معركة أولي البأس

لبنان

مصرف لبنان يفشل في وضع خطة لضبط الدولار.. وجنبلاط يتوسط في الملف الرئاسي
31/01/2023

مصرف لبنان يفشل في وضع خطة لضبط الدولار.. وجنبلاط يتوسط في الملف الرئاسي

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم من بيروت على التفلت الحاصل في سوق الدولار، إذ فشل المجلس المركزي لمصرف لبنان بإصدار قرارات مقنعة بجديتها وقدرتها على لجم العبث بسعر صرف الدولار، مكرراً تعاميمه السابقة، بينما بدا أن القضاء يحاول ملء الفراغ بإجراءات ملاحقة لبعض الصرافين أملا بأن تؤثر على حجم المضاربات على الليرة اللبنانية، بينما بقي اللغز المحيّر هو سبب العجز الأمني والقضائي عن وقف العمل بالتطبيقات التي تتولى تسعير الليرة مقابل الدولار.

كما تناولت الصحف الملف الرئاسيّ الذي بدا في دائرة الاستعصاء، رغم تصاعد دعوات التوافق والحوار، حيث تتقدّم مبادرتان حواريتان، واحدة لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط وثانية لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، تختلفان بالأسماء المتداولة، وتتقاطعان عند الدعوة للبحث عن بديل للمرشحين النائب ميشال معوض، والوزير السابق سليمان فرنجية.

"الأخبار": سلامة يريد لجم الدولار... بالكرباج!
 
مجدداً، قرّر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة اللجوء إلى الحل البوليسي لإظهار سيطرته على ارتفاع سعر الدولار. ففي اجتماع المجلس المركزي الذي عُقد أمس، بشكل استثنائي، لم يعرض سلامة سوى أنه غير قادر على التدخّل إلا بعد "تنظيف" السوق من الصرافين غير الشرعيين ومن مجموعات الـ"واتساب" التي يتّهمها بأنها تضارب على الليرة وترفع سعر الدولار. عملياً، كل الاهتمام الذي روّج لاجتماع المجلس المركزي والإجراءات التي ستتخذ فيه من أجل كبح انهيار الليرة، كان مجرّد وهم باعه سلامة، مسوّقاً نفسه بأنه "المنقذ" الذي يملك وصفة سحرية يفترض أن يسبقها الحلّ البوليسي كتمهيد لتدخّل مصرف لبنان في سوق الصرف.
تقول مصادر مطلعة، إن ما عُرض أمس في المجلس المركزي، لم يكن ذا أهمية استثنائية تستدعي الدعوة إليه. فحاكم المصرف المركزي عرض ما جاء في مشاوراته مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير المال يوسف الخليل. وأبلغ أعضاء المجلس أنه عرض لرئيس الحكومة الوضع في سوق القطع طالباً منه التدخّل الأمني مع الصرافين ومع مجموعات الـ"واتساب" التي تتلاعب بسعر الدولار من أجل التربّح غير المشروع، وأنه غير قادر على التدخّل في سوق القطع في ظل الفلتان السائد في السوق، فقرّر ميقاتي أخذ الموضوع على عاتقه والطلب إلى مدعي عام التمييز غسان عويدات إجراء المقتضى القانوني بهذا الخصوص تمهيداً لتدخّل مصرف لبنان في سوق القطع. والتدخّل هنا هو سحب السيولة النقدية بالليرة من السوق من خلال التفريط بنحو 1.5 مليار دولار.
أيضاً، أعاد سلامة تأكيد مسألة عرضت سابقاً في المجلس المركزي، وهي تتعلق بسعر الصرف المعتمد رسمياً، إذ قال إنه سيصدر قراراً في نهاية هذا الشهر، أي مساء اليوم، لإعلان بدء العمل بالسعر المعتمد رسمياً. لكن لم تجر الإشارة إلى الآلية القانونية التي اتبعت في هذا المجال، والسند القانوني الذي سيبني عليه لاتخاذ قرار بزيادة سعر الصرف المعتمد رسمياً 10 أضعاف، علماً بأن سلامة كان قد أبلغ ميقاتي أنه اتخذ القرار بالتشاور مع وزير المال.
في هذا الوقت، يبدو أن "هيبة" الإجراءات الأمنية لكبح سعر الدولار صارت باهتة إلى درجة أنها لم تنعكس على سعر الصرف في السوق الحرّة. فمنذ نهاية الأسبوع الماضي، ما زال سعر الدولار يتذبذب بين 57 ألف ليرة و60 ألفا. وأمس سجّل 58 ألف ليرة، أي بزيادة نسبتها 38% مقارنة مع ما كان عليه في مطلع كانون الثاني. وأعلى مستوى سجّله هذا الشهر بلغ 63500 ليرة في 20 كانون الثاني. وبذلك، يكون سعر الدولار قد تضاعف منذ بداية الأزمة 38.5 مرّة، بينما لم يسجّل مؤشّر الأسعار سوى تضخم بنسبة تراكمية بلغت 17 مرّة حتى نهاية عام 2022. الفرق الكبير بين سرعة تطوّر سعر الدولار في السوق مقارنة مع سرعة مؤشّر الأسعار، يشير إلى أن الأسعار سائرة نحو مزيد من الارتفاع في الفترة المقبلة.
لكن السؤال الذي يطرح اليوم، هل يمكن معالجة المسألة بـ"الكرباج"؟
هذا التعبير يعود إلى نائب الحاكم السابق حسين كنعان الذي قال يوماً إن سعر الدولار لا يمكن كبحه بالكرباج، بمعنى أن الحلّ البوليسي، ليس سوى أداة لشراء الوقت وللإيهام بأن هناك حلّاً ميكانيكياً غير جذري. ففي مطلع عام 2020 اقترح رياض سلامة معالجة بوليسية مماثلة أفضت إلى اقتحام مكاتب ومنازل عدد من الصرافين، وانتهت على ما يروي الصرافون بأنه عزلهم من السوق ليحلّ محلّهم مجموعة أخرى من الصرافين الذين يتلقون الأوامر منه ويحدّد لهم الأسعار، بالتالي فإن كل الارتفاع في سعر الصرف كان ارتفاعاً مدروساً منه لإجبار الناس على القبول بانهيار سعر الصرف من دون ردود فعل مفاجئة.
كذلك، يجب التمعّن في ما يقوله سلامة، إذ إنه يشير طوال الوقت إلى قدرته على التدخّل، وهذا يعني أنه لا يزعم بأنه قادر على السيطرة، إنما هو يحتاج إلى التدخّل من أجل إبطاء وتيرة التدهور. وفي حال قرّر امتصاص السيولة بالليرة مقابل ضخّ 1.5 مليار دولار، فإن مصرف لبنان لن يكون قادراً على التدخّل لأنه سيفقد إحدى أهم أدوات تدخّله في السوق، وهي الليرة. فإذا أصبحت الليرة غير ذات قيمة وفقدت فاعلية التداول، ستضعف قدرته على التدخّل في السوق، وصولاً إلى زوالها. فهو من خلال طباعة الليرات وضخّها في السوق، يتاح له شراء الدولارات، ولا يمكنه امتصاص الليرات إلا من خلال ضخّ الدولارات. ما يعني أن عمليات الضخّ والامتصاص تعمل بواسطة آلية طباعة النقود، بالتالي لا يمكنه أن يفقد التوازن بينهما، وإلا فلن يعود أي معنى لوجوده.
أسعار السوبرماركت بـ"الدولار النقدي"؟
فور الارتفاع السريع في سعر الدولار مقابل الليرة، بدأت نقابة أصحاب السوبرماركت تطالب بتسعير المواد المبيعة على رفوفها بالدولار النقدي. وهذا الأمر، إذا حصل لن يكون سابقة، إذ إنه في مطلع الصيف الماضي، وافق وزير السياحة على تسعير المنتجات والخدمات المقدّمة في المطاعم بالدولار ما أدّى إلى تضخّم في الأسعار تراكم في النصف الثاني من عام 2022 ليبلغ 73% (المقارنة جرت على أساس الشهر الأخير من النصف الأول) في مقابل تضخّم في الأسعار بلغ 28% في النصف الأول (المقارنة جرت على أساس الرقم القياسي للأسعار المسجّل في نهاية 2021).
المهم، أن تسعير السوبرماركت بالدولار، يعني نقل الدولرة النقدية إلى مستوى مختلف عما كانت عليه سابقاً، وهو يعني أيضاً أن أول ما فكرّت فيه قوى السلطة هو كيفية حماية أصحاب الرساميل، فيما ما زالت الأجور عند مستويات متدنية جداً قياساً بالحماية التي يحصل عليها هؤلاء. فالأجور تضاعفت في المتوسط 4 مرّات، بينما الأسعار تلحق بشكل يومي بسعر الدولار، وإذا جرى تحويلها على الدولار النقدي اليوم بكل مكوّناتها من رأس مال ومصاريف تشغيل وأرباح، فإن الأجور ستفقد قيمتها التداولية ولن تنحصر خسارتها بالقيمة المادية.

"البناء": مصرف لبنان يفشل بوضع خطة ضبط لسعر الصرف.. والثنائي لا يقبل مقارنة معوض بـ فرنجية

فشل المجلس المركزي لمصرف لبنان بإصدار قرارات مقنعة بجديتها وقدرتها على لجم العبث بسعر صرف الدولار، مكرراً تعاميمه السابقة، بينما بدا أن القضاء يحاول ملء الفراغ بإجراءات ملاحقة لبعض الصرافين أملا بأن تؤثر على حجم المضاربات على الليرة اللبنانية، بينما بقي اللغز المحيّر هو سبب العجز الأمني والقضائي عن وقف العمل بالتطبيقات التي تتولى تسعير الليرة مقابل الدولار، رغم أن عمليات تتبع هذا النوع من التطبيقات بالتعاون مع أجهزة قضائية وأمنية دولية قد قامت به دول مثل اليونان سابقاً.
سياسياً لا يزال المسار الرئاسيّ في دائرة الاستعصاء، رغم تصاعد دعوات التوافق والحوار، وتتقدّم مبادرتان حواريتان، واحدة لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط وثانية لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، تختلفان بالأسماء المتداولة، وتتقاطعان عند الدعوة للبحث عن بديل للمرشحين النائب ميشال معوض، والوزير السابق سليمان فرنجية. ورأت مصادر متابعة لموقف ثنائي حركة أمل وحزب الله، المعني الرئيسي بهذه الدعوات، أن الثنائي يرفض بقوة أي محاولة لوضع ترشيح فرنجية الذي لم يعلن والذي يملك مواصفات واقعية، وقدراً عالياً من القبول الدولي والإقليمي، في كفة واحدة مع المرشح معوض، الذي تنطبق عليه مواصفات مرشح التحدّي. وتقول المصادر إن الثنائي لن يقبل معادلة تعالوا نسحب معوض مقابل التخلي عن فرنجية، لأنها لا ترى إمكانية إيجاد اسم قابل للتسويق داخلياً وخارجياً كمرشح توافقي مثل فرنجية، وتقول إذا كانت عملية ترشيح معوض قد أدت ما عليها وانتهت مهمتها، فلا يمكن طلب ثمن سحبها من التداول، لأن فرنجية لم يوضع بالتداول بعد، وكيف يمكن مثلاً أن يقترح البعض مناقشة ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون كحل توافقي، رغم أنه يحتاج الى تعديل للدستور، ويرفض تداول اسم فرنجية تحت هذا العنوان، رغم أن فرنجية كان مرشحاً مقبولاً عند الأطراف الداخلية والخارجية ذاتها قبل ست سنوات.
لا يبدو أن الهدوء الذي ساد البلاد بعد المعركة القضائية في العدلية وقصر العدل سيستمر طويلاً، بل إن المعطيات والمعلومات تؤشر وتنذر بأن ما حصل الخميس الماضي ليس سوى جولة من جولات الحرب ستشهد جولات أخرى خلال الأسبوع المقبل، وسط توجّه قضائي بتغطية سياسية لإيجاد مخرج قانوني لتنحية القاضي طارق بيطار عن ملف تحقيقات المرفأ وتعيين قاض آخر وفق ما علمت «البناء»، أو بالحد الأدنى إجباره على رفع قراره الظني الى المجلس العدلي وتقييده بمدة محددة وترك الملف بعدها الى المجلس العدلي لاستكمال المسار القضائي.
ووفق المعلومات، فإن جميع الأطراف يستعدون للجولة الجديدة من المعركة، فمن جهة القاضي بيطار مدعوم من واشنطن وبعض الدول الأوروبية وأطراف سياسية داخلية مصرّ على الاستمرار بالملف واستكمال تحقيقاته وإجراءاته ضد مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات. وفي المقابل القاضي عويدات المدعوم من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس المجلس النيابي نبيه بري مستمرّ أيضاً بإجراءاته وخطواته بتطويق بيطار وتقييد عمله حتى كف يده كلياً عن الملف. فيما تتجه الأنظار الى الاجتماع المرتقب لمجلس القضاء الأعلى للبتّ بالملف، وذلك بعدما عجز المجلس عن الاجتماع الخميس الماضي بسبب التوترات الأمنية في الشارع وفي مكتب وزير العدل.
ووفق معلومات «البناء» فإن النصاب كان مؤمناً لانعقاد المجلس الخميس الماضي، لكن رئيس المجلس القاضي سهيل عبود تذرّع بالأحداث الأمنية في الشارع والمخاوف من تداعيات أي قرار سلبي يتخذه المجلس، وفضّل عدم حصول الاجتماع رغم وجود كل الأعضاء في قصر العدل وعلى مقربة من مكتب الرئيس، ووجود أغلبية لتنحية بيطار، لكن جرى استغلال أهالي ضحايا الانفجار وتضليلهم وزجهم في الشارع ضد القاضي عويدات واستقدام نواب الكتائب والقوات وكتلة التغيير لاقتحام مكتب وزير العدل وافتعال الإشكال للضغط على مجلس القضاء ما شكّل ذريعة للقاضي عبود لتطيير اجتماع المجلس.
وتشير المعلومات الى أن «ما حصل في العدلية الخميس الماضي سيتكرّر في أي لحظة لا سيما مع حلول مواعيد الاستدعاءات التي وجهها بيطار لعدد من الشخصيات السياسية والأمنية، وقد تندلع مواجهة بين كبار القضاة في قصر العدل وسط معلومات عن فتوى يجري تحضيرها للإجازة للقاضي بيطار بالانتقال من قصر عدل بيروت الى قصر عدل المتن واستكمال عمله منه كخطوة استباقية بحال إقالته وملاحقته، وبذلك يكون بمنأى من اي ملاحقة وعرقلة، ما سيؤدي الى انشطار كبير في الجسم القضائي».
أما عويدات فسيستمر بملاحقته لبيطار وقد يسطّر مذكرة توقيف بحقه في حال لم يمثل أمامه ولم يحل الى التفتيش القضائي ويتنحّى عن الملف. أما المستدعون للتحقيق فيحضّرون لهجمة قانونية كبيرة ضد بيطار.
وأولى هذه الخطوات تقدُّم النائب ‏علي حسن خليل بشكوى جزائية ضد المحقق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت ‏القاضي طارق بيطار امام مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات وأخرى أمام التفتيش ‏القضائي في شأن ما اعتبره أخطاء مسلكية ارتكبها بيطار‎.‎
وحذرت أوساط سياسية عبر «البناء» من مخطط لتفجير الوضع الطائفي والأمني في الشارع من ملف المرفأ، وما حصل في العدلية كان يهدف لجر البلاد الى حادثة «طيونة رقم 2»، داعية القوى السياسية كافة للتنبه مما يُحاك في الغرف السوداء، والأجهزة الأمنية للتحرك سريعاً لضبط أي محاولة للعبث بالأمن والاستقرار، وتخوّفت الأوساط من حصول حوادث أمنية في ظل الفراغ السياسي والرئاسي والحكومي والشلل الذي يصيب كافة المؤسسات الدستورية ومفاصل الدولة.
ولم يشهد الملف الرئاسي أي جديد، في ظل رصد وقراءة لمواقف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في كلمته الأحد الماضي، وما تحمله من اشارات يجري التحرك على أساسها باتجاه التوصل الى أسماء توافقية يجري انتخاب أحدها.
ووفق معلومات «البناء» فإن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط يقوم بدور محوري على خط التوصل إلى تفاهمات بالتنسيق مع الرئيس بري الذي يلاقيه بالتواصل مع أطراف عدة في هذا السياق، وأفادت مصادر إعلامية أن اللقاء الذي كان مقرّراً بين بري وجنبلاط الأحد الماضي بعد كلام باسيل تأجل الى اليوم لأسباب صحية طرأت على جنبلاط.
وبحسب ما تشير مصادر «البناء» فإن جنبلاط مستعد للتراجع عن دعم النائب ميشال معوض بشرط التوافق على اسم يحظى بالأغلبية النيابية والنصاب اللازم لانعقاد الجلسة، لكن حتى الساعة فإن ثنائي حركة أمل وحزب الله متمسك برئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ويعمل لتأمين أغلبية له بمعزل عن كتلتي القوات والكتائب، بانتظار الظروف الإقليمية والدولية والداخلية لانتخابه. وشددت المصادر على أن الثنائي لن ينجرّ الى مخطط بعض الأطراف بدفعه للتخلي عن فرنجية على قاعدة ميشال معوض مقابل فرنجية.
وقرأت المصادر في كلام باسيل ثغرة يمكن أن تخرق الجدار الرئاسي المغلق في حال تلقفتها الأطراف المعنية، لا سيما أن باسيل ترك الباب مفتوحاً للتوافق على المشروع الرئاسي إذا تعذّر الاتفاق على الرئيس، ما يعني أنه يمكن أن يوافق على أي مرشح ينال الأغلبية النيابية إذا تم التفاهم معه على خريطة طريق لتأليف حكومة جديدة وعلى ادارة الدولة وإنجاز الإصلاحات واعادة بناء الدولة. لكن المصادر تتوقع أن تستمر المعركة الرئاسية لأشهر اضافية لكون الملف اللبناني مرتبطاً بالتطورات في المنطقة.

"النهار": كل المواجهات السياسية عالقة وموجة إضرابات

لم يكن الانحسار الموقت للمواجهات السياسية حيال مختلف محاور الازمات المتصاعدة سياسيا او قضائيا او اقتصاديا سوى انعكاس لبلوغ سقف العجز الداخلي عن التعامل مع تداعيات الازمات حدودا بعيدة للغاية بات معها الاهتراء السياسي المسبب الأساسي لسقوط الرهانات الداخلية والخارجية على نهاية قريبة لازمة الشغور الرئاسي. ثم ان التطورات المالية والاجتماعية تتقدم بقوة مقلقة على مجمل الأولويات وسط استعدادات لدى مختلف القطاعات لعودة التعبير الاحتجاجي الى الشارع بعدما ثبت سقوط أي رهان على معالجات احتوائية للتداعيات المدمرة لانهيار الليرة وفلتان الأسواق المالية واستشراء الفوضى التي تتأتى عن خضوع السلطة وتواطئها مع الكارتيلات التي تتحكم بحياة المواطنين وعيشهم ونظام خدماتهم. وفي ظل هذا الواقع "حجبت" في مطلع الأسبوع الازمة القضائية التي ظلت تعتمل في كواليس العدلية بعيدا عن الاعلام، ويبدو ان ثمة عدم استعجال في تحديد موعد جديد لاجتماع مجلس القضاء الأعلى الذي يقول مطلعون على ما احدثته الازمة الأخيرة بين النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات والمحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت طارق بيطار انه يتريث اكثر فاكثر في الانعقاد لئلا يتكرس الانقسام داخله ويتلقى ضربة قاصمة تشرذمه. كما ان جلسة مجلس الوزراء التي كان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي يعتزم الدعوة اليها هذا الأسبوع انما جاء قرار ارجائها بسبب عدم توافر الموافقات السياسية اللازمة لتامين نصابها بعدما بدا ان "حزب الله" ليس متحمسا لتوفير الغطاء لها اقله حتى الان. واما موعد الجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس الجمهورية فيبدو انه لن يكون قريبا ويرجح عدم توجيه رئيس مجلس النواب نبيه بري الدعوة اليها هذا الأسبوع، بما يعكس اتساع الازمة والمأزق في ظل الحملة التصاعدية لنواب الكتل المعارضة من اجل المطالبة الضاغطة بجعل الجلسات الانتخابية مفتوحة، كما ان الضغط لمنع انعقاد جلسات تشريعية زاد التوتر بين هذه الكتل ورئيس المجلس وحلفائه. حتى ان التحرك الذي يقوم به رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لا يبدو انه حرك ساكنا لدى فريق 8 اذار في ظل ما ينقل عن الثنائي "امل" و"حزب الله" من تحفظهما عما يطرحه جنبلاط بعدما ارجىء لقاء كان مقررا بينه وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة عصر الاحد الى عصر اليوم بسبب وعكة المت بجنبلاط.

وقد بات "ميزان القوى" البرلماني اذا صح التعبير يتسم بتوازن حاد وسلبي يمنع في ظله أي فريق من الطغيان على اخر، الامر الذي يرسم اطارا صراعيا شديد الهشاشة في مسار الازمة الرئاسية ويحول دون أي أوهام بقدرة أي فريق على تمرير "مرشحه" ما لم يجر توافق متجدد عام وواسع على معايير مختلفة لانهاء الازمة الرئاسية بلا مغامرات استفزازية لان الجميع في الخارج والداخل يجمعون على ان ما تحقق في الفراغ والضغوط لانتخاب الرئيس السابق ميشال عون قد سقط الى غير رجعة ولن يكون واردا هذه المرة الرضوخ لعامل الضغط بالوقت مهما طال امد الفراغ اذا كان هذا هدف الفريق المعطل الذي يحاول استعادة التجربة مجددا.

الاحتواء المالي
في ظل هذا المناخ عاد العامل المالي والاجتماعي الى واجهة المشهد الداخلي بدءا بالعمل على احتواء سعر الدولار وتبريد الحمى التي يتسبب بها . ولكن اجتماع المجلس المركزي في مصرف لبنان امس لم يخرج بأي قرارات تتعلق بضبط سعر صرف الدولار، على الرغم من أن هذا الموضوع أخذ حيزا كبيرا من النقاش في الاجتماع. ووفق معلومات "النهار" كان ثمة اجماع على ضرورة تدخل "المركزي" في ضبط سعر الصرف شرط تدخل الأجهزة الأمنية والقضائية كافة لضبط وتوقيف المضاربين على الليرة في الأسواق. وأكدت مصادر المجتمعين أن نية "المركزي" في التدخل جدية، خصوصا وأنه قادر على التدخل أقله بنحو 500 مليون دولار، وهو مبلغ بإمكانه سحب نحو 35% من النقد بالتداول.

وأكدت مصادر متابعة أن "الاهم هو ما حصل في الاجتماع الأخير الذي عقد في السرايا نهاية الاسبوع الماضي في حضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووزير المال يوسف الخليل، إذ كان تركيز من الحاكم على أنه لكي يكون تدخل "المركزي" مجديا وفعالا يجب تنظيف السوق من المضاربين. وفعلا ترجم ما اتفق عليه في الاجتماع المذكور بتوجيه مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات كتابا الى النائب العام المالي القاضي علي إبرهيم، طلب فيه تسطير استنابات قضائية فورية إلى أفراد الضابطة العدلية كافة (قوى الأمن الداخلي- الأمن العام - أمن الدولة -جمارك -مخابرات الجيش) بغية إجراء التعقّبات والتحقيقات الأولية ، والعمل على توقيف الصرّافين والمضاربين على العملة الوطنية والتسبّب بإنهيارها، واقتيادهم مخفورين إلى دائرة النيابة العامة المالية لإجراء المقتضى القانوني وإفادته بالنتيجة بالسرعة الممكنة. وأكدت المصادر أنه سيستتبع الاجراءات القضائية بقرارات نقدية من المصرف المركزي تساهم في وقف تدهور سعر صرف الدولار.

أما الإجراء الذي صدر عن المجلس المركزي امس فيتعلق بتمديد صلاحية التعميم 161 المتعلق بالإجراءات الاستثنائية للسحوبات النقدية، حتى نهاية شهر شباط المقبل. وهذا التعميم يجيز للمواطنين السحب من حساباتهم المصرفية بالدولار على أساس منصة صيرفة. وفيما أبقى المجلس سعر الدولار المعتمد حاليا على "صيرفة" عند 38 ألف ليرة للدولار، أكدت مصادر "المركزي" ان ثمة نية لرفع سعر صيرفة أول الشهر المقبل، ويمكن أن يصل الى حدود الـ 45 ألف ليرة.

وبالنسبة الى سعر الصرف الجديد في منصة صيرفة وغيره من المواضيع النقدية فستكون موضع نقاش اجتماع المجلس المركزي، غدا الاربعاء.

وفي ما يتعلق بالاشخاص الذين اودعوا اموالهم في بعض المصارف للافادة من صيرفة ولم يتمكنوا من قبض دولارتهم حتى اليوم، بحجة أن مصرف لبنان لم يزود المصارف الدولارات، اكدت المصادر أنه ستتم معالجة الموضوع خلال هذا الاسبوع.

موجة إضرابات
على الصعيد الاجتماعي وفي ما يبدو طليعة تصعيد لحركة إضرابات واحتجاجات واسعة جديدة، اعلن الاتحاد العمالي العام ان يوم 8 شباط المقبل سيكون يوم اضراب قطاعات النقل في كل المناطق . ووسط استمرار اضراب موظفي القطاع العام ‏ومعلمي التعليم الرسمي منذ أسابيع، اعلنت نقابة المعلمين الإضراب التحذيري الشامل في جميع المؤسسات التربوية الخاصة يوم غد الأربعاء على أن يجتمع المجلس التنفيذي لاتخاذ الخطوات التصعيدية المناسبة، في حال لم يلمس التجاوب المطلوب من إدارات المؤسسات بتنفيذ بنود الاتفاق الذي خلص إليه الاجتماع الأخير بين النقابة والاتحاد، ودعت النقابة الاتحاد العمالي العام وجميع النقابات العمالية ونقابات المهن الحرة والاتحادات والتجمعات إلى المشاركة في الإضراب وإعلان يوم الأربعاء 1 شباط يوم إضراب عام "من أجل رفع الصوت والتعبير عن الظروف المعيشية الضاغطة التي يعيشها جميع المواطنين ودعوة المعنيين في المؤسسات الدستورية إلى تحمل مسؤولياتهم بانتخاب رئيس للجمهورية ومواجهة التحديات المعيشية بخطوات ملموسة وجدية وعبر خطة إنقاذ سريعة وواضحة المعالم".

وفي اطار المقاربات النيابية للوضع الاقتصادي، عقدت لجنة ‏المال والموازنة جلسة ‏لدرس اقتراح قانون اطار لاعادة التوازن للانتظام المالي في لبنان‎.‎‏ واوضح رئيس اللجنة ابرهيم كنعان ان اللجنة طلبت من الحكومة "أرقاماً رسمية خطية لا شفهية لنتمكن من معالجة الفجوة المالية ‏قبل تحديد اسبابها وكيف ستتوزع الخسائر والمسؤوليات.و دعونا لجنة الرقابة على ‏المصارف ونكرر دعوة وزيري المال والاقتصاد الى جلسة الاربعاء اذ لا يمكننا الاكمال هكذا ونطالب الرئيس ميقاتي بالايعاز لوزرائه والادارات التجاوب مع مجلس النواب". وقال "حتى ‏لا يتحول قانون استعادة التوازن الى "سمك بالبحر" و"يبلف الناس" نصارح اللبنانيين ‏ونتعاطى بجدية لان مصرف لبنان والمصارف والدولة مسؤولون للقول ما هي الموجودات ‏وماذا بقي من اموال المودعين وكيف ستعالج الأمور"‎.‎

الدولارمصرف لبنان

إقرأ المزيد في: لبنان

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة