معركة أولي البأس

لبنان

السجالات الحكومية تملأ الفراغ من أول أيامه.. وميقاتي يشارك بالقمة العربية
02/11/2022

السجالات الحكومية تملأ الفراغ من أول أيامه.. وميقاتي يشارك بالقمة العربية

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم من بيروت على موقع الحكومة الدستوي بعد مرور أولى أيام الفراغ الرئاسي، وعلى ما يبدو أن الوزراء المحسوبين على الرئيس عون والتيار الوطني الحر سيقاطعون جلسات الحكومة واجتماعات لجانها، وسيستمرون بتصريف الأعمال في وزاراتهم بالحدود الدنيا وما وجود وزير الطاقة وليد فياض مع ميقاتي في الجزائر إلا دليل على ذلك. أما وزير المهجرين عصام شرف الدين فسبق وأعلن مقاطعته وانسحابه من الحكومة بسبب خلافه مع ميقاتي، أما الوزيران المحسوبان على حزب الله علي حمية ومصطفى بيرم فيتقرّر موقفهما حسب الحالة مشاركة أو مقاطعة.

وبهذا اعتبرت الصحف أن عدد الوزراء المقاطعين 9 وزراء، في حال تضامن وزيري حزب الله مع وزراء التيار، أي ثلث الحكومة وبالتالي في هذه الحالة، لن يستطيع ميقاتي عقد جلسات مجلس الوزراء أو اتخاذ أي قرار من دون وزراء التيار والحزب.

"الأخبار": أوروبا تطلب شراكة تخوّلها تجاوز القضاء اللبناني وتعرقل التحقيق مع شركاء الحاكم.. ملاحقة سلامة: تهديد ألماني للقضاء

علمت «الأخبار» أن الجهات القضائية الألمانية التي تحقّق في الملفات المفتوحة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة بتهم تبييض أموال واختلاس أموال عامة، تتجه إلى اتخاذ إجراءات تعتبر القضاة اللبنانيين الذين يتباطأون في مساعدة القضاء الأوروبي في التحقيق مع سلامة، خصوصاً في ما يتعلق باتهامات تبييض الأموال في أوروبا، «مشاركين في هذه الجرائم». وقد تم إبلاغ الجهات القضائية المعنية بالأمر، وعلى رأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود ومدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات.

مصادر قضائية لبنانية رفيعة أبلغت «الأخبار» أن لبنان تلقّى طلبات فرنسية وألمانية بالسماح لقضاة من البلدين بالحضور إلى لبنان والحصول على دعم ومؤازرة من القضاء اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية لإجراء تحقيقات مباشرة مع شركات ومصارف وشخصيات، من بينها الحاكم. وأكّدت المصادر أن لبنان لم يمانع ذلك، لكنه اشترط في المقابل السماح لوفد قضائي لبناني أيضاً بالتوجه إلى عواصم أوروبية وإجراء تحقيقات مباشرة، بدعم من السلطات الأوروبية، مع كل من يراه متورطاً أو مشتبهاً بتورطه في تسهيل عمل سلامة وفريقه. وأضافت المصادر أن الأوروبيين لم يردوا على الطلب اللبناني بعد، وأنهم يعرفون أن التحقيقات اللبنانية لم تعد تقتصر على سلامة وفرقته الصغيرة، بل تشمل مصارف ومصرفيين وشخصيات مالية أوروبية رفيعة، لا سيما في فرنسا وألمانيا وسويسرا. وأكدت أن لبنان لن يعطّل التحقيقات الأوروبية، لكنه لا يريد تعطيل أوروبا للتحقيقات اللبنانية، لأن المعطيات في ملفات التحقيق اللبناني تشير صراحة إلى وجود شركاء لسلامة يعملون في إدارات مصارف أوروبية وتؤكد حصوله على تسهيلات من شخصيات نافذة هناك.
وكان الادعاء العام في ألمانيا أعلن في 28 آذار الماضي أنّ حاكم مصرف لبنان «هو أحد المشتبه بهم، في إطار تجميد أصول لبنانية في فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ بقيمة 120 مليون يورو، في عملية لمكافحة تبييض الأموال». جاء ذلك بعدما جمّدت السلطات في فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ أصولاً بقيمة 120 مليون يورو مرتبطة بالتحقيق في قضية غسيل أموال في لبنان، من بينها ثلاثة عقارات في ألمانيا (واحد في هامبورغ واثنان في ميونيخ)، وأسهم في شركة عقارات مقرها دوسلدورف تقدر قيمتها جميعاً بحوالي 28 مليون يورو، ومصادرة أموال أخرى بحوالي 7 ملايين يورو. وفي فرنسا، صادرت السلطات مجمعين عقاريين في باريس بقيمة 16 مليون يورو، إضافة إلى عدد من الحسابات المصرفية في فرنسا (2.2 مليون يورو) وموناكو (46 مليون يورو). وصادرت السلطات البلجيكية مبنى في بروكسل بقيمة 7 ملايين يورو. وفي لوكسمبورغ جُمّد 11 مليون يورو في عدد من الحسابات المصرفية.
وبلغت قيمة الحجوزات على الممتلكات العائدة لسلامة في مختلف البلدان الأوروبية، حتى اليوم، نحو 170 مليون يورو، مقابل مبالغ مشتبه بها بحوالي 330 مليون دولار و 5 ملايين يورو، إضافة إلى الحجز على حسابات في مصارف في فرنسا بقيمة 2.2 مليون يورو تعود لآنا كوزاكوفا، والدة ابنة سلامة.
وتنسّق الجهات القضائية الأوروبية تحقيقاتها في إطار وكالة «يوروجست» (Eurojust) التابعة للاتحاد الأوروبي (مقرها في لاهاي - هولندا) التي شكّلت فريق تحقيق مشتركاً في هذه القضية.

وبحسب مصادر مطلعة، فإن التحقيقات المفتوحة في أوروبا ضيّقت الخناق على سلامة بعدما باتت في حوزة المحققين معطيات دسمة تتعلق بتورطه في تبييض أموال على الأراضي الأوروبية، وهو ما يهم الأوروبيين أكثر من اهتمامهم بتورطه في هدر أموال عامة في لبنان. وفي اعتقاد المصادر، فإن «ما يبقي سلامة في موقعه حالياً هو الحماية الداخلية التي يحظى بها من أطراف داخلية عدة بعدما انفكّت عنه، أو تكاد، الحماية الخارجية بالكامل»، وهو ما يفسّر ضيق الجهات القضائية الأوروبية من البطء في استجابة القضاة اللبنانيين المعنيين لطلبات المساعدة القضائية التي يطلبها الأوروبيون في ما يتعلق بمستندات وتحقيقات أُجريت مع سلامة في لبنان.
وفي هذا السياق، علمت «الأخبار» أن «يوروجست» أرسلت أخيراً إلى وزارة العدل، عبر وزارة الخارجية، مسوّدة اتفاق شراكة قضائية مع لبنان تهدف إلى فتح التحقيق في قضايا تبييض الأموال بالكامل، من دون الاضطرار في كل مرة إلى التوجه إلى الجهات القضائية اللبنانية بطلبات المساعدة القضائية. وفي المعلومات أن المسودة حُوّلت إلى الرئيس ميشال عون قبل انتهاء ولايته، وأن عون أعطى وزير العدل هنري خوري موافقته عليها.
وأُلغي اجتماع كان مقرراً أمس بين عويدات ووفد من السفارة الفرنسية في بيروت للبحث في ملفات تخص التحقيقات الخاصة بملف سلامة في باريس، في ضوء معلومات صحافية عن قرار بتجميد العقار الذي تملكه شركة تعود إدارتها إلى آنّا كوزاكوفا، في جادة الشانزيليزيه، يستأجره مصرف لبنان كمكتب احتياطي مقابل نحو 37 ألف يورو شهرياً. ويفترض، بحسب الإجراءات القضائية، تجميد الحساب الذي تدخل إليه عائدات استثمار العقار إلى حين اتخاذ السلطات في وزارة العدل قراراً باستثمار العقار لمصلحة صندوق يبقى مجمداً حتى صدور الأحكام القضائية النهائية. وفي حال تأخر لبنان في الادعاء على سلامة لمحاكمته في لبنان، سيكون بإمكان السلطات الأوروبية مصادرة أموال الصندوق باعتبارها غير شرعية وغير قانونية.


"النهار": الفراغ يصعّد الضغوط الغربية لاستعجال الرئيس

دخل لبنان رسميًا امس في الأول من تشرين الثاني 2022 مرحلة الفراغ الرئاسي وسط مخاوف عارمة من ان يطول امده، فيما تعاني البلاد تداعيات كارثة اقتصادية ومالية واجتماعية يصعب للغاية معها تحمل ازمة فراغ طويلة قد تشل معها بقايا القدرات الرسمية والقطاعية والخدماتية، ولو في ظل حكومة تصريف اعمال يرجح ان تستمر في عملها، ولكن في ظروف شديدة التعقيد. وايذانا ببدء الشغور الرئاسي اتخذت الإجراءات اللوجستية امس في قصر بعبدا الذي استعاد المشاهد المتكررة امام انظار اللبنانيين لثلاث مرات بعد سريان اتفاق الطائف بحيث شغر من شاغل كرسي الرئاسة عقب ولايات الرؤساء اميل لحود وميشال سليمان وميشال عون من دون احتساب تجارب الشغور التي حصلت قبلها. ولعلّ البعد الأشد اثارة للمخاوف الذي بدا ماثلا امس تجلى في التساؤلات المتسارعة عما اذا كانت الأحوال التي آلت اليها خلال عهد الرئيس السابق ميشال عون، وبعدما انتهت ولايته الى فراغ رئاسي، ستشكل العامل الضاغط الكافي لتوقع تقصير امد الفراغ وكسر دوامة العقم الشكلي الفولكلوري الذي طبع الجلسات التي عقدها مجلس النواب خلال المهلة الدستورية وادت الى تكريس صورة تعطيل الانتخاب الرئاسي.

في الايام الاخيرة ملأ المشهد الداخلي خروج الرئيس عون من الحكم وانكفاء معظم القوى الداخلية عن الساحة السياسية ترقبا لنهاية إجراءات نهاية العهد واستعدادا لما سيليه. وبدا من الترقب الثقيل الذي طبع المشهد في الساعات الأخيرة ان ثمة انتظارا لما ستحمله دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الحوار، وما اذا كان لا يزال ماضيا في هذا الاتجاه ام سيعزف عن توجيه الدعوة الى الحوار في ظل مواقف اما متحفظة واما رافضة للكتل المسيحية تحديدا. كما ان ثمة ترقبا لما ستنتهي اليه جلسة مجلس النواب الخميس المخصصة لتلاوة الرسالة التي وجهها الى المجلس الرئيس عون قبل يومين من نهاية ولايته في شأن الازمة الحكومية . وفهم ان الجلسة النيابية ستشهد مداخلات حيال المواقف من الرسالة كما من الوضع الحكومي في ظل رد للرئيس نجيب ميقاتي على الرسالة وأخيرا من موضوع الحوار وفي ظل المناخ الذي تبلوره هذه المداخلات يحدد بري ما اذا كان سيمضي في دعوته ام يصرف النظر عنها.

ووسط هذا التريث الذي طبع الحركة الداخلية في الأيام الأخيرة، برزت غداة نهاية العهد العوني وتكريس بداية الفراغ الرئاسي، معالم تصاعد في المواقف الضاغطة الأوروبية والغربية لاستعجال انتخاب رئيس جديد في لبنان والحؤول دون ازمة فراغ مؤسساتي طويل الأمد. وتوقعت مصادر معنية وعلى صلة ببعثات ديبلوماسية عدة عبر “النهار” ان تكبر تباعا كرة ثلج المواقف الدولية والغربية والعربية خصوصا الضاغطة في شأن انتخاب رئيس جديد بما يعكس خشية دولية من ان يطول الفراغ في ظل المعطيات المتوافرة امام عواصم الدول المعنية برعاية الوضع في لبنان حول التعقيدات السياسية والنيابية التي منعت التزام تنفيذ الاستحقاق الرئاسي ضمن مواعيده الدستورية. وقالت ان الأجواء الدولية بما رشح عنها تكشف توجسا واسعا من القوى اللبنانية وانكشاف عجز بعضها او مصالح بعضها الاخر حيال التزام انتخاب رئيس جديد ولذا سيتكثف الضغط الخارجي تحت عنوان مسؤولية وتبعات القوى السياسية والنواب في منع انزلاق لبنان نحو متاهات فراغ طويل ستكون تداعياتها سلبية للغاية .

الموقف الأوروبي

والواقع ان بيانا أصدره امس الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بشأن الوضع السياسي في لبنان اتخذ دلالات مهمة اذ حذر من ان “الفراغ السياسي يحدث في وقت يواجه فيه لبنان وضعاً اجتماعياً واقتصادياً متدهوراً. ومن شأن التقلبات المؤسسية المصحوبة بعدم الاستقرار الاقتصادي أن تشكل مخاطر جسيمة على لبنان وشعبه”. وأضاف “يدعو الاتحاد الأوروبي مرة أخرى القيادات اللبنانية إلى تنظيم انتخابات رئاسية وتشكيل حكومة بأقصى سرعة” ولفت تذكيره انه “في تموز الماضي، جدد الاتحاد الأوروبي إطار عقوبات يسمح بفرض إجراءات تقييدية على الأفراد أو الكيانات التي تمنع الخروج من الأزمة اللبنانية. وبهدف تسهيل صرف التمويل الدولي الإضافي وكبح الاتجاه المتدهور للاقتصاد اللبناني، يجب التوصل إلى اتفاق تمويل مع صندوق النقد الدولي. ويجب إنجاز الإصلاحات الرئيسية التي طال انتظارها دون مزيد من التأخير”. وجدد مطالبة القيادات اللبنانية “بالاضطلاع بمسؤولياتها واتخاذ الإجراءات اللازمة”.

ومن جهتها، عممت السفارة الفرنسية ما غردته وزارة الخارجية الفرنسية عبر حسابها على “تويتر “حول لبنان وجاء فيه: “يمر لبنان بأزمة اقتصادية ومالية واجتماعية خطيرة وغير مسبوقة ، الأمر الذي يتطلب حسن سير جميع مؤسساته من رئاسة ، حكومة، ومجلس نواب لاتخاذ الإجراءات اللازمة لنهوض البلاد وتحسين أوضاع اللبنانيين بشكل عاجل. وفي هذا السياق ، تدعو فرنسا جميع الفاعلين اللبنانيين إلى تحمل مسؤولياتهم والارتقاء، من أجل لبنان والشعب اللبناني. وهي تدعو النواب اللبنانيين ومن دون تأخر الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية”.

واما على صعيد المواقف الديبلوماسية العربية فكان للسفير السعودي وليد بخاري الذي قام بجولة واسعة في البقاع موقف لافت قال فيه “أن العلاقات السعودية -اللبنانية ستتحسن بعد تشكيل حكومة جديدة وانتخاب رئيس جمهورية سيادي يستعيد ثقة المملكة والدول المهتمة بالملف اللبناني”.

ميقاتي في الجزائر

وسط هذه الاجواء، وعشية تلاوة ومناقشة رسالة الرئيس ميشال عون الى مجلس النواب التي طالبت بسحب التكليف من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، التقى الاخير عددا من القادة العرب في الجزائر كما التقى الامين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ، قبل افتتاح القمة العربية الحادية والثلاثين بعد ظهر امس. وشدد ميقاتي على أن “صلاحيات رئيس الجمهورية لا تعود بموجب الدستور الى رئيس الحكومة، بل الى مجلس الوزراء، وسنعمل على ادارة شؤون البلاد من دون استفزاز، ولكن الاولوية تبقى لانتخاب رئيس جديد للبلاد وتأليف حكومة جديدة، وان يكون التعاون والانسجام قائما بينهما. ومن هذا المنطلق سيبقى تعاوننا مع المجلس قائما وفاعلا”. وعن احتمال دعوته مجلس الوزراء الى الانعقاد قال: “اذا لم يكن من موجب وطني أساسي وملح فانني لن ادعو الى جلسة لمجلس الوزراء وسنستمر في تصريف الاعمال بشكل عادي. وفي حال استجد اي إمر طارئ فسأقوم بالتشاور المسبق مع المكونات التي تتشكل منها الحكومة قبل اتخاذ اي قرار”.

 وعلى صعيد التحركات الداخلية عقد في بيت الكتائب المركزي في الصيفي، اجتماع نيابي تشاوري للبحث في الاستحقاق الرئاسي الداهم ودعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى عقد جلسة لتلاوة رسالة رئيس الجمهورية ومناقشتها الخميس المقبل، وتم الاتفاق على بيان وقعه 27 نائبا ابرز ما جاء فيه” يعرب المجتمعون عن رفضهم القاطع لمحاولات إشعال التجاذبات الطائفية عبر افتعال السجال في موضوع صلاحيات الحكومة خلال فترة الشغور الرئاسي لأن هذا الموضوع محسوم في الدستور اللبناني .ويعتبرون أن الاولوية التي أكد عليها الدستور هي الشروع فوراً في انتخاب رئيس للجمهورية، وبناءً على ما تقدم، يؤكد المجتمعون أن على المجلس الالتام اليوم قبل الغد، لانتخاب رئيس الجمهورية لأن هذا وحده من شأنه أن يعيد الانتظام لعمل المؤسسات ويدعون رئيس مجلس النواب الى تكثيف الجلسات لانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن”.

 وليل امس اعلن النائب جبران باسيل انه لن يترشح لرئاسة الجمهورية وانه ضد ترشيح سليمان فرنجية وانه مع فكرة التوصل الى مرشح توافقي يطمئن “حزب الله” والسنة والمسيحيين .

"البناء": السجالات تملأ الفراغ من أول أيامه… وميقاتي يؤسس لشرعية دوره من الجزائر «بلا استفزاز»

تواصل السجال السياسي حول تقييم عهد الرئيس ميشال عون في اليوم الأول للفراغ الرئاسي، ومثله السجال حول الملف الحكومي، ما يفتح الباب للمزيد من الفراغ أمام استعصاء التوصل بسهولة إلى التوافق اللازم لانتخاب رئيس للجمهورية، بينما بدا أن توافق الحد الأدنى على الوضع الحكومي قد تمّ تحت سقف تصريف الأعمال من دون الدعوة الى اجتماعات للحكومة إلا في حالات استثنائية يقررها التشاور الذي يترجم توافقاً بين مكونات الحكومة، ومنها التيار الوطني الحر، وكانت حركة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في الجزائر، يرافقه وزيرا الخارجية عبدالله بوحبيب والطاقة وليد فياض أبرز تعبيرات الشرعية التي حازها ميقاتي لتصريف الأعمال، رغم السجال.
اختبر لبنان أمس، اليوم الأول للفراغ في سدة رئاسة الجمهورية بموازاة حكومة تصريف أعمال متنازع على شرعيتها الدستورية، بعد نهاية ولاية الرئيس ميشال عون الذي انتقل الى منزله الجديد في الرابية، حيث أقفل مكتب رئيس الجمهورية وقاعات مجلس الوزراء والاجتماعات والاستقبال، وأنزل العلم اللبناني عن شرفة القصر وعن السارية في الساحة الخارجية. كما أقفلت سائر الأبواب المؤدية الى البهو الكبير وجناح إقامة الرئيس.

واستبق رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الاشتباك الدستوري المرتقب حول دستورية حكومته وقدرتها على تسلم صلاحيات رئاسة الجمهورية وإدارة البلاد في فترة الشغور، بالتأكيد من الجزائر بأن «صلاحيات رئيس الجمهورية لا تعود بموجب الدستور الى رئيس الحكومة، بل إلى مجلس الوزراء، وسنعمل على إدارة شؤون البلاد من دون استفزاز، ولكن الاولوية تبقى لانتخاب رئيس جديد للبلاد وتأليف حكومة جديدة، وأن يكون التعاون والانسجام قائماً بينهما. ومن هذا المنطلق سيبقى تعاوننا مع المجلس قائماً وفاعلاً».
وعن احتمال دعوته مجلس الوزراء الى الانعقاد قال: «اذا لم يكن من موجب وطني أساسي وملحّ فإنني لن أدعو الى جلسة لمجلس الوزراء وسنستمرّ في تصريف الأعمال بشكل عادي. وفي حال استجدّ أي أمر طارئ فسأقوم بالتشاور المسبق مع المكوّنات التي تتشكل منها الحكومة قبل اتخاذ أي قرار».
ورداً على سؤال عن احتمال مقاطعة بعض الوزراء الدعوة لانعقاد مجلس الوزراء قال «اذا كان النصاب مؤمناً تنعقد الجلسة وتتخذ القرارات بأكثرية الثلثين. واتمنى أن يكون التعاون من قبل الجميع لتمرير هذه المرحلة الصعبة».

وعلمت «البناء» أن الوزراء المحسوبين على الرئيس عون والتيار الوطني الحر سيقاطعون جلسات الحكومة واجتماعات لجانها، وهم وليد نصار وعبدالله بوحبيب ووليد فياض وموريس سليم وأمين سلام، هنري خوري لكن سيستمرون بتصريف الأعمال في وزاراتهم بالحدود الدنيا وما وجود وزير الطاقة وليد فياض مع ميقاتي في الجزائر إلا دليل على ذلك. أما وزير المهجرين عصام شرف الدين فسبق وأعلن مقاطعته وانسحابه من الحكومة بسبب خلافه مع ميقاتي، أما الوزيران المحسوبان على حزب الله علي حمية ومصطفى بيرم فيتقرّر موقفهما حسب الحالة مشاركة أو مقاطعة.
وبذلك قد يصبح عدد الوزراء المقاطعين 9 وزراء، في حال تضامن وزيري حزب الله مع وزراء التيار، أي ثلث الحكومة وبالتالي في هذه الحالة، لن يستطيع ميقاتي عقد جلسات مجلس الوزراء أو اتخاذ أي قرار من دون وزراء التيار والحزب.
وأشارت مصادر وزارية لـ«البناء» الى أن «ميقاتي وتجنباً لاستفزاز التيار الوطني الحر سيعتمد أسلوب عقد الاجتماعات الفردية مع كل وزير على حدة وفق اختصاصه والملف المعنيّ به، بالتوازي مع عقد اجتماعات للجان وفق الحاجة ولن يدعو الى جلسات لمجلس الوزراء إلا بالحالات الطارئة التي تستدعي جلسة للحكومة وبعد توافق مسبق بين القوى السياسية، وسيتمّ التركيز بعقد الاجتماعات مع الوزراء على الملفات الملحّة كترسيم الحدود والطاقة واستيراد الفيول. واللجان المعنية بالملفات الاقتصادية كالتفاوض مع صندوق النقد الدولي». وهذا الأسلوب وفق المصادر لن يلقى اعتراض أحد.
إلا أن المصادر تشير الى إشكالية تكمن في بعض القرارات التي قد تحتاج الى مجلس وزراء كزيادة تعرفة الكهرباء واستيراد الفيول والقمح. وطمأنت المصادر الى أن رواتب القطاع العام مؤمنة في فترة تصريف الأعمال.
وفي هذا الصدد أعلنت وزارة المال أمس، «صرف كامل رواتب القطاع العام ومتابعة الإجراءات التقنية لتأمين اعتمادات لرواتب المتقاعدين».
ووفق معلومات «البناء» فإن حزب الله أبلغ ميقاتي بأن وزيريه لن يحضرا أي جلسة لمجلس الوزراء من دون توافق مسبق، وتمنّى عليه عدم الدعوة الى جلسات وضرورة التوصل الى صيغة لإدارة الدولة لا تتجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية ولا تترك البلاد للفراغ الشامل من دون سلطة تدير شؤون البلاد والمواطنين.
وأشارت أوساط في حركة أمل لـ«البناء» الى أن الحكومة الحالية تستطيع أن تقوم مقام رئاسة الجمهورية وإدارة البلد لتفادي الفراغ. وعلمت «البناء» أن وزراء أمل تبلّغوا بضرورة أن يمارسوا أعمالهم في تصريف الأعمال في وزاراتهم وحضور جلسات اللجان التي يدعو إليها ميقاتي وكذلك حضور جلسات مجلس الوزراء إن دُعي اليها، علماً أنه ندر أن عقدت جلسات في فترات الشغور الرئاسي، وآخرها في حكومة الرئيس حسان دياب التي لم تعقد أي جلسة خلال فترة تصريف الأعمال.. فكيف إذا لم تنل الحكومة ثقة المجلس النيابي وفي فترة الشغور؟
وتتجه الأنظار الى ساحة النجمة مجدداً حيث يعقد المجلس النيابي جلسة، لكن هذه المرة ليس لانتخاب رئيس للجمهورية، بل لمناقشة الرسالة التي وجّهها الرئيس عون الى المجلس المتعلقة بتكليف ميقاتي، والوضعية الدستورية لحكومة تصريف الأعمال. وأشارت مصادر لـ«البناء» الى أن المجلس سيناقش الرسالة وستكون هناك مداخلات للنواب إذ سيطلق نواب التيار مداخلات عالية السقف، لكن لن يصدر المجلس أي توصية ولا قرار بل سيكتفي بأخذ العلم، لكون الحكومة مستقيلة وسقط التكليف. لكنه سيشدّد على ضرورة أن دور الحكومة الحالية بتصريف الأعمال منعاً للفراغ الشامل.
ووفق معلومات «البناء» فقد يستغل رئيس المجلس النيابي نبيه بري وجود الكتل النيابية لاستمزاج آراء الكتل إزاء دعوته للحوار. ولفتت الى أن خريطة المواقف لا زالت على حالها حيال الاستحقاق الرئاسي.
وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن الرئيس بري يواصل حراكه باتجاه تأمين الظروف الملائمة للحوار، لكنه لن يدعو إلى جلسة قبل توافر معطيات جديدة تشي بإمكانية انتخاب رئيس.
وأكد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم لـ«البناء» أن «مبادرة الرئيس بري الحوارية ما زالت قائمة، والاتصالات على وتيرتها لاستكمالها حتى النهاية ليبنى على الشيء مقتضاه»، لافتاً إلى أن «البعض قد يراهن على تدخلات من هنا وهناك، لكن تبقى المسؤولية على عاتق الكتل النيابية والسياسية للتواصل والتفاهم حول هذا الاستحقاق».
 

الحكومة اللبنانية

إقرأ المزيد في: لبنان

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة

خبر عاجل