لبنان
اتصالات للراعي على خط رئاسة الجمهورية.. وترقب لتبني أزعور كمرشح جدّي
اهتمت الصحف الصادرة صباح اليوم في بيروت بالتوجه لدى عدد من القوى السياسية لتبني جهاد أزعور كمرشح مواجهة جديد، ويجري الحديث أن أزعور سيكون مرشحًا لمن يسمّون أنفسهم "معارضة" إضافة لعدد من نواب "التغيير" يضاف إليهم التيار الوطني الحر، الذي لم يصدر موقفًا رسميًا بهذا الخصوص بعد.
الصورة النهائية لهذه الخطوة لم تتضح بعد، بانتظار الساعات القادمة، فيما يستعد البطريرك الماروني بشارة الراعي لإجراء جولة جديدة على المسؤولين اللبنانيين بعد عودته من زيارة فرنسا والفاتيكان، لا سيما أن الموقف الفرنسي كان واضحًا من أن الإجماع المسيحي على مرشح لا يكفي للمضي به من قبل باريس.
"الأخبار": بري ينتظر اتصالات الراعي قبل قرار تحديد جلسة الانتخابات| أزعور مرشح مواجهة جديد
مع توقع الإعلان الرسمي لقوى المعارضة مع التيار الوطني الحر، ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية، ينتقل الملف الرئاسي إلى مرحلة جديدة من المواجهة، ساحتها المرتقبة من قبل الفريق نفسه هي مجلس النواب.
لكن المعلومات المتوافرة تشير إلى أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري لن يدعو المجلس إلى الانعقاد سريعاً. إذ تبين أن البطريرك الماروني بشارة الراعي كان قد أبلغ الفرنسيين أنه سيقوم بجولة جديدة من الاتصالات مع الأفرقاء المسلمين لإقناعهم بالسير بالتوافق انطلاقاً من وجود مرشحين، لأنه ليس قادراً على مباركة مرشح من دون الآخر، طالما يحظى الاثنان بدعم قوى كبيرة في البرلمان، كما أنه غير قادر على الضغط على أي منهما للانسحاب، وأن كل ما يمكنه القيام به هو تكثيف الحوار بين القوى كافة، علها تصل إلى تفاهم على اسم لا يعتبر فوزه تحدياً لفئة أو طائفة.
وإلى هذا السبب، فإن الاتصالات بين أطراف الفريق الداعم للوزير السابق سليمان فرنجية أسفرت عن ضرورة إعطاء بعض الوقت حتى تبرد السخونة المرافقة لترشيح أزعور، خصوصاً أن احتساب الأصوات في هذه اللحظة لا يعطي نتيجة ثابتة. فيما يراهن كثيرون على أن معركة النصاب ستطل برأسها من جديد.
وكانت مصادر في قوى المعارضة أشارت إلى «اجتماعات تنسيقية حصلت في اليومين الماضيين لوضع اللمسات الأخيرة على إعلان تبنّي ترشيح أزعور وإعطاء إشارة قوية لتوحّد القوى المسيحية خلفَ اسم واحد». وقالت المصادر إن «حزبيْ القوات والكتائب كانا يطمحان إلى عقد مؤتمر صحافي يضمّ كل القوى التي تتبنّى ترشيح أزعور أو إصدار بيان مشترك موقّع منها جميعاً». لكن هذه النقطة لم تحسم بعد، كاشفة أن «السيناريو الأكثر قبولاً حتى الآن، هو الإعلان عن ترشيح أزعور من منزل المرشح السابق للمعارضة النائب ميشال معوض، الذي يفترض أن يقرأ بياناً يعلن فيه انسحابه لمصلحة أزعور، في حضور ممثلين عن «القوات» والكتائب ونواب تغييريين ومستقلين».
ووفق هذا السيناريو، يتوقع أن يُعلِن التيار الوطني الحر منفرداً تأييد أزعور. وستبدأ عملية التدقيق في حجم الأصوات التي سيجيرها التيار لمصلحة أزعور، في ظل إصرار بعض النواب على رفض التصويت له أو لفرنجية. وقد دخل هؤلاء في حالة ربط نزاع مع رئيس التيار النائب جبران باسيل، ومن غير المعلوم حتى الساعة كيف سيكون رد فعلهم في حال اختصر باسيل موقف التيار بالمؤيدين من دون العودة إليهم.
وكانت الساعات الأخيرة شهدت تسارعاً في وتيرة الحركة الرئاسية، بعدَ كلام البطريرك الراعي، فورَ عودته من باريس عن «حراك سيبدأه في اتجاه كل المكونات، بما فيها حزب الله»، بخاصة أن ملابسات الكلام عن ترشيح أزعور والضجيج الذي أثاره، أكد أن لا إمكان لإحداث أي اختراق إيجابي في الملف الرئاسي، وفق ما تقول مصادر سياسية بارزة اعتبرت أن هذه التطورات ترسم ملامِح لوحة قاتمة ينتظرها لبنان. ونقل عن مرجع كبير قوله: «ما يحصل لا يعيدنا إلى النقطة الصفر فحسب، بل يجعل الأمور أكثر سوداوية من قبل».
