لبنان
ملف النازحين يطفو على السطح.. وفي عيدهم العمال بلا رواتب
لا يزال ملف النازحين السوريين في لبنان في صدارة اهتمامات المشهد المحلي، حيث تناولت الصحف الصادرة اليوم في بيروت المواقف المتداولة حول هذا الملف، لا سيما ما قاله رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون عن عمل بعض الدول الأوروبية لنسف لبنان والسعي لإبقاء النازحين فيه.
ويحلّ اليوم عيد العمال الذي كرّسه العالم كيوم للعامل، والذي يأتي هذا العام على اللبنانيين برواتب أقلّ قيمة وحقوق أكثر هدرًا ونسبة بطالة أكبر من ذي قبل، كما يعاني العمال اللبنانيون من ضعف القيمة الشرائية وتضخم قوي في الاقتصاد وارتفاع في أسعار المواد الغذائية هو الأعلى في العالم.
"الأخبار": الأول من أيّار: يوم العامل السوريّ في لبنان
في لبنان، بات الاحتفال بالأول من أيار، أشبه بالطقوس الدينية، فيما قلّة تتعامل مع المناسبة من زاوية أنها تمثل شيئاً حقيقياً يجب الاعتناء به. معظم المحتفلين بالمناسبة، لا ينطبق عليهم التعريف الشيوعي التقليدي للطبقة العاملة. علماً أن المتغيّرات الهائلة التي طرأت على أدوات الإنتاج في كل القطاعات، توجب إعادة تعريف مفهوم الطبقة العاملة، وتحديد من تنطبق عليه هذه الصفة. وإذا تقرّر ربط العامل بقوة الدخل، فسنكون في لبنان اليوم أمام صورة جديدة، إذ إن غالبية ساحقة من العاملين في المؤسسات العامة والخاصة، هي من العمال وصغار الكسبة. لكنّ المشكلة أن هؤلاء لا يقبلون هذا التوصيف، وبالتالي يرفضون النقاش حول الإطار النقابي الذي يجب أن يجمعهم، سيّما في ظل عدم وجود مهتمّين بهذا الشأن لا نظرياً ولا سياسياً، كما في ظل سطوة العقل الليبرالي على تيارات اليسار في لبنان، والسلوك نحو الخلاص الفردي بدل الحل الجامع.
على أي حال، وبما أننا في قلب موجة جديدة من مباراة العنصرية والاستغلال التي يجيدها كثيرون في لبنان على خلفية ملف النزوح السوري، فإن تدقيقاً يتيح لنا الاستنتاج بأن المستهدفين بهذه الحملة ليسوا النازحين بهويتهم وأصولهم فقط، بل بما يمثلون اجتماعياً وثقافياً وسياسياً، وسط نزاع بينهم وبين من باتوا اللبنانيين الذين هم فعلياً من «الطبقة العاملة وصغار الكسبة»، والمشكلة الكبرى هي في غياب المنطق لدى الذين يحتجّون من موقع المنافسة في الدخل وليس المنافسة في قوة العمل نفسه، وخصوصاً عندما يستخفّ الناس باستخدام عبارات من نوع «أكلونا، وما عم يخلولنا شغل، وشوف كيف عايشين أحسن منا»، وغيرها من العبارات التي لم تكن قيد التداول قبل انفجار الأزمة في لبنان. لأن اللبنانيين يرفضون المراجعة وتحمّل المسؤولية عما أوصلهم إلى وضعهم الحالي.
الفكرة هنا، أنه بعد انطلاقة الحريرية ببرنامجها الاقتصادي والمالي والنقدي مطلع تسعينيات القرن الماضي، انطلقت عملية التغيير على صعيد التشكّل الطبقي بمعناه الحرفي في لبنان. وعد رفيق الحريري، بما يمثل في تلك اللحظة، اللبنانيين، بأنه سينقلهم إلى مستوى آخر من العيش، وأن ما حصّلوه من تعليم وترقٍّ اجتماعي، أو ما حصلوا عليه من مكاسب خلال الحرب وبعدها، سيتم تأطيره ضمن كادر جديد، وأنه لم يعد لزاماً عليهم القيام بالأعمال ذاتها، بل سيصار إلى الاستعانة بجيش جديد من العمال. وأقنع الحريري الناس بأن الموظف في مؤسسة رسمية، أو في أي شركة خاصة، ليس بعامل، ولا يجب أن يتصرف كعامل، وبالتالي، لم يعد هناك من حاجة لا إلى نقابات، ولا إلى مؤسسات ضامنة لحقوق العمال. حتى إنه مسح الدور الجوهري لنقابات المهن الحرة أيضاً. وقد أرفق نظريته هذه، بتعديل جوهري على سياسة تأمين الموارد، بأن سمح لهذه الفئة من الناس بأن تنتمي إلى نادي المستهلكين، مستنداً إلى مبدأ أن هؤلاء الذين يقبضون رواتبَ موثقة ومستقرّة أول كل شهر، بات بإمكانهم الاتكال على دخل إضافي يجري تأمينه من خلال سياسات الاقتراض المفتوحة. وحتى تكتمل اللعبة، أوجد القطاع المصرفي الذي جذب الأموال مقابل أرباح هائلة، ما أنتج عملياً فورة استهلاكية استندت إلى إقناع الناس بأن عناصر التميّز التي يحتاجون إليها عن العمال الآخرين، تتطلب تعديلاً في السكن ووسائل النقل واللباس والسفر والأكل والشرب وخلافه.
عملياً، دفع الحريري بغالبية من العمال اللبنانيين الحقيقيين، ولو كانوا موظفين في الدولة أو أساتذة جامعيين أو مهندسين أو حرفيين، للارتماء في حضن الاستهلاك بأموالهم وأموال غيرهم، حتى حصل الانفجار الكبير الذي نواجهه اليوم. ولم يكن الحريري، ومعه طبقة متجذّرة في لبنان، يهتمون للحظة بأحوال القوة العاملة «المستوردة» للقيام بما أسموه «الأعمال السوداء».
تخيّلوا أن عامل البناء والمزارع وعامل النظافة والسنكري وسائق سيارة الأجرة والحاجب، كلّ هؤلاء صاروا مصنَّفين ضمن العمالة السوداء، أي أنهم لا ينتمون إلى طبقة الموظفين الذين خرج من يقرر أنهم يمثلون الطبقة الوسطى، بينما هم في حقيقة الأمر، ليسوا إلا عمالاً ولو مع ربطات عنق، وأن صفة الطبقة الوسطى، أي الطبقة الأعلى من العمال، كانت مجرد بطاقة للدخول إلى نادي المستهلكين من أجل تنمية ثروات قلة دمّرت البلاد وهربت مع أموالها إلى الخارج، بينما تتحكّم بقيتها بنا جوعاً ودموعاً ودماء.
عملياً، يبدو النقاش والسجال القائمان اليوم عاكسيْن للانسداد السياسي في لبنان حول الملفات الشائكة من جهة، وخشية أوروبا العنصرية من هجرة سورية إلى بلادها عبر لبنان وتركيا. لكنّ اللبنانيين المنخرطين في السجال، إنما يفعلون ذلك على خلفيات كثيرة، إنما يشترك فيها التوتر الكبير الناجم عن الانهيار الاقتصادي. في لبنان اليوم من ينظر إلى السوري بالقياس إلى حالته هو.
قسم كبير من اللبنانيين الذين يهاجمون النازحين السوريين اليوم، لم ينطقوا بحرف عندما كان هناك نصف مليون سوري يعملون في لبنان منذ ثلاثين سنة وأكثر، لأنهم ما كانوا يرون فيهم منافساً على الثروة بل على الاستهلاك. وبعض اللبنانيين يعتقدون أنه في حال تم إخراج السوريين من لبنان، فإن ما كان يصلهم من أموال سيذهب إلى جيوب اللبنانيين. هؤلاء يتجاهلون أن التمويل الخاص بالنازحين جرى تقسيمه منذ اليوم على فئتين، الناجين أنفسهم من جهة، والعاملين في خدمتهم من جهة ثانية. وقد تحكّم صاحب التمويل بالفئتين معاً. كما يتجاهل اللبنانيون الغاضبون أن الخلاف على الإحصاءات حول عدد النازحين، يشبه خلافهم على إحصاء الطوائف اللبنانية، وأهل لبنان شاطرون في نفخ الأرقام، من تظاهرات الملايين في آذار عام 2005، إلى كمية الأموال المنهوبة أو المهرّبة من لبنان في السنوات الأخيرة وصولاً إلى عدد السوريين. ينظر اللبناني من حوله، فلا يجد أهله، وعندما يرى السوري، فهو يجده أمامه، لأن هذا النازح لا يزال هو من يقوم بما تسمونه «الأعمال السوداء»، فهو يراه كل يوم، ناطوراً أو عامل نظافة، أو عاملاً في مطعم أو مزارعاً أو معمرجياً أو حتى سائقاً ومرافقاً وبائع خُضر، ولذلك صار اللبنانيون يعتقدون أن السوريين هم كل من يعيش على هذه الأرض.
حتى الاحتجاج على آثار النزوح السوري على البنى التحتية في لبنان، لم يشعر به العنصريون أو الملتحقون بهم، إلا بعد الأزمة. وعندما كانت الكهرباء موجودة وهناك من يلمّ النفايات كل يوم، ولا توجد طوابير على محطات البنزين، والقطاع الصحي شغّالاً دون توقف، لم يكن اللبناني يشعر بأن السوري يؤثر على البنى التحتية، بل كل قسم كبير من اللبنانيين يدرس كيفية استغلال السوري، سواء في الأعمال حيث لا يوفر له أي ضمانات اجتماعية، ولا هو يسألهم عن أحوال عائلته وسكنه وصحته، لكنّ اللبناني الذي فقد هذه الامتيازات، صار يتصرف بضيق إزاء توفر بعضها عند النازح السوري. ويرفض هذا القسم من اللبنانيين الإقرار بأن ما يحصل عليه النازح السوري اليوم من رعاية اجتماعية وصحية وخلافه، إنما يمثل الحد الأدنى الذي لا يقبل به اللبنانيون حتى في ظل الأزمة القائمة...
الأكثر مدعاة للسخرية هو أن اللبنانيين يرفضون، حكومة وشعباً ومؤسسات، الإقرار بالدور المركزي للسوريين ولعاملين من بلاد فقيرة أخرى في الدورة الاقتصادية خلال ثلاثة عقود وأكثر. هم يرفضون الإقرار الآن بأن الأموال التي تُنفق على النازحين السوريين، أو التي يحصل عليها النازحون كبدل من أعمالهم، إنما لا تكفي النازح نفسه لتوفير مستلزمات عيشه اليومي في بلد مثل لبنان اليوم، الذين ينفخون الأرقام كيفما قرّروا، لا يقرون بالرقم المالي السنوي الناجم عن وجود النازحين من جهة، وعن إنتاج العمالة السورية في لبنان من جهة ثانية...
في النهاية، لو أريد للبنان اليوم أن يعيد تنظيم نقاباته العمالية بصورة واقعية، فسيجد أن معظم المنتسبين إلى صفوفها هم من غير اللبنانيين. لقد بات هؤلاء يشكّلون الطبقة العاملة التي يحق لها الاحتفال بالأول من أيار، ولو أن معظم اللبنانيين يكابرون قبل الإقرار بأنهم ليسوا أرفع شأناً حتى ولو تحدّثوا بكل لغات العالم!
"البناء": عون: دول أوروبية تمنع عودة النازحين
سيطرت المواقف من قضية النازحين السوريين على المشهد السياسي، وقد تصدّرها أمس التيار الوطني الحر، حيث أعلن الرئيس السابق ميشال عون خلال زيارته إلى جزين، وفي حفل شعبي حاشد، “إنّ أغلب الدّول الأوروبيّة لا تريد النّازحين، وتريد أن تفرضهم علينا وأن يبقوا عندنا”، موضحًا أنّ “النّازح السّوري أتى إلى لبنان وارتاح هنا، وهو نازح أمني، لا سياسي. لكنّ الدوّل تفرض علينا أن نفكّر بأنّ النّازح السّياسي هو مثل النّازح الأمني، وهذه كذبة فيها وقاحة غير مقبولة”. بينما دعا رئيس التيار الوطني الحر للاستفادة “من الحوار والتفاهم السوري – السعودي – الإيراني، لتأمين عودة لائقة آمنة وكريمة للنازح السوري”.
لبنانياً أيضاً أعلن رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي في افتتاح دورة الشهيدة سناء محيدلي الإعلامية، أن أقصر الطرق لحل ملف النازحين يبدأ بزيارة حكومية سياسية إلى دمشق تضع الملف على طاولة البحث، مذكراً أن بوابة العروبة في اتفاق الطائف حدّدت بالعلاقة المميزة مع سورية، فأين أدعياء الحرص على الطائف من اللغة العنصرية التي تبث ضدها، وعن الطائف قال حردان إنه والدستور المنبثق عنه يشدّدان على اعتبار إلغاء الطائفية هدفاً وطنياً ويضعان آلية واضحة للخروج التدريجي منها، والمواد الدستورية واضحة في الدعوة لقانون انتخاب خارج القيد الطائفيّ، متسائلاً أليس هذا هو القانون الذي يُقسم الرؤساء على احترامه؟
لا يزال الملف الرئاسي محل أخذ وردّ وسط معلومات متضاربة حول مواقف دول الاجتماع الخماسي من الاستحقاق الرئاسي، في ضوء ما رشح عن موقف اميركي معارض للمبادرة الفرنسية وذهاب واشنطن الى إحباط هذه المبادرة، ويظهر ذلك في رسالة رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي روبرت مانديز والعضو البارز في اللجنة جايمس ريتش إلى الرئيس الأميركي جو بايدن، اللذين أعربا فيها عن قلقهما من الجمود السياسي في لبنان، وأكدا لبايدن ضرورة العمل من قُرب مع حلفاء أميركا وشركائها في المنطقة لدعم العملية الديمقراطية الشرعية ومرشّحين رئاسيين، يكونون مختلفين عن الرؤساء السابقين، ويملكون القدرة على خدمة الشعب اللبناني والخضوع لمحاسبته.
ما تقدّم، يؤشر، بحسب مصادر مطلعة لـ”البناء”، الى أن واشنطن لا تسير على خطى فرنسا في دعم رئيس تيار المرده سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، وهي دعت فرنسا الى فرملة اندفاعتها تجاه مرشح فريق “الممانعة”، مشيرة الى احتمال ذهاب واشنطن الى فرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين من فريق 8 آذار. وهذا قد يشكل رسالة واضحة الى الثنائي الشيعي أن لا مجال لانتخاب فرنجية، وسط تأكيد المصادر أن الفرنسيين اخطأوا عندما ابلغوا السعوديين ان الطرح الباريسي يحظى بتأييد الإدارة الاميركية.
وليس بعيداً فإن السفير السعودي وليد البخاري سيبدأ هذا الأسبوع جولته على المسؤولين السياسيين لوضعهم في المقاربة السعودية من الانتخابات الرئاسية وسط معلومات تشير الى ان السعودية انتقلت من وضع الفيتو على فرنجية الى فتح باب الحوار حول انتخابه.
أما محلياً، فإن الأجواء الداخلية المسيحية لا تزال على حالها؛ فالتقاطع المسيحي القواتي – العوني – الكتائبي واضح لجهة تعطيل انتخاب فرنجية. إلا أن هذا التقاطع لا يعني أن هذه القوى يمكن أن تتفاهم على شخصية، وسط تأكيد حزب القوات أن لا تقارب مع التيار الوطني الحر في الملف الرئاسي أو في أي ملفات أخرى إذا استمر في تموضعه السياسي وفي مقاربة القضايا الأساسية وفق مصالحه الضيقة، علماً أن مصادر تكتل لبنان القوي تشير الى ان لبنان القوي لديه أسماء عدة مطروحة للرئاسة ابرزها جهاد أزعور، زياد بارود، ناجي البستاني، ناصيف حتي ومنفتح على الحوار بشأنها مع القوى السياسية.
واعتبر رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل أمس، من جزين أن لا أحد يهددنا بمعادلة “انا او الفوضى”، ويعتقد أنه يقدر أن يفرضها، لا أحد يفكّر بحلف ثلاثي جديد طابعه مذهبي/طائفي، بل الانطلاق منه للتأكيد على الشراكة ضمن الوحدة، القوة ضمن الوحدة وليس الضعف ضمن الوحدة ولا طبعاً الضعف بالانقسام. ولا أحد يفكّر بتحالف رباعيّ جديد لأن نهايته متل الذي قبله. ولا أحد يراهن على تسويات خارجية إذ مهما كانت قوّتها، لا تستمرّ فعاليّتها اذا لم تكن محصّنة ومغطاة بتوافق داخلي.
وأردف: “نحن نريد رئيس جمهورية يمثل طموح اللبنانيين في بناء الدولة، ونضالنا للشراكة في حكم متوازن – ولن نغطي أي كسر لإرادة اللبنانيين ولا اي تهميش لإرادة المسيحيين. ومن يهدّدنا أن يمرّ قطار التسوية من دوننا، فنحن لا نخاف من أن نكون خارجها لأنها ستكون عرجاء وستسقط.
وعلى خط ملف النازحين، يشهد الأسبوع المقبل خطوات عملانية حيث تمّ وضع خريطة طريق الأسبوع الماضي لضبط الانفلات والانتشار غير المنظم للنازحين السوريين. هذا وينتظر المدير العام للأمن العام بالإنابة العميد الياس البيسري الذي زار دمشق الحصول على الداتا المتعلقة بالنازحين من مفوضيّة اللاجئين مطلع الأسبوع المقبل إذا أوفت المفوضية بوعدها.
"اللواء": عيد عمال بلا رواتب مع قهر معيشي
لعلَّ عيد العمال في الاول من أيار، والذي يصادف اليوم يحظى بعناية، ليست بحجم الانهيار الذي أصاب الاقتصاد اللبناني، وانتهى بكوارث على غالبية شرائح المجتمع اللبناني، وعلى الأخص ذوي الدخل المحدود والعاملين في القطاعين الخاص والعام مع الانهيارات المتتالية للقوة الشرائية للرواتب والمعاشات، والتي فقدت اضعافاً مضاعفة من حجمها وقدرتها الشرائية، مما وضع اليد العاملة في اسفل دركات السلم المعيشي او هجر القسم الاكبر الى الخارج بحثاً عن عمل او عن وطن، او عن مكان يشعر فيه العامل بفكره وساعده ان لديه حقوقاً في الراتب والصحة والاستشفاء والتعليم والشيخوخة، او سائر احتياجات الانسان الحيوية في هذا العصر.
وتغلب الاحتفالات والمواقف على المشهد اليوم، فضلا عن الحشودات في الشوارع للمناسبة، في حين يبقى الاستحقاق الرئاسي يتوقف على هبَّة تصريحات باردة من هنا، وهبة تصريحات ساخنة من هناك، من باب «إثبات الحضور» وضبط المشاغبة على ما يجري من مساعٍ لتضييق شقة الخلاف المستحكم حول المرشح المناسب لملء سدة الرئاسة الشاغرة منذ اول ت2 (2022).
على ان المفارقة القاسية ان القهر المعيشي ليس وحده سمة عيد العمال هذا العام، بل ان الموظفين والمستخدمين والعمال ايضا امضوا عيدهم بلا رواتب، بسبب اخطاء في تحويلات المالية الى المصارف، عبر مصرف لبنان، الامر الذي اوقف صرفها، وحتى تحويل ملايين من الدولار (بنكنوت) الى المصرف لتدارك الخطأ، الامر الذي يعني ان قبض الرواتب الجديدة لن يكون ميسورا قبل نهاية يوم غد والثالث من ايار الجاري.
وفي اجندات الاسبوع المقبل، افادت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن ملف النازحين يعود إلى البحث في الأسبوع الحالي من خلال خطة يعمل على تنفيذها من النعنببن مستوحاة من الخطة السابقة للحكومة مشيرة إلى أن المهم رفد القرار اللبناني بشأن هذا الملف سوريا دوليا وأوروبيا.
إلى ذلك دعت المصادر إلى انتظار نتائج متابعة هذا الملف وما إذا كان سيبت بشكل نهائي ام أن هناك صعوبة في حسم مصيره .
في تطورات ازمة النازحين، وفيما استمرت إجراءات العديد من المحافظين ومن البلديات للحد من فوضى انتشار النازحين، علمت «اللواء» من مصادر رسمية ان المدير العام للامن العام بالانابة العميد الياس البيسري زار دمشق مؤخراً، بعد قرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تكليفه مع عدد من الوزراء التواصل مع السلطات السورية والجهات الاخرى المعنية، للتنسيق في ملف إعادة النازحين السوريين واستئناف رحلات العودة الآمنة والطوعية. وقد تمت الزيارة بالتنسيق مع ميقاتي ووزير الداخلية القاضي محمد وسام مولوي.
وحسب المصادر الرسمية، التقى البيسري في زيارته عدداً من المسؤولين السوريين الامنيين، اولاً للتعارف بعد تسلمه مهامه في الامن العام، وثانياً لمتابعة التفاصيل المتعلقة بموضوع عودة النازحين، وكذلك للبحث في ملفات امنية اخرى ضمن التنسيق القائم أصلاً بين بيروت ودمشق حول قضايا امنية عديدة مشتركة، منها بشكل خاص موضوع ضبط الحدود ومراقبة المعابر غير الشرعية لوقف التهريب على اشكاله من والى سوريا، اضافة الى قضايا المطلوبين ومرتكبي الجرائم والمهربين.
وفي سياق حركته بموضوع النازحين، التقى العميد البيسري ممثلين خعن مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة، وتلقّى منهم وعداً بتسليمه الداتا المتعلقة بالنازحين مطلع الأسبوع المقبل، وعلى الارجح اليوم الاثنين، من اجل حصر الاعداد بدقة ومن تثبت عليه صفة نازح ومن ينتحل الصفة للاستفادة من الدعم المالي والغذائي والدوائي والصحي والتعليمي... وسوى ذلك من مساعدات وخدمات تقدمها المنظمات الدولية وبعض الدول الغربية وبعض المنظمات والجمعيات الخاصة.
واشارت المصادر الى ان عودة التعاون الامني واعادة النازحين ومعالجة الملفات الاخرى السياسية والاقتصادية والتجارية، تحتاج الى التنسيق المكثف بين البلدين، ولا سيما تواصل الوزراء اللبنانيين المعنيين مع نظرائهم السوريين، لإستكمال البحث والتنسيق في كل الملفات العالقة. وهوما اشار اليه ايضا وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار بعد اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة بحث موضوع النازحين السوريين.
وفي هذا الاطار، قال وزير العمل مصطفى بيرم لـ «اللواء»: ان موعد زيارة الوفد الوزاري الى دمشق لم يتحدد بعد لكن يُفترض ان يكون قريباً، وانه سيلتقي غداً الثلاثاء القائم بأعمال السفارة السورية في بيروت علي دغمان، بهدف البحث في الاجراءات التنسيقية المطلوبة والخطوات المقبلة ومنها زيارة لوفد الوزاري الى دمشق، «بعيداً عن الشعبوية والكراهية والعنصرية البغيضة، لأننا في النهاية شعبين شقيقين ولأننا وسوريا نسعى لأن لا نكون ضحية مؤامرة دولية خطيرة.
اقتراح سوري «مستقل»
وفي جديد الازمة، أعلنت «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا» (منطقة سيطرة قوات سوريا الديموقراطية) استعدادها لاستقبال النازحين السوريين من لبنان ومختلف مناطق العالم، ولذلك بسبب الظروف الصعبة التي يختبرها النازحون واللبنانيون على حدٍ سواء، وطلبت من الأمم المتحدة المساعدة لتوفير المناخات المناسبة.
وأشار الرئيس المشترك لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بدران جياكرد إلى أن «لبنان عانى خلال سنوات مضت من أزمات داخلية وتصدّع واضح في مختلف المجالات، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي والتبعات التي تُشكّل عبئاً كبيراً، إلى جانب التعطّل الواضح لجهة العملية السياسية».
ولفت جياكرد إلى أن «اللاجئين السوريين في لبنان يعانون من وضع سيىء للغاية، ونحن بدورنا، وضمن المبادرة التي أطلقناها، مبادرة 18 نيسان الجاري، تحدّثنا عن وضع اللاجئين، ونحن في الإدارة الذاتية جاهزون لاستقبال أهلنا من الخارج وأبوابنا مفتوحة لكل السوريين دون تمييز، كواجب إنساني وأخلاقي ووطني».
وأضاف: في الوقت الذي نؤكّد جهوزيتنا لاستقبال أهلنا اللاجئين من عموم السوريين من لبنان، فإننا نؤكد أيضاً وننادي بضرورة أن تقوم الأمم المتحدة بتقديم العون والضمانات، ولعب دورها المسؤول من أجل فتح ممر إنساني بين لبنان وبين مناطقنا تسهيلاً لعودة اللاجئين، إذ نحن جاهزون للإستقبال وتقديم الخدمات والعون ضمن إمكانياتنا، ونعتبر أن هذه المعضلة قضية انسانية ولا بد من التعاون معنا لحلها .
وشدّد على أن «بقاء اللاجئين في لبنان أو ترحيلهم كرهاً لسوريا غير قانوني ولا يتناسب مع قيم ومعايير وقوانين حماية اللاجئين، ولابد من معالجة هذا الوضع بالسرعة القصوى، في ظل استعداداتنا وجهوزيتنا التامة لذلك».
"الجمهورية": التسوية الرئاسية ثلاثية الحل
ينتظر أن يشهد هذا الاسبوع مزيداً من الاتصالات داخلياً وخارجياً في شأن الاستحقاق الرئاسي الذي توحي كل التطورات الجارية في شأنه، الايجابية منها والسلبية، انه اقترب من الحسم تحت وطأة توالي حلقات الانهيار الذي تعيشه البلاد على كل المستويات، وستتجه الانظار أكثر فأكثر في اتجاه الرياض وطهران وباريس، في ضوء الاتصالات الجارية بين هذه العواصم ومحورها لبنان واستحقاقاته المختلفة.
قال ديبلوماسي عربي تُشارك بلاده في اللقاء الخماسي لـ«الجمهورية» انّ «إخراج لبنان من الشغور الرئاسي أصبح على قاب قوسين او أدنى على قاعدة فصل الانتخابات الرئاسية عن سائر الازمات اللبنانية وعدم ربطها بالخلافات الداخلية، في اعتبار انّ هذه الانتخابات تشكل مدخلاً الى معالجة الازمة المالية».
وكشف هذا الديبلوماسي «أن الاتصالات قطعت شوطاً كبيراً في الاسابيع الاخيرة وان الاشتباك السياسي المستمر في لبنان لا يعكس حقيقة واقع الحال لجهة ما يحصل خارجياً».
وقال: «انّ القوى السياسية المختلفة ليست حتى اللحظة على دراية بالتطورات الخارجية، وان هناك توافقا ضمن اللقاء الخماسي على ضرورة إنهاء الشغور الرئاسي الذي بات يشكل خطراً على الواقع السياسي اللبناني، وانّ هناك ضرورة لإنهاء هذا الشغور كبداية لوضع المعالجات المطلوبة على المستوى المالي، وانّ التوافق سيكون شاملاً 3 نقاط: انتخابات رئاسية، تأليف رئيس حكومة، تشكيل حكومة، وذلك من اجل ان لا يدخل الوضع اللبناني في عوائق من بعد انتخاب الرئيس لجهة التكليف ولجهة التأليف لأنّ انتخاب الرئيس من دون الوصول الى حكومة يعني استمرار الوضع الانهياري على حاله، ولذلك يجب تجاوز كل المسائل العالقة المتّصلة بتشكيل السلطات الدستورية ممّا يؤدي الى انتظام العمل الدستوري المؤسساتي، لأنّ الانتخابات الرئاسية لوحدها غير كافية ـ لا بل بالعكس فإنّ المناخات الايجابية التي يعكسها انتخاب الرئيس تبقى محدودة في حال لم يُصَر الى تأليف حكومة سريعة، وبالتالي البحث جارٍ في هذه النقاط الثلاث من دون البحث في الامور الاخرى، وبالتالي نحن اليوم لسنا على مقربة من الانتخابات النيابية من اجل البحث في قانون الانتخاب ولا الامور الخلافية الاخرى، فكلّ ما هو مطلوب إعادة الحيوية الى عروق الجسم اللبنانية سياسياً ومالياً، وهذه المسألة تنحصر بانتخاب وتكليف رئيس حكومة وتشكيل حكومة. وبالتالي، الامور تتركّز على هذه النقاط الثلاث وقد قطعت شوطاً مهماً على هذا المستوى».
سيناريوهات
وفي هذه الأجواء تتعدد السيناريوهات محلياً حول الحراك الديبلوماسي الخليجي على رغم من أيّ مرجع سياسي او حكومي او ديبلوماسي لم يُشِر الى أي من هذه الروايات المتكررة من دون اي سند او اي معلومة يمكن التوقّف عندها، فتعزّزت الرغبات والامنيات وتجاوزت الحقائق والمعلومات.
ونُقل عن مصدر ديبلوماسي عربي في بيروت قوله لـ«الجمهورية» انّ الحراك العربي مستمر، وانّ اهتمام دول الخليج العربية بلبنان لم يعد خافياً على أحد بعد فترة من التردد لا الإهمال، كما يقول بعض المسؤولين اللبنانيين. وأضاف انّ هذه الدول مستعدة للقيام بأكثر من مبادرة وعلى اكثر من مستوى اذا لاقاها اللبنانيون في منتصف الطريق. ولفت الى انّ هذه الدول لها وزارات إعلام وخارجية ويمكنها ان تحدّد مواقفها مما يجري في لبنان والمنطقة وان تحدّد وجهة ديبلوماسييها، وانّ إمعان اللبنانيين ببعض السيناريوهات المنطقية وغير المنطقية في آن ليس له ما يبرّره بمفهومنا، وإن فعلت فعلها على الساحة اللبنانية من خلال الحرب النفسية المُعلنة التي تخوضها المكاتب الاعلامية والجيوش الالكترونية على مختلف الجبهات، فإنها تدعونا الى ضرورة عدم الأخذ بها ولا يجب ان يصدّقها أي لبناني مهما كان موقعه وانتماؤه وانها لا يمكن ان تبدل في مواقف قادتها وحكوماتها.
وختم المصدر: «لم نفهم بعد لماذا استعجال البعض لحسم بعض المواقف والخطوات فيما هم يمتنعون عن القيام بأقل واجباتهم وما هو مطلوب منهم على الاقل بالنسبة إلى الإصلاحات المالية والإدارية والقانونية التي تعزّز الحَوكمة وتواجه المأزق المالي والنقدي والمالية العامة وتحفظ شيئاً من أموال المودعين، وهي إصلاحات طلبها المجتمع الدولي لا سيما منها صندوق النقد الدولي من اجل لبنان وليس من اجل اي مؤسسة او دولة عربية او غربية او خليجية.
لا حسم نهائياً
وعليه، لم تحسم بعد اي مرجعية معنية لا في الرياض ولا في الدوحة أيّاً من المعلومات التي تتحدث عما يمكن ان تؤدي اليه بعدما عاد السفير السعودي وليد البخاري من إجازته، وكذلك بالنسبة الى الموفد القطري وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الخليفي الى بيروت. وسط معلومات عن لقاء سيجمع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان ونظيره الايراني حسين امير عبد اللهيان في نهاية الأسبوع المقبل او الذي يليه كما تَسرّب من محيطه الديبلوماسي قبل مغادرته بيروت الى طهران استناداً للعودة الى المنطقة والمشاركة في القمة السورية - الايرانية بين الرئيسين بشار الأسد وابراهيم رئيسي بعد غد الأربعاء، والذي قد تدوم إقامته في دمشق ليومين نظراً الى مجموعة الفعاليات التي يشارك فيها ويرعى بعضها.
الموفد القطري
اما بالنسبة الى الموفد القطري، فقد كشفت المعلومات التي اطّلعت عليها «الجمهورية» أنه واصَل من عاصمة بلاده الاتصالات بقيادات لبنانية مُستكملاً بعض المعطيات التي جمعها إبّان زيارته الى بيروت. واضافت انه على تَشاور دائم مع نظرائه في واشنطن وباريس وطهران بعدما شاركَ في «اللقاء الخماسي» الذي عُقد في السادس من شباط الماضي، كما مع مسؤولي عدد من الدول الخليجية ومصر. وأنه ما زال يجري تقييماً لنتائج زيارته السابقة لبيروت ولم يقرر بعد موعد عودته، ومدى الحاجة إليها والتي باتت رهناً بما سيحمله من اقتراحات جديدة، والتي وصفت حسب بعض التوقعات بأنها ستكون عملية إن اكتملت مشاوراته كما أراد منها.