لبنان
متى يتحرّك ملف النفط والغاز في اليابسة اللبنانية؟
الحديث عن النفط والغاز في اليابسة اللبنانية ليس حديثًا. العالم اللبناني الراحل د. غسان قانصوه كان قد تحدث عن ضرورة البحث عن مصادر الغاز في لبنان مؤكّدًا أن الدراسات أثبتت منذ العام 1953 مدعومة بالقرائن العلمية وجود هذا الغاز في يحمر وسحمر، والبئر التجريبية أعطت 50 متراً معكباً باليوم، وخرج الغاز تحت ضغط درجة 50 المتوسطية، وهذا يعني وجوده بكميات كبيرة. والأهم بحسب قانصوه أنه تبين أن هذا الغاز هو غاز بترولي، ما يعني وجود النفط تحت هذه الطبقة الغازية.
ما سبق أن تحدث عنه قانصوه مرارًا أثبتته الدراسات العلمية. يشير مقال لكل من د. مصطفى مروة ود. غسان الشلوق في مجلة الجيش اللبناني (العدد 45 - تموز 2003) الى أن "الصخور الرسوبية في نطاق لبنان تتمتع بالخصائص الأساسية الضرورية لتشكل النفط (صخور مانعة) Roche mère و(صخور حاملة) Roche réservoir، وأن هذه الصخور تتميّز بكونها قد تعرضت لعمليات الطيّ والضغط، وهذا ما نتج عن العمليات الديناميكية على امتداد شرق المتوسط مما أعطاها إمكانية أن تكون موقعاً صالحاً كخزانات احتواء أو لوقف حركة السوائل النفطية وإبقائها في مكانها. بالاضافة إلى هاتين الخاصيّتين فإن الغطاء الرسوبي الذي تنكشف بعض ملامحه في الأراضي اللبنانية ضمن وعلى أطراف سلسلتي الجبال، تبلغ سماكة طبقاته بمعظمها ما قد يتجاوز الثمانية الآف متر"، لذا يلفت المقال الى أنه "حتى لو ثبت أن المرحلة الأولى من الغطاء والتي تبلغ سماكتها حوالي ثلاثة الآف متر، لا تحوي أيًّا من المشتقات النفطية (وهو ليس صحيحاً بالمعنى العلمي)، فثمة توقع أن تحوي الطبقات المتبقية والتي قد تبلغ سماكتها ما يزيد على خمسة الآف متر، ما لم نجده في المرحلة الأولى".
وبحسب المقال، أخذت السلطة الفرنسية في زمن الانتداب الفرنسي، قراراً بدراسة جيولوجية المنطقة التي تخضع لسلطتها، اي لبنان وسوريا والقسم الجنوبي من تركيا. وبالفعل قام المهندس الجيولوجي الفرنسي لويس دوبـرتريه منتدباً من ادارة المناجم في فرنسا ومن المتحف الوطني للتاريخ الطبـيعي، باطلاق مشروع المسـح الجيولوجي. وعلى امـتداد خمس وعشـرين سـنة عمل دوبـرتريه ومجموعة من المساعدين على تنظيم خريطة لبنان الجيولوجية بمقياس 200000/1 تدريجياً وحتى بعد الاستقلال. وخلال هذه الفترة كان الباحثون ينظمون قسائم مستقلة بقياس 50000/1 للبنان بأكمله، وقد تم انجازها جمــيعها بحلول عام 1955. ومنذ ذلك التاريخ استمر الجيولوجيون بدراسة لبنان من مختلف الجوانب الجيولوجية. وقد تبيّن أن الارض اللبنانية بسبب نوع الطيات الموجودة فيها، تعطي املاً واضحاً في احتمال اكتشاف النفط في غير الاماكن التي تم استكشافها! كما تبين وبعد دراسة شملت لبنان وسوريا أن احتمال وجود الصخور الأم (roche mère) في الصخور الرسوبية العميقة يبدو محتملاً. كذلك الأمر بالنسبة الى الصخور الحاملة (réservoirs) التي تظهر امكانات احتواء النفط.
وتحدث المقال عن "استمرار الدراسات والنشرات العلـمية التي تتعاطى مع موضوع النفط ولو بشكل غير منتظم، الا ان ذلك يدل على عدم فقدان الاهتمام (والأمل) بتوقع اكتشاف النفط وان كنا وما زلنا نعتقد ان توقف هذه العمليات بشكلها المكثف قد يحمل في طياته بعداً سياسياً من قبل الشركات والمؤسسات العلمية الأجنبية التي تتعاطى هذا الشأن".
وفي حزيران يونيو من العام 2015، أكد مستشار مجلس النواب للشؤون النفطية آنذاك الخبير ربيع ياغي في تصريح لصحيفة "الجمهورية" أن ما كشفته داتا المسح الجوي للبر اللبناني عن توفر مخزون بترولي في مناطق محددة في البر اللبناني يشكل نتائج أولية مشجعة، لافتًا الى أن هذه الخلاصات هي نتيجة المسح الجيولوجي الجيوفيزيائي الجوي لمنطقة لا تتجاوز مساحتها 6000 كلم 2، 4000 منها في الشمال و2000 منها تمثل الساحل اللبناني أي تقع ما بين البر والبحر الممتد من الشمال الى حدود صور.
وأوضح أن التركيبة الجيولوجية لهذه المنطقة تمتد باتجاه البقاع الأوسط وهو ما يعرف بخط نار أو مرمى من الساحل باتجاه البقاع الاوسط، لافتاً الى ان هذه التركيبة والطبقات المالحة للارض تعطي مؤشرات ايجابية عن احتمال وجود نفط في هذه المنطقة أو غاز أو الاثنين معاً. وأكد ياغي أن المكامن الاساسية للنفط عادة لا تتوفر في الجبال، انما في المنحدرات أو المناطق المنخفضة، ومعروف أن المناطق المنخفضة في لبنان هي سهل البقاع وتحديداً البقاع الأوسط، وهو الأكثر حظاً باحتوائه على بترول. كذلك يعتبر البقاع الشمالي والبقاع الغربي مناطق واعدة.