الراعي استقبل أمس باسيل وأطلعه على نتائج زيارته إلى أوروبا. وهي زيارة جعلت بعض قوى المعارضة تعبر عن قلقها، مبدية خشية من أن «يستغل باسيل دعوة الراعي إلى الحوار لتأجيل إعلان دعم أزعور، وكسب مزيد من الوقت كما كانَ يفعل مراراً»، فهو «لا يزال يدعو إلى التوافق ويظهر توجساً من الذهاب بعيداً في مواجهة حزب الله».
وبينما لفتت المصادر إلى أن «المعارضة تركّز حالياً على التواصل مع النواب السنة لإقناعهم بخيار أزعور»، ينتظر الجميع موقف الحزب الاشتراكي. وكشفت أنه «في الساعات الماضية لمس متواصلون مع نواب في كتلة اللقاء الديموقراطي إرباكاً كبيراً في مطبخ الاشتراكي»، بالتزامن مع معلومات تحدثت عن أن جنبلاط، وهو يؤيد أزعور بقوة، يدرس موقفه الآن، ربطاً بمناخات التحدي الكبيرة، وخشيته من تحول أزعور من مرشح تسوية كما كان اقتراح زعيم المختارة، إلى مرشح تحد، حيث «لا يزال جنبلاط يفضل أن لا يكون طرفاً إلى جانب أحد». وفي هذا الإطار، وضعت مصادر مطلعة الزيارة التي قامَ بها الوزير السابق غازي العريضي إلى عين التينة حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري قبلَ أن تعلن الكتلة موقفها الأخير بعدَ اجتماع تعقده الثلاثاء المقبل.
"البناء": حلف أزعور يغطي بصراخ الدعوة لجلسة عجزه عن إعلان الترشيح وعجز أزعور عن الترشّح
يجري التحرك نحو بلورة صورة الخطوة التالية من الاستحقاق الرئاسي على إيقاع الشرط الذي وضعه رئيس مجلس النواب نبيه بري لتوجيه الدعوة لعقد جلسة انتخابية، وهو وجود ترشيحين جدّيين، والمقصود كما قالت مصادر نيابية إعلان كتل نيابية بشكل رسمي ترشيح رئاسي واضح، وإعلان المرشح الرئاسي ترشيح نفسه، وفيما ينتظر المرشح سليمان فرنجية الإعلان عن ترشيح منافسه وزير المال في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة جهاد أزعور، المفترض أن يعلن ترشيحه، يبدو الصراخ الصادر لمطالبة الرئيس بري بالدعوة لجلسة محاولة للتغطية على أزمة حلف أزعور، حيث تؤكد مصادر نيابية أن هناك محاولة للتغطية على مأزق مَن سيعلن ومَن لا يريد أن يعلن عن ترشيح أزعور من الكتل النيابية، التي تتوزّع بين مَن يريد أكثر من مرشح، مثل نواب التغيير والتيار الوطني الحر، ومَن يريد حصر الأمر بأزعور مثل القوات اللبنانية وحزب الكتائب. وبالمقابل هناك مشكلة لدى أزعور فهو لا يريد الاستقالة من منصبه إلا إذا فاز بالرئاسة، وإعلان ترشيحه يستدعي منه الاستقالة من صندوق النقد الدولي وفقاً لقواعد عمل الصندوق، وهو يخشى أن يخرج خاسراً في المكانين، ولذلك فهو يمانع تلبية دعوته لإعلان ترشيحه.
على خط السجال الرئاسي موقف لرئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، قال فيه إن التذاكي والمناورات لا تنتجان رئيساً، وإن الاستقامة وحدها تصنع الإنجازات، مؤكداً التمسك بالمرشح سليمان فرنجية، واصفاً تحركات المناوئين بالمناورات التي يخفي وراءها كل طرف مرشحه الحقيقي، بينما صدر كلام عن المسؤول الإعلامي في حزب الله محمد عفيف حول ما نسب الى مصدر قضائي حول تضمن القرار الاتهامي في قضية مقتل جندي من اليونيفيل إشارة الى مسؤولية حزب الله، فاستغرب الزجّ باسم حزب الله بينما القرار الاتهامي لم يذكر الحزب، محملاً المسؤولية للمصدر القضائيّ الذي تحدّث لوكالة الصحافة الفرنسية.
