لبنان
هل تولد الحكومة في الساعات الأخيرة من عهد الرئيس عون؟
باتت الفترة المتبقية لولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تقاس بالساعات، وفي وقت فقد الأمل من تسوية رئاسية، لا زالت الضبابية تسيطر على المشهد الحكومي، مع بقاء الأمل بتسوية قد تتم في اللحظات الأخيرة، ويُماط اللثام عن نسخة معدلة من حكومة نجيب ميقاتي يمكنها نيل الثقة في المجلس النيابي.
ونشطت حركة رئيس الجمهورية في الأيام الأخيرة قبل مغادرته قصر بعبدا إلى الرابية، كما كان ملف الحدود البحرية بارزًا لا سيما التوصل لاتفاق مع قبرص، وتكليف لجنة لمتابعة الأمر مع سوريا وقبرص برئاسة وزير الأشغال بحكومة تصريف الأعمال علي حمية.
وفي ظل تبعثر الملفات على أكثر من صعيد، يطل الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله مساء اليوم ليستفيض في الحديث عن اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع العدو الصهيوني، ليضع نقاطًا على الحروف في ما التبس على البعض بهذا الملف.
"الأخبار": الفرصة الأخيرة للحكومة لن تتجاوز السبت؟
إلى بضع ساعات أخرى سيظل الخناق مشدوداً على العنق، دونما التكهن فعلاً كيف سيبدأ اليوم الأول في الشغور الرئاسي. رغم مسحتي التشاؤم في موقفي الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي مساء الخميس ونبرة التشدد فيهما، ليست الأبواب محكمة الإيصاد
ليست مواقف التصعيد وتسعير الخلاف للإيحاء بأن لا عودة إلى الوراء إلا عدّة شغل الأيام الثلاثة الأخيرة في ولاية الرئيس ميشال عون. لن يلقي أحد سلاحه في اللحظات هذه ويستسلم للآخر وينحني أمامه إن لم يُظهر له أنه قادر على القفز من فوق الهاوية حتى الذين يتهيّبون لها جميعاً. ذلك ما يبعث على الاعتقاد بحصول أمر ما أقرب إلى صدمة تقضي بأن لا يخسر أي من طرفي النزاع كثيراً ولا يربح كثيراً، وتالياً توقّع ما قد يحدث تبعاً لبضعة معطيات:
أولها، تواصل ليلي أمس بين حزب الله ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل آل - استناداً إلى الرواة - إلى نتائج إيجابية بموافقة باسيل على منح الحكومة المعدلة لميقاتي الثقة. كان رئيس الجمهورية في حواره التلفزيوني بكّر في التلميح إلى المخرج بقوله إن في وسعه إقناع رئيس التيار الوطني الحر بمنح الثقة في أوان الاتفاق. مع أنها إشارة غير كافية، بيد أنها تقطع نصف الطريق إلى حل المأزق الحكومي، كأحد الشروط المنطقية التي يتمسك بها ميقاتي ممن يريد مقاسمته تأليف الحكومة بالحصول على حصة يسمّي هو مَن يحل فيها.
ثانيها، بحسب ما نُقل عن حزب الله أن باسيل استمهله الأربعاء الفائت إطلاق يده في تصعيده إلى يوم الجمعة (أمس) في محاولة لرفع منسوب الضغوط على ميقاتي، على أن يلي ذلك اليوم حديث جدّي في عدم انزلاق الجميع إلى الهاوية. أما المؤشرات المفترض ترجمتها - إذا صح كل ما يدور في الغرف المغلقة - فهي في الكلمة التي سيلقيها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء اليوم، متناولاً اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل على أنه إنجاز المقاومة التي هي شريك فيه وانتصار لها وللدولة اللبنانية، على أن يعرّج على المأزق الحكومي المحسوب أن يكون على طريق الحل، إن لم يُحل قبلاً لتجنب دخول الشغور الرئاسي في مزيد من الاضطراب والانقسام.
ثالثها، لأن ميقاتي يعتزم إبدال ثلاثة وزراء في حكومته المستقيلة هم الشيعي (سيسميه الرئيس نبيه بري) والسني (سيستعيده ميقاتي إلى حصته) والدرزي (يحظى برضى وليد جنبلاط ويجلب معه ثقة كتلته)، يطالب باسيل بتعديل ثلاثة وزراء مسيحيين في حصته هو الآخر. المفاوضات البعيدة من الأضواء تتحدث عن احتمال رسو الاتفاق على تبديل وزيرين بدلاً من ثلاثة. لم يقل باسيل بعد بموافقته، إلا أنه يرفض تسليم الأسماء إلى ميقاتي قبل الوصول إلى لحظة إصدار المراسيم في قصر بعبدا. الوزيران المرشحان لديه هما أمل أبو زيد وإدي معلوف.
في حسبان ميقاتي إصدار عون مرسوم قبول استقالة الحكومة فاقد المفاعيل القانونية
كلاهما خسرا الانتخابات النيابية الأخيرة. بيد أن لإصرار باسيل على توزيرهما هدفين: إعادة الاعتبار الشخصي إليهما كما إلى تياره في المتن وجزين في مواجهة حزب القوات اللبنانية. ناهيك برغبته في أن يمثّلاه مباشرة في الحكومة المعوّمة. ليس لأي منهما صفة المستقل، في الظاهر على الأقل، على نحو ما يوحي به الوزراء الآخرون المعيّنون بدورهم من مرجعياتهم. ذلك ما سيفقد حكومة ميقاتي المستقيلة طابعها المستقل ويحيلها أقرب إلى حكومة سياسية.
رابعها، اعتقاد ميقاتي بأن عون وباسيل يتقاسمان الأدوار لهدف مزدوج: حصة في مجلس الوزراء في معزل عن منح الحكومة ثقة كتلة التيار الوطني الحر وحلفائه. موقف رئيس الحكومة أن أي تعديل لوزراء مسيحيين سواء جاء من رئيس الجمهورية أو من رئيس التيار الوطني الحر سينظر إليه على أن مصدره باسيل على أنه الشريك الذي أدخله الرئيس في مسار تأليف الحكومة. تالياً لا يميز بينهما والأسماء في حسبانه تمثل باسيل لا عون الذي سيغادر منصبه في المرحلة المقبلة. بذلك يكمن شرط ميقاتي في أن الموافقة على أي تعديل لوزراء مسيحيين لا يقتصر فحسب على منح الثقة بالحكومة ككل، بل كذلك تقديم التزام التعاون معها في المرحلة المقبلة لا التنصل مما قد يجبه البلاد في حقبة الشغور الرئاسي.
خامسها، يتصرف ميقاتي على أنه من الساعة الصفر الثلثاء المقبل هو رئيس حكومة ملء شغور رئاسة الجمهورية أياً تكن الاعتراضات والتهويل بمواجهتها. ينطلق من اجتهادات وفتاوى مقتنع بصوابها تمنح حكومته المستقيلة الصلاحيات الدستورية الكاملة التي لرئيس الجمهورية، وهو سيمارسها كرئيس للحكومة في النطاق المتاح له في بُعدها الميثاقي بلا مغالاة، آخذاً في الاعتبار الظروف الاستثنائية. ليس متحمساً لعقد جلسات لمجلس الوزراء ما لم توجبها أسباب قاهرة، ويميل إلى ما يديره لحكومة تصريف الأعمال في الوقت الحاضر، وهو استعاضته عن جلسات مجلس الوزراء باجتماعات مع الوزراء فرادى. لا يخشى على صورة حكومته أنها ستفتقر إلى ميثاقية التمثيل المسيحي لخروج وزراء باسيل منها وعدم تمثيل حزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب فيها. إلا أن المحسوب أن وزيري سليمان فرنجية سيلبثان فيها، أضف إلى تعويله على وزراء مسيحيين بات باسيل يعتقد أنهم أضحوا في فريق رئيس الحكومة.
ما يتصرّف على أساسه رئيس الحكومة أيضاً إظهار لا مبالاته بما لوّح به رئيس الجمهورية بإصداره قبيل مغادرته قصر بعبدا مرسوم قبول استقالة حكومة تصريف الأعمال. عند رئيس الحكومة لا مفاعيل قانونية للمرسوم في ظل أمر واقع سيفرض خيارات مختلفة، ناهيك بأن الأفرقاء الآخرين، في الحكومة وخارجها باستثناء التيار الوطني الحر، لا يسعهم إلا التسليم بصواب توليها صلاحيات رئيس الجمهورية إلى حين الخروج من مأزق الشغور.
"البناء": ربع الساعة الرئاسية الأخير مفتوح على الفرضية الحكومية والمفاجآت
ساعات فاصلة عن نهاية ولاية العماد ميشال عون الرئاسية، في ظل غموض يطال المسار الحكومي بعد تعثر رافقه تصعيد سياسي بين فريقي رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، ما أوحى بانسداد الأفق أمام ولادة حكومة جديدة قبل نهاية الولاية الرئاسية، بينما قالت مصادر متابعة للملف الحكومي إن باب المفاجآت لا يزال مفتوحاً على حلحلة تظهر في الربع الأخير من الساعة الرئاسية عندما تصير الخيارات بين اللاحكومة أو حكومة بدون السقوف العالية للشروط المتبادلة، مع مواصلة الوسطاء مساعي الدفع نحو تجاوز مخاطر الفراغ الحكومي في توقيت بات أكيداً فيه عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل نهاية الولاية الرئاسية، والبلد بغنى عن اختبار مواجهة عنوانها سعي رئيس حكومة تصريف الأعمال لإثبات أهليّة حكومته في ملء الشغور الرئاسي وممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية، مقابل سعي معلن للتيار الوطني الحر بمنعها من ممارسة هذه الصلاحيات، يواكبه رئيس الجمهورية بمرسوم إعلان استقالة الحكومة، كرّر أنه جاهز لإصداره ما لم يتم تشكيل حكومة جديدة أكد جهوزيته للمضي بتشكيلها إذا تمت مراعاة ما أسماه بالمعايير الموحدة.
بانتظار التجاذب الحكومي، وثبات الفراغ الرئاسي، تتقدم دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري للحوار مع الكتل النيابية حول الملف الرئاسي من باب السعي لتأمين التوافق على مرشح يتحقق النصاب اللازم لانتخابه ويتأمن له ما يكفي من الأصوات للانتخاب، دون أن يكشف بري عن طبيعة الحوار الذي يعتزم القيام به، بين خياري عقد طاولة حوار تضمّ رؤساء الكتل النيابية، أو قيامه بحوار ثنائي ومتعدّد الأطراف مع الكتل لاستمزاج آرائها وبلورة وجوجلة الخلاصات. وكان الجديد الذي سجلته الساعات الماضية، بعد إعلان رئيس حزب الكتائب سامي الجميل عن موافقته على الدعوة إعلان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عن موافقته على قبول الدعوة والاستجابة لها.
بالتوازي، بدأ التيار الوطني الحر استعدادات شعبية لمواكبة انتقال رئيس الجمهورية من بعبدا الى الرابية، بينما لا تزال مناخات الاحتفال بإنجاز ملف النفط والغاز حاضرة في المواقف، وسيكون لها نصيب وافر في التحليل والقراءة المفصلة عبر اطلالة مخصصة لهذا الملف للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء اليوم، فيما كان من تداعيات الإنجاز بدء مسار تفاوضي مع قبرص عبر عنه حضور وفد حكومي قبرصي إلى بيروت أمس، والإعلان عن توافقات مبدئية ستتم متابعتها خلال الأسبوع المقبل وتنتظر لإنجازها التقدم في مسار الترسيم مع سورية، ولمتابعة هذين المسارين أعلن الرئيس ميقاتي تكليف وزير الأشغال علي حمية برئاسة وفدي التفاوض مع قبرص وسورية، بعدما أعلن نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب الذي كلّفه رئيس الجمهورية بالمهمة نهاية مهمته من قصر بعبدا بعد انتهاء الاجتماع مع الوفد القبرصيّ.
وبقيت الأجواء الاحتفالية بإنجاز تثبيت حقوق لبنان الاقتصادية تظلل المشهد الداخلي بانتظار إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لتناول هذا الملف بشكل موسّع ومسهب من جوانبه كافة مساء اليوم، إذ من المتوقع أن يسلط السيد نصرالله الضوء على أهمية إنجاز الترسيم وفق المطالب اللبنانية بحفظ كافة الحقول والحقوق في الثروة النفطية والغازية وإسقاط كافة الشروط الإسرائيلية والألغام التي حاولت وضعها في متن وبنود الوثيقة الأميركية في آخر مراحل التفاوض، كما سيدحض السيد نصرالله وفق معلومات «البناء» كل الادعاءات بتنازل لبناني أو من المقاومة أو اعتراف الدولة اللبنانية بالعدو وتغطية الحزب لهذا الاعتراف، ويؤكد على تراجع العدو وتنازله تحت ضغط عوامل خارجية وتهديدات المقاومة وهذا ما كشفته مواقف كثير من المسؤولين والإعلام في كيان العدو. كما سيشدد السيد نصرالله على استمرار الحاجة الى المقاومة وسلاحها أهمية وسيشير الى الدور الذي لعبته ومستوى وحجم وطبيعة الاستعداد للحرب التي كانت متوقعة بأي لحظة في حال أصرّ العدو على استخراج الغاز من دون التفاهم مع لبنان ومنحه كافة حقوقه ورفع الفيتو عن الشركات. كما سيلفت الى أهمية معادلة الجيش والشعب والمقاومة في صنع الإنجازات والتي تكرست مرة جديدة في إنجاز الترسيم وأهمية التنسيق بين المقاومة والدولة كعامل قوة للبنان.
وشدّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في حوار على قناة «المنار» أمس أنّ «استخراج النفط والغاز هو الأمل الوحيد للبنانيين للخروج من الأزمة الاقتصادية الكبيرة، التي يرزحون تحتها». ولفت إلى «أننا قمنا بالتفاهم غير المباشر بشأن ترسيم الحدود البحرية الجنوبية وكانت هناك مصلحة ثنائية في ذلك، وهذا ما أوجب أن نقوم بهذا التفاهم غير المباشر لأن وضعنا المادي لا يحتمل»، مشيرًا إلى أنه «كان هناك تهديد للسلام إن لم تنجح مفاوضات الترسيم، ولا يمكننا أن نجمّد ثروتنا ونحن بحاجة إليها».
بدوره، قال رئيس التيار الوطنيّ الحر النائب جبران باسيل عبر «تويتر»: «اتفاق الترسيم والاستخراج الذي أنجزه لبنان هو نموذج أو مثال عن كيف تكون الاستراتيجية الدفاعية بحيث تكون الدولة المرجع الأساس فيها والمقاومة عنصر قوة مساند وملتزم بسياسة الدولة وقرارها، وهيك مشروع المقاومة لا يتعارض مع مشروع الدولة وبنائها لا بل يعزّزه».
وتوالت المواقف الدولية المرحّبة بإنجاز ملف الترسيم، وأعلن المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمن بيتر ستانو في بيان، أن «هذه الاتفاقية التاريخية ستسهم في استقرار وازدهار البلدين الجارين والمنطقة»، لافتاً إلى أن «الاتحاد يشجع الأطراف على مواصلة التزاماتهم البناءة، وهو على استعداد لمواصلة تطوير شراكاته مع كل من البلدين ودعم الجهود الرامية إلى التعاون الإقليمي لصالح الجميع».
وتمنّت السفارة الروسية في لبنان، عبر حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي، «لأصدقائنا اللبنانيين أن يستفيدوا من اتفاق الترسيم وأن يعود لبنان إلى مسار التنمية والازدهار في أقرب وقت ممكن».
وفي موازاة ذلك، حطّ وفد قبرصي في بيروت أمس، بهدف تسوية وضع الحدود البحرية بين الجزيرة القبرصية ولبنان. وأطلق رئيس الجمهورية مسار التفاوض مع قبرص لمعالجة وضع الحدود البحرية بين البلدين. وشدّد خلال استقباله وفد الجمهورية القبرصية، على أن «الهدف من اللقاء هو الاتفاق على معالجة الموضوع العالق في رسم الحدود البحرية بعدما انتهينا من رسم الحدود البحرية الجنوبية».
وبعد اجتماع بعبدا زار الوفد القبرصي وزير الأشغال والنقل علي حمية، حيث عقد اجتماع بحضور أعضاء هيئة قطاع النفط وضباط من مصلحة الهيدروغرافيا في الجيش نوقشت فيه المسائل التي اثيرت في اجتماع بعبدا وتم التوصل الى صيغة اتفقوا عليها لتنفيذها وفق الإجراءات القانونية المتبعة والمتعلقة بتعديل الحدود البحرية وفق المرسوم 6433 واعتماد النقطة 23 جنوباً، بحسب ما أبلغ نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، رئيس الجمهورية مساء أمس. وأوضح بوصعب، أنّ الصيغة تعتمد شمالاً خط الوسط بين لبنان وقبرص، على ان تحدد نقطة الالتقاء بعد ان يتفق عليها لبنان وسورية.
"اللواء": عون: لا إرادة لدى الرئيس المكلف ولا لدى فريقه، في التشكيل
بعد طي صفحة ترسيم الحدود البحرية الجنوبية انفتحت صفحة الحدود البحرية الشمالية بين لبنان وقبرص مع وصول وفد دبلوماسي قبرصي الى بيروت ولقائه رئيس الجمهورية ما يفرض ايضا بالتوازي تحريك مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع سوريا نظراً لتشابك الحدود بين الدول الثلاث. فيما عاد الحراك لمعالجة موضوعي الاستحقاقين الحكومي والرئاسي وتمثل بلقاء جمع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مساء الاربعاء، تناول موضوعي رئاسة الجمهورية والشغور على مستوى الرئاسة والحكومة. وتكتمت مصادر الطرفين على تفاصيل مضمون اللقاء، منعاً لأي تفسير او تأويل خاطيء يضر بالمسعى، وفضّلا العمل بصمت لحين التوصل الى نتائج.وفي تطور جديد وخطير، تحدثت معلومات عن ان عددا من الوزراء المحسوبين على العهد اجتمعوا خلال الايام الماضية واتفقوا على أنهم لن يشاركوا في أي جلسة لمجلس وزراء، ولن يقبلوا بأن تتولى حكومة تصريف الاعمال صلاحيات رئيس الجمهورية.
ولن يشاركوا في اي اجتماعات للجان الوازرية وحتى انهم لن يشاركوا في اي زيارة خارجية مع الرئيس ميقاتي. وعُلم ان وزير الشباب والرياضة جورج كلاس ليس من ضمن الوزراء الذين اجتمعوا، وهو قال: ان لا علم له بالموضوع ولم يفاتحه احد، ولو اتصلوا بي انا غير معني لأني مستقل. وحاولت «اللواء» الاتصال بالوزراء المعنيين فلم تلق جواباً.وتحدثت معلومات عن ان بعض الوزراء المسيحيين، لا سيما الوزراء هنري الخوري، ووليد فياض، وهكتور حجار، ووليد نصار رفضوا المشاركة في أي جلسة لمجلس الوزراء ولن يقبلوا ان تتولى حكومة تصريف الأعمال صلاحيات رئيس الجمهورية.
وزار باسيل امس البطريرك الماروني بشارة الراعي، للبحث في الاستحقاقات المنتظرة. وقال بعد اللقاء: الأولوية المطلقة لانتخاب الرئيس وللأسف بعد أيام سندخل بالفراغ الرئاسي الذي يتعاطى معه الجميع كأمر واقع، من دون أن يبذل أي أحد الجهد للحوار والتفاهم. اضاف: هناك إرادة واضحة وأمر مخطط له مسبقا من قبل ميقاتي وبدعم من بري والخارج وبعض المرجعيات، لحصول الفراغ الحكومي ووضع اليد على المقام الاول في الجمهورية اللبنانية أي الرئاسة. الخطر يتمثل بأن أحدهم يريد تحويل حكومة تصريف الأعمال الى حكومة أمر واقع لتحكم البلد، وكل ساكت أو متفرّج يساهم بأخذ البلد الى الفوضى.وتابع باسيل: سنسعى في الايام الباقية لتأمين اي نوع من التفاهم حول الرئاسة.
عون واستقالة الحكومة
وفي جديد مواقفه من تشكيل الحكومة، قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في دردشة مع الإعلاميين المعتمدين في القصر الجمهوري : لا إرادة لدى الرئيس المكلف ولا لدى فريقه، في التشكيل. وكما سبق وذكرت، فإنه يلبي مطالب كل الأحزاب والتيارات والتكتلات النيابية، ما عدا مطلب التيار الوطني الحر. وبغض النظر عن كوني مؤسس هذا التيار ام لا، لا يجوز التعاطي بمعايير مختلفة، ومن غير المقبول وضع وصاية على التيار او على تكتل «لبنان القوي»، وهو امر لا يصح القيام به معنا فقد واجهنا دولاً لهذه الاسباب، وهذا يدل على عدم الرغبة في التأليف ومحاولة وضع اللوم على رئيس التيار جبران باسيل على غرار كل الذين يلومونه على كل مشكلة او حادث يحصل في لبنان. ولكن لحسن الحظ اننا من معدن فولاذي صلب، والا لما كنا استمرينا.
وعن عدم قانونية إعلانه نيته التوقيع على مراسيم قبول استقالة الحكومة ما لم يتم تشكيل حكومة أخرى، أوضح الرئيس عون ان ليس هناك من نص دستوري يشترط ذلك، بل ان المسألة متعلقة بالاعراف، ويمكن خرق العرف.وتابع عون: لم أرَ نصا دستوريا يمنع قبول استقالة الحكومة إلا بعد تأليف حكومة جديدة.تابع: فكرة السلام مع إسرائيل غير واردة وليست هناك أي اتفاقات سرية «مش رح نعملها بهالآخرة» ومن سيعمد في هذا التفاهم الى ايذاء الآخر سيؤذي نفسه. واضاف: من خلال موقعي الجديد، سأدافع عن الجميع، وأهلا وسهلاً بالذي يريد مساعدتي ولكنني سأواصل النضال من اجل من هم معي او من هم ضدي، لأن الانجاز هو لمصلحة الجميع وما كنت اسمعه في آخر خمسة اشهر من عهدي هو :» لن نسمح لميشال عون تحقيق اي انجاز». وأنا اتوجه بالشكر الى الذين من كان يجب ان نتعاون معهم، ولكن هم بالمقابل لا يريدوننا أن نحقق اي انجاز.ورداً على سؤال حول ما اذا كان الرئيس عون سيخوض ثورة وجع الشعب، قال الرئيس عون: من شبّ على شيء شاب عليه، وأنا لن اغيّر سلوكي وتفكيري، وهذه صفاتي وشخصيتي ولا استطيع أن أغيرها.واشار الرئيس عون الى «انني لم أقبل بأي دولة وصاية ولم أقبل برشى من أي دولة مثل كثر من المسؤولين، وواجهت إعلاماً عدائياً وكوارث كبيرة مؤذية حصلت في عهدي من مالية وصحية وطبيعية، ولم يساعدني أحد من المسؤولين في محاربة الفساد «كلن يعني كلن». ومن أخطائي أنني لم أدخل بصفقات وسمسرات.
أضاف: واجهت حدودا مقفلة مع سوريا مع وجود مليون و800 الف نازح وخزينة فارغة وازمة كورونا وانفجار المرفأ والآن نواجه الكوليرا. وفي ما خص الترسيم مع سوريا، قال عون: تأجل الموعد لأسباب ربما لا نعرفها ولكن اعتقد ان الجانب السوري غير جاهز بعد والمفاوضات حتى مع الاصدقاء صعبة ولو لم يكن الاتصال مع الرئيس الاسد ايجابيا لما طلبنا موعدا لارسال الوفد.وشدد على ان «فكرة السلام مع إسرائيل غير واردة وليس هناك أيّ اتفاقات سرية و»مش رح نعملها بهالآخرة» .وفي لقاء وداعي مع ضباط وعناصر الحرس الجمهوري، قال عون: انه من غير المقبول وضع وصاية على التيار او على تكتل «لبنان القوي». وعن عدم قانونية إعلانه نيته التوقيع على مراسيم قبول استقالة الحكومة ما لم يتم تشكيل حكومة أخرى، أوضح الرئيس عون «ان ليس هناك من نص دستوري يشترط ذلك، بل ان المسألة متعلقة بالاعراف، ويمكن خرق العرف. كما التقى عون المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير والمدراء العامين والمستشارين والخبراء، وشكرهم على تعاونهم معه خلال ولايته. بعد ذلك استقبل رؤساء الدوائر والمكاتب في قصر بعبدا.
وفي السياق، أشار عضو كتلة مجموعة التغيير النائب ياسين ياسين، إلى أن نواب التغيير ليسوا عائقا أمام انجاز الاستحقاق الرئاسي محملا المسؤولية للنواب الذين يطيرون النصاب في كل جلسة». وأوضح أن ترشح النائب ميشال معوض لا يتطابق مع الواقع الموجود في المجلس النيابي الذي يتطلب انتخاب رئيس واحد يحظى بأغلبية الأصوات. وقال: أن الكتلة طرحت ثلاثة أسماء ولا جواب عليها حتى الآن، أما بالنسبة إلى دعوة الرئيس نبيه بري إلى الحوار، فنتساءل إذا ما كان هذا الحوار جزءً من السلسلة كدعوته السابقة لانتخاب رئيس للجمهورية، ومؤكدا أن الكرة الآن في ملعب النواب الذين لديهم أغلبية الأصوات وينسحبون من الجلسة. كذلك اعلن مارك ضو: ان لا إمكانية حقيقية للتوافق على اسم ميشال معوّض للوصول إلى رئاسة الجمهورية. اما رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع فقال بعد اجتماع تكتل «الجمهورية القوية»: أنا لم أرتَح بداية لدعوة رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى الحوار لكن تخوّفاً من أي محاولة تعطيل إضافية نتجاوب مع دعوة برّي، إنّما بسياق جلسة انتخاب رئيس الجمهورية . ونقترح أن يدعو إلى جلسة انتخاب بأسرع وقت وفي إطار هذه الجلسة تتكلّم الكتل في ما بينها ولا تنتهي الجلسة قبل انتخاب الرئيس كي نكون أمناء على الدستور والاستحقاق الرئاسي.واضاف جعجع: أن الدساتير وضعت لتُطبّق والنصاب وُضع لإتمام عملية انتخاب الرئيس وما يحصل هو عملية تحايل، وكنت أفضّل أن يدعو بري النواب الذين يُقاطعون جلسات انتخاب الرئيس لحضورها وللتصويت لمن يريدون.
بخاري: البون الشاسع
وصدرت عن السفير السعودي في لبنان وليد بخاري عبر حسابه على «تويتر» تغريدتان قال في الاولى: هناك بونٌ شاسع بين نفي الواقع المأزوم وبين محاولة تبريره والافتئات عليه، صدقًا لم تُفاجئني تصريحات وإدعاءات عفى عليها الزمن، بقدر ما تفاجئت من توقيتها ومضمونها. وقال في التغريدة الثانية: المملكة العربية السعودية تُثبت دوماً رغم كل محاولات التحريض والتشويه لدورها الإيجابي، مدى إلتزامها بدعم لبنان وإحترام سيادته.
قبرص بعد «اسرائيل»
في موضوع ترسيم الحدود البحرية، استقبل رئيس الجمهوريّة ميشال عون، أمس الجمعة، الوفد القبرصي المُخصص لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص برئاسة وكيل وزارة الخارجية القبرصية السابق تاسوس تزيونيس.
وشارك في اللقاء نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب ووزيري الطاقة وليد فياض والخارجية عبدالله بو حبيب والفريق التقني.
وبعد اللقاء، قال النائب الياس بو صعب: الاجتماع جامع وسريع ومنتج ناقش النقاط التي كانت عالقة بين لبنان وقبرص.أضاف: ناقشنا نقاط الخلاف بين لبنان وقبرص، واليوم من بعد التفاهم على النقطة 23 جنوباً طلب الوفد القبرصي مقابلتنا. وسيتوجه الوفد للقاء وزير الاشغال وهناك وزارات عدّة معنية بهذا الملف. وسيُعمل على إيجاد حلّ للنقاط التي فيها اختلاف بالآراء والتعاون مع قبرص ليس كالتعاون مع دولة عدوّة كـ«إسرائيل» ونستطيع التعامل معها بشكل مختلف لنستفيد من الخبرات التي مرّت بها وهذا ما يسرّع العمل. واوضح بو صعب: النقاط التي ستظلّ عالقة هي التي تتعلّق بالترسيم شمالاً، لذلك طلبنا التواصل مع سوريا من جديد ولن ننهي الملف مع قبرص إلا بعد التفاهم مع سوريا لأنّ ذلك ما يحصل بين الدول الصديقة. ولم يحصل سوء تواصل مع سوريا إنّما سوء تفاهم، لافتاً الى أن العتب يحصل بين الأخوة والموضوع مع سوريا يُحلّ ولا إشكالية والخطأ لم يحصل من قبلنا والتعاون سيكون موجوداً.
من جهته، قال وكيل وزارة الخارجية القبرصية السابق تاسوس تزيونيس: كان لنا نقاش ودي وبنّاء جداً حول الحدود والترسيم البحري. ستتواصل النقاشات، ونحن متفائلون جداً انه بعد انتهاء العمل التقني الذي سنواصله اليوم، سنسوي كل مسائل الترسيم البحري، وهو امر ليس صعباً، والتوقيت مناسب جداً، وهذا ما يحتاجه بلدانا اللذان اطلقا العمل للتنقيب في البحر، ويحتاجان الى المزيد من الاستثمارات. وحالياً يحتاج لبنان الى هذا الامر اكثر منا، ونأمل ان نتوصل الى اتفاقات جديدة من شأنها تسهيل التعاون بيننا بشكل اكبر. ليس هناك من مشكلة بين لبنان وقبرص لا يمكن حلها بسهولة. ولاحقاً، اعلنت رئاسة الجمهورية ان الرئيس عون تبلغ من بوصعب توصل المحادثات مع الوفد القبرصي الى صيغة لتعديل الحدود البحرية بين لبنان وقبرص وزار الوفد القبرصي الوزير حمية عند الثالثة بعد الظهر.وقال حمية بعد الاجتماع: عقد وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال الدكتور علي حمية، الذي قال بعد الاجتماع: أن النقاش كان بناء وايجابياً جداً حول اعتماد النقاط 1 و24 و25 و23، وكذلك تطرق النقاش الى النقطة رقم 7»، وتوصلنا الى قواسم مشتركة مع قبرص. وساطلع الرئاسات الثلاث على النتائج التي توصلنا اليها ليصار بعدها الى الاتصال مجدداً بالوفد القبرصي وذلك بحلول منتصف الاسبوع المقبل كي يصار الى الإنتهاء من هذا الملف وعلى كامل النقاط بين البلدين.
ورداً على سؤال، ذكر حميه انه تم الاتفاق على اعادة الحدود من النقطة 1 الى النقطة 23، وتبقى تفاصيل معينة سيجري النقاش حولها لاحقاً وفقا للأصول القانونية المتبعة بين البلدين.
اما تزيونيس فقال: كان لنا نقاش ودّي وبنّاء جدًّا حول الحدود والتّرسيم البحري. النّقاشات ستتواصل، ونحن متفائلون، على أمل أن نتوصّل قريباً الى اتّفاق حول ترسيم الحدود البحرية بين بلدينا. وبعد هذه التطورات، قرّر الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل لجنة برئاسة وزير الاشغال العامة والنقل علي حميه، وتتضم ممثلين عن وزارات الخارجية والطاقة، والدفاع، بالاضافة إلى ممثل عن هيئة إدارة قطاع البترول في لبنان، حيث تكون مهمتها «إجراء ما يلزم والاستعانة بمن يلزم في سبيل التحضير والاعداد لمشاريع تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة من الجهتين الغربية والشمالية مع كل من قبرص وسوريا. على ان تعد تقارير دورية عن عمله اوترفعها الى رئيس الحكومة الذي يعرضها عند الاقتضاء على مجلس الوزراء».
ومساء تلقى الرئيس عون اتصالاً هاتفياً من نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب ابلغه فيه انه استكمالاً للاجتماع الذي عقد قبل الظهر في قصر بعبدا، زار الوفد القبرصي وزير الاشغال علي حمية حيث عقد اجتماع بحضور اعضاء هيئة قطاع النفط وضباط من مصلحة الهيروغرافيا في الجيش نوقشت فيه المسائل التي اثيرت في اجتماع بعبدا وتم التوصل الى صيغة اتفقوا عليها لتنفيذها وفق الاجراءات القانونية المتبعة والمتعلقة بتعديل الحدود البحرية وفق المرسوم 6433 واعتماد النقطة 23 جنوباً.
واوضح بو صعب ان الصيغة تعتمد شمالاً خط الوسط بين لبنان وقبرص، على ان تحدد نقطة الالتقاء بعد ان يتفق عليها لبنان وسوريا.
رد سوريومن جهة ثانية، ردّ مصدرٌ رسميّ سوريّ على آخر تصريح لنائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب بشأن مسألة إلغاء زيارة وفدٍ لبناني إلى دمشق للبحث في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وسوريا.
وأوضح المصدر أنّ تفاصيل ما جرى حول الوفد اللبناني تم تناولها وتوضيحها في التصريح الذي أدلى به السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي من على منبر رئاسة الجمهورية قبل أيام قليلة. وأكّد المصدر السّوري الرّسمي على أهمية «التعاطي الإيجابي»، مشدداً على «حرص سوريا على كل ما فيه مصلحة البلدين الشقيقين» . ويوم الثلاثاء، قال السفير علي عبد الكريم علي عقب لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون إنه «كان هناك التباس في ما خصّ زيارة الوفد اللبناني إلى سوريا»، موضحاً أن «موعد زيارة الوفد لم يُلغ بل يُتفق عليه لاحقاً بسبب ارتباطات سابقة في سوريا».
وفي المواقف من ترسيم الحدود الجنوبية اعتبرت جامعة الدول العربية أنّ عملية توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية لبنان إسرائيل بشكلٍ رسمي، تمثل خطوة مفيدة جداً. وأكّد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي في بيان له امس الجمعة، «على دعم الجامعة الكامل للبنان، معتبراً أنّ إبرام اتفاقية الترسيم يُمكّن لبنان من استعادة حقوقه السيادية البحرية والاستفادة من ثرواته وموارده الطبيعية في منطقته الاقتصادية الخالصة».كما أعربت السّفارة الروسيّة في لبنان، عن ترحيبها بتوقيع لبنان لاتفاقية ترسيم الحدود البحريّة مع إسرائيل. وأكدت السفارة أن «موسكو تتمنى للبنان الاستفادة من اتفاق الترسيم وأن يعود إلى مسار التنمية والإزدهار في أقربِ وقتٍ ممكن». ومن نيويورك، اعلنت مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة: ان اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل يمثل رؤية الرئيس بايدن للمنطقة.