لبنان
من أجل مزارع شبعا.. هل يوفد الحريري باسيل الى سوريا؟
لطيفة الحسيني
بين كلّ الإشكاليات التي يتوقّف عندها المواطنون على صعيد ملفّ الكهرباء والإعفاءات الضريبية لكُبرى الشركات والخلافات المتفجرة بين القضاة والأجهزة الأمنية وصولًا الى الهندسة المالية لمصرف لبنان، اختار النواب في أولى جلسات مساءلة الحكومة التصويب على تلوّث الشاطئ اللبناني والتوظيف العشوائي في القطاع العام، غير أن سؤالًا من خارج السياق طرحه النائب الكتائبي نديم الجميل عن ترسيم الحدود البرية مع سوريا استحوذ على اهتمام الحكومة والحاضرين.
13 سؤالًا وجّهها ستة نواب، أوّلهم النائب بولا يعقوبيان عن تلوث كامل الشاطئ بسبب رمي النفايات في البحر، ثمّ آخر للنائب جورج عقيص حول أسباب إهمال القطاع الزراعي، بعدها سأل النائب شامل روكز عن التلوث البيئي على طريق جونيه البحرية وعن عدم قيام الوزارات بالخطوات المطلوبة منها في قانون السير لتأمين سلامة الطرقات وعن التأخير في المحاكمات والتجاوزات في التوقيف الاحتياطي للتعويض عن الموقوفين الأبرياء. بدوره، سأل النائب فريد هيكل الخازن عن التلوث البيئي في منطقة كسروان، فيما سأل النائب ألبير منصورعن عمل الهيئة العليا للإغاثة في محافظة بعلبك الهرمل. أما النائب إدغار طرابلسي فطرح 4 أسئلة عن عدم إنهاء ملفّ التهجير في منطقة حيلان في زغرتا وفي منطقة المية ومية شرق صيدا، وعدم وصول الجيش اللبناني الى حدود مخيم المية ومية، فضلًا عن التمنّع عن تنفيذ أحكام قضائية صادرة بموضوع إزالة التعديات عن بعض العقارات في منطقة المية ومية العقارية.
التوظيف العشوائي
سؤالان آخران شغلا معظم الردود، تمحورا حول قضية ما حُكي عن التوظيف العشوائي في القطاع العام. يعقوبيان وزميلها زياد حواط طلبا توضيحًا من الحكومة بشأن هذه المسألة. رئيس الحكومة سعد الحريري دافع عن التوظيفات، وبرّرها رافضًا القول إنها جرت خلافًا للقانون، وأقرّ بحصول استثناءات في مجلس الوزراء فـ"الحاجة هي التي دفعت الى إدخال نحو 3000 عنصر في القوى العسكرية المختلفة من جيش وأمن دولة وقوى أمن داخلي"، مشيرًا الى أن عدد المنتسبين الجُدد الى هذه القطاعات زاد بعد تسريح العديد من العسكريين وخروجهم من الخدمة"، وبيّن أن "التوظيفات في هيئة أوجيرو تمّت أيضًا بسبب الحاجة الى موظّفين في سبيل تطبيق مشاريع الألياف البصرية".
وبعدما أعلن الحريري نيّته العمل على خفض التوظيف، قدّم وزير التربية أكرم شهيب شهادته حول القضية، نافيًا أن تكون الأرقام المتداولة حول الموظّفين الجدد في الوزارة صحيحة (أي أنها ليست 3100)، مؤكدًا أنهم لا يتعدّون الـ156 موظّفًا التحقوا بالجامعة اللبنانية والتعليم المهني والمركز التربوي.
في المقابل، رفض النائب جميل السيد تعليل الحريري للتوظيفات، مذكّرًا بأن قانون الموازنة العامة الصادر عام 2017 يمنع أيّ شكل من أشكال التوظيف. وقبل أن تتوسّع دائرة الردود، سارع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى تعليق الكلام حول الملفّ الى حين صدور توضيح كامل عن الحكومة، قائلًا إن البرلمان وضع يده على المسألة في لجنة المال والموازنة التي لا تزال تستمع للتفتيش المركزي بشأن ذلك.