وتتجه الأنظار الى قوى المعارضة والتيار الوطني الحر التي من المرتقب أن تعلن رسمياً تبني ترشيح وزير المالية في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة جهاد أزعور الى رئاسة الجمهورية، ووفق معلومات «البناء» من أكثر من مصدر بأن الاجتماعات والاتصالات تكثفت خلال اليومين الماضيين بين كافة الكتل لتذليل عدد من النقاط الخلافية بين كتل المعارضة نفسها وبينها وبين تكتل لبنان القوي. ويتركز الخلاف وفق المعلومات على ضمانات متبادلة للتصويت لأزعور في المجلس من كافة أعضاء الكتل وعدم التراجع أولاً وعلى الخطة ب ثانياً بحال سقط أزعور أو تعثّر فوزه، فضلاً عن برنامجه الرئاسي ومدى توفيقه وتوافقه مع كل مطالب ورؤى الكتل النيابية التي ستدعمه، إضافة الى آلية التعامل مع تعامل رئيس المجلس النيابي نبيه بري ومع كل خيار يلجأ إليه.
ومن النقاط الخلافية أيضاً هي أن النائب جبران باسيل يشترط التوافق على مرشحين وليس على أزعور فقط وخوض المعركة بهما، فيما رفضت القوات اللبنانية ذلك وكذلك قوى التغيير وأصرّوا على التصويت لمرشح واحد لكي لا تفتح المجال أمام عمليات الخداع وخرق التكتلات وتشتت الأصوات واستفادة الطرف الآخر من هذا الأمر لتمرير مرشحه. كما طلب باسيل بأن لا يتم تبني قائد الجيش بحال سقط أزعور، فيما اشترطت القوات بأن لا يسير التيار بالوزير السابق زياد بارود بحال تعثّر وصول أزعور.
كما علمت «البناء» أن الخلافات لا تزال سيدة الموقف بين قوى التغيير الذين ينقسمون على أنفسهم، منهم من يؤيد أزعور ومنهم يرفضه وسيصوّت بالورقة البيضاء وطرف ثالث يريد البحث عن مرشح ثالث بين قائد الجيش وبارود. لكن مصادر نيابية رجحت لـ»البناء» أن يصار الى تذليل الخلافات وتقريب وجهات النظر بين الكتل والإعلان الرسمي كل كتلة على حدا في بيان تبنيها أزعور اليوم أو الاثنين المقبل.
لجهة القوات اللبنانية أشار النائب فادي كرم في حديث إذاعي الى «تلاق وتوافق بين أطراف المعارضة وتلاق مع التيار الوطني الحر على دعم ترشيح جهاد ازعور مبدئياً»، لافتاً الى ان هناك «اجتماعات مشتركة واليوم سوف يكون اجتماع بين خلية المعارضة ولجنة المتابعة للتيار الوطني الحر للبحث في عملية الإخراج التي ستتم في اليومين المقبلين السبت او الاحد او الاثنين وكيفية صدور البيانات أكانت ستصدر مترافقة او بيانات شراكة». ورداً على سؤال عما سرّب عن ان «التيار الوطني الحر» سيسعى الى طرح اسم ثان الى جانب ازعور، قال كرم: بحسب ما تبلغنا من التيار لا صحة لهذا الكلام.
في المقابل أكدت أوساط نيابية مطلعة في التيار الوطني الحر لـ»البناء» بأن التيار يرفض أن يسير بمرشح تحدٍ لحزب الله وإن رشح أزعور في هذه المرحلة بمعزل عن فرص فوزه، لكن على الحزب أن يساعد التيار بالاقتناع أولاً بأن دعم ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية يخالف القرار المسيحي وإرادة الكتل النيابية المسيحية، وثانياً الحوار للتوافق على مرشح ثالث بديل عن فرنجية وأزعور».
ورأت الأوساط بأن الحل الوحيد لتفادي التصعيد والانقسام السياسي والطائفي هو البحث عن مرشح توافقي بين الثنائي حركة أمل وحزب الله وبين التيار يوافق عليه اللقاء الديمقراطي والتغييريون والاعتدال الوطني. وأوضحت أن «العلاقة ليست مقطوعة مع حزب الله لكن لا حوار وتواصل على المستوى الرئاسي والتي تتطلبها المرحلة والاستحقاق الرئاسي».
ولفتت الأوساط الى أن «البطريرك الراعي لم يتحدث بأسماء في لقائه مع الرئيس الفرنسي بل همه الضغط باتجاه انتخاب رئيس توافقي وليس رئيس تحدٍ، لكن طريقة طرح فرنجية وفرضه على الآخرين كمرشح أو لا أحد استفزت الأطراف الأخرى لا سيما المسيحية، بخاصة أن المرحلة لا تناسب فرنجية والأوضاع والظروف الاقتصادية والمالية والنقدية تتطلب رئيساً جامعاً لأكبر شريحة نيابية ووطنية يملك رؤية اقتصادية ومالية لإنقاذ البلد، ولا يشكل استمراراً للمنظومة القائمة والسياسات السابقة».
في المقابل، بدأ الرئيس بري جولة مشاورات نيابية غير معلنة مع بعض الكتل النيابية قبل أن يتخذ القرار المناسب حيال الدعوة الى جلسة أم لا، واستقبل أمس في عين التينة، الأمين العام لحزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان، حيث جرى عرض للأوضاع العامة والمستجدّات السياسية. كما بحث برّي في المستجدات السياسية خلال لقائه الوزير السابق غازي العريضي.
وفيما تترقب الأوساط موقف اللقاء الديمقراطي من ترشيح المعارضة والتيار لأزعور، أعلن أمين السر العام للحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر أن «كتلة اللقاء الديمقراطي ستعقد اجتماعاً الثلاثاء المقبل، ولا زلنا عند موقفنا بأن الاستحقاق الرئاسي يحتاج الى تفاهم بين القوى السياسية ونحن نحتاج جميعاً الى الحوار في ما بيننا للاتفاق على رئيس».
وإذ رأت مصادر سياسية لـ»البناء» أن استقالة رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط من رئاسة الحزب وتسليم ابنه مقاليد قيادة الحزب خلال المؤتمر العام أواخر الشهر المقبل، قد تكون مقدّمة لتبني اللقاء الديمقراطي بتعليمات من رئيس الكتلة تيمور جنبلاط لخيار أزعور لدفع الإحراج عن جنبلاط الأب أمام حزب الله والرئيس بري، إلا أن معلومات «البناء» استبعدت أن يذهب اللقاء الديمقراطي لهذا الخيار الذي يستفز به الثنائي والرئيس بري، ولذلك سيبقى على موقفه الذي أعلنه وليد جنبلاط منذ أسبوعين بأن الكتلة لن تأخذ طرفاً وستترجم موقفها في صندوقة الاقتراع خلال جلسة الانتخاب وقد تذهب إلى توزيع أصواتها على مرشحين، أو بالورقة البيضاء.
بدوره، قال النائب عن حزب الطاشناق هاغوب ترزيان: «اجتماعاتنا مفتوحة ككتلة نواب الأرمن لاتخاذ القرار المناسب بشأن الاستحقاق الرئاسي والأساس بالنسبة لنا ان الشغور الرئاسي طال أمده، وبالتالي يجب ان يتم انتخاب رئيس للجمهورية».
ولا يزال الثنائي على موقفه من دعم ترشيح فرنجية، وأكدت مصادره لـ»البناء» أنه لم ولن يتأثر بكل الضغوط والتهويل النفسي والحملات السياسية والإعلامية والتهديد بالعقوبات الخارجية على رئيس المجلس، ولن تثنيه عن التراجع عن دعم خياره الرئاسي، محذّرة من أن محاولة الفريق الآخر فرض رئيس ستشكل تحدياً لقوى أساسية وطائفة وازنة في البلد وبالتالي يؤدي الى تفجير البلد، ناصحة الفريق الآخر بالعودة إلى الحوار وعدم الاستقواء بالخارج وبأي أكثرية نيابية موهومة لفرض مرشح ما، مؤكدة بأن لا رئيس من دون موافقة الثنائي ونقطة على السطر.
وأكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أن «نهج الاستقامة والثبات على المقاومة ينتج هذه الانتصارات، أما المناورات والتذاكي والتحايل وغير ذلك فلا ينفع، إلا الثبات على الحق وعلى نهج الاستقامة الذي تترجمه المقاومة في أدائها»، مضيفاً «اليوم حتى الاستحقاق الرئاسي في مجتمعنا وبلدنا نحن نواجهه بهذه الخلفية، المسألة ليست مسألة أشخاص، بل مسألة من يريد خيراً بالمقاومة ومن يريد طعناً في ظهر المقاومة». وأضاف رعد: «نحن دعمنا مرشحاً لهذه الرئاسة في هذا البلد مطمئنون بأنه لا يطعن المقاومة، وأردنا من هذا المرشح الذي دعمناه أن يكون جسر تواصل بيننا وبين الآخرين حتى الذين هم من خصومنا السياسيين وهو قادر على أن يفعل ذلك وقادر على أن يساهم في حل الكثير من مشاكل البلد الاستراتيجية وقادر على أن يتواصل مع محيطنا العربي وقادر على أن يتخاطب مع الدول المعنية بالشأن اللبناني. وهو متصالح مع نفسه وحتى مع خصومه وحتى مع قتلة عائلته، ولكن هم يريدون أمراً آخر، والآن قيل إنهم تفاهموا حول اسم مرشح، ولكن في الحقيقة لا ندري هي مناورة بين بعضهم ضد بعضهم الآخر، هدفها أن نسقط مرشحنا وأن نسحبه من التداول ليعودوا ويطرحوا مرشحهم الحقيقