لبنان
ترقّب لنتائج زيارة فرنجية إلى فرنسا.. وقطاع الاتصالات مهدد
اهتمت الصحف الصادرة اليوم في بيروت بزيارة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى باريس، والنتائج المترتبة عن لقائه مع الرئيس ايمانويل ماكرون، وسط صورة ضبابية طغى عليها موقف سعودي من وصول فرنجية إلى رئاسة الجمهورية، والذي لا يزال غير محسومًا بالموافقة أو عدمها، ما أعاد إلى الواجهة اللقاء الخماسي (فرنسا، الولايات المتحدة، مصر، قطر، والسعودية) الذي بدأت القاهرة باتلاصلات لانعقاده مجددًا.
إلى ذلك، تستمر أزمات البلاد على كافة المستويات، وفي وقت هدأت فيه منذ أيام تقلبات سعر الدولار، لا تزال أزمة رواتب القطاع العام وعلى أي سعر "صيرفة" سيتم صرفها، كما برزت نتائج سلبية إضافية لإضراب موظفي هيئة أوجيرو، ما يضع البلاد على طريق الانعزال عن العالم الخارجي لجهة الاتصالات والانترنت، في حال استمرار هؤلاء بالتوقف عن العمل.
"الأخبار": جنبلاط يخضع لتيمور ويطلب من باريس سحب اقتراح المقايضة: العقدة السعودية مستمرة واللقاء الخماسي إلى الرياض
علمت «الأخبار» أن مصر بدأت اتصالات مع عدد من الدول المعنية لإعادة إحياء عمل مجموعة اللقاء الخماسي بعدما تبين أن نتائج الجولة الأخيرة من اللقاءات، والتي عُقدت في العاصمة الفرنسية في شباط الماضي، كانت سيئة للغاية. إذ انتهت، بحسب مصادر متابعة، إلى مواجهة عاصفة بين الجانبين السعودي والفرنسي، أدّت إلى مغادرة رئيس الوفد السعودي نزار العلولا القاعة غاضباً، ومعه السفير السعودي في بيروت وليد البخاري، بعدما وصل النقاش إلى طريق مسدود مع الحاضرين، خصوصاً الجانب الفرنسي الذي كان يصرّ على طرح مبادرة توافقية تمنع الانفجار في لبنان، وتفتح الباب أمام إعادة الرعاية الخارجية وتوفير الدعم الضروري لمنع انهيار البلد.
وتؤكّد المصادر أن الجانب السعودي لا يزال يتعامل مع الساحة اللبنانية على أنها معقل أبرز خصومه، وأن لبنان هو المكان الذي يمكن أن تواجه الرياض فيه حزب الله، كونه «مصدر صداع للسعودية في اليمن والعراق وسوريا إضافة إلى لبنان». ونقل معنيون عن تقارير ديبلوماسية أن العلولا قال بصوت مرتفع: «لن نتعامل مع لبنان إذا بقي على مساره الحالي، ولن يلزمنا أحد بتقديم أي دعم سياسي أو مالي في حال جاء إلى الحكم أشخاص لا يقفون في مواجهة حزب الله»، في مقابل الرأي الفرنسي القائل إن «أي رئيس مواجهة يعني استمرار الفراغ، وأن حزب الله قوة رئيسية في البلاد ولا يمكن عزله».
وأشار المعنيون إلى أن الجانب المصري شعر بأن الأجواء العاصفة التي انتهى إليها الاجتماع تجعل إعادة عقده في باريس صعباً، لذلك فكّرت القاهرة بمبادرة تفتح الطريق أمام عقده في الرياض. وقد أثار المصريون الأمر مع أطراف عدة، وتحدثوا عن إمكانية أن يبادروا إلى التواصل مع الجانب الإيراني لتسهيل الأمور. علماً أن القاهرة تعطي إشارات إلى رغبة في تواصل أكثر حرارة مع حزب الله في بيروت، لكنها تعتبر أن الموقف النهائي يبقى مرتبطاً بالموقف السعودي.
جنبلاط يتشدد
وقبل أن يصل رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية إلى باريس، للقاء المستشار في الرئاسة الفرنسية باتريك دوريل، كانَ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قد عاد إلى بيروت بعدما التقى مدير الاستخبارات الخارجية الفرنسية برنار إيميه. وأكّد مطّلعون أن زيارة جنبلاط أتت «في سياق إقناع باريس بالتراجع عن مشروع المقايضة بين فرنجية في رئاسة الجمهورية ونواف سلام في رئاسة الحكومة، أو أي مقايضة تحمِل فرنجية إلى بعبدا». ونقل هؤلاء عن جنبلاط أنه كانَ حريصاً على «التشديد أمام الفرنسيين بأن انتخاب فرنجية أمر صعب، خصوصاً في غياب الموافقة السعودية»، وأنه حتى لو وافقت المملكة «سيبقى الأمر صعباً بسبب موقف الكتل المسيحية منه». وأضافوا أن الزعيم الاشتراكي «جنبلاط طلب بصراحة من الفرنسيين التخلي عن هذه المقايضة وعن محاولة إقناع السعوديين بالسير بها»، و«الانتقال بالبحث إلى مكان آخر للخروج من هذه المراوحة التي لن تصِل إلى أي مكان». وأوضح جنبلاط أنه «في مقابل إصرار ثنائي حزب الله وحركة أمل على دعم ترشيحه، فإن الكتل المسيحية وتحديداً التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية لا تزال عند موقفها المتصلب بالرفض، وتتقاطع في ذلك مع الموقف السعودي، بالتالي يتعين على باريس أن تتراجع عن هذا الدعم وتبدأ بالبحث عن شكل جديد للتسوية، ما لم يحصل ما يدفع هذه القوى إلى تغيير مواقفها».
وأكدت المصادر أن «واحداً من الأسباب التي تدفع جنبلاط إلى ثني الفرنسيين عن دعم فرنجية هو المشكلة التي تواجهه داخل الحزب، وخصوصاً مع نجله النائب تيمور»، إذ إن «الخلاف بينهما على الملف الرئاسي كبير، وقد أبلغ جنبلاط الابن والده بأنه لن يصوّت لفرنجية بأي شكل من الأشكال، انسجاماً مع موقف القاعدة الشعبية»، وهذا التعارض هو «ما أجبر جنبلاط على التراجع عن الوعد الذي قطعه لرئيس مجلس النواب نبيه بري بالتفكير بالأمر».
في المقابل، أكّدت مصادر ديبلوماسية لـ«الأخبار» أن الموقف الفرنسي لا يزال نفسه، وأن باريس تتصرف على قاعدة أن «هناك متسعاً من الوقت لاستكمال النقاش مع السعودية في الأسابيع المقبلة، وإقناع المملكة بالسير في التسوية». وفيما يدور حديث عن مساعٍ تقوم بها القاهرة للترويج لما طرحته في لقاء باريس لعقد لقاء للقوى اللبنانية على غرار مؤتمر الدوحة، تترقب بيروت ما سيحمله وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري محمد بن عبد العزيز الخليفي الذي يصل إلى لبنان الأسبوع المقبل بعد زيارة قام بها لطهران.
"البناء": ماكرون يبحث مع فرنجية شروط التسوية والضمانات
لبنانياً، الاهتمام بما يحدث خلال زيارة الوزير السابق سليمان فرنجية الى باريس، بعد الاتصال الذي جرى بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ووفق المعلومات فإنّ فرنجية التقى مسؤول شؤون الشرق الأوسط في الرئاسة الفرنسية باتريك دوريل، وربما يكون التقى ماكرون وعدداً من أفراد طاقمه، وانّ البحث ينطلق من تولي فرنسا بتفويض من شركائها في اللقاء الخماسي وفي طليعتهم السعودية، لإدارة حوارات تنتهي بعرض تصوّر متكامل لكيفية إنجاز الاستحقاق الرئاسي، بما يضمن الخروج من الفراغ أولاً ومن خطر الانهيار ثانياً، ويضمن تعاون المقاومة وسورية في ملفات الاستراتيجية الدفاعية وضبط الحدود وعودة النازحين وضمان تجنيب علاقات لبنان العربية الاهتزازات والأزمات، ويمهّد الطريق لحكومة وحدة وطنية تمثل جميع الأطراف ويتمّ تشكيلها من الكفاءات تسير بالإصلاحات المطلوبة دون تعطيل.تتسارع الاتصالات
وتتكثّف اللقاءات على خط استحقاق رئاسة الجمهورية بين الفرنسيين والسعوديين في محاولة للتوصل الى تسوية سياسية تخرج لبنان من آتون الفراغ الرئاسي والانهيار الاقتصادي والمالي، ما يشي بأن الملف الرئاسي دخل في مرحلة حاسمة ومفاوضات جدية على النقاط الأساسية وقد تحصل مفاجآت بين ليلة وضحاها وفق ما تؤكد مصادر مطلعة لـ»البناء»، التي أكدت بأن سفر رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى باريس جاء بناء على طلب الفرنسيين في ضوء التشاور الفرنسي –السعودي والاتصال الأخير الذي جرى بين الرئيس ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان لإجراء مباحثات معه حول فرص وصوله الى بعبدا ولحسم مصيره، إما إعلان ترشحه أو العزوف وسيتم البحث مع فرنجية بمشروعه الرئاسي ومدى التزامه بالنقاط التي وضعتها السعودية.
ووفق المصادر، فإن السعوديين تركوا للفرنسيين جس نبض فرنجية لإمكانية التزامه بالمطالب السعودية، لكن بضمانة فرنسية. كما تشير المصادر الى أن السعودية لم تضع فيتو على فرنجية ولا ترفض انتخابه، لكن الأمر مرهون بمدى قدرته على التجاوب مع مطالبها لكونه رئيساً ينتمي الى محور معين.
ولوحظ أن دعوة فرنجية الى باريس جاءت بعد الاتصال الذي جرى بين الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي وبعد زيارة رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط الى فرنسا على رأس وفد من اللقاء الديمقراطي، وبعد زيارة مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية باربرا ليف الى لبنان، فيما لوحظ ايضاً سفر السفير السعودي في لبنان وليد بخاري الى الرياض.
ولفتت مصادر نيابية في كتلة الاعتدال الوطني لـ»البناء» الى أننا «ننتظر التوافق على مرشح رئاسي بعدما ظهر أن مرشحي التحدي لم يستطيعوا تأمين توافق أكثرية نيابية ونصاب الثلثين، وأي رئيس تحدٍّ لفريق لن يستطيع جمع اللبنانيين وإنقاذ البلد والدليل انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية، لكنه لم يستطع الحكم رغم تمثيله الواسع»، ولفتت المصادر إلى أننا «نركز على شخصية الرئيس وبرنامجه ومدى تعاونه وانسجامه مع أي حكومة إصلاحية ستشكل بعد الانتخابات الرئاسية لتبدأ عملية الإصلاح والنهوض».
وأوضحت المصادر أن «الكتلة مستعدة لانتخاب فرنجية إذا حظي بدعم سعودي، ولذلك نحن نقف في الوسط ولم نتخذ أي قرار قبل تبلور المواقف والاتجاهات الخارجية».
وأيدت المصادر دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه إعلان كل المرشحين ترشيحهم والنزول الى مجلس النواب والتصويت وليربح من يربح، والمهم انتخاب رئيس وتأليف حكومة وإعادة انتظام المؤسسات وإنقاذ البلد من المستنقع الغارق فيه».
ولفت النّائب ميشال ضاهر إلى «أنّ موضوع رئاسة الجمهورية وُضِع على نار حامية خارجيًا، وأعتقد أنّ انتخاب رئيس بات قريبًا»، مشيرًا إلى أنّ «الخبر إيجابي من ناحية إنهاء الفراغ، ولكن مع الأسف جميع الكتل النيابية بانتظار التّفاهمات الخارجيّة المصرّة على ألّا يشكّل الرّئيس المقبل تحدّيًا لأحد، وهنا بيت القصيد».
في سياق ذلك، أكد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم أن رئيس مجلس النواب نبيه بري «ينتظر نتائج الاتصالات الداخلية والإقليمية والدولية التّي تكثفت في الآونة الأخيرة ليبنى على الشيء مقتضاه في ما خص الاستحقاق الرئاسي». وأشار في حديث إذاعي الى أن «الرّئيس بري لم يتوان عن تلقف أي إيجابية وهو الذي دعا الى نقاش وحوار بين الأفرقاء». وجدّد التأكيد أن «بري سيدعو الى جلسة لانتخاب الرئيس عندما يرى أن هناك إمكان أن تكون الجلسة مثمرة»، نافياً «ما يتداول ان هدف الحوار هو فرض اسم على الآخرين»، قائلاً «إن التوافق يكون بطرح سلة أسماء أو مواصفات». واعتبر أن «لبنان لا يعيش في جزيرة منعزلة لذا يتأثر بكل ما تمر به المنطقة، خصوصاً الاتفاق السعودي الإيراني، الا أن المسألة تبقى بأيدينا في الدرجة الأولى، لأن المناخ الإيجابي قد يؤثر الا أنه ليس حاسماً».
في المقابل يقول مصدر نيابي مستقلّ لـ»البناء» إلى أن «الأمور لا زالت معقدة ولم تعد المشكلة بالخلاف على رئاسة الجمهورية بل بأزمة تتعلق بالنظام السياسي الطائفي الذي يتلاشى وبحاجة إلى تغيير أو تعديل بالحد الأدنى، وظهر ذلك في الانقسام الطائفي على التوقيت وفي اللجان المشتركة في مجلس النواب».
وفيما جدّدت أوساط التيار الوطني الحر رفضها دعم فرنجية لرئاسة الجمهورية في الوقت الراهن، مشيرة لـ»البناء» الى أن «هناك سلة مرشحين تتضمن أسماء مرشحين لديهم الكفاءة والخبرة والثقة الخارجية ويحظون بتوافق داخلي وعلى كافة الكتل التفكير جدياً باختيار أحدها وعدم تضييع الوقت بمرشحي التحدّي»، مشددة على أن التيار لن يقدم مرشحين من داخل التيار لأنه سيعتبر مرشح تحدّ، لذلك سينتظر التيار أن تعرض عليه أسماء ويبدي رأيه فيها، علماً أن رئيس التيار جبران باسيل طرح أكثر من مرشح لديهم المواصفات الداخلية والدولية كالوزير السابق جهاد أزعور لكن تمّ رفضهم، متسائلة: لماذا يتم تضييع الوقت بمرشحين غير جديين أو مرشحي تحدٍّ؟ محذرة ثنائي حركة أمل وحزب الله وكل الداعمين لفرنجية بأن أي رئيس يفرض على القوى السياسية المسيحية سيكون مصيره الفشل ولن يستطيع الحكم.
في المقابل تجدّد مصادر حزب القوات اللبنانية رفضها لانتخاب فرنجية وتنفي ارتباط موقفها بالرئاسة بالموقف السعودي، مشيرة لـ»البناء» الى أنه حتى لو وافقت السعودية على تسوية انتخاب فرنجية فلن نحضر الجلسة ولن نصوّت له وسنكون من المعارضين، لافتة الى أننا «لا نريد رئيساً ينتمي الى فريق حزب الله والى محور المقاومة وسورية ويكون جزءاً من المنظومة القائمة التي أوصلت البلد الى الانهيار والعزلة الخارجية»، ونفت المصادر أي تواصل مع التيار الوطني الحر رئاسياً مستبعدة تكرار تفاهم معراب الذي أوصل الرئيس عون الى بعبدا.
وعلمت «البناء» في هذا الصدد أن اللقاء بين السفير السعودي في لبنان وليد بخاري ورئيس القوات سمير جعجع لم يكن إيجابياً.
ونقل بعض النواب الذين التقوا مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية باربرا ليف قولها إن «الأولوية لدى الأميركيين هي انتخاب رئيس للجمهورية ومتابعة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وانتظام عمل المؤسسات لانتشال لبنان من الانهيار»، ولم تُشر باربرا وفق ما يلفت المصدر لـ»البناء» إلى «تزكية بلادها لمرشح أو اسم معين لكن ركزت على عجز الواقع السياسي الحالي وأن التوازنات السلبية الحاكمة لمعادلة مجلس النواب تمنع انتخاب الرئيس».
وأكَّد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أنَّ لبنان لا يملك ترف الوقت لتكبير الحجر بالحديث عن تغيير النظام أو تعديل الطائف كأولوية.
وخلال إلقائه خطبة الجمعة أضاف قاسم: «فلننجز الاستحقاقات الداهمة وبعدها يطرح من يريد إجراء تعديلات وفق الأطر الدستورية». وشدَّد على أنَّ «عنتريات الرفض والقبول لا تقدِّم حلًّا»، مردفًا «اجمع عددًا كافيًا من النواب حول خيارك، فإذا نجحت يكون الرئيس الذي تريد، وإذا فشلت فالرئيس الذي يختاره المجلس النيابي هو رئيس كل لبنان». ولفت قاسم إلى أنَّه «توجد قوى أولويتها أن تتحكم بالبلد من خلال الرئيس وإلّا فبديلها الفراغ»، مؤكدًا أنَّه «سيحاسب الناس المسؤولين عن إطالة الفراغ في صناديق الاقتراع».
"اللواء": انقسام حول مهمة فرنجية في الأليزيه
انتهى الاسبوع الاخير من آذار المثقل بالأزمات والمشكلات من العيار الثقيل، بانقسامين كبيرين، عشية الأول من نيسان (إذ كذبات السنوات الخمس العجاف أنست الناس مزحة اول نيسان أو كذبة أول نيسان البيضاء).
الانقسام الاول سياسي حول لماذا ذهب المرشح الرئاسي سليمان فرنجية الى باريس، حيث التقى المستشار في الرئاسة الفرنسية لشمال افريقيا والشرق الاوسط باتريك دوريل. فالبعض يعتبر الزيارة لابلاغه امراً سلبياً، ان التسوية التي اقترحتها باريس بانتخابه رئيساً للجمهورية مقابل ان يكون القاضي في المحكمة الدولية نواف سلام رئيساً لمجلس الوزراء، لم تعد قادرة على تسويقها، والبعض الآخر اعتبر ان الدعوة التي وجهت لفرنجية، جاءت غداة الاتصال الهاتفي بين الرئيس ايمانويل ماكرون وولي عهد المملكة العربية السعودية الامير محمد بن سلمان، جاءت في اطار تنشيط الاتصالات والاستماع اليه حول رؤيته وبرنامجه السياسي والاصلاحي، وخارطة الطريق التي قضت باختياره للوصول الى بعبدا.
الا ان مصادر سياسية اخرى كشفت ان الإعلان المسبق عن زيارة فرنجية الى باريس، هذه المرة، خلافا لاكثر من زيارة قام بها سابقا وبقيت طي الكتمان، هدفه ابلاغه من قبل القيمين بالاليزيه، على ملف الانتخابات الرئاسية اللبنانية، مع المملكة العربية السعودية والاميركيين تحديدا، صعوبة تسويق اسمه كمرشح توافقي مقبول من كل الاطراف اللبنانيين والدول المشاركة بلقاء باريس الخماسي، بعد ترشيحه من قبل رئيس المجلس النيابي نبيه بري وحليفه حزب الله، الامر الذي تسبب بتصنيفه مرشح تحدي للاطراف الاخرين، وغير مقبول منهم، وتحديدا من الكتل المسيحية النيابية وباقي حلفائهم من المعارضة على حد سواء. واشارت المصادر إلى ان المسؤولين الفرنسيين،تريثوا بابلاغ فرنجية بهذا الموقف، لعل الاتصالات والمشاورات مع الدول المعنية بلبنان والاطراف السياسيين، يقتنعون بتاييد ترشيح فرنجية،الا ان ذلك لم يحصل،ولم يعد بالامكان اضاعة مزيد من الوقت سدى، مع استفحال الازمة الضاغطة بلبنان،وانحدار ها نحو متاهات لا يمكن التكهن بمخاطرها،وكأن لابد من التحرك لحسم الموضوع نهائيا.
وقالت المصادر ان البحث الجدي ينطلق حاليا باتجاه، اختيار المرشح القادر على استقطاب تأييد معظم الاطراف السياسيين والدول المشاركة بلقاء باريس، والذي يستطيع بديناميكيته وافكاره من مخاطبة المجتمع الدولي، والمؤسسات والصناديق الدولية،للمباشرة بحلحلة الازمة المالية والاقتصادية الصعبة التي يواجهها اللبنانيون حاليا،واخراج لبنان من دوامة الانهيار الحاصل، وشددت على أن الاسماء المرشحة اضحت محصورة جدا،باسم او اثنين على ابعد تقدير، بينما الامر بات يتطلب مزيدا من التشاور على كل المستويات، لتخريج اسم المرشح الذي يمكنه من الوصول إلى مركز رئيس جمهورية لبنان الجديد.
والانقسام الثاني حكومي مالي – مصرفي – نقابي، إذ سارعت النقابات والمجلس التنسيقي لمتقاعدي الدولة سواء في الاسلاك العسكرية او الجامعة اللبنانية او التعليمين الثانوي والابتدائي الى رفض قبض الرواتب على سعر صيرفة 60 ألفاً، بعدما كان 90 الفاً، والاصرار على قبضه على سعر 28500 ليرة، وفقاً لحسابات مالية، بعضها يزيد من كلفة الرواتب 20 مليون دولار او يزيد، وبعضها يتعلق بالقضم الخطير للقوة الشرائية للموظفين والمتقاعدين، والتي لامست أدنى المستويات المعروفة في هذا البلد.
ولعل المفاجأة الصادمة كانت ابقاء المصارف سعر صيرفة على 90 الفاً وتحويل الرواتب باللبناني، وليس بالدولار مع دفع فارق صيرفة بين 90000 و60000، أي 30000 مقابل كل دولار.
وعليه، ينتظر الموظفون والمتقاعدون التحضيرات الجارية لعقد جلسة محتملة لمجلس الوزراء الاربعاء المقبل، بناء لدعوة من وزير المال والاتصالات ووزراء آخرين، وهو أوعز لدوائر السراي الكبير التحضير لعقد مثل هذه الجلسة.
.. الرواتب والاضراب
معيشياً، استمر إضراب موظفي هيئة «اوجيرو» ما ادى الى تراجع قطاع الاتصالات وانقطاع خدمات الانترنت عن كثيرمن المناطق ما اعاق عمل المؤسسسات الرسمية والخاصة.
وافيد عصر امس عن قطع طرق في صور بالإطارات المشتعلة احتجاجاً على انقطاع الإنترنت وشبكة الاتصالات الهاتفية.
وستكون اوضاع قطاع الاتصالات ورواتب القطاعين العام والخاص على طاولة مجلس الوزراء الاسبوع المقبل بعد عودة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي من السعودية.
في هذا الاطار، أفيد عن بدء تحويل رواتب موظفي القطاع العام على سعر صيرفة 60 ألف ليرة إبتداءً من بعد ظهرامس الجمعة، علما ان العسكريين المتقاعدين والاساتذة والمعلمين يرفضون هذا الرقم ويطالبون باحتساب صيرفة على سعر28 الفا.لكن تسربت وثيقة صادرة عن المديرية العامة لقوى الامن الداخلي، تفيد بانه «يتم الطلب فيه من العسكريين عدم قبض معاشاتهم المستحقة عن شهر نيسان 2023، وذلك بانتظار ان يتم البت بموضوع السعر النهائي لمنصة «صيرفة».
وأصدر مصرف لبنان امس، التعميم الوسيط الرقم 666 للمصارف، أبلغها فيها بتمديد العمل بمفعول التعميم 161 حتى 30 نيسان 2023.
"الجمهورية": لقاء باريس: ترحيب وتشويش
عملياً، وضعت زيارة فرنجية إلى باريس لبنان على المفترق بين الانفراج والانفجار، فبقدر ما الزيارة مهمّة كونها تحدّد المسار النهائي للملف الرئاسي، فإنّ الأهم هو ما سيؤول اليه المشهد الداخلي، ربطاً بالنتائج التي ستنتهي اليها محادثاته مع مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل. وحتى ذلك الحين، فإنّ الداخل بكل مكوناته، جلس على مقعد انتظار ما ستحمله الرياح الفرنسية، سواء أكانت تباشير انفراج، ما يعني انتخاب رئيس الجمهورية أصبح محسوماً في غضون ايام قليلة، او كانت نُذر تشاؤم واشتباك، تحضّر البلد لمرحلة مفتوحة على كل التداعيات السلبية والمنزلقات الصعبة.
لقاء .. وتشويش
في الداخل، وفيما كانت كل الأنظار مشدودة في الاتجاه الفرنسي، رصداً لنتائج محادثات فرنجية- دوريل التي جرت في قصر الايليزيه أمس، فإنّ الصورة ظلّت غامضة، ولم تبرز اي معطيات حول ما دار فيها، وما إذا كانت ثمة جولة ثانية من المحادثات ستُعقد، او ما إذا كان فرنجية سيلتقي مستويات سياسية فرنسية اخرى (تحدثت مصادر اعلامية عن لقاء بين فرنجية والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون)، لوحظ دخول بعض الماكينات على خط الزيارة، والتشويش المسبق على نتائجها، ومحاولة إدراجها في خانة الإبلاغ الفرنسي لرئيس تيار «المردة» بانعدام حظوظه الرئاسية، وانّ عليه ان ينسحب من المعركة الرئاسية.
على انّ اللافت وسط هذا الغموض، هو انّ المناخ العام المواكب للحدث الفرنسي يميل إلى الايجابية اكثر منه إلى السلبية. وشدّدت مصادر قريبة من فرنجية لـ»الجمهورية»، انّه «بمعزل عن الزيارة إلى باريس وعن اي لقاء، فإنّ المعنويات دائماً عالية، ومن الأساس نحن متفائلون».
ورداً على سؤال قالت المصادر، انّها «لا تردّ على تشويشات لا قيمة لها وكذلك على الافتراءات التي تتواصل بطريقة متعمّدة، ولا على سيناريوهات وهمية من وحي الخيال، لأنّ كل ذلك سيسقط عند لحظة الحقيقة». ولم تتطرّق هذه المصادر إلى محادثات باريس من قريب او بعيد.
قبل .. وبعد
إلى ذلك، قاربت مصادر ثنائي حركة «امل» و«حزب الله» ما استُجد على الخط الفرنسي واستضافة فرنجية في باريس، بإيجابية ملحوظة، وقالت لـ«الجمهورية»: «يبدو انّ الملف اللبناني أُعطي زخماً وجدّية اكبر من قِبل كل اللاعبين الأساسيين على حلبته، وخصوصاً من الفرنسيين، الذين يُعتبرون أشدّ الراغبين للتسريع في انتخاب رئيس للجمهورية. ومع هذا الزخم المتجدّد الذي يؤمل ان يكون مثمراً، فإنّه مع النتائج المثمرة، لن يكون مُستبعداً ان يولد للبنان رئيس للجمهورية ضمن مهلة أقصاها بعد الأعياد مباشرة، او ربما قبلها».
مسعى سريع
في هذا الوقت، أعرب مصدر ديبلوماسي من باريس لـ«الجمهورية»، عن ثقته في ان تثمر حركة الاتصالات الجارية حول الملف الرئاسي في لبنان ايجابيات حاسمة، تمكّن اللبنانيين من التوافق على رئيس للجمهورية.
ورداً على سؤال حول ما بدا انّه تزخيم ملحوظ لحركة المشاورات والاتصالات حول لبنان، قال المصدر الديبلوماسي: «ملف الرئاسة في لبنان يناقش منذ فترة اشهر بين الدول الصديقة للبنان، والاجتماعات المتتالية التي عُقدت في باريس خلال الشهرين الاخيرين، استطيع ان اقول انّها أسست لما أعتبره «مسعى سريعاً جداً» حيال الملف اللبناني».
وعمّن هي اطراف هذا المسعى وإلامَ يرمي، قال المصدر: «اقول كل اصدقاء لبنان، اطراف في هذا المسعى، ولا استثني احداً، لكن فرنسا ومعها السعودية هما الطرف المباشر في الخط الامامي، واما الغاية من هذا المسعى، فهي جعل الانتخابات الرئاسية في لبنان امراً واقعاً».
وعن الموقف الاميركي، قال المصدر: «الحراك الفرنسي ليس منعزلاً ابداً عن موقف الولايات المتحدة الاميركية التي ترغب في تعاون اللبنانيين وتعجيلهم في انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة اصلاحات، وهذا ما تشاركها فيه فرنسا مئة في المئة..».
ورداً على سؤال حول محادثات رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية في باريس، قال المصدر: «لا توجد حتى الآن أي معطيات دقيقة. ولا اريد ان ادخل مسبقاً في اي فرضيات حتى ولو كانت قريبة من الواقع. الّا انني اؤكّد أنني ومنذ ما قبل هذا الحدث (زيارة فرنجية إلى باريس)، بدأت أشعر بشيء من التفاؤل حيال إمكان حسم وشيك للملف الرئاسي اللبناني. وبناءً على هذا التفاؤل اتمنى ان نشهد رئيساً للبنان في القريب العاجل، وهذا ما تعمل ادارة الرئيس ايمانويل ماكرون على تحقيقه».
وإذ لفت المصدر عينه إلى انّ حظوظ التسوية كبيرة، إلاّ انّه ليس قلقاً حيال اي تسوية يمكن بلوغها، سوى من الداخل اللبناني، الذي يخشى منه ان يحاول ان يحبط أي مسعى او تسوية، اكثر من أي عامل خارجي.
وماذا لو خذل القادة السياسيون في لبنان التسوية الرئاسية التي يُعمل عليها، قال المصدر الديبلوماسي من باريس: «فرنسا واصدقاؤها جميعهم، عازمون على انتزاع رئاسة الجمهورية في لبنان من أيدي المعطّلين، والمضي في مساعدة اللبنانيين على إعادة تكوين سلطاته الدستورية والتنفيذية والادارية».
فترة السماح انتهت
وسألت «الجمهورية» سفيراً عربياً على صلة بالاجتماع الخماسي في باريس، فأعرب عن اعتقاده في أنّ الجهود المبذولة من الدول المعنية بملف لبنان، ستصبّ إن شاء الله في المكان الذي تتحقق فيه مصلحة لبنان واللبنانيين، وانا اقترب من اليقين من أنّه سيكون للبنان رئيس للجمهورية في وقت ليس بعيداً.
ورداً على سؤال حول المرشحين لرئاسة الجمهورية، قال السفير العربي: «نحن مع انتخاب رئيس للجمهورية ولا توجد لدينا أي تحفظات حول اي مرشح، بل على العكس لدينا صداقات مع الجميع، وما نتمناه هو ان ينتبه السياسيون في لبنان إلى مصلحة بلدهم. وخصوصاً في هذه المرحلة التي تشهد فيها المنطقة خطوات بالغة الأهمية تؤسس لحقبة جديدة في العلاقات الايجابية بين دول المنطقة، ونحن من جهتنا لا نرى لبنان خارج هذه التطورات او منعزل عنها».
رئيس قبل القمة!
وفيما قرأت مصادر سياسية واسعة الاطلاع في الحراك الفرنسي- السعودي المشترك، وكذلك الخطوة الفرنسية، باستضافة الوزير فرنجية، ما وصفتها بـ»الايجابيات النظرية حتى الآن»، تؤشر إلى انّ فترة السماح الدولية قد استنفدت، وبات من الضروري الانتقال إلى الجدّ وإصعاد اللبنانيين في مركب النجاة وانزالهم من مركب الأزمة والتناحر المتواصل على أتفه تفصيل، وهذه الايجابيات يفترض ان تُستكمل لتُترجم على ارض الواقع»، اعرب مرجع مسؤول عن ارتياحه للتطورات المتلاحقة حول الملف الرئاسي، والتي تعزز الأمل في إنجاز الملف الرئاسي في المدى المنظور.
ورداً على سؤال لـ«الجمهورية» عمّا يتردّد عن انّ انتخاب رئيس الجمهورية بات مسألة اسابيع قليلة، قال المرجع: «كل شيء وارد، وخصوصاً انّ حدثاً مهمّاً منتظراً الشهر المقبل، ويتمثل بالقمة العربية التي ستستضيفها المملكة العربية السعودية. والواضح انّ ثمة جهوداً حثيثة تُبذل لكي تكون هذه القمة كاملة النصاب وحاضنة لكل الزعماء العرب بمن فيهم لبنان. فهل يجوز ان تُعقد القمة بلا لبنان، وبلا ان يكون ممثلاً برئيس الجمهورية؟».
ولفت المرجع إلى ما يعزز الايجابية في انتخاب وشيك لرئيس الجمهورية هو الحراك المكثف الفرنسي- السعودي، وكذلك الموقف الاميركي، الذي اعادت تأكيده مساعدة وزير الخارجية الاميركية بابرا ليف، حيث انّ ما قالته يجب أن يُقرأ بتأنٍ وتمعن، سواء لناحية الحاجة الملحّة للبنان لانتخاب رئيس للجمهورية دون ان تتوقف عند اسماء المرشحين، او لناحية إشارتها المباشرة إلى انّ الارتدادات الايجابية ستلفح لبنان من الاتفاق السعودي- الايراني.