سياسية يلوح بها بعض المهووسين، في حال تعطل انتخاب الرئيس الجديد، اما بسبب عدم توصل الاطراف السياسيين الى تفاهم بخصوص الاسم المطروح، او بسبب استمرار حزب الله، انتظار مصير الملف النووي الايراني وتاثيراته الاقليمية والدولية، ومنها على لبنان تحديدا.
وفي خطوة تعكس التصعيد الذي دأب عليه باسيل، صدر ليلاً نفي عن مكتبه الاعلامي بيان تحدث فيه عن تلفيقات وأكاذيب، واتهم المكتب الرئيس المكلف بما ورد في مقدمة الجديد في موضوع تأليف الحكومة.
وكرر المكتب اتهام ميقاتي بعدم المبالاة للتأليف سيتغير فور تغير موقف ما أسماه المكتب «داعميه وموجهيه».
ولاحقاً، صدر عن المكتب الاعلامي للرئيس الحكومة نجيب ميقاتي الآتي:
يبدو أن صيف اليونان أضر برئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، فحاول التنصل من مسؤوليته المباشرة عن تعطيل تشكيل الحكومة، وفق ما اوردت «قناة الجديد» في نشرتها مساء امس، بتوجيه سهامه عمدا الى الرئيس نجيب ميقاتي.
ويهم المكتب الاعلامي للرئيس ميقاتي ان يوضح ان الرئيس المكلف يستخدم الاسلوب المباشر والواضح في الكشف عن اي معلومة او موقف يريد اعلانه، وان تعطيل الحكومة يتحمل مسؤوليته باسيل مباشرة، وكل اتهامات باطلة لن تفيده في شيء. فاقتضى التوضيح.
وكان صدر عن مكتب ميقاتي الاعلامي بيان جاء فيه: تسجّل منذ أيام، حملة مبرمجة تستهدف الرئيس نجيب ميقاتي وعائلته، تتمثل باطلاق شائعات وأكاذيب على خلفية موضوع الدولار الجمركي وتشكيل الحكومة الجديدة. إن الرئيس ميقاتي وعائلته كلفا مكتباً للمحاماة لإتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة ضد المحرضّين والضالعين في هذه الحملة، وهم» مجهولون معروفون».
وتعقيباً على تعقيب باسيل صدر عن مكتب ميقاتي: ينبغي الايضاح والتأكيد ان على باسيل ان يفهم ان الحكومة لن تؤلف الا وفق الاصول الدستورية وبالتعاون بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف حصراً، وابتداء من هذه اللحظة فليساجل باسيل نفسه في المرآة وانتهى الكلام.
ويتضح مما تقدم ان المحاولة الجارية لاعادة الملف الحكومي إلى الطاولة تواجه بضغوطات من باسيل لا تستهدف حركة الرئيس المكلف وحسب، بل ايضاً رئاسة المجلس النيابي وحزب الله، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي من دون تسمية هؤلاء مباشرة.
هوكشتاين
وهكذا فانه لم يعد من اهتمام سياسي سوى التركيز على الاستحقاق الرئاسي مع احتدام السجالات وتزاحم اللقاءات ومحاولات استجماع القوى لتشكيل قوة ناخبة مؤثرة تفعل فعلها في اختيار الرئيس العتيد، وهو ما يجري على جبهة القوى المسيحية ونواب قوى التغيير والمستقلين والنواب السنة. فيما مشاكل الناس وهمومها لا تهم المسؤولين ولا السياسيين سوى في التصاريح بلاخطوات عملية، بعدما تجاوز الدولار الاسود اليوم سعر 34 الف ليرة.
ويبقى لبنان ايضاً، بإنتظار وصول الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين الى بيروت حاملاً الاجوبة الاسرائيلية على المقترحات اللبنانية حول ترسيم الحدودالبحرية، وسط معلومات اعلامية انه موجود في احدى دول شرق المتوسط للإستجمام، وانه سيزور بيروت نهاية الأسبوع المقبل على الارجح، وأنه سيحمل معه اقتراحاً مكتوباً لاطلاع القوى المعنية في لبنان عليه، على ان يطلع الاسرائيليين في ما بعد على الاقتراح ايضاً.
واشارت المعلومات الى أن تجاوب المعنيين في لبنان وإسرائيل مع الاقتراح سيكون بمثابة الإعلان عن عودة قصيرة لمفاوضات الناقورة التي قد تكون محصورة باجتماع أو اثنين لترتيب الامور التقنية، وتحضير المرسوم الذي سيوثق ما يعرف بالاحداثيات الجديدة ويوقعه لبنان تمهيداً لارساله الى الامم المتحدة، علماً ان إسرائيل ستوقع من جهتها على مرسوم منفصل وترسله للأمم المتحدة، ليكون الاقتراح الأميركي بمثابة اتفاق بين لبنان واسرائيل حول المنطقة المتنازع عليها يتم ايداعه الأمم المتحدة، بما يسمح للبنان البدء بالتنقيب عن النفط والغاز في المنطقة أسوة باسرائيل.
اما في الكيان الاسرائيلي، فقالت القناة الرابعة: إن «إسرائيل قدمت من خلال الوسطاء عرضاً جديداً للبنان لحل أزمة ترسيم الحدود البحرية، وأن «إسرائيل أكدت للوسطاء أنها لن تتنازل في مسألة منصة كاريش، التي بدأت تشغيلها في الآونة الأخيرة لاستخراج النفط والغاز، وسط نزاع مع لبنان».
ونقل مراسل الجزيرة في بيروت عن مصادر قولها: إن لبنان ينتظر عودة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، حاملا الجواب الإسرائيلي بخصوص ترسيم الحدود وفق الخط 23 وحقل قانا.
وأضافت المصادر: أنه رغم ما يشاع حالياً من أجواء إيجابية، فإن التوصل إلى اتفاق يرتبط بمضمون الجواب الإسرائيلي الذي لم يُبلغ به لبنان بعد.
وتتحدث المعلومات عن رغبة اميركية بألا يعود هوكشتاين خالي الوفاض، وعمدت بعض المصادر إلى تسريب معطيات عن وثيقة يسعى الوسيط الاميركي إلى عرضها على الجانبين الاسرائيلي واللبناني، ثم الحصول على اجابات عليها، قبل الدعوة إلى استئناف المفاوضات في الناقورة، للتوصل إلى اتفاق رسمي يوقع عليه ويسجل في الأمم المتحدة.
وكشفت «القناة 12» الاسرائيلية ان توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل قد يكون الاسبوع المقبل.
وقالت القناة ان «اتفاق الترسيم سيتضمن تنازلاً اسرائيلياً عن منطقة داخل البحر، مقابل تنازل لبناني عن منطقة قريبة من الشاطئ.
واستدعت هذه التطورات استنفارات متبادلة عند طرفي الحدود، بالتزامن مع المنحى الايجابي لسير التباحث عبر هوكشتاين، ونسب إلى وسائل اعلام اسرائيلية قولها ان «بسبب الاستنفار هو الخشية من عمل ما لحزب الله، قبيل التوقيع على اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل».
وحسب مصادر معنية، فان حزب الله يتصرف بحذر شديد خوفاً من غدر اسرائيل في المرحلة القريبة من موعد عودة الوسيط الأميركي.
ميشال عونالحدود البحرية اللبنانية