لبنان
سلامة يمثل اليوم أمام القضاء.. والعدو يهرب من معركة الداخل نحو الأعظم
ركَّزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الخميس على الملاحقة القضائية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة عقب تهربه من الحضور أمس بذريعة "السيادة"، ذريعةٌ قوبلت بالرفض من قبل النيابة العامة التمييزية التي ألزمته المثول اليوم عند العاشرة والنصف صباحًا أمام نائبة رئيسة محكمة الاستئناف في باريس القاضية أود بوروزي بإدارة قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا، تنفيذًا لاستنابة قضائية قدّمتها بوروزي لاستجوابه كمشتبه فيه في جرائم تبييض أموال.
في غضون ذلك، تقدّمت الدولة اللبنانية ممثلةً برئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل بادعاء شخصي في حق كل من سلامة وشقيقه رجا ومعاونته ماريان الحويك بجرائم الرشوة والتزوير واستعمال المزوّر وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرّب الضريبي.
إقليميًا، تناولت الصحف اللبنانية المزاعم الصهيوني عن متسلل من لبنان نفّذ تفجير لغم كبير عند مفترق "مجدو" قرب مدينة حيفا، مشيرين إلى المحاولات الصهيونية لنقل المعركة الداخلية التي تعصف بالكيان، في وقتٍ يعلم العدو أنَّه غير قادرٍ على خوض حربٍ مع حزب الله أو المساس بمعادلات الردع على الحدود مع لبنان.
دوليًا، ركَّزت الصحف على القمة الروسية السورية التي جمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس السوري بشار الأسد، وما سيترتب عنها من فتح للأبواب المغلقة بين تركيا وسوريا، تزامنًا مع تغيّرات سياسية، إقليمية وعربية، في التعاطي مع دمشق.
الأخبار: المقاومة لن تعلّق... ولن تسكت على أي تهديد أو عدوان
قبل فترة، كان النقاش قوياً داخل الكيان المحتل وخارجه حول طريقة تعامل حكومة بنيامين نتنياهو مع الأزمة السياسية الداخلية. وفي ظل تزامن الانقسام الحادّ مع التطورات النوعية في عمليات المقاومة في الضفة الغربية، كثرت الأسئلة عن احتمال لجوء العدو إلى خيار كهذا، وتوالت حول الساحة التي ستختارها إسرائيل لتنفيس احتقانها الداخلي ومحاولة إعادة الوحدة: غزة أم لبنان أم إيران؟
حتى اللحظة، لم يُحسم الجدل بشأن هذه الفرضية. ورغم أن الحسابات العقلانية تفيد بأن العدو لن يدخل مغامرة من هذا النوع، خصوصاً أن الموافقة الأميركية ضرورية على أمر كهذا، أعادت تطورات الأيام القليلة الماضية الملف إلى طاولة المعنيين. فقد أعلنت القيادات العسكرية والأمنية في كيان العدو، أمس، اكتشاف عملية نوعية تعتقد بأنها نُفذت بدعم أو بعناصر دخلت إلى الأراضي المحتلة عبر الحدود مع لبنان، مع سيل من التلميحات إلى علاقة لحزب الله بالأمر.
وبعد يومين من الغموض والتعتيم والإشاعات والسجالات الخفية، أعلن العدو في بيان أصدره الجيش والشاباك والشرطة أن العبوة الناسفة التي فجرت عند مفترق بلدة مجدو، وسط فلسطين المحتلة، نقلها مقاوم تم قتله برصاص وحدة خاصة أثناء انتقاله إلى مناطق الشمال. وأوضح البيان أن المقاوم تسلل من لبنان وعمد إلى زرع العبوة على بعد خمسين كيلومتراً من الحدود وفجّرها بهدف مدني، وعاد أدراجه شمالاً، قبل أن تكتشفه وحدة خاصة وتقتله. لكن البيان حافظ على «الغموض النوعي»، إذ أشار إلى أن هوية المقاوم لم يتم تحديدها، وأن التحقيقات لم تحسم بعد المعبر الذي دخل منه عبر لبنان، كما لم يتم بعد حسم ما إذا كانت لحزب الله علاقة بالأمر.
ردود الفعل على العملية والبيان بقيت محصورة داخل الكيان نفسه، حيث سادت مخاوف من تطور نوعي في العمليات ضد قوات الاحتلال في الضفة أو مناطق الـ 48، باستخدام نوع خاص من العبوات الناسفة، قال العدو إنها تذكره بعمليات المقاومة في جنوب لبنان. وانشغلت وسائل الإعلام الإسرائيلية ومواقع التواصل الاجتماعي بسيل من التعليقات والتحليلات التي سبقتها إشاعات حول حقيقة ما حصل، إضافة إلى بيانات عن استنفار قادة العدو وتأجيل زيارات خارجية واستدعاء وزراء من الخارج وتلميحات إلى درس الرد المناسب.
في لبنان لم يصدر أي تعليق على هذه المعلومات. ولا يبدو حزب الله، المعني قبل غيره، في وارد التعليق نفياً أو تبنّياً أو غير ذلك. لكن المقاومة التي تدرس واقع المؤسسات السياسية والعسكرية في كيان الاحتلال، تتحسّب لأي نوع من التهديدات أو حتى الأفعال المعادية، ولن يُسمع صوتها إلا في حال خروج اتهامات مباشرة أو تهديدات عن حكومة الاحتلال. عندها، سيكون لحزب الله موقفه الواضح. أما في حال إقدام العدو على أي عمل عسكري أو أمني في لبنان، فمن الواضح أن المقاومة سيكون لها ردها الواضح أيضاً.
لكن ما جرى يفتح باب الأسئلة حول حقيقة ما حصل من جهة، وخلفية القرارات التي اتخذها العدو، سواء للرواية الموزعة ولبعض التفاصيل فيها، خصوصاً أن البيان أبقى على مساحة واسعة من الغموض. وهو ما يثير جملة من الأسئلة:
هل علينا تصديق السردية التي أوردها البيان للحدث وما تلاه، وهل الوقائع التي وردت فيها صحيحة أم مختلقة؟
أي علاقة للحدث بإيقاع عمل القيادتين السياسية والأمنية والمواكبة الإعلامية للحدث من جهة، وبمحاولة حرف أنظار الرأي العام الإسرائيلي الداخلي في ضوء الضغوط الشعبية على حكومة نتنياهو، والمخاوف التي تعبر الأجهزة الأمنية عن استمرارها وتمددها وتأثيرها في المؤسسة العسكرية.
هل يهدف نتنياهو، ومعه المؤسسة الأمنية في كيان العدو، من وراء هذه الرواية التمهيد لرفع مستوى التوتر مع لبنان، أو ربما أكثر من ذلك، أم أن حجم الحدث كبير وخطير إلى درجة توجب هذه المخاوف لدى المعنيين في قيادة العدو؟
وإذا افترضنا جدلاً أن رواية العدو صحيحة، فإن السؤال: لماذا يتسلل مقاوم من الحدود اللبنانية إلى منطقة مجدو الأقرب إلى شمال الضفة لتنفيذ عملية هناك؟ وإذا كان تفجير عبوة قد حدث فعلاً، فما هو الهدف الذي أوجب عبور كل هذه المسافة؟ وما هي حقيقة ما جرى ونتائجه؟.
يشير بيان العدو إلى أن المقاوم كان يحمل أسلحة وأحزمة ناسفة جاهزة للاستخدام وغيرها، فلماذا كل هذا العتاد مع شخص واحد، وإلى أين كان يتجه بها؟ وكيف يمكن فهم أن المقاوم شكل خطراً على الشاباك وقوات الجيش، وهل حصلت مواجهة معه؟
هل يعني اتجاه المقاوم نحو الشمال، بحسب ما زعم بيان العدو، أنه كان يريد تنفيذ عملية أخرى في مكان آخر، ولماذا يحمل هذه الأسلحة بعد تنفيذ عملية التفجير؟
وإلى ذلك، يأتي السؤال عن الفقرة التي تشير إلى أن الهجوم «يخضع لتحقيق موسع يجري فيه التحقيق أيضاً في تورط منظمة حزب الله».
عند هذه النقطة، يجب التنبه إلى مسائل كثيرة، من بينها أن العدو لا يبدو حاسماً في معلوماته حول هوية المنفذ وطريقة دخوله إلى الأراضي المحتلة. وقد يكون الأمر على هذا النحو، وربما يكون العكس، ليكون العدو في موقع من يمهد لإعلان إضافي لاحقاً، وهو بذلك يوحي لجمهوره، وللجمهور في لبنان، وباستخدام ماكينة إعلامية ضخمة لاتهام المقاومة في لبنان، بما يعتقد أنه مبرر كاف له للقيام برد عسكري أو أمني ضد لبنان.
وقد كان لافتاً أن قوات الاحتلال جهدت خلال الساعات الـ36 الماضية، لتهدئة مستوطني المناطق الشمالية. إلا أن إعلام العدو عاد إلى الحديث عن استنفار للجيش على الحدود مع لبنان، وأطل الوزير المجنون إيتمار بن غفير ليعلن: «استعدوا للحدث الذي قد يبدأ غداً»، إلى جانب أصوات قيادات من اليمين الحاكم تدعو إلى ضربات استباقية ضد قوى ودول محور المقاومة. وكان البارز فيها إشارة داني دانون، عضو الكنيست عن الليكود، إلى أن «المنظمات الإرهابية تختبرنا. بدأت حماس في رفع رأسها، ويضخ الجهاد الإسلامي وإيران كميات من الأموال في الضفة الغربية لتمويل الأسلحة، والاتفاق الإيراني - السعودي سيدر الأموال لإيران ويساهم في استقرار العملة الإيرانية، مما سيجعل المزيد من الأموال تذهب إلى الإرهاب، وتفيد التقارير بأن حزب الله يرسل الأموال إلى كتائب شهداء الأقصى في الضفة الغربية لإعادة بناء البنية التحتية، والهجوم على مجدو، هو بمثابة تجاوز لجميع الخطوط الحمر، وحان وقت اتخاذ قرار حاسم للرد على أعداء إسرائيل المتورطين في الحادث».
البناء: تهرّب سلامة من القضاء يُنصف ملاحقة غادة عون له… والحكومة أمام تحدّي كف يده
الحدث في موسكو، حيث القمة الروسية السورية التي تجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس السوري بشار الأسد، وعلى جدول أعمال القمة استحقاقات ما بعد الانتصارات العسكرية والتحولات السياسية، وما بعد حرب أوكرانيا والتراجع الأميركي الدولي والصعود الصيني والاتفاق الثلاثي الصيني السعودي الإيراني، بما يضع خرائط الجغرافيا السياسية التي شكلت سورية وروسيا حجر الرحى في صناعة جبهتها المتوسطية، على طاولة الرئيسين بوتين والأسد، وتتقدم هذه الخرائط كيفية الجمع بين المضي قدماً بالنجاح في احتواء تركيا وجذبها بعيداً عن الحلف الأميركي بلغة المصالح أمام الحروب الأميركية الخاسرة، وعدم تناسي أن معيار النجاح الحقيقي للجبهة المناوئة للهيمنة الأميركية هو في تقديم مثال الدولة الوطنية الناجحة، التي تعرضت لضراوة الحرب لتدميرها بصفته الهدف الجامع لكل الحروب الأميركية،، والمثال والنموذج هنا هو سورية، والتحدي باقٍ في كيف يقدّم أركان جبهة الدول المستقلة وعلى رأسهم روسيا والصين وإيران نموذجاً سورياً يقول إن وحدة وسيادة الدولة الوطنية غير قابلة للمساومة، وإن التعافي الاقتصادي وبناء نموذج سياسي جاذب واستعادة السيطرة على الموارد النفطية والثروة الزراعية معايير لا رجعة عنها للنصر بوجه الحروب الأميركية التي تم خوضها بواسطة الإرهاب والحروب الحدودية وإثارة الهواجس التقسيمية.
لبنانياً، في الواجهة الملاحقة القضائية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ومسرحها الاستجواب الذي كان مقرراً أمس في قصر العدل، بطلب من القضاء اللبناني، بمشاركة الوفود الأوروبية القضائية، وقد ترافق الموعد مع حدثين، الأول تهرب سلامة من الحضور بذريعة السيادة ورفض حضور وفود أجنبية للاستجواب، وهو ما رفضته النيابة العامة التمييزية مؤكدة انسجام الحضور مع المعاهدات الدولية لمكافحة الفساد، ضمن الضوابط السيادية التي تم احترامها. والحدث الثاني هو ادعاء هيئة القضايا في وزارة العدل على سلامة بجرم الاختلاس وتبييض الأموال، وتعليقاً على الحدثين، قال مصدر حقوقي إن تهرب سلامة من المثول أمام القضاء ينصف القاضية غادة عون وملاحقتها لسلامة، ويؤكد أن كل الاتهامات التي اعتبرت ملاحقة سلامة تسييساً وانتقاماً سياسياً تسقط مع هروب سلامة من المثول أمام قضاة ليست القاضية غادة عون بينهم، ويظهر أن حملة الدفاع عن سلامة بوجه القاضية عون كانت لغايات أخرى لا علاقة لها بالبحث عن أداء قضائي سليم. واضاف المصدر أن ادعاء هيئة القضايا في وزارة العدل بجرم الاختلاس وتبييض الأموال على سلامة وطلب حجز أمواله وعقاراته يمثل تحدياً للحكومة، لأنه من غير الطبيعي أن يكون سلامة متهماً بالاختلاس ويبقى قادراً على التصرف بأموال اللبنانيين والدولة اللبنانية، ومن غير الطبيعي ان يحجز على أمواله واملاكه ويسحب منه حق التوقيع المالي الشخصي ويبقى مستولياً على حق التوقيع المالي العام والأهم في لبنان، متسائلاً عما اذا كانت الحكومة ستجرؤ انسجاماً مع المسار القضائي على كف يد سلامة؟
وفيما لا تزال الساحة الداخلية تترقب التداعيات الإيجابية للاتفاق الإيراني – السعودي في الصين على الملف الرئاسي، خطف قصر العدل الأضواء، حيث كان يفترض أن يتمّ استجواب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من قبل قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا والمحققين الأوروبيين. إلا أن المحققين حضروا وتغيّب سلامة بعدما تقدّم بمذكرة توضيحية، معتبراً فيها أن استدعاءه الى جلسة تحقيق أوروبية هو انتهاك للسيادة اللبنانية كما استند للمعاهدة الدولية لمكافحة الفساد التي تجيز للدولة أن ترجئ المساعدة القانونية بسبب تعارضها مع تحقيقات أو إجراءات قضائية جارية.
لكن النيابة العامة التمييزيّة رفضت مذكّرة التوضيح، وتم رفع جلسة الاستجواب الى اليوم، وحدّد قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة شربل أبو سمرا موعداً جديداً لحاكم مصرف لبنان اليوم صباحاً. وأوضح أبو سمرا أن «تنفيذ الاستنابة لا يتعارض مع القانون اللبناني وفي حال تغيّب سلامة، فأنا أنفذ استنابة قضائية وبالتالي يعود للقضاء اتخاذ القرار المناسب ولكن من خارج الأراضي اللبنانية».
وفي خطوة مفاجئة وجديدة، وسيكون لها تأثير كبير في المسار القضائي ضد سلامة، تقدّمت الدولة اللبنانية، ممثلةً برئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة اسكندر، بإدعاء شخصي في حق كل من حاكم مصرف لبنان رياض توفيق سلامة وشقيقه رجا توفيق سلامة وماريان مجيد الحويك وكل مَن يظهره التحقيق، وذلك تبعاً لادعاء النيابة العامة الاستئنافية في بيروت بموجب ورقة الطلب المقدّمة الى قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة شربل أبو سمرا بجرائم الرشوة والتزوير واستعمال المزوّر وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرّب الضريبي.
وطلبت في الخاتمة، أولاً: توقيفهم وحجز أملاكهم العقارية وتجميد حساباتهم المصرفية وحسابات أزواجهم وأولادهم القاصرين لمنعهم من التصرّف بها حفاظاً على حقوق الدولة اللبنانية، وإصدار القرار الظني في حقهم تمهيداً لمحاكمتهم أمام محكمة الجنايات في بيروت لإنزال أشد العقوبات في حقهم لخطورة الجرائم المدّعى بها في حقهم، محتفظةً بحق تحديد التعويضات الشخصية أمام محكمة الأساس. ثانياً: إحالة نسخة من الدعوى على هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان بواسطة النيابة العامة التمييزية لتجميد حسابات المدعى عليهم وحسابات أزواجهم وأولادهم القاصرين لدى المصارف اللبنانية والأجنبية. ثالثاً: إصدار القرار بوضع إشارة هذه الدعوى على عقارات المدّعى عليهم لمنعهم من التصرّف بها».
ويشير خبراء قانونيون لـ«البناء» الى أنه من حق المشتبه به تقديم الدفوع الشكلية وفق أصول المحاكمات الجزائية التي تتعلق بعدم قانونية الدعوى أو سقوطها بمرور الزمن أو عدم صفة المدعي، لكن سلامة استند على عدم الحضور الى جلسة استجوابه على دراسة قدّمها محاميه تشرح عدم قانونية حضور الوفد القضائي الأوروبي الجلسة»، موضحة أنه «يحق للحاكم تقديم الدفوع مرة واحدة وأن لا يحضر جلسة استجوابه إلى حين بتّ القاضي المختص بالدفوع الشكلية، وبحال قدم سلامة اليوم دفوعاً شكلية فيمكن له أن لا يحضر، أما إذا تغيب من دون تقديم هذه الدفوع فيحق لقاضي التحقيق إصدار مذكرة توقيف بحقه».
وعن قانونيّة حضور الوفد القضائي الأوروبي لفت الخبراء الى أنه «وفق اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، لا شيء يمنع ذلك، بشرط التنسيق مع السلطات القضائية اللبنانية وفق الأصول».
واستبعد الخبراء «صدور القرار الظني بحق سلامة، إلا بعد اختتام التحقيقات ومطالعة النيابة العامة، فإما يُحال الى المحكمة أو تُمنع عنه المحاكمة».
ووفق معلومات «البناء» فإن «رفض سلامة حضور الوفد الأوروبي الجلسة يعود الى تخوفه من الأسئلة التي ستوجه اليه والأدلة والمستندات التي سيواجه بها من القضاة الأوروبيين، والتي ستكون الأساس لإقامة الادعاء عليه في عدد من الدول الأوروبية لا سيما فرنسا وألمانيا وسويسرا، وحينها يمكن للقضاة الأوروبيين مقاضاة سلامة وفق الاتفاقات الدولية لكون الجرائم المالية الموجهة إليه لا تقتصر على لبنان بل تتعلق بدول أوروبية عدة، وبالتالي يصبح الحاكم ملاحق دولياً والسلطات القضائية اللبنانية ملزمة بالتجاوب مع القضاء الأوروبي وتنفيذ اي أحكام قضائية».
واعتبرت النائبة العامّة الاستئنافيّة في جبل لبنان القاضية غادة عون، أن «طلب توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة جاء بمحله، له ما يبرره، هو ملاحق في الداخل والخارج أيضاً»، موضحة أن «سبب توقيت صدور القرار يعود لوجود ضغط أوروبي، فهم يخافون من الأوروبيين، طبعاً للأوروبيين تأثير معنوي، ونحن لله الحمد لا نريد إلا الحقيقة».
واعتبرت عون أنه «وبصدور هذا القرار، هناك بصيص أمل، نأمل أن يكون هذا القرار مساراً جديداً لمحاربة الفساد في لبنان، حتى نعرف في نهاية المطاف إلى أين ذهبت تلك الأموال وأموال المودعين، فسلامة لم يقدم أبداً أي أرقام».
الديار: حاكم «المركزي» والاستجواب
تقدّمت الدولة اللبنانية ممثلةً برئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة اسكندر، بادعاء شخصي ضد كل من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وشقيقه رجا وماريان الحويك وكل مَن يظهره التحقيق، وذلك تبعاً لادعاء النيابة العامة الاستئنافية في بيروت، بموجب ورقة الطلب المقدّمة الى قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة شربل أبو سمرا، بجرائم الرشوة والتزوير واستعمال المزوّر وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرّب الضريبي.
وقد حضر المحققون الاوروبيون والقضاة ابو سمرا وإسكندر وجاد الهاشم الى مكتبة مجلس شورى الدولة التي جهزت للتحقيق، الا انّ سلامة لم يحضر وتقدم وكيله بمذكرة اعتبر فيها ان الاستماع الى حاكم مصرف لبنان من قبل قضاة اجانب انتهاك للسيادة، ما ادى الى رفع جلسة الاستماع، وبحث المذكرة التوضيحية التي رُفضت لاحقاً، لانّ تحقيق قضاة دوليين في لبنان في ملفات مالية لا يتعارض مع السيادة الوطنية، كما انّ تنفيذ الاستنابات الدولية لا يتعارض مع القانون اللبناني، ولا ينتقص من السيادة بحسب ما اشار القاضي ابو سمرا، الذي حدّد العاشرة والنصف من صباح اليوم موعداً جديداَ للاستماع الى الحاكم سلامة، تنفيذا للاستنابة القضائية الاوروبية، كما أكد وكيله للوفد القضائي والقضاة اللبنانيين، أنّ سلامة سيحضر جلسة اليوم ، بعدما اعتبر قاضي التحقيق أنّ تنفيذ الاستنابة لا يتعارض مع القانون اللبناني.
كل ما قيل عن ارتفاع سعر صرف الدولار الى ارقام خيالية، تحقق على ارض الواقع، وفي هذا الاطار يشير خبير اقتصادي خلال اتصال مع « الديار» الى «انّ الارتفاع المتواصل كان متوقعاً، ما دام لا يوجد اي خطة للتعافي المالي، او اي خطوة اصلاحية او محاولة لجمه او ردعه من قبل المسؤولين»، وقال: «لا نريد إحباط المواطنين اكثر، لكن ما دامت تغيب كل محاولات الاصلاح ووضع الخطط ، فالتحليق سيتواصل ولا نريد ان نكذب على المواطنين، لاننا نتجه فعلياً نحو جهنم الحمراء، وهذه هي الحقيقية الساطعة كالشمس، فالاتجاه نحو المجهول بات عنوان المرحلة الصعبة، ولا نريد ان نقول اكثر من هذا، لذا على المسؤولين والوزراء والنواب ، وكل الافرقاء المعارضين والموالين ان يتحدوا، وينقذوا البلد قبل سقوط الهيكل بمَن فيه»، سائلاً: «ماذا ينتظرون بعد؟ والى متى ستستمر هذه اللامبالاة التي نجدها عند الجميع؟ لبنان يكاد يُمحى عن الخارطة ويتهاوى حتى السقوط المدوي»، ويختم: « لا أستبعد تخطي الدولار المئتي الف ليرة، ما دام لا يوجد اي رادع له، وهذا يعني ان لا بوادر لهبوطه».
ويتزامن هذا الارتفاع، مع اقفال المصارف احتجاجاً على الدعاوى والاحكام القضائية ضدها، وافيد وفق المعلومات بأنّ اتصالات جرت لفك الاضراب قبل سفر رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، مقابل ضبط الوضع والتخفيف من الدعاوى ضد المصارف، لكن المحاولات فشلت، وعُقد امس اجتماع لـ «جمعية المصارف»، لم يؤد الى قرار بعد للعودة عن الاضراب، على ان يعقد اجتماع آخر خلال اليومين المقبلين للتباحث والنقاش والوصول الى حل.
إقرأ المزيد في: لبنان
25/11/2024