معركة أولي البأس

لبنان

على وقع التفاهم البحري.. أيام حاسمة أمام الحكومة والرئاسة
17/10/2022

على وقع التفاهم البحري.. أيام حاسمة أمام الحكومة والرئاسة

تسيطر على أجواء البلاد حالة من التلبد، متماشية مع الأجواء المناخية التي بات واضحًا دخولها فعليًا في أيام الخريف، حيث انخفضت الحرارة وسيطرت الغيوم الداكنة، مع إنذار بقرب هطول المطر، فهل سيكون هذا الفرج الإلهي مترافقًا مع انفراجات في الملفات العالقة لا سيما انتخاب رئيس للجمهورية والوصول إلى تسوية تخرج الدخان الأبيض ومعها لبنان من نفق مظلم سيطر منذ 17 تشرين 2019، وهل سيكون ما تم التوصل إليه حتى الآن في ملف الثروة النفطية في البحر مقدمة لاستكمال الأمر نحو خاتمته السعيدة، وإيصال اللبنانيين إلى مرحلة الفرج بعد الضيق الذي عانوا منه على أكثر من صعيد.

 

"الأخبار": حكومة ورئاسة على وقع التفاهم البحري

خيط دقيق يفصل بين الابتهاج بتفاهم تشرين البحري والغضب منه. خيط يتصل أساساً بالحياة السياسية الداخلية. من الواضح أن الرافضين للتفاهم ليسوا فئة واحدة. بينهم أصحاب وجهة نظر قانونية أو تقنية مفادها أن لبنان ما كان يجب أن يقبل بأقل من الخط 29، وبينهم من يعتقد بأنه كان في إمكان المقاومة والحكم، بمزيد من الصبر، الفوز بما هو أكثر من الخط 23. ولكن، إلى جانب هؤلاء، مجموعة لا يعنيها الموضوع أساساً، ولا تعرف عن الحقول والبلوكات والحدود والقوانين الدولية شيئاً. جلّ ما يهمّها أمران فقط: من أنجز التفاهم ومن سيستفيد منه سياسياً، الى جانب السؤال المشروع حول مصير العائدات المفترضة من الإنتاج النفطي والغازي المرتقب بعد سنوات؟

لحظة التوصل الى التفاهم طابقت لحظة لبنانية شديدة التعقيد تتعلق بالاستحقاقات الدستورية الداهمة بعد الانتخابات النيابية: البحث عن رئيس جديد للبلاد، وعن الإجراءات المانعة للفوضى في حال استمرار الخلاف على طبيعة السلطة التي ستدير البلاد في ظل الشغور الرئاسي. لذلك، كان من الطبيعي على الفئة المعترضة على التفاهم كيدياً أن تركز على النتائج المباشرة لهذا الإنجاز على المفاوضات المتعلقة بالحكومة ورئاسة الجمهورية، مع قلق من الدور الخاص الذي قام به رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل والفريق المحيط بالرئيس ميشال عون. ومردّ القلق أن هذه الجهة أدّت دورها بكفاءة عالية، ونجحت في تحقيق ما كان صعباً تحقيقه في ظروف أخرى، وأحسنت الاستفادة الواضحة من قوة المقاومة في وجه العدو. لذلك، فإن الفريق المعترض كيدياً يفترض أن «فريق باسيل» (مدعوماً من حزب الله أو بالتفاهم معه) سيعمل على استثمار التفاهم سريعاً بالتشدد ورفع سقف المطالب الخاصة بتشكيل الحكومة أو التوافق على رئيس جديد.

مشكلة الفريق الكيدي ليست في أصل الإنجاز فقط، بل في الشكل أيضاً. فقد أدرك هؤلاء، ولمسوا باليد، أن الحصار الغربي والعربي على تحالف عون - حزب الله انكسر بقوة الحاجة الى الإنجاز. فاضطر الأميركيون الذين يضعون جبران باسيل على قوائم المعاقبين إلى التحاور معه مباشرة، وليس فقط من خلال المسؤول عن الملف نائب رئيس المجلس الياس بوصعب. وكذلك فعل الفرنسيون وممثلو الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي، ممثلة بقطر التي لم يسبق لها أن قطعت علاقاتها مع أحد ربطاً بالانتهازية الهائلة التي تتسم بها سياستها، والتي كُلفت من الولايات المتحدة بمشاركة الفرنسيين في تولّي جانب من الملف اللبناني، في ظل الحرد السعودي، وخشية مصر والإمارات والكويت من أي خطوة تغضب محمد بن سلمان.

وهذا التواصل لم يكن محصوراً بالجوانب التقنية المتعلقة بملف التفاهم النفطي والغازي، بل أساساً بالخطوات المستقبلية، أي ما يتعلق بالتنقيب والاستخراج والقانون السيادي، وهي أمور تتطلب مناقشات في الجوهر لعمل السلطتين التشريعية والتنفيذية. وإذا كان التيار الوطني الحر يحظى بثقة المقاومة في ما خص ملفات الصراع مع العدو، فإن التيار لا يعاني أزمة كبيرة في تصوره للقوانين التي يجب أن تشرّع بما خصّ المرحلة المقبلة.
وفقاً لهذه القاعدة، سيجد اللبنانيون أنفسهم في القادم من الأيام أمام صنفين من النقاش حول مستقبل الغاز والنفط. وستحتل الشاشات والمنابر حفنة من الخبراء والمتخصصين الذين لا نعرف كيف نميّزهم، وسيخرج من يريد أن يفرض علينا أبناء الثقافة الغربية الاقتصادية أو العلمية بوصفهم القادرين فقط على إبداء الرأي، وسيطلّ حشد من ممثلي الجمعيات غير الحكومية التي قامت قبل عشر سنوات لهذا الغرض، وكذلك فريق الشركات المالية والصناعية التي تريد أن تستثمر في هذا الإنجاز. وسيكون على اللبنانيين البحث بجدّ لمعرفة من هي القوى المحلية المستفيدة من هذا العالم، ومن هو جيش السماسرة الجديد الذي سينتشر على طول الساحل اللبناني باسم الطوائف والمذاهب والفرق.

أيّ حكومة؟
واقع ما يحصل يحيلنا مباشرة الى السؤال عن مصير الحكومة. صحيح أن غالبية ساحقة من المعنيين باتت تقرّ بأن عدم تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات في ما تبقّى من ولاية الرئيس عون يهدد بمشكلة كبيرة لأن رئيس الجمهورية سيوقّع مرسوم إقالة الحكومة الحالية، وسيبادر فريق وزاري وازن إلى الانسحاب من الحكومة وتركها من دون غطاء سياسي. لكن بين الأقطاب من يعتقد أنها ليست مشكلة كبيرة، وأنه يمكن تجاوزها من خلال تفاهمات بين الأقطاب البارزين في الدولة. وهؤلاء، يبدو أنهم لم يقرأوا جيداً المفاعيل الأولية لتفاهم البحر على التوازن السياسي الخاص بتشكيل الحكومة قبل آخر الشهر.

لنرسم اللوحة ببساطة. بعيداً عن نقاش لا بدّ منه حول تجربة التيار الوطني الحر خلال السنوات التي تولى فيها دوراً تنفيذياً في الحكومة أو البلديات أو رئاسة الجمهورية، فإن واقعنا اليوم يؤكد أن من يريد تشكيل حكومة قبل نهاية العهد، مضطر إلى التعامل بواقعية شديدة مع من بيده التوقيع والنفوذ والتمثيل والفعالية. وإذا كان الفريق الخصم لباسيل (يضمّ الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، ووليد جنبلاط وجمعية المصارف ومصرف لبنان وجماعة أميركا وفرنسا والسعودية) لا يريد ضم باسيل الى الحكومة الجديدة، فعليه أن يبحث عن صفقة مع القوات اللبنانية ومع بقية الممثلين المنتخبين للمسيحيين في لبنان. ويحتاج هؤلاء الى غطاء ولو مؤقت من بكركي في لحظة الانقسام المسيحي الكبرى.

من الطبيعي أن يكون باسيل أكثر تشدداً بعد الترسيم ومن الصعب تجاوزه قبل نهاية العهد أو تجاهل موقفه في الرئاسة

وإذا كان ذلك غير متاح بفعل وجود الرئيس عون من جهة، وتحفّظ - إن لم يكن معارضة - حزب الله من جهة ثانية، فإن خصوم باسيل معنيون بالبحث معه عن تسوية انطلاقاً من حالة اللايقين إزاء انتخاب رئيس جديد خلال أسبوعين. والاتفاق مع باسيل يجب أن ينطلق من الحسابات البسيطة التي تقول إن أي حكومة تدير البلاد في ظل الشغور الرئاسي، يفترض أن تكون قوية وتعكس التوازن السياسي في البلاد عند اتخاذ أي قرار. وهذا يقود الى مقاربة مختلفة. وفي هذه الحالة، يبدو باسيل واضحاً في أنه يريد حكومة جديدة يتمثل فيها تياره وفريقه السياسي بوزراء لهم وزنهم السياسي وتمثيلهم المباشر، الى جانب ما يفترض أن يقدمه من اختصاصيين في الملفات المعقدة.

بهذا المعنى، لم يعد هناك من معنى للحديث عن تعويم الحكومة الحالية في حالة الشغور الرئاسي، وبهذا المعنى يمكن فهم الرفض المسبق من عون وباسيل لكل المقترحات التي تريد تكريس الأمر الواقع، وكأن لا مشكلة في البلاد في حالة الشغور الرئاسي. أما اتكال الرئيسين بري وميقاتي على حزب الله لإقناع باسيل بالتراجع عن مطالبه فغير واقعي، لأن باسيل نفسه يريد من حزب الله أن يمارس الضغط على بري وميقاتي لتعديل شكل الحكومة. وفي هذه الحالة، سيكون حزب الله أمام معضلة كبيرة، لا يمكنه معها فرض إرادته على أي من الفريقين بخلاف ما يعتقد كثيرون.
أما الجانب الآخر من النقاش فهو المتعلق ببرنامج عمل الحكومة المقبلة، وهو برنامج في حال ثبوت عناوينه الرئيسية سيكون أساس برنامج أي حكومة تأتي مع رئيس جديد. وما يطلبه الرئيس عون أو باسيل من برنامج عمل يتصل عملياً بالنقاط الرئيسية التي تعيدنا الى المربع الأول الخاص بواقع لبنان ما بعد تفاهم الغاز، لأنه لا يمكن إدارة البلاد مع الفريق المالي والنقدي والاقتصادي نفسه. وعندها يجب فهم أنه لا يمكن بقاء رياض سلامة ومعه فريق كبير من المصرفيين والخبراء الماليين والنقديين ومن الموظفين في مواقعهم بعد كل ما حصل، كما لا يمكن الركون الى التشريعات الهزلية التي تفرض قوانين يمكن للسلطة الإجرائية تجاوزها من خلال تسويات سياسية جانبية. ويجب الفصل فوراً في الملف القضائي مع سلطة فاشلة ومنحازة كالتي يديرها سهيل عبود الآن.

الحكومة كتمرين للرئاسة

بناءً عليه، فإنّ النقاش القائم حول ما يفترض أن تكون عليه الحكومة في حالة الشغور الرئاسي، سيكون له ما يطابقه في ما خصّ الاستحقاق الرئاسي نفسه. وفي هذه الحالة، هناك خيارات ضيقة:
إما رئيس تفرضه أميركا والسعودية، وهذا دونه انفجار كبير يطيح كل ما بقي في هذه البلاد.
وإما رئيس أقرب الى 8 آذار، وهذا دونه تغييرات جوهرية في تحالفات حلفاء حزب الله من المسيحيين وإعادة تموضع لوليد جنبلاط.
وإما رئيس تسوية من النوع الذي يفترض به التزام الحياد مع الجميع. وفي حالة لبنان، فإن الحياد يعني تسويات يومية مع بقية أركان الدولة، وهذا يعيدنا الى نقل المعارك الى داخل الحكومة وإلى الشارع أيضاً. وفي ظل الاحتقان السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني، فإن خطر اندلاع الفوضى المتنقلة سيكون حاضراً بقوة، ولن يكون بمقدور أحد، بمن فيهم الجيش اللبناني، منع تطوره وتمدّده وحتى إصابة المؤسسات الأمنية والعسكرية نفسها بسوء قد يقود في لحظة كبيرة الى انقسامها وتعطّلها كأداة وطنية جامعة، وهو مركز الخطر الكبير.
في حالة لبنان الفاقد للصديق أو الوصيّ الخارجي القادر على الضرب على الطاولة، ليس أمامنا سوى الصبر والصلاة علّ ما بقي من هيكل الدولة لا يسقط دفعة واحدة فوق رؤوسنا جميعاً!

 

"البناء": العشاء السويسري يربك المشهد… وطليعة الطعون الخميس

وتحدثت "البناء" عن ارتباك سياسي بعد الدعوة التي وجهتها السفيرة السويسرية لممثلي الأحزاب الرئيسية لمأدبة عشاء يوم غد، تبعتها تحليلات إعلامية قالت إنها مقدمة لمؤتمر حوار في سويسرا وموضوعها البحث عن طائف جديد، ما تسبب باحتجاج سعودي دفاعاً عن الطائف ترجمته مواقف حزبية ونيابية كان أبرزها موقف القوات اللبنانية بالاعتذار عن عدم المشاركة، ونائب بيروت وضاح الصادق بالاحتجاج على مشاركة زميله إبراهيم منيمنة والتهديد بفرط تحالف النواب الـ 13، بينما تحدثت معلومات مصدرها السفيرة السويسرية عن نية إصدار بيان توضيحيّ ينفي وجود أي مؤتمر في سويسرا وأي نية للبحث عن بديل لاتفاق الطائف، ما ينقذ العشاء، لكنه ينهي المبادرة عنده.

لبنانياً أيضاً، قال رئيس المجلس الدستوري طانيوس مشلب إن دفعة أولى من الطعون الدستورية سيتم البت بها يوم الخميس المقبل وتصدر نتائجها، تليها دفعات لاحقة قبل نهاية المهلة في 31 تشرين الأول. وفي مسار النفط والغاز تحدث نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، عن دعوة قبرصية لترسيم الحدود البحرية في ضوء التعديلات التي لحقت بحدود لبنان البحرية بعد رسم حقوله النفطية والغازية، وتوقع بو صعب انفراجاً في ملف توريد الكهرباء من الأردن والغاز من مصر، وأوضح ان “الإشارات الأولية تفيد بأن حقل قانا يوازي تقريباً حقل كاريش بكميات الغاز بحسب الدراسات الأولية لشركة “توتال”. وتوقع أن “تبدأ الشركة بالتنقيب خلال أشهر ويمكن أن يبدأ الاستخراج بعد أربع سنوات، ولكن قبل ذلك يمكن أن نشهد عودة الاستثمارات والشركات الاجنبية، كما أن هذا الأمر سيسهل مهمة لبنان مع صندوق النقد الدولي”.

أسبوع جديد يفتتح اليوم، والاتصالات حول الملف الحكومي مستمرة من دون ان تتوصل الى تفاهم حول تأليف حكومة. فالأجواء التي ينقلها المعنيون على خط التأليف تشير الى ان لا بوادر حلحلة على هذا الخط. وقد اتضح هذا الامر في كلمة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في احتفال بذكرى 13 تشرين يوم السبت حيث واصل توجيه اتهاماته تجاه الرئيس المكلف نجيب ميقاتي. وبينما قال باسيل: «أوقفوا اللعب وألّفوا حكومة بدون تضييع وقت»، مضيفًا: «الحكومة تؤلف خلال نهار واحد، اعملوها وبلا رهانات خاطئة»، اعتبرت مصادر سياسية لـ»البناء» ان ثمة plan b عند باسيل اذا لم تؤلف حكومة، خاصة ان رئيس التيار الوطني الحر لا يريد إعطاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري والرئيس المكلف أي فوز مجاني، الا اذا نجح حزب الله في ان يفرض عليه خياراً، والأيام القليلة المقبلة سوف توضح المشهد خاصة أن البلد يحاول تجنّب أي نزاع دستوري، مضيفة أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيغادر القصر الجمهوري عند انتهاء ولايته سواء تألفت حكومة او لم تتألف، لكن الأكيد ان باسيل سوف يدير المعركة بعد 31 تشرين الاول من الرابية.
أما على خط مجلس النواب، فيعقد مجلس النواب جلسة بدعوة من رئيس المجلس نبيه بري لانتخاب أمين سر وثلاثة مفوضين وأعضاء اللجان النيابية. تليها جلسة تشريعية من أبرز بنودها قانون رفع السرية المصرفية التي يتوقع مصدر نيابي لـ”البناء” ان يسير رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالتعديلات التي وردت في رد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للقانون لان صندوق النقد الدولي اراد ذلك وليس نزولاً عند رأي الرئيس عون. ولفت المصدر “لا تغييرات متوقعة على صعيد رئاسات اللجان النيابية والتعديلات التي قد تطرأ ستكون بالتوافق بين الكتل النيابية.

ويقام مساء غد الثلاثاء عشاء في السفارة السويسرية في بيروت، يضم كل الأحزاب وممثلي البرلمان، ومن بينهم حزب الله، وهو عشاء لا يحمل طابعاً رسمياً، ومن بين المشاركين مستشار رئيس مجلس النواب بري علي حمدان عن “أمل”، النائب علي فياض عن “حزب الله” النائب وائل أبو فاعور عن “الاشتراكي، النائب إبراهيم منيمنة عن النواب التغييريين، وفيما لم يحدّد بعد التيار الوطني الحر اسم ممثله الى العشاء، اعتذر مساء امس النائب ملحم الرياشي عن الحضور قائلاً في تغريدة العشاء المرتقب في السفارة السويسرية في بيروت، أُسيء فهمه وحُمِّل أكثر من حجمه؛ لذلك اعتذر عن عدم المشاركة، بانتظار توضيحات تحدد الخلفيات اذا ما وجِدت خلفيات. شكراً لسفيرة سويسرا في لبنان، شكراً Human dialogue .

وغرّد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان وليد البخاري عبر حسابه على “تويتر”، وكتب: “وثيقةُ الوفاقِ الوطنيِّ عقدٌ مُلزمٌ لإرساءِ ركائزِ الكيانِ اللبنانيِّ التعدديِّ، والبديلُ عنهُ لن يكونَ ميثاقًا آخر بل تفكيكًا لعقدِ العيشِ المُشتركِ، وزوالِ الوطنِ الموحَّد، واستبدالهُ بكيانات لا تُشبهُ لُبنانَ الرسالةَ”. الى ذلك علم أمس، أن السفير البخاري سيزور قصر بعبدا صباح اليوم للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

 

"الجمهورية": أسبوع حاسم لإمكانية التأليف .. وتبادُل وثائق الترسيم متوقع بين 27 و29

إستأثر الترسيم الأسبوع الماضي بالحدث السياسي، ومن المتوقّع ان يستمر في صدارة الأحداث في المرحلة المقبلة، انتظاراً للتوقيع النهائي على الاتفاق والبدء باستخراج الغاز. ولكن، العدّ التنازلي لنهاية ولاية الرئيس ميشال عون يعيد تسليط الضوء على تأليف حكومة جديدة، في ظلّ تلويح فريق العهد بخيارات بديلة في حال تمّت عرقلة التأليف، فيما لا مؤشرات إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل انتهاء المهلة الدستورية في نهاية الشهر الجاري.

تتركّز الأنظار بعد الترسيم على تأليف حكومة جديدة، خصوصاً انّ عامل الوقت أصبح محدوداً، ولا مؤشرات إلى حلحلة مرتقبة على رغم إصرار «حزب الله» على التأليف والذي يتظهّر في كل مواقفه وخطاباته وبياناته، كما إصرار عون على تتويج نهاية عهده بحكومة يُمسك بقرارها، ولا يبدو انّه في وارد التراجع عن شروطه بما يسهِّل ولادة الحكومة، ولا بل يعتبر انّه الأقوى في اللعب على حافة هاوية الوقت.

وإذا كان عون الذي رفض التنازل في كل ولايته يرفض التنازل في الأيام المتبقية من هذه الولاية، وفقاً لما أعلنه النائب جبران باسيل، فإنّ الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي لا يجد نفسه أيضاً مضطراً القبول بشروط العهد في أيامه الأخيرة لتأليف حكومة غير متجانسة والهدف منها إدخال وزراء مشاكسين، وبالتالي في حال لم يقبل عون مع ميقاتي بأنصاف الحلول، فإنّ الحكومة لن تتألّف وتتحوّل الأنظار إلى ماهية الخطوة التي يمكن ان يلجأ إليها العهد.

وعلى الرغم من انّ هدف «حزب الله» من تأليف حكومة جديدة قطع الطريق على خطوات قد يلجأ إليها حليفه رئيس الجمهورية قبل نهاية ولايته، فإنّ فريق العهد ينظر إلى التأليف كعنصر قوة بعد عنصر الترسيم، بما يمكنه من خوض الانتخابات الرئاسية من موقع قوة، وقد لمّح رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل في كلمته لمناسبة 13 تشرين إلى احتمال إعلان ترشيحه الرئاسي، وهذا التلميح لم يأتِ من فراغ، إنما أتى على أثر الترسيم وتلقّي عون اتصالاً من الرئيس الأميركي جو بايدن ثم آخر من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأمر الذي قد يكون جعله يعتقد أنّ العزلة الدولية عن فريقه قد فُكّت، وانّ العقبة الدولية والأميركية تحديداً أمام دخوله القصر الجمهوري قد أُزيلت.

ومن الثابت انّ انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل 31 الجاري غير ممكن، والفراغ الرئاسي سيُدخل البلد في مرحلة جديدة يصعب التكهُّن في طبيعتها، ومن الثابت أيضاً انّ المعارضة لم تتمكّن من توحيد صفوفها حول مرشّح واحد، كما انّ الموالاة لم تحسم بعد هوية مرشحها، ما يعني انّ الفراغ سيكون مفتوحاً في انتظار تطور معيّن يعيد خلط الأوراق الرئاسية.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل كان إنجاز الترسيم ليتحقّق لولا الدور الأميركي والضغط الذي مارسته واشنطن والوساطة التي قادتها؟ وهل الدور الأميركي في الترسيم يمكن ان يتكرّر في الرئاسة من خلال ضغوط على كل القوى السياسية ووساطة مكوكية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية؟

اسبوع حاسم

وإلى ذلك، قالت مصادر معنية بتأليف الحكومة لـ»الجمهورية»، انّ اي تطور بارز لم يطرأ على هذا الملف في خلال عطلة نهاية الاسبوع، وذلك خلافاً لما شاع من انّ هناك حراكاً جدّياً بين المعنيين يهدف الى تأليف حكومة قبل 20 من الشهر الجاري.

وعلمت «الجمهورية»، انّ رئيس الجمهورية ميشال عون أبلغ الى المعنيين انّه يفضّل التركيز على إنجاز الاستحقاق الرئاسي بالدرجة الاولى، لأنّه لم يعد يرى انّ هناك من حاجة إلى تأليف حكومة في الايام المتبقية من ولايته. وفي هذا الصدد قال مرجع سياسي لـ»الجمهورية»، انّ عون أبلغ هذا الموقف إلى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال الاتصال الذي أجراه الاخير به قبل يومين.

ولكن في المقابل، اعتبرت مصادر سياسية مطلعة، انّ الاسبوع الحالي سيكون حاسماً على صعيد تحديد إمكانية تأليف حكومة جديدة من عدمها. وكشفت لـ»الجمهورية»، انّ «واشنطن باتت متحمّسة للتأليف بعد إنجاز الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية، انطلاقاً من انّ وجود حكومة أصيلة ومتوافق عليها يحمي الدينامية التي افرزها الاتفاق ويؤمّن البيئة المناسبة له».

واشارت المصادر، إلى «أنّ «حزب الله» يريد أيضاً، لأسبابه واعتباراته، ولادة حكومة مكتملة الصلاحيات تحسباً لمخاطر الشغور الرئاسي الحتمي وما بعده». وتوقعت ان يواصل الحزب الدفع في هذا الاتجاه خلال الأيام المقبلة تفادياً للدخول في متاهة الخلاف حول صلاحيات حكومة تصريف الاعمال بعد 31 تشرين الأول المقبل.

البخاري يزور عون وبري

وفي خطوة تأتي قبل اسبوعين على انتهاء الولاية الرئاسية وعقب جولته الواسعة على القيادات السياسية والحزبية والمرجعيات الدينية، يزور السفير السعودي في لبنان وليد البخاري قصر بعبدا اليوم للقاء عون، على ان يزور عين التينة بعد ذلك للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري.

وغرّد البخاري عبر «تويتر» مساء امس قائلاً: «وثيقةُ الوفاقِ الوطنيِّ عقدٌ مُلزمٌ لإرساءِ ركائزِ الكيانِ اللبنانيِّ التعدديِّ، والبديلُ عنهُ لن يكونَ ميثاقًا آخر بل تفكيكًا لعقدِ العيشِ المُشتركِ، وزوالِ الوطنِ الموحَّد، واستبدالهُ بكيانات لا تُشبهُ لُبنانَ الرسالةَ».

موعد ترجمة التفاهم

وعلى صعيد ملف الترسيم البحري، كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ «الجمهورية»، انّ الإتصالات التي تلت التوصل إلى التفاهم المعلن عنه، مستمرة لتحديد موعد ترجمته قريباً. ولفتت الى انّ هذا الموعد بات رهناً بالإجراءات الإسرائيلية الأخيرة التي سيحدّد الوسيط الاميركي عاموس هوكشتاين في ضوئها موعد زيارته لبيروت. واكّدت انّ ما هو ثابت حتى الآن هو انّ الموعد سيكون قبل نهاية ولاية عون وقبيل الانتخابات الاسرائيلية، ويتوقع ان يكون بين 27 و29 الشهر الجاري.

تبادل الوثائق

إلى هذه المعطيات، فقد وصفت مصادر رسمية عبر «الجمهورية»، انّ ما جرى التفاهم عليه في 11 تشرين الجاري، وإن كان لا يرقى إلى صيغة تفاهم او معاهدة مشتركة بين لبنان واسرائيل من اجل عرضه على مجلس الوزراء ومجلس النواب، فإنّه سيُترجم في عملية تصحيح للحدود البحرية المرسومة من الجانب اللبناني بموجب المرسوم 6433، وإن كان هناك داعٍ لتعديل بعض النقاط فيه، فإنّها ستُترجم برسالة لبنانية إلى المراجع المختصة في الأمم المتحدة.

وعليه، فإنّ ما هو متوقع ان يجري في مقرّ الأمم المتحدة في الناقورة سيكون تبادلاً غير مباشر لرسائل بين لبنان واسرائيل، تؤكّد التزام الطرفين ببنود التفاهم وتودع لدى الوسيط الأميركي الضامن للتفاهم ممثلاً بهوكشتاين شخصياً ليسلمها لاحقا الى الأمم المتحدة.

الموقف الاسرائيلي

وعلى صعيد الموقف الاسرائيلي أعلنت قناة «11» العبرية، خلال برنامج «الأسبوع»، أنّ «مسؤولين كباراً في قطر أجروا محادثات مع مسؤولين إسرائيليين ولبنانيين كبار للمشاركة في جزء من عملية إنتاج الغاز، أو بالتعاون مع شركة «توتال» الفرنسية».

بدوره، اعتبر وزير الدفاع الاسرائيلي بيني غانتس، في حديث مع موقع «كان 11»، أنّ «الصفقة (الاتفاق) الحالية عادلة، مع إمكانات جيدة للغاية لكلا الجانبين»، لافتاً الى أنّ «إسرائيل كانت مرنة، لكن الامتياز سيؤتي بثماره، وانّه لأمر مخزٍ أنّ عشر سنوات قد ضاعت.. كان من الممكن أن نتوصل إلى حل حتى في ذلك الوقت».

وفي المقابل، هاجمت وزيرة الداخلية الإسرائيلية إيليت شاكيد، إتفاق الحدود البحرية مع لبنان، وقالت لـ»هيئة البث الإسرائيلية»: «إنّ تهديدات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، هي التي دفعت إسرائيل إلى توقيع إتفاق حول الحدود البحرية مع لبنان». وأعربت شاكيد، وهي زعيمة حزب «البيت اليهودي»، عن «حزنها بشأن تهديدات نصرالله، لتفجير منصّة الغاز الطبيعي «كاريش» في البحر المتوسط». وأضافت، «أنّه من المعيب أن يهدّد نصر الله بتفجير المنصة، إذا ما بدأت إسرائيل باستخراج الغاز قبل الاتفاق. مع كل الأسف، كان هذا دافعاً لتوقيع الإتفاق».

عشاء سويسري

من جهة ثانية، وفي ظل التطورات المتلاحقة، برزت امس الدعوة السويسرية الى مجموعة من النواب ممثلي الكتل النيابية، إلى عشاء يُقام مساء غد في منزل السفيرة السويسرية لدى لبنان ماريون ويشلت، من اجل الحوار حول عدد من القضايا المطروحة على الساحة اللبنانية، وفي محاولة جدّية لاستخلاص بعض المخارج المحتملة، قياساً على ما يتبين مما هو مشترك منها وتحديدها وفصلها عمّا يحتاج الى معالجة.

وعلمت «الجمهورية»، انّ هذه الدعوة لم توجّهها الدولة السويسرية وانما منظمة سويسرية غير رسمية بالتفاهم مع السفيرة السويسرية الجديدة، التي احبت ان تلتقي بالمدعوين قي إطار ممارسة مهمتها في لبنان. وقد اتصل البعض بمسؤولين في الخارجية السويسرية، فأكّدوا ان ليس على جدول اعمال الوزارة شيء اسمه مؤتمر حوار لبناني سيُعقد في جنيف، وانّ الداعين الى العشاء سيفكرون في ضوء هذا العشاء ما إذا كانوا سيدعون المشاركين الى مؤتمر في جنيف ام لا.

على انّه إلى مجموعة من الأساتذة الجامعيين ومجموعة من المفكرين أصدقاء السفارة، سيجمع العشاء النواب من ممثلي الاحزاب اللبنانية الآتية: علي فياض عن «حزب الله»، مستشار الرئيس نبيه بري علي حمدان عن «حركة أمل»، ألان عون عن «التيار الوطني الحر»، ملحم رياشي عن «القوات اللبنانية»، وائل أبو فاعور عن «الحزب التقدمي الاشتراكي»، ابراهيم منيمنة عن كتلة «نواب التغيير».

 

"اللواء": رفض نيابي وعربي من التلاعب بالطائف.. و«الحوار السويسري» وُلد ميتاً

اليوم 17 (ت1) 2022: ثلاث سنوات بالتمام والكمال مرَّت على 17 (ت1) 2019، عندما نزل الألوف من اللبنانيين الى الشارع لأسابيع احتجاجاً على سنتات قليلة فرضت على مستخدمي «الواتس آب».
وبمعزل عن المسار السياسي، الذي ثبت المنظومة الحاكمة، والمسؤولة عن التدهور الخطير الذي أصاب البلد، وذلك بعد إجراء الانتخابات النيابية في أيار الماضي، فإن الشعارات التي رفعت توارت، والأزمة استفحلت على الصعد كافة، فها هو سعر الدولار في السوق السوداء، يقترب من «نصف الألف» كما يقال، والأجور، بالكاد تسمح للموظف أو المتقاعد بتسديد حاجة واحدة من حاجاته المتكثرة، ناهيك عن نار الأسعار التي التهمت الأخضر واليابس، وارتفعت عشرات الأضعاف عما كانت عليه عشية أحداث السابع عشر من تشرين أول، قبل ثلاث سنوات.

ووسط غياب آفاق التفاهم على حكومة تملأ الشغور الرئاسي، إذا حدث، وهذا أمر قريب الاحتمال بقوة، والتباعد الحاصل في الملف الرئاسي طغت هموم من نوع آخر، حتى ان عشاء دعت اليه السفيرة السويسرية في بيروت مارلين فيشلت مساء غد، تحوّل الى تجاذب بين النواب المدعوين او الممثلين لكتل مدعوة من باب الرفض، في وقت حدد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الشرط الكافي والضروري لتأييد رئيس جديد للجمهورية يكون له «ركب» بحيث لا يأمره الأميركي، ورئيس يقر ويحترم ويعترف بدور المقاومة في حماية السيادة الوطنية، وهذه، برأي نائب في المعارضة عقدة العقد في ما خص انتخابات الرئاسة.

في هذا الخواء السياسي، اكتسح ارتفاع سعر الدولار الاميركي في السوق السوداء كل الساحات، وفاقم من الأزمات، بعدما بات كل شيء يخضع لمنظومة الدولار، والقوى المتحكمة فيه، في ظل كلام عن قدرة محدودة لمصرف لبنان على التدخل، عبر «صيرفة» أو التعميم 161، وتصرّف مؤسسات الصيرفة والتطبيقات المتعلقة بسعر الدولار في السوق السوداء، وكلام عن ارتفاع جنوني او تخفيض مع تلاعب واضح وصارخ بين السعر الطبيعي للدولار وسعر السوق الذي لا يراعي اية قواعد اقتصادية سوى جني الأرباح والضغط على حياة المواطنين من دون حسيب او رقيب.

الرئاسة: لا تفاهمات بعد
رئاسياً، اعترفت مصادر التيار الوطني الحر انه لم يتم التفاهم بعد بين ثنائي امل – حزب الله على مرشح للرئاسة الأولى، وكذلك الحال بالنسبة للتكتلات الاخرى.
وامتدت الخلافات النيابية الى العشاء الذي دعت اليه السفيرة السويسرية، في مقر السفارة في بيروت بعض ممثلي الاحزاب الفاعلة من النواب، كالنائب علي فياض (عن حزب الله) ونائب عن التيار الوطني الحر، والنائب وائل ابو فاعور (عن الحزب الاشتراكي) والنائب ابراهيم منيمنة عن «النواب التغييرين»، وممثل للرئيس نبيه بري يرجح ان يكون علي حمدان.
ولئن كان العشاء، وفقاً للخبر المسرب عن الدعوة السويسرية للعشاء، انه تمهيد لمؤتمر يعقد الشهر المقبل في جنيف لمناقشة بعض النقاط المتعلقة بنظام لبنان السياسي والعيش المشترك فيه، فإن النائب «التغييري» وضاح الصادق اعلن ان الطائف هو مرجعيته السياسية، وضد أي مؤتمر دولي او محلي في ظل «سلاح الأمر الواقع» معلناً أن لا احد يمثله في لقاء السفارة، معلناً عن ان مواقف بعض الزملاء عن اتفاق الطائف وتحميله مسؤولية الانهيار المالي من شأنه ان يهدد صمود التكتل.

أما النائب «القواتي» ملحم رياشي، فأعلن عدم مشاركته في العشاء، بانتظار توضيحات تحدد الخلفيات، إذا ما Human Dialoque وجدت خلفيات.
وكشفت مصادر بعض المدعوين إلى عشاء السفارة السويسرية بلبنان، إلى انهم تلقوا الدعوة من منظمة «هيومن دايلوغ»، وليس عن طريق السفارة، بهدف تبادل الاراء حول الاوضاع العامة بلبنان، وتنشيط التلاقي والحوار بين مختلف المكونات، باعتبار الحوار وسيلة مهمة لاستخلاص الحلول للازمات والمشاكل القائمة، وعلى أي مستوى كان.
ونفت المصادر ان تكون الدعوة نظمت، تحت عنوان عقد مؤتمر خارج لبنان لبحث تعديل اتفاق الطائف او ما شابه، باعتبار ان مثل هذا الامر، يتطلب اجماعا داخليا لبنانيا، وتجاوبا اقليميا ودوليا، ويتجاوز كثيرا اسباب الدعوة واهدافها.

الا ان المصادر اعتبرت هذه التوضيحات بانها جاءت بعد الضجة الاعلامية التي اثيرت حول الدعوة الملتبسة في هذاالظرف بالذات،وبعد اعتذار اكثر من شخصية مدعوة ، كانت وافقت على تلبية الدعوة، ولكنها تراجعت واعتذرت بعد تلقيها حجم الاستياء العام جراء هكذا دعوة مشكوك بأمرها، وأن ما يمكن تسميته بالحوار السويسري وُلد ميتاً.
وفي السياق، سجلت تغريدة لافتة في مضمونها وتوقيتها لسفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد بخاري الذي يزور قصر بعبدا اليوم، جاء فيها: وثيقة الوفاق الوطني عقد ملزم لارساء ركائز الكيان اللبناني التعددي، والبديل عنه لن يكون ميثاقاً آخر بل تفكيكاً لعقد العيش المشترك، وزوال الوطن الموحد، واستبداله بكيانات لا تشبه لبنان الرسالة.

حكومياً، ونفت مصادر متابعة ما يروج عن إعادة تحريك الاتصالات المتوقفة لتشكيل الحكومة من جديد، وقالت ان موضوع تشكيل الحكومة طوي نهائيا لاسباب عدة، اولها تعذر التجاوب مع سلّة الشروط والمطالب اللامعقولة لرئيس الجمهورية وصهره النائب جبران باسيل، وثانيا، صعوبةتسويق اي حكومة جديدة في ظل الوضع السياسي المتشنج وثالثا،التركيز على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مع اقتراب ولاية عون من الانتهاء بعد اسبوعين من الزمن، وبالتالي لم يعد مفيدا التلهي بتشكيل حكومة جديدة، يكون عمرها محدودا ومرتبطا بانتخاب الرئيس الجديد.

واعترفت المصادر نقلا عن الوسطاء، بأن موضوع تشكيل الحكومة اصبح وراءنا، وكل الاطراف لم يعودوا متحمسين للتشكيل، الا رئيس الجمهورية وصهره، ولكن من دون جدوى، لان المعاندة والتشبث بالمطالب الفاقعة
وتجاوز الحدود،أدى إلى ردة فعل سلبية ومضادة، اغلقت كل أبواب الحلول، واوصلت الامور إلى ما نحن عليه الان، ولم تعد تنفع كل اساليب التصعيد والصراخ العالي.
ووصفت المصادر مواقف رئيس التيار الوطني الحر التهجمية وغير اللائقة في ذكرى ١٣تشرين، بانها تعبر بوضوح عن حالة الهذيان والهستيريا، التي تصيب باسيل جراء انتهاء العهد العوني وفشل كل محاولاته ، لخلافة عمه،لانه مرفوض داخليا وخارجيا، او لتسويق طريقة ما لتمديد بقائه بالرئاسة، تحت عناوين مزيفة ومختلقة والاهم من كل ذلك تعطيل محاولاته المشبوهة لتشكيل حكومة جديدة على قياس مصالحه وتسلطه السياسي على مقدراتها وقراراتها.

بالمقابل، أكدت مصادر معنية بالوضعين الرئاسي والحكومي لـ«اللواء» ان كلام الكواليس مختلف عن الكلام المباح، وان المعطيات التي لديها تؤكد ان المسعى قائم ومستمر وبزخم من اجل تشكيل الحكومة وقبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، منعاً لحصول إشكالات دستورية وخلافات وانقسامات سياسية اضافية خطيرة، تشل حكومة تصريف الاعمال اكثر في حال تسلمت مقاليد السلطة وصلاحيات رئيس الجمهورية ولو بالمعنى الضيق للصلاحيات وليس كلها.

وقالت المصادر: ان التركيز الداخلي الهاديء، والخارجي العلني والهاديء، يتم بالتوازي على الاقل، على تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس الجمهورية، ولدينا قناعة بأن انتخاب الرئيس قد يتأخر الى منتصف أو نهاية الفصل الاول من العام المقبل، ما لم تحدث تطورات سريعة وضغوط كبيرة تحقق التوافق على شخصية معينة، وهو امر ليس متاحاً الآن خلال الاسبوعين الفاصلين عن نهاية ولاية عون ما يعني حتماً الدخول في الفراغ الرئاسي، لذلك يصبح من الاولى والافضل تشكيل الحكومة قبل نهاية الولاية الرئاسية.

واوضحت المصادر ان هناك معطيات تؤكد عدم استبعاد تشكيل الحكومة قبل نهاية ولاية عون ولو بيوم واحد وربما تم تشكيلها بين 28 و29 الشهر الحالي، نتيجة الضغط المتزايد الداخلي والخارجي، برغم الحديث الخارجي وآخره كلام وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا خلال زيارتها لبيروت. وقالت: المهم ما يجري في الصالونات المغلقة. والخارج لا يمكن ان يقول سوى ما يقوله عن ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية، ولكن سبق وتدخل الخارج وضغط لإنتخاب رئيس ولم يتمكن من التأثير على القوى المحلية، وبقي الفراغ الرئاسي سنتين حتى التوصل الى «تسوية الدوحة» التي انتجت توافقاً داخلياً وخارجياً على انتخاب الرئيس عون عام 2014. والحال ذاته يحصل الان نتيجة انقسام الكتل النيابية وعدم توافقها على شخصية او اثنتين لخوض الانتخاب، ونتيجة عدم توفير نصاب 86 نائباً كشرط اساسي لتوفير نصاب 65 نائباً في الدورة الثانية من الانتخاب. ولكن كل جلسة انتخاب جديدة باتت بحاجة الى نصاب 86 نائباً!

ودعت المصادر الى التوقف عند بيان المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى الذي اعتبر «إن عرقلة محاولات تعديل الحكومة الحالية أو تعطيل تشكيل حكومة جديدة، من شأنها دفع لبنان نحو المزيد من الإنهيار، إذا كان هناك من مزيد»، برغم من ان المجلس رفض اعتبار حكومة تصريف الاعمال «غير مؤهلة لملء الفراغ الرئاسي إن حصل».
وكان المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الذي انعقد السبت برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان في دار الفتوى، قد حذر في بيان من تجاوز الثوابت الدستورية الوطنية على النحو الذي حدث أكثر من مرة في الآونة الأخيرة، يجب مجابهته والتصدّي له بتضامن وطني شامل، حفاظا على وحدة الدولة وعلى شرعة مؤسساتها وعلى رسالة لبنان في العيش المشترك، ومع اقتراب موعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يعرب المجلس عن أمله في أن تساعد الدروس والعبر التي دفع اللبنانيون ثمنها غالياً، على انتخاب رئيس جديد يكون جديراً بحمل الأمانة الوطنية لإخراج لبنان من الهوّة التي وصل اليها نتيجة الفساد وسوء الإدارة....كما حذّر من محاولات وضع العصي في دواليب الحركة الإنتقالية الدستورية، عن طريق تعطيل انتخاب رئيس جديد للدولة، ووصف الحكومة الحالية بأنها غير ميثاقية وبالتالي غير مؤهلة لملء الفراغ الرئاسي إن حصل. وختم: « يرفع المجلس الشرعي الصوت عالياً محذراً أصحاب المصالح الشخصية من ارتكاب مزيد من المزايدات في دولة تعاني من الفشل والانهيار. ويناشد المجلس أصحاب الضمائر الوطنية - وهم الأكثرية بحمد الله - التكاتف والعمل معاً من أجل إنقاذ لبنان وخلاصه».

الحكومة اللبنانيةالحدود البحرية اللبنانية

إقرأ المزيد في: لبنان

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة

خبر عاجل