لبنان
عبد اللهيان في بيروت.. وفرنجية: "لست مستعجلًا"
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم على الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الى بيروت، حيث قال لدى وصوله إنه "حضرنا مرة أخرى لنعلن عن دعمنا القوي للشعب والجيش اللبناني والمقاومة"، مضيفًا أنه "يوجد لدينا بعض الأفكار والمبادرات من خلال علاقتنا الثنائية لتحسين الأوضاع في لبنان»، معتبراً أن «ظروفاً جديدة وبنّاءة تحدث في المنطقة، وأمن ورفاه لبنان يصب بصالح المنطقة وإيران".
كما تناولت الصحف المقابلة التي أجرها رئيس تيار المردة سليمان فرنجية على قناة الجديد مقدمًا أجوبته على الأسئلة المطروحة حول ترشيحه وملف الرئاسة ونظرته نحو القضايا الإشكالية، فأكد على تمسكه بجوهر اتفاق الطائف وربطه لأي تعديلات تقنية ضرورية بالتوافق الوطني، مشيرًا الى أنه لن يتحدّى السعودية بترشيحه لأنه قد ينتخب، لكنه لن يستطيع أن يحكم ولذلك "لست مستعجلاً".
"البناء": عبد اللهيان في بيروت لتشجيع التوافق.. وفرنجية: متمسك بجوهر الطائف والتعديلات التقنية شرطها التوافق ولن أتحدى السعودية
تأتي زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى لبنان لاستطلاع الأجواء اللبنانية والمدى الذي بلغته محاولات انتخاب رئيس للجمهورية وما يمكن لإيران أن تسهم به من خلال تأثير نتائج الاتفاق السعودي الإيراني، ودور إيران في المنطقة وعلاقاتها اللبنانية، على قاعدة أن الانتخاب شأن لبناني وأن الأطراف اللبنانية تستطيع إنجاز الاستحقاق عبر التوافق من بوابة اعتماد الحوار.
على المستوى الرئاسي تحدّث المرشح الرئاسي الوزير السابق سليمان فرنجية عبر قناة الجديد، مقدما أجوبته على الأسئلة المطروحة حول ترشيحه وملف الرئاسة ونظرته نحو القضايا الإشكالية، فأكد على تمسكه بجوهر اتفاق الطائف وربطه لأي تعديلات تقنية ضرورية بالتوافق الوطني، وقال فرنجية إنه لن يتحدّى السعودية بترشيحه لأنه قد ينتخب، لكنه لن يستطيع أن يحكم ولذلك «لست مستعجلاً». وعن عناصر قوته التي تميزه عن سائر المرشحين قال فرنجية إنه يتمتع بثقة حزب الله والرئيس السوري بشار الأسد وقادر على توظيف هذه الثقة لمصلحة لبنان، الذي يحتاج في ملفات رئيسية كبرى الاستثمار على هذه الثقة، وما تتيحه من فرص، وعن الرئاسة أكد فرنجية أنها تبقى استحقاقاً لبنانياً تنتجه الإرادات اللبنانية وليس نتاجاً للتدخلات الخارجية، مع أهمية الاستفادة من مناخات التفاهمات من حولنا.
واعتبر رئيس تيار «المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية أن «موضوع رئاسة الجمهورية لبناني ومحلي وموقفنا من السعودية تاريخي ومعروف ولم يمرّ بأي مرحلة سيئة»، مشيراً الى ان «التفاهمات في المنطقة ستنعكس ايجاباً على لبنان».
واوضح في مقابلة على قناة «الجديد» أن «التفاهم السعودي الإيراني هو اتفاق «سني – شيعي» يريح لبنان «ويريح كل شخص يحب لبنان».
وقال: «أنا رجل حر وعلاقتي شريفة وواضحة مع الرئيس السوري بشار الأسد، كما أننا لم نعمل بكيديّة وحمينا مؤسسات «القوات اللبنانية» أثناء الوجود السوري».
ولفت الى أن «من يريد الحوار نحن مستعدون للقائه في بكركي»، وقال: «مستعد «اليوم وكل يوم» للحوار مع سمير جعجع وبكركي بعيدة عنه 100 متر، ونستطيع ان نجتمع راس براس بغرفة وحدة».
واكد انه «لن يذهب إلى جلسة يتحدى فيها السعودية»، وقال: «قد استطيع ان اكون رئيساً ولكنني لن أستطيع أن أحكم، ولذلك أقول إنني لست مستعجلاً وجاي الوقت».
أضاف: «أملك شيئاً لا يملكه الكثيرون وهو ثقة حزب الله وثقة الرئيس الأسد وأنا أستطيع أن أفعل معهما ما لا يستطيع أن يفعله آخرون».
وعن سلاح الحزب قال: «الحل هو أن نصل إلى حل يشعر فيه اللبنانيون بأن هذا السلاح غير موجّه باتجاههم».
وشدّد فرنجية على أنني «لست مستعداً للتآمر على لبنان من أجل سورية بل سأتآمر على سورية من أجل لبنان ولا يمكن أن أقبل ببقاء النازحين في لبنان».
إلى ذلك تتواصل الاتصالات على الخط الرئاسي وعلمت «البناء» أن حركة التواصل مستمرة بين مختلف الأطراف ولم تتوقف لكن لم تثمر نتيجة إيجابية وجدية حتى الساعة، كما علمت أن وسطاء ينشطون على خط الحوار المسيحي – المسيحي في محاولة للتوفيق بين الآراء المختلفة التي لا تزال على موقفها حتى اللحظة.
وتشير مصادر نيابية في التيار الوطني الحر لـ»البناء» الى أننا نحترم شخص وحيثية وتمثيل الوزير فرنجية لكن لا نرى فيه المرشح المناسب في المرحلة الحالية في ظل التوازنات النيابية ووضع البلد الاقتصادي الذي يحتاج لعملية نهوض بشخصية من خارج منظومة الفساد القائمة». ولفتت المصادر الى أن لا مرشح القوات اللبنانية والكتائب النائب ميشال معوض ولا فرنجية استطاعوا التوصل الى عتبة الأكثرية النيابية، فلماذا نقف عند هذه النقطة ولا نبحث بالحوار بين الجميع عن مرشحين آخرين يحظون بتوافق كل الأطراف».
في المقابل تشير مصادر مطلعة على موقف حزب الله لـ»البناء» الى ان «الحزب وصع شرطاً واحداً مقابل شروط أخرى يطلبها الآخرون بأن لا يطعن الرئيس المقبل بظهر المقاومة، اما إذا كان هناك مواصفات اخرى لها علاقة ببناء الدولة فيرحّب بها ولا يرفضها لكن فوز مرشح حزب الله لا يعني الغلبة على الأطراف الأخرى، لأن الغلبة تكون بأن لا يملك المرشح أي مشروعية وحيثية تمثيلية ويفرض انتخابه على الجميع إكراهاً، لذلك فإن النصر هو لعبة ديموقراطية وعبر الانتخابات وتنطلق من المشروعية والمقبولية الانتخابية»، ولفت الى أن «فرنجية يملك أكثر من 50 نائباً وقد يرتفع الى ما فوق الـ 65 عندما تحسم بعض الكتل النيابية موقفها بناء على حساباتها الداخلية والخارجية، في المقابل لا مرشح آخر يحظى بتأييد هذا العدد من الكتل والنواب. ولم تقدم القوى الأخرى لا التيار ولا القوات أي مرشح موحد».
وأكدت المصادر أن «الشيخ نعيم قاسم لم يتحدّث من منطلق تهديدي بل تحذيري بأن تصل الأمور الى الفوضى الامنية بعد الانهيار الاقتصادي اذا استمر الفراغ، ودعا الى التلاقي وتذليل الصعاب بما يتعلق بانتخاب فرنجية، وان الانتظار يخدم بعض القوى السياسية». ولفتت المصادر الى ان «بعض القيادات السياسية تنتظر أن تصدر القوى الاقليمية والدولية كالسعودية والولايات المتحدة مواقف علنية بتأييد هذا الاسم أو ذاك، لكن هذا مكلف للبلد ويبقي مصير اللبنانيين بلا أي مبادرة، وربما تشهد المنطقة تطورات كبيرة يبقى لبنان عاجزاً عن استيعابها واللحاق بتداعياتها».
بدوره جدّد رئيس «القوات» سمير جعجع التشديد على أن حظوظ مرشح الممانعة «ليست كما يحاول البعض تصويرها وتسويقها، باعتبار أنّه لا يحظى بالدعم المحلي المطلوب ليتبوأ سدّة الرئاسة وإنما جل ما لديه من دعم، يتركز على مساعٍ خارجيّة محدودة، لذا يعطّل هذا البعض الانتخابات بانتظار ما يمكن أن تبدّله هذه المساعي في الواقع الداخلي، ولكن هذا الأمر بعيد المنال ومرشّحهم لن يتمكن من الوصول أبداً».
واشار رئيس «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، الى أنني «لن أرشّح أحداً للرئاسة وليقرّر الكبار في هذا الأمر مثل حزب الله ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والتغييريّون».
على صعيد آخر أشار وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، خلال وصوله الى مطار بيروت في زيارة رسمية امس، الى أننا «حضرنا مرة أخرى لنعلن عن دعمنا القوي للشعب والجيش اللبناني والمقاومة».
ولفت عبداللهيان الى أن «هذه الزيارة فرصة لإجراء مشاورات مع المسؤولين اللبنانيين»، مؤكداً أن «إيران لطالما دعمت المفاوضات في المنطقة ولا تعتبر الحروب حلاً».
وشدّد على أنه «يوجد لدينا بعض الأفكار والمبادرات من خلال علاقتنا الثنائية لتحسين الأوضاع في لبنان»، معتبراً أن «ظروفاً جديدة وبنّاءة تحدث في المنطقة، وأمن ورفاه لبنان يصب بصالح المنطقة وإيران».
ووصل عبداللهيان مساء أمس الى مطار بيروت وكان في استقباله في صالون الشرف ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري النائب أيوب حميد، السفير الإيراني مجتبى أماني، النائبان إبراهيم الموسوي ورامي بو حمدان، ومديرة المراسم في وزارة الخارجية اللبنانية السفيرة عبير العلي.
وفرض ملف النازحين السوريين نفسه على جدول أولويات واهتمامات المسؤولين، في ظل محاولات خارجية وداخلية لإدخال هذا الملف الإنساني في آتون الصراع السياسي في لبنان وربطه بتطورات الوضع في سورية التي دخلت في مرحلة جديدة عقب الانفتاح العربي – الخليجي عليها والمناخ السعودي الجديد في التعاطي مع الأزمة السورية ومشكلة النزوح تحديداً وفصلها عن الحل السياسي.
وفي هذا الإطار اتهمت أوساط نيابية عبر «البناء» جهات داخلية بتنفيذ طلبات خارجية لتحريك ملف النزوح وإشعال الفتنة بين النازحين واللبنانيين، لوضع لبنان وسورية بين خيارين: إما وضع ملف النزوح جانباً وإبقاء النازحين حتى إشعار آخر وإما تحمل النتائج الأمنية والسياسية للإجراءات التي تتخذ بحق النازحين. وتحذّر الأوساط من أن النازحين هم قنبلة موقوتة ستُفجّر الوضع الأمني في لبنان في أي لحظة. كما اتهمت بعض القوى السياسية اللبنانية بالاشتراك بمشروع توطين النازحين تحت شعار «دمجهم في المجتمع والاستفادة منهم في تنمية الاقتصاد اللبناني»، ويحمل المصدر الحكومة الحالية مسؤولية عدم التواصل مع الدولة السورية على المستوى الرسمي لتنفيذ خطة وزير الشؤون الاجتماعية السابق رمزي مشرفية في حكومة الرئيس حسان دياب بإعادة السوريين تدريجياً وطوعياً. وتكشف الأوساط أن دولاً أوروبية تضغط الى حدٍ كبير على الحكومة والدولة اللبنانية لعرقلة أي مشروع أو خطة لإعادة النازحين، وأبدت استعدادها لتحمل كلفة بقاء النازحين على الأراضي اللبنانية لتخوّفها من تسرب هؤلاء النازحين الى أراضيها بحال نجحت خطة إعادة النازحين الى سورية.
"الأخبار": بري: نحن وفرنسا ننتظر جواب الرياض
الرئيس نبيه برّي متشائم. كل علامات الاستحقاق الرئاسي في الداخل سودٌ. لا مؤشرات إيجابية إلى الآن على الأقل تحمله على الاعتقاد بأن انتخاب رئيس للجمهورية وشيك. لا حماسة لديه لتوجيه دعوة إلى جلسة ثانية عشرة ما دام التوافق على الرئيس معدوماً
منذ 19 كانون الثاني الفائت لم يلتئم مجلس النواب في جلسة انتخاب. مذذاك لا فائدة من انعقاده مجدداً في ظل انقسام غير مسبوق يسود نصابيْه الدستوري والسياسي لإنهاء الشغور. انتخاب الرئيس عالق بين فكيْ الثلثين المتعذريْن وميثاقية الاقتراع. كلاهما وجهان لعملة واحدة. حضور ثلثي النواب يتضمن ميثاقية الاقتراع غير المقتصر على طائفة واحدة - وإن هي طائفة الرئيس - بل يشمل الطوائف الأخرى كذلك، لا سيما طوائف المثالثة. ما بات عليه المجلس اليوم، كأحد أدهى تداعيات انتخابات 2022، أن أسوأ من أن يمتلك فريق واحد نصاب الأكثرية يفرضه على الآخرين، هو أن لا يتمكن المجلس أبداً من الاجتماع لأن لا نصاب فيه - من دون الجميع - في الاستحقاقات الدستورية الملزمة.
القلق، غير المحدث، الذي يعبّر عنه رئيس البرلمان نبيه برّي أن «الخارج لا الداخل هو الذي يشتغل بالرئاسة اللبنانية كأنه هو وحده يصنعها».
لا يوافق برّي على أن بيان وزارة الخارجية الفرنسية في 20 نيسان أعاد الاستحقاق الرئاسي خطوات إلى الوراء بتنصل باريس من دعمها انتخاب سليمان فرنجية رئيساً. لا يزال يتمسك بترشيحه كما حزب الله وحلفاؤهما، ولا يزال يعتقد بأن السجال يدور من حول هذا الترشيح، على الأقل بالنسبة إلى مؤيديه. ويقول: «ليس تنصّلاً وليس حتماً نفياً. ما هو إلا محاولة تطرية الموقف»، معبّراً ضمناً عن يقينه بأن الفرنسيين لم يتخلوا عن ترشيح النائب السابق لزغرتا، قبل أن يشرح مفهومه لـ«النفي» الذي يكون أحياناً في معرض التأكيد أو أقل بقليل من ذلك. ويستعيد هنا واقعة قديمة يمكن أن يُطابَق بها مغزى النفي الفرنسي: «كانت لياسر عرفات ومنظمة التحرير في ما مضى وكالة أنباء اسمها وفا معروف عنها أن ما تعلنه في الصباح تنفيه بعد الظهر. ذهبت ومحسن إبراهيم يوماً إلى عرفات. بدخولنا عليه قال للفور: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، استغفر الله العظيم. ثم أضاف: خير إن شاء الله. عندما أراكما أستعيذ بالله. قال له محسن إبراهيم: نبيه لديه ما يسألك عنه. قلت: ليس عندي ما أسأل ولا ما أجيب. احكِ أنت. قال محسن: أبو عمار لديكم وكالة وفا أم وكالة نفى؟».
ملخص ما يراد استنتاجه، دونما أن يفصح رئيس المجلس، أن الفرنسيين ماضون بفرنجية، وهم يحاولون استيعاب ردود الفعل حيال موقفهم خصوصاً من الأفرقاء المسيحيين وأخصهم الذين يرفضون انتخابه. ويضيف: «وجّهوا إليه (فرنجية) أسئلة في باريس وقالوا إنهم سيرسلونها إلى السعودية ويعودون إليه بأجوبة. إلى الآن لا علم لي إن أتت الأجوبة. ننتظر عودة السفير السعودي المفترض أنه يحملها. إذا عاد بها وكانت إيجابية سنلمس الشغل على الأرض هنا في لبنان وليس في الخارج. المحزن الآن، وهذا بادٍ تماماً، أن الخارج لا نحن هو الذي يشتغل بالرئاسة اللبنانية».
ماذا يتوقع من الموعد المضروب له اليوم مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان؟ يقول برّي إن الزيارة «مهمة لأنها التحرّك الإيراني الأول حيال لبنان بعد الاتفاق السعودي - الإيراني في الصين. حصول الزيارة مهم في ذاته. علينا انتظار ما سيحمله. لكن أيضاً انتظار عودة السفير السعودي». ويتابع: «سوى ذلك نحن في مأزق. ما لا أفهمه ولا أجد تفسيراً له ونحن في معضلاتنا التي لا تتوقف، أن بين الأفرقاء مَن لا يريد الدخول إلى مجلس النواب، وبينهم مَن لا يريد الدخول إلى الحكومة، وبينهم مَن لا يريد انتخاب رئيس للجمهورية. أنا متمسك بوجهة نظري بأن المشكلة بين الموارنة المختلفين على الرئيس. اليوم (أمس) 25 نيسان الذكرى الخمسين لوفاة الرئيس فؤاد شهاب. أسترجع ما قاله يوماً إنه عمل للموارنة ويجب أن تُعمل لهم مصلحتهم غصباً عنهم. سواء هناك مَن أيده أو لم يؤيده، لا رئيس في تاريخ لبنان عمل كفؤاد شهاب على إنشاء مؤسسات».
بيان الخارجية الفرنسية تطرية موقف... لا نفيٌ ولا تنصل
يقول رئيس المجلس أيضاً: «ما أسمعه أخيراً لا يريحني ويطمئنني. المؤسف أننا بتنا نعتمد على الخارج في انتخابات الرئاسة. كل طرف يغني على مواله ويملك فيتو وله شروطه. لا نسمع ببوادر حلول مقدار ما نجد أنفسنا محاطين بفيتوات من كل جهة».
عندما يقال له إنها ليست المرة الأولى يصنع الخارج انتخاب الرئيس وآخر المرات كان ما حدث في اتفاق الدوحة عام 2008، يعقب برّي: «لسنا الآن في وضع مماثل. اتفاق الدوحة أولاً سبقه حوار وطني في أكثر من جولة، والأفرقاء اللبنانيون جميعاً بلا استثناء جلسوا إلى طاولة الحوار وتحاوروا واتفقوا واختلفوا. اليوم لا يريد الفريق الآخر الحوار. دعوت إليه أكثر من مرة فرفضوا. لا حوار قائماً سوى بين أطراف الفريق الواحد. كلٌ ينغلق على الآخر بينما المطلوب أن يتحدث الأفرقاء جميعاً بعضهم مع بعض. هناك أيضاً ما يختلف، وهو أن اتفاق الدوحة نجم عن أحداث وظروف سياسية وأمنية معلومة ولم يقتصر على انتخاب رئيس للجمهورية - وهذا بالذات ما نحتاج إليه الآن - بل وضع تسوية شملت أكثر من بند كانتخاب الرئيس وتأليف الحكومة والأحجام فيها وقانون للانتخاب حظي بموافقة الجميع. لسنا الآن في صدد سلة حلول مطلوبة كاتفاق الدوحة، بل المعضلة الوحيدة هي انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت. في ما بعد تأتي الخطوات التالية المطلوبة من حكومة ما بعد انتخاب الرئيس. لسوء الحظ لا أجد الآن سوى السلبيات. السلبيات فقط».
فرنجية: لن أتحدى السعودية
أكد رئيس تيار المردة سليمان فرنجية أنه لن يذهب إلى جلسة يتحدى فيها السعودية «وأصل فيها إلى رئاسة الجمهورية من دون أن أحكم»، مؤكداً أن «موقفنا من السعودية تاريخي ومعروف، ولم يمر بأي مرحلة سيئة». وأبدى فرنجية في حوار تلفزيوني ليل أمس استعداده للحوار «اليوم وكل يوم» مع سمير جعجع وجبران باسيل وسامي الجميل، و«من يريد الحوار مستعدون للقائه في بكركي». وشدد على أن «علاقتي شريفة وواضحة مع بيت الرئيس السوري بشار الأسد»، و«أنا من 8 آذار ولا أفعل أي شيء لا أؤمن به»، و«أملك شيئاً لا يملكه الكثيرون وهو ثقة حزب الله وثقة الرئيس بشار الأسد، وأستطيع أن أنجز معهما ما لا يستطيع أن ينجزه آخرون». وشدد على أنه «لم يتم الحديث معي فرنسياً بشأن السفير اللبناني السابق نواف سلام، ولا مشكلة لديّ مع أي من الأسماء المطروحة».
"النهار": ملف النازحين يتوهّج في ذكرى جلاء الوصاية… فرنجية "مرشح محاور" واستعراض للنفوذ الإيراني
بدا من الصعوبة افتراض التزامن “العفوي” بين محطات وتطورات متعاقبة جمعت بينها امس محطة زمنية تحمل دلالات ثقيلة، وتصب كلها في خانة إيحاءات “الوصاية” قديما وحديثا. ففي عز احتدام الصراع مجددا حيال الازمة الرئاسية التي تجتاز مرحلة تتسم بطابع مفصلي داخليا وخارجيا، واكبت الذكرى الثامنة عشرة لجلاء القوات السورية واستخباراتها ووصاية نظامها عن لبنان التي صادفت امس محطة أولى بارزة تمثلت في بدء زيارة اضفي عليها طابع استعراضي للنفوذ، فاقع شكلا وايحاء ودلالات لوزير الخارجية الإيراني حسين امير عبد اللهيان. اذ ان البرنامج الرسمي للقاءاته بدا مهمشا امام ما اعدته السفارة الإيرانية له من ترتيبات للقاء مستغرب في دوافعه وايحاءاته دعي اليه 25 نائبا والبعض قال 32 نائبا بمن فيهم نواب الكتائب الذين اعتذروا عن الحضور. وهو الامر الذي لا يبدو ان ثمة سابقة له في دعوة عدد من النواب كهذا الى سفارة اجنبية من دون مسوغ “مشروع” واضح لا يستبطن نية للتدخل في الأوضاع السياسية الداخلية، كما ان الخطوة اللافتة الاخرى تتمثل في توجه عبد اللهيان الجمعة الى الحدود الجنوبية حيث سيقام احتفال عند نصب لقاسم سليماني في بلدة مارون الراس .
كما انه وسط تفجر ازمة النازحين السوريين على نحو ينذر بتداعيات واسعة، لم يكن ممكنا عزل بعض الجوانب المتصلة بإعلان رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية “جاهزيته “ليكون مرشحا لانتخابات رئاسة الجمهورية، عن الايحاءات المتزامنة التي اثارتها ذكرى الانسحاب السوري وتداعيات ملف النازحين ولو ان المقابلة التلفزيونية التي أجريت معه مقررة منذ فترة. فرنجية قال في المقابلة مع محطة “الجديد” انه لا يرى ضرورة لاعلان ترشيحه رسميا ولكنه جاهز لذلك اذا اقتضى الامر. ومع ذلك تحدث كمرشح واقعي ورسمي ومحاور. واعتبر ان الاتفاق السعودي الإيراني إيجابي للمنطقة كلا وينعكس إيجابا على لبنان . واعتبر ان لديه كل المواصفات للترشح للرئاسة وبرر للثنائي الشيعي اعلان دعم ترشيحه وان لديه “علاقة واضحة شريفة مع (الرئيس السوري بشار) الأسد” وان خياراته حرة وانه منفتح للحوار مع الجميع. وتحدث تحديدا عن رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع والقواتيين مؤكدا انه “مؤمن بالحوار” كما ذكر بعلاقته مع الرئيس ميشال عون وان اتفاق معراب لم يؤثر على المصالحة مع القوات. واكد استعداده للحوار “اليوم وكل يوم مع جعجع والقوات ومع جبران باسيل ومع ميشال معوض ومع من يريدون”. وقال ان جعجع “يعلم ما الذي فعلناه للقواتيين عندما كان في السجن فنحن حمينا القواتيين ومؤسساتهم من دون مقابل ولم نعمل في يوم من الأيام لمصلحة أجندات مخابراتية ولا أصدق أنه تذكر قولاً لي منذ 15 عاماً ولم يتذكر أني لم أصوّت لمصلحة حل حزب القوات”.
واكد مجددا ضرورة التوصل في حوار إيجابي الى استراتيجية دفاعية من طريق التوازن خصوصا ان هناك مناخا إيجابيا في المنطقة. وقال: لن أذهب إلى جلسة أتحدى فيها السعودية ويمكن اقدر أعمل رئيس بس ما بقدر إحكم ولذلك أقول أنني لست مستعجلاً وجايي الوقت”. وإذ اشاد بما يقوم به الأمير محمد بن سلمان في تطوير المملكة العربية السعودية اكد انه “يتصرف على أساس ان يكون رئيسا للجميع ولكل البلد”. ونفى ان يكون تعهد بضمانات مكتوبة لباتريك دوريل في لقائهما في باريس وقال ان الفرنسيين ابلغوه لاحقا ان الجو السعودي إيجابي . وشدد على انه سيتعامل مع نظام الأسد لمصلحة لبنان ووصف نفسه بانه “مسيحي حقيقي” وقال انه “جايي يعمل رئيس جمهورية لبنان وليس رئيس ظل عند احد” .
مواقف المعارضة
مواقف فرنجية كان سبقها تثبيت الموقف الرافض لانتخابه على السنة اقطاب المعارضة وفي مقدمهم جعجع الذي كرر امس التشديد على أن “حظوظ مرشح الممانعة ليست كما يحاول البعض تصويرها وتسويقها، باعتبار أنّه لا يحظى بالدعم المحلي المطلوب ليتبوأ سدّة الرئاسة وإنما جل ما لديه من دعم، يتركز على مساع خارجيّة محدودة، لذا يعطّل هذا البعض الإنتخابات بانتظار ما يمكن أن تبدّله هذه المساعي في الواقع الداخلي، ولكن هذا الأمر بعيد المنال ومرشّحهم لن يتمكن من الوصول أبداً، انطلاقا من هنا، علينا الضغط عليهم للإفراج عن الإستحقاق الرئاسي والإحتكام إلى الديمقراطية وإعادة اللعبة إلى مكانها الطبيعي داخل مجلس النواب لتأخذ مجراها الدستوري”.
وبدوره رد رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل على موقف نائب الامين العام ل”حزب الله” واكد بعد لقائه النائب ميشال معوض “اننا في ظل وصاية جديدة يحاول حزب الله تكريسها ويخيّرنا اما ان ننتخب مرشحه او الفراغ” مضيفًا “نؤكد ان هذا الكلام مردود لاصحابه، فاللبنانيون هم من يقررون مستقبل البلد ولن نسمح لاحد بأن يقرر عنا رئيسنا، وهذه المرة هناك الوعي الكافي لعدم تكرار الست سنوات الماضية وعدم تسليم البلد لحزب الله وبالتالي المزيد من الذل والتبعية والفقر، وسنخوض هذه المعركة جميعنا لاقصى الحدود وسنستعمل كل الوسائل المتاحة لمنع فرض وصاية جديدة على اللبنانيين”.
اما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط فاعلن في حديث تلفزيوني مساء أنه “لن يرشح أحداً للرئاسة وليقرّر الكبار في هذا الأمر مثل حزب الله ورئيس حزب القوات سمير جعجع ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والتغييريّين”.
بيان السفراء
التطور البارز الاخر الذي سجل امس تمثل في اصدار سفراء كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في بيروت بيانا مشتركا لمناسبة مرور عام على توصل لبنان إلى اتفاقية على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي اذ تضمن نبرة لافتة في التعبير عن خيبة الامل من عدم التزام لبنان وفشله في تنفيذ الموجبات الإصلاحية لهذا الاتفاق كما تطرق الى التبعة السياسية عن ازمة الفراغ الرئاسي . واعتبر السفراء في البيان انه ” من المخيب للآمال أن الجهات السياسية الفاعلة في لبنان لم تحرز سوى تقدم محدود في تنفيذ الإجراءات المسبقة”. ولاحظوا انه “عندما تم انجاز الاتفاق اقرت السلطات اللبنانية بحاجة ملحة لإطلاق برنامج إصلاح متعدد الأوجه. لكن غياب الإرادة السياسية أعاق التقدم”.
ودعا البيان “جميع القادة اللبنانيين إلى إعادة اكتشاف الشعور بالمسؤولية وبالحالة الملحة التي أقروا بها في شهر نيسان الماضي”. وأضاف “يجب أن تكون لمصالح الشعب والأمة الأسبقية على المصالح السياسية. لقد أفاد صندوق النقد الدولي بنفسه انه إذا لم يتم تنفيذ الإصلاحات بسرعة، فإن لبنان سيكون محاصرا بأزمة لن تنتهي أبدا. ومع وجود برنامج لصندوق النقد الدولي أو عدمه، من الضروري إجراء إصلاحات هيكلية حاسمة لتمكين لبنان من النهوض. كما ندعو إلى شعور متجدد وموحد بالحاجة الملحة لضمان انتخاب رئيس قادر على توحيد الشعب اللبناني والعمل مع المجتمع الدولي من أجل المصلحة الوطنية. إن غياب رئيس وحكومة فعلية هو من أكبر العقبات أمام الإصلاح الكامل والفعال. ولا يمكن أن تأتي الحلول للأزمة الاقتصادية في لبنان إلا من داخل لبنان، وهي تبدأ بإصلاحات ذات مغزى”.
النزوح: قرارت وتحذيرات
اما ملف النزوح السوري الذي قفز الى واجهة المشهد الداخلي بقوة في الفترة الأخيرة، فبدأ يتخذ ابعادا خطيرة تصاعدية ويرتب تداعيات متدحرجة. وبعد القرارات التي اتخذها وزير الداخلية بسام مولوي بمنع التظاهرة التي كان سينفذها امس نازحون سوريون واخرى مضادة لهم امام مفوضية شؤون اللاجئين في الجناح، رأس رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي اجتماعين في السرايا لبحث ملف النازحين السوريين خلص الاول الى مقررات ابرزها الطلب من المفوضية العليا لشؤون النازحين وضمن مهلة اقصاها اسبوع من تاريخه، تزويد وزارة الداخلية والبلديات بالداتا الخاصة بالنازحين السوريين على انواعها، على ان تسقط صفة النازح عن كل شخص يغادر الاراضي اللبنانية، والطلب من الاجهزة الأمنية التشدد في ملاحقة المخالفين ومنع دخول السوريين بالطرق غير الشرعية ، والطلب من وزارتي الداخلية والبلديات والشؤون الاجتماعية إجراء المقتضى القانوني لناحية تسجيل ولادات السوريين على الاراضي اللبنانية بالتنسيق مع المفوضية العليا لشؤون النازحين، والطلب من الدول الاجنبية المشاركة في تحمل اعباء النزوح السوري خاصة مع تزايد اعداد النازحين في ضوء تفاقم الازمة الاقتصادية. الطلب من وزارة العمل، وبالتنسيق مع المديرية العامة للامن العام، التشدد في مراقبة العمالة ضمن القطاعات المسموح بها.