أسئلة شفهية
الرئيس بري لم يكتفِ بالأسئلة المكتوبة. عقب الانتهاء من الاستيضاحات المُسجّلة مسبقًا، حوّل الجلسة الى أسئلة شفهية موجّهة مباشرة الى الحكومة التي لوحظ غيابُ عددٍ كبيرٍ من أعضائها. أمام هذا المشهد، انبرى النائب حسن فضل الله ليُطالب بإلزام جميع الوزراء بالحضور أثناء انعقاد جلسات المساءلة، ليكون التجاوب حقيقيًا.
في المقابل، دعا النائب علي المقداد الى صرف التعويضات المستحقة للمتضرّرين من السيول التي اجتاحت مناطق بقاعية في الفترة الماضية ولا سيّما من قبل الهيئة العليا للإغاثة، غير أن الحريري لم يُسارع الى طمأنة المنكوبين، بل الى الاعتراف بأن التعويضات ستتأخّر الى حين تأمين الأموال!
مزارع شبعا لبنانية..
على أن الأبرز في الجلسة هو السؤال الذي وجّهه النائب نديم الجميل عن اجراءات الحكومة لترسيم الحدود بين لبنان وسوريا وخصوصًا في منطقة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، بعد أن أعلنت الإدارة الأمريكية سيادة العدو على الجولان المحتلّ. طرحٌ لوقي باستغراب جميع الحاضرين، فالنائب "الكتائبي" لم يسبق أن بادر الى الاهتمام بانعكاسات القرارات الأمريكية الداعمة للاحتلال. لم تدم المفاجأة كثيرًا، فالجميل نفسه قال في السؤال ذاته ما يُناقض "غيرته" المستجدّة على "المنطقة الحدودية" عندما اعتبر أن العمل الدبلوماسي والسياسي وحده قادرٌ على استرجاع هذه التلال، مُستفسرًا عن دور من سمّاه بحليف النظام السوري، أي وزير الخارجية جبران باسيل في هذه القضية.
كلامُ الجميل الذي يبدو أنه لم يتوقّع أن يلقى تعليقات "تفوق وعيه" السياسي، استدعى ردًا من رئيس الحكومة الذي قال "حتى الآن لم يحصل شيء على صعيد هذا الملفّ.. سأطلب من وزير الخارجية الاهتمام بالموضوع.. مزارع شبعا وتلال كفرشوبا أراضٍ لبنانية و"نقطة عالسطر" رُسّمت الحدود أم لم تُرسّم!".
من ناحيته، قال وزير الدفاع الياس بو صعب "هناك عددٌ من النقاط المتنازع عليها مع فلسطين المحتلة بدءًا من الناقورة وصولًا إلى مزارع شبعا، لكن الأهمّ هو البدء بترسيم الحدود لمواجهة الأطماع الاسرائيلية"، محذّرًا من "الضرر الاقتصادي جراء ما يفعله العدو في تلك المناطق"، واعتبر أنه "حان الوقت لـ"كلام مباشر" مع الحكومة السورية حول هذا الموضوع".
الرئيس بري قدّم من جهته مُطالعةً تاريخية عن منطقة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، فأكد أنه لا لبس في لبنانيتها، قائلًا إن "الـ14 مزرعة هناك لبنانية منذ الاحتلال العثماني والانتداب الفرنسي"، مذكّرًا بأن الأمير مجيد إرسلان وضع على أيّامه حرّاسًا في تلك المنطقة، الى أن وقعت حرب الـ1967 وهُجّر اللبنانيون من هناك بفعل الاحتلال".
وشدّد بري على أن لبنان متمسّك بالمزارع خاصة أنها تتضمّن أملاكًا تعود للأوقاف الإسلامية السنية في لبنان ومنها مقام الطير، أي مقام النبي ابراهيم (ع)، وحثّ على ضرورة إجراء محادثات مع الدولة السورية حتى لا يُترك الموضوع ورقة أمام "اسرائيل".