لبنان
الرئيس برّي ينقل الاستحقاق الرئاسي لمرحلة "جديدة".. وسجال حول ترشيح فرنجية
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على ردّ النائب ميشال معوض على الكلام المنسوب لرئيس مجلس النواب نبيه بري عن وضوح ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية عبر التصويت بالورقة البيضاء، مقابل تجارب أنبوبية رئاسياً لدى فريق نيابي يتهم التصويت بالورقة البيضاء بالتعطيل. وذهب معوض الى اعتبار كلام الرئيس بري نيلاً أخلاقياً من عائلته ومن والده الرئيس رينيه معوض ومن كرامة منطقة زغرتا التي ينتمي إليها، وبدلاً من أن يكتسب معوض عطفاً عبر هذا التأويل لكلام بري، جاء الرد الأول من تيار المردة القوة الأبرز في منطقة زغرتا بدعوة معوض إلى العودة الى شيم أهالي زغرتا. ومثله ردّ المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل الذي وصف معوض بمرشح الفقاعة الرئاسية، لتكون الضربة القاضية من الحزب التقدمي الاشتراكي الذي وصف رد معوض بـ الهمايوني، وصولاً إلى القول إن الحل هو بالعودة الى دعوة الرئيس بري للحوار.
"الأخبار"| برّي رئاسيًا: اللعب على المكشوف
بداية مع صحيفة "الأخبار" التي كتبت: "عملياً، نقل كلام رئيس مجلس النواب نبيه برّي لـ«الأخبار»، أول من أمس، معركة الاستحقاق الرئاسي إلى محطة جديدة، سيكون ما بعدها مختلفاً عما قبلها.
إشهار بري - وهو المعني الأول دستورياً ونيابياً، وأحد طرفي الثنائي مع حزب الله - ترشيح سليمان فرنجية بهذا الوضوح، لم يكن «زلّة لسان»، بل إعلان ما كان معروفاً، وإلزام لنفسه، وحليفه حزب الله. وهو استند إلى جملة عوامل ليلعب على المكشوف، ويعيد موضعة ترشيح فرنجية في الصدارة، واضعاً كل الأوراق على الطاولة، وإن لم يلعب «صولد»، داعياً الجميع إلى كشف أوراقهم.
من بين هذه العوامل اللقاء الخماسي الذي عُقد في باريس مطلع الشهر الماضي، والذي جاءت نتائجه مخيبة للطرف الذي كان يراهن على الخروج بزخم لترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون. كان بري شديد الوضوح، تبعاً لذلك، في إشهار الفيتو أمام انتخاب عون. وفي هذا رسالة ضمنية بأن تصلّب الخارج والتهديد بالفوضى الشاملة لفرض خيارات رئاسية لن يقابل إلا بتصلّب أكبر، مع إدراك الخارج بأن لا فرصة لتمرير الاستحقاق من دون موافقة الثنائي.
أضف إلى ذلك، إدراك بري أن الخارج منخرط في النقاش حول ترشيح فرنجية وليس ممانعاً له. وفي هذا السياق، جاء تسريب عين التينة أخيراً لما دار بين رئيس المجلس والسفيرة الأميركية دوروثي شيا، وقول الأخيرة له «لِمَ نكون ضدّ فرنجية... وماذا لو انتُخب».
أما محلياً، فقد حرص رئيس المجلس على إبقاء الباب موارباً أمام تفاهم يبدو صعباً مع التيار الوطني الحر، بإشارته إلى «الورقة البيضاء التي سمت فرنجية من دون أن تكتب اسمه»، مدرجاً أصوات التيار ضمن هذا الترشيح. وهو إذ لم يغفل إمكان انتخاب فرنجية بالنصف زائداً واحداً، لفت إلى أن دوافع التأخر في إعلان ترشح فرنجية «المحاولات المبذولة لتوفير أوسع تأييد له»، و«انتظار الوقت» حتى يقتنع تكتل لبنان القوي بالانضمام إلى تأييد انتخابه.
وفي مقابل تظهير عناصر قوة المرشح الوحيد الجدي في السباق الرئاسي، حرص بري على إقفال الباب نهائياً أمام ترشيح قائد الجيش والجزم بأن لا تكرار لتجربة ميشال سليمان بانتخابٍ من دون تعديل دستوري، وبأن «تعديل الدستور متعذّر». كما حرص، بالمقدار نفسه، على التقليل من شأن مرشح «الوقت الضائع»، ميشال معوض، مدركاً أن الطرف الآخر استهلك مرشحه عبر 11 جلسة، وهو ما أقرّ به بشكل غير مباشر رئيس حزب القوات سمير جعجع، أخيراً، بإشهاره سيف تعطيل الجلسات.
«نقلة» بري تضع الاستحقاق أمام مرحلة جديدة، وتترافق مع رهانين اثنين: تسوية ما يقتنع بها باسيل تتيح غطاء وطنياً وميثاقياً لترشيح فرنجية، وتغير في المزاج الإقليمي يفتح الطريق إلى قصر بعبدا أمام الأخير. وفي هذا السياق، فإن الموقف السعودي يبدو حتى الآن الأكثر حدة خارجياً تجاه هذا الترشيح. لكن رئيس المجلس يلمس تهدئة سعودية - سورية، ويدرك السعوديون أنه إذا كان فرنجية - محلياً - حليفاً للثنائي، فإنه - إقليمياً - حليف لدمشق.
كلام بري استدعى أمس رداً نارياً من معوض الذي وصف فيه رئيس المجلس بأنه «ميليشيوي»، معتبراً أن القول «إن مرشحنا جدي أما مرشحهم فليس سوى تجربة أنبوبية فيه إساءة إلى رئيس جمهورية شهيد هو الرئيس رينه معوض، وإلى جميع النواب والكتل التي صوّتت للنائب ميشال معوض». وقد ردّ المعاون السياسي لبري النائب علي حسن خليل على معوض بالقول «أتحفنا رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض الذي يعيش في فقاعة الترشيح منذ أكثر من خمسة شهور بكلام أقل ما فيه أنه بلا تربية»، مضيفاً «للمعجزة نقول نتفهم شعورك بعدما أيقنت أنك تحولت إلى أُنبوب تجارب سياسي في مختبر من رشحك وضحك عليك».
من جهته، تمنّى الحزب التقدمي الاشتراكي، في بيان أمس، «لو يذهب البعض إلى تلبية دعوة الحوار التي وجهها رئيس المجلس النيابي نبيه بري لكي نخرج من الأفق المسدود، بدل توزيع التهم بطريقة همايونية بحق بري أو أي مكوّن وطني وروحي، مهما كان الاختلاف السياسي على أشده».
"البناء": هدنة قضائية والحلول متعسّرة... ودولار صيرفة يرفع فواتير الكهرباء والهاتف
بدورها صحيفة "البناء" كتبت: "فتح رد النائب ميشال معوض على الكلام المنسوب لرئيس مجلس النواب نبيه بري عن وضوح ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية عبر التصويت بالورقة البيضاء، مقابل تجارب أنبوبية رئاسياً لدى فريق نيابي يتهم التصويت بالورقة البيضاء بالتعطيل. وذهب معوض الى اعتبار كلام الرئيس بري نيلاً أخلاقياً من عائلته ومن والده الرئيس رينيه معوض ومن كرامة منطقة زغرتا التي ينتمي إليها، وبدلاً من أن يكتسب معوض عطفاً عبر هذا التأويل لكلام بري، جاء الرد الأول من تيار المردة القوة الأبرز في منطقة زغرتا بدعوة معوض إلى العودة الى شيم أهالي زغرتا. ومثله ردّ المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل الذي وصف معوض بمرشح الفقاعة الرئاسية، لتكون الضربة القاضية من الحزب التقدمي الاشتراكي الذي وصف رد معوض بـ الهمايوني، وصولاً إلى القول إن الحل هو بالعودة الى دعوة الرئيس بري للحوار.
لم يلق كلام معوّض إلا استجابة المسؤول القواتي ريشار قيومجيان الذي تجاوز سقف معوض فذهب إلى الهجوم الطائفي الذي سرعان ما استدعى رد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، ببيان، اعتبر فيه كلام المسؤول القواتي إساءات تنتهك الدستور محتفظاً بالحق القانوني بملاحقته، داعياً الى «إجراءات فورية لوضع حد لهذه التصريحات المشينة التي تنم عن التدني الأخلاقي والقيمي، وهو ما يجب أن يكون محل إدانة واستنكار من جميع المرجعيات الدينية والوطنية».
في الشأن القضائي شهد مكتب مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات اجتماعاً ضمه الى المدعي العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون، ضمن إطار الهدنة القضائية التي تبلورت ملامحها بين الحكومة ومجلس القضاء الأعلى والمصارف، في ظل هدنة موازية بين القاضي عويدات والمحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، وتبدو كل من القضيتين معلقة بانتظار اجتماع لا يبدو متاحاً في الظروف الراهنة لمجلس القضاء الأعلى.
الشأن الأشد جذباً لاهتمامات اللبنانيين كان تعديل سعر صرف الدولار على منصة صيرفة، وتقديمه إنجازاً لجهة تأثيره المؤقت على سوق الصرف لخفض سعر الدولار، بينما النتائج الكارثية لتعديل سعر صيرفة غير قابلة للاحتمال وانعكاسها على فواتير الكهرباء والهاتف والرسوم، ومثله تعديل الدولار الجمركي بجعله ثلاثة أضعاف وانعكاسه على أسعار السلع المستوردة.
وفيما كان اللبنانيون منشغلين بمراقبة سعر صرف الدولار بعد المفاجأة التي فجّرها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بإجراءاته المصرفية والنقدية، وبالاصطفاف بالطوابير على «كونتوارات» المصارف للاستفادة من منصة صيرفة، انفجر الوضع السياسي والطائفي على خلفية استغلال تفسير خاطئ لكلام رئيس مجلس النواب نبيه بري لأحد الصحافيين عن النائب المرشح ميشال معوض، وفق ما أكدت مصادر كتلة التنمية والتحرير لـ»البناء»، للتغطية على فشله في اجتياز العتبة الأولى لانتخابه رئيساً للجمهورية، أي أغلبية الـ65 صوتاً، ما دفعهم لتحوير وتحريف موقف الرئيس بري ووضعه في إطاره الطائفي.
وبعد الهجمة الشرسة والمستغربة التي شنها معوض على الرئيس بري، رد المعاون السياسي لرئيس المجلس النائب علي حسن خليل في بيان بالقول: «أتحفنا معوض الذي يعيش في فقاعة الترشيح منذ أكثر من خمسة شهور بكلام أقل ما فيه أنه بلا تربية. كان الأجدى به أن يتأكد من مضمون ودقة الكلام الذي نقل عن لسان دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري، ولكن عصبيته كشفته امام جميع اللبنانيين وكشفت أي مشروع مرشح للرئاسة هو». أضاف: «و»للمعجزة» نقول نتفهم شعورك بعدما أيقنت أنك تحولت الى أُنبوب تجارب سياسي في مختبر من رشحك وضحك عليك».
وأكّد خليل أنّ الاستثمار بدماء رئيس الجمهوريّة السابق رينيه معوض من قبلك، عبر الزّجّ باسمه في بيانك غير المحترَم، فهو أمر أقلّ ما يُقال عنه إنّه معيب، ولكن ذلك ليس مستغربًا منك… «لأنّك تعيش عقدة تكوينك السّياسي الذّي يعرف النّاس دور عائلتك فيه، في النّيابة والوزارة والعلاقات المفتوحة على مساحة المصالح والصّفقات الّتي جعلت منك ما أنت عليه».
وفي سياق ذلك، دخل تيار المرده على خط السجال عبر بيان لمكتبه الإعلامي ردّاً على ما ورد في بيان مكتب معوض، بالقول: «من حرصنا الدائم على كرامة زغرتا الزاوية والشمال، ننأى بأنفسنا عن الردّ عليك، فيما أنت تستغلّ كل مناسبة او حدث للتطاول على رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه، لذا فإننا وإذ نتمنى لك التوفيق نأمل أن تعود يوماً الى شيم زغرتا الزاوية. أما رئيس مجلس النواب نبيه برّي فكان ويبقى دائماً رجل الحوار باعتراف الجميع، وهو أكبر من أن يدخل بأيّ سجال».
وزادت تغريدة الوزير السابق ريشار قيومجيان المنتمي للقوات اللبنانية الطين بلّة، التي هاجم فيها قواعد وتشريعات دينية، ما استدعى رد المكتب الإعلامي في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في بيان، معتبراً أن الإساءات الخطيرة التي ساقها قيومجيان بحق ديننا الحنيف وشرعنا المقدس تشكل انتهاكًا صارخًا ليس للدستور والقانون فحسب، بل لأبسط قواعد العيش المشترك ومعتقدات الطوائف، مشيراً الى أننا «سنمارس حقنا القانوني كاملا ضد المعتدي صوناً للمقدسات وحماية لديننا الحنيف».
وردّ المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان على كلام قيومجيان بالقول: «يبدو أنّ القوات اللبنانية باتت تعيش عقدة الأنابيب التي تقضُّ مضجعها، وكأن عقارب فراشها السياسي تتقاذفه أفاعي تاريخها الغارق بالحقد والمذابح والنسب المجهول، على أنّ متعة السياسة تفاجئنا بأطفال أنابيب من نسخة اللقيط ريشار قيومجيان، فقط لأن الشيعية السياسية والدينية تمثّل عقدة شرف لمن يفتِّشُون عن النسب الشرعيّ بين بطولات من هزموا «إسرائيل» وحرّروا لبنان، علّهم يجدون بعضاً من شهادات الولادة بين زواريب صبرا وشاتيلا».
وتعكس هذه السجالات الطائفية المقيتة، حالة الانقسام السياسي والطائفي العميقة وانسداد أفق الملف الرئاسي، ووفق ما تشير أوساط سياسية لـ»البناء» فإن «الخيار الداخلي لإنتاج رئيس سقط بضربة الجلسة 11 للمجلس النيابي ورفض دعوة الرئيس بري الأطراف كافة للحوار لإنتاج رئيس من صنع محلي، أما الخارج فمشغول بأزمات عدة ولم تصل المفاوضات الدائرة بين المحاور الاإقليمية والدولية الى نتائج واضحة ونهائية رغم التقدم على ساحات عدة كالجبهة السعودية – اليمنية والانفتاح العربي على سورية».
ولفتت مصادر كتلة التنمية والتحرير لــ»البناء» الى أنه «وبعد 11 جلسة لم يتمكن المجلس النيابي من انتخاب رئيس للجمهورية، وسقط مرشحهم ميشال معوض ورفضوا دعوة رئيس المجلس للحوار، فما الذي يريدونه بعد؟، ولا يدرون أنهم برفضهم الحوار وإنتاج رئيس لبناني يساهمون بتعطيل انتخاب الرئيس وتعطيل البلد وأخذه الى المجهول».
ورفضت المصادر الاتهام الموجّه للكتلة وللثنائي أمل وحزب الله بأن «مرشحنا فرنجية أو لا أحد»، مشيرة الى أنه «وعلى الرغم من كلام بري عن دعم فرنجية لكن الثنائي منفتح على الحوار للاتفاق على 3 مرشحين للنزول الى المجلس لانتخاب أحدهم»، موضحة أن «فرنجية يملك كافة المواصفات التي تتطلبها المرحلة الحالية». وأضافت المصادر: «هناك من ينتظر إشارة خارجية وأن تفرض علينا القوى الدولية والإقليمية رئيساً وإن انتهكت السيادة، في وقت تقع على عاتقنا مسؤولية الاتفاق الداخلي عبر الحوار على رئيس ونطلب من الخارج رعاية التسوية ودعمها».
في غضون ذلك، وعقب قرار مصرف لبنان رفع سعر صيرفة الى 70 الف ليرة للدولار، انخفض سعر صرف الدولار في السوق السوداء وتراجعت أسعار المحروقات والسلع في السوبرماركت في وقت سترتفع أسعار فواتير الكهرباء والاتصالات.
إلا أن عدداً من المصارف وفق مصادر «البناء» وضعت العراقيل أمام المواطنين للاستفادة من صيرفة، من خلال وضع سقف عال جداً لقبول طلبات المواطنين على صيرفة بأن لا يقلّ عن 250 مليون ليرة، وتخويفهم من أن لا ضمانات بإعادة الأموال اليهم بالدولار ولا حتى بالليرة اللبنانية. وتوقع خبراء ماليون ومصرفيون لـ»البناء» أن لا تصمد إجراءات مصرف لبنان وتشغيل صيرفة أكثر من أسبوع أو أسبوعين ليعود الدولار للارتفاع وقد يصل الى 110 آلاف ليرة وصيرفة الى المئة ألف، وذلك بعد أن تنتهي «كوتا الدولارات» التي أعطاها مصرف لبنان الى المصارف والتي ستأخذ عمولات بالدولار عن كل عملية على صيرفة، ويكون مصرف لبنان لمّ الدولارات على سعر الـ70 ألف وتكون الحكومة جمعت مئات المليارات من الليرة بعد رفع الرسوم المسعرة بصيرفة على 70 ألف ليرة، ورفع الدولار الجمركي الى 45 ألف ليرة. وأكد الخبراء أن إجراءات سلامة ليست سوى وهم و»إبر مورفين» ستسقط بعد وقت ليس ببعيد.
وتتجه الأنظار اليوم الى الجمعية العمومية لجمعية المصارف التي ستبت بإضرابها بعد القرارات التي اتخذها المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات بملف المصارف، وتوقعت أوساط مصرفية لـ»البناء» أن تعلن الجمعية فك إضرابهاً كلياً وربطه بتنفيذ القرارات القضائية الصادرة عن عويدات.
وكان مجلس القضاء الأعلى اجتمع أمس، في قصر العدل وبحث في قضية القاضية غادة عون وفي المستجدات القضائية المرتبطة بملف المصارف. وأفيد أن عون حضرت الاجتماع بعد أن كانت التقت قبل الظهر مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات.
وعلمت «البناء» أن الاجتماع جاء امتداداً للغداء الذي حصل بين رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود والقاضي عويدات على مائدة البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي منذ حوالي الأسبوعين، حيث اتفق حينها على إيجاد الحلول للأزمات والملفات القضائية لا سيما المصارف والمرفأ.
ووفق مصادر «البناء» فإن اجتماع عويدات – عون جاء بناء على طلب الأخيرة للاستيضاح من عويدات عن سبب وخلفيات القرارات الأخيرة التي اتخذها وسلمته دراسة حول كفّ يدها والتي هي من اختصاص الهيئة العامة لمحكمة التمييز، ووعدها عويدات بأنه سيدرس الملف وسيجيب على أسئلتها قريباً.
على صعيد آخر، تلقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي رسالة من رئيس الحكومة السورية حسين العرنوس، جاء فيها «أتقدّم باسم الحكومة السورية وباسمي بخالص الشكر والتقدير، لما قدّمته جمهورية لبنان الشقيقة من دعم ومساعدة كان لها الأثر الكبير في تخفيف تبعات هذه الكارثة جراء الزلزال»، وأضاف «أؤكد أن هذه الوقفة الإنسانية تعبّر بكل صدق عن مدى أصالة الشعب اللبناني الشقيق».
"النهار": قلق دولي متعاظم... وبري يطيح "حواريته"؟
من جهتها صحيفة "النهار" لفتت إلى أنّه في الوقت الذي كانت فيه “مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان” تسجل احدث المواقف الدولية التي تؤشر الى تعاظم القلق حيال تصاعد ازماته في ظل بلوغ الفراغ الرئاسي شهره الخامس، انفجرت “مفخخة” سياسية من الطراز الثقيل سواء تعمدا او عفوا عبر مقاربة يصعب تجاهل طابعها الاستفزازي في اعلان رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية مرشحا لفريق 8 اذارعلى لسان رئيس مجلس النواب نبيه بري نفسه. والواقع ان ترشيح بري لفرنجية ليس امرا مفاجئا ولا طارئا، ولكن يبدو واضحا ان تسديده السهام نحو المعارضة ومرشحها النائب ميشال معوض في حديث صحافي، انما شكل انعكاسا واضحا للاحتقانات التي تركها تعطيل الكتل المسيحية الكبيرة للجلسات التشريعية لمجلس النواب وشل المجلس تماما في مقابل تمدد الفراغ الرئاسي بلا افق، وهو امر جعل بري في حصار واضح قابله بفتح معركة الترويج لترشيح فرنجية، ومن ثم الهجوم على منافسه المعارض، وكذلك رمي كرة الفراغ الرئاسي في مرمى الموارنة وحدهم. ولعل الجانب اللافت في هذا الفصل السجالي تمثل في اعتبار الأوساط النيابية المعارضة الداعمة للنائب ميشال معوض ان المقاربة التي شاء عبرها بري رد التحدي للكتل الرافضة لجلسات التشريع جاءت على مستوى الازمة الرئاسية بمثابة تأكيد لأحقية رفض هذه الكتل أيضا لاي حوار دعا ويدعو اليه بري بعدما كرس نفسه في موقع الفريق والتحدي عبر هذه المواقف الاستفزازية واقفل على حاله مسالك أي دور تسووي وبات مرفوضا اكثر فاكثر في ادارته لاي حوار.
القلق الدولي
ولكن المناخ القاتم خارجيا حيال لبنان بدا متجها الى متاهات خطيرة حيال تتمادي الفراغ. وهو الامر الذي تمثل في اصدار مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان امس بيانا لفتت فيه الى انه “مع بلوغ الفراغ الرئاسي شهره الخامس، وفي ظل غياب الاصلاحات وتصلب المواقف وازدياد الاستقطاب، تعبر مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان عن بالغ قلقها إزاء تداعيات استمرار الفراغ الرئاسي”. وحثت “القيادات السياسية وأعضاء البرلمان على تحمل مسؤولياتهم والعمل وفقاً للدستور واحترام اتفاق الطائف من خلال انتخاب رئيس جديد دون مزيد من التأخير”. أضافت “يعد الوضع الراهن أمرا غير مستدام. إذ يصيب الدولة بالشلل على جميع المستويات، ويحد بشدة من قدرتها على مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والمالية والأمنية والإنسانية العاجلة، كما يقوض ثقة الناس في مؤسسات الدولة فيما تتفاقم الأزمات. وتابعت : بعد مرور أحد عشر شهرًا على توصل لبنان الى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي، لم يُبرم لبنان بعد برنامجاً مالياً مع الصندوق. إن التعجيل باقرار القوانين اللازمة لاستعادة الثقة في القطاع المصرفي وتوحيد أسعار الصرف يعد أمرا حيويا لوقف التدهور الاجتماعي والاقتصادي”. وأكدت مجموعة الدعم الدولية “استمرارها بالوقوف إلى جانب لبنان وشعبه”.
جولة ساخنة
اما في المشهد الداخلي، فان الاهتمامات التي تركزت على معاينة اثار الإجراءات التي اتخذها مصرف لبنان والتي أدت الى انحسار حمى ارتفاع سعر الدولار وأسعار المحروقات امس، لم تحجب المشهد السجالي الصاخب الذي اثاره حديث صحافي للرئيس بري الذي في حين اكد ان سليمان فرنجية هو “مرشحنا المعروف” ذهب الى القول “أما مرشحهم فليس سوى تجربة أنبوبية” . كما اعتبر ان المشكلة التي يتخبط فيها الاستحقاق الرئاسي “هي بين الموارنة والموارنة”.
واستدعى هذا الموقف ردا عنيفا من النائب ميشال معوض الذي ركز على “بري بوصفه “رئيس حركة “أمل” الذي يصادر رئاسة مجلس النواب منذ أكثر من 30 عاماً وأتحفنا بكلام أقل ما فيه أنه لا يليق برأس المؤسسة البرلمانية إنما يليق به كميليشيوي”. كما اتهمه بـ”محاولة الإساءة إلى رئيس جمهورية شهيد هو الرئيس رينه معوض”. واعتبر أنّ “هذه الإساءة موجهة أيضاً إلى جميع النواب والكتل التي صوّتت للنائب ميشال معوض في جلسات الانتخاب الرئاسية”، والإساءة تطال أيضاً وبالمباشر زغرتا الزاوية والشمال اللذين يمثلهما في المجلس النيابي واللذين لطالما مثلهما رينه معوض ونايلة معوض خير تمثيل”. وبلغ الرد ذروته في قول معوض “أما رئيس “أمل” فـ”أستاذ” في الفساد العابر للعهود والحكومات والشريك الأكبر في كل المحاصصات منذ العام 1992 وحتى منذ ما قبل الطائف. وهو ما يندى له جبين اللبنانيين الذين يسخرون من “نكتة الـ51%”، ومن ملفات الكهرباء والمازوت وكل إعادة إعمار الجنوب ومجلسه الذي فاحت روائحه، هو تماماً رئيس المجالس النيابية المتعاقبة التي لم تحاسب حكومة ولم تعاقب فاسداً وتسببت بهدر عشرات مليارات الدولارات وسرقة جنى عمر اللبنانيين ولقمة عيشهم وحشو الإدارة بالمحاسيب والأزلام!”
وعلى الأثر رد المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل ووصف معوض بانه “يعيش في فقاعة الترشيح منذ أكثر من خمسة شهور بكلام أقل ما فيه أنه بلا تربية”. وأضاف “كان الاجدى به ان يتأكد من مضمون ودقة الكلام الذي نقل عن لسان دولة الرئيس الاستاذ نبيه بري ولكن عصبيته كشفته امام جميع اللبنانيين وكشفت اي مشروع مرشح للرئاسة هو”. أضاف:”للمعجزة نقول نتفهم شعورك بعدما ايقنت أنك تحولت الى أُنبوب تجارب سياسية في مختبر من رشحك وضحك عليك”. أن “حركة “أمل” قدّمت آلاف الشهداء في سبيل لبنان خلال كل المراحل، فمردودة عليك التهم، والشبهة كل الشبهة هي في الفساد وسرقة أموال ممولي حركتك وجمعياتك بإسم الشعب اللبناني”.
وبدا لافتا ان الحزب التقدمي الاشتراكي سارع الى انتقاد الاتهامات لبري فقال: “حبذا لو يذهب البعض إلى تلبية دعوة الحوار التي وجهها رئيس مجلس النواب نبيه بري لكي نخرج من الأفق المسدود، بدل توزيع التهم بطريقة همايونية بحق الرئيس بري أو أي مكون وطني وروحي، مهما كان الاختلاف السياسي على أشده. في هذا الزمن الصعب، وحده الحوار هو طريق الخلاص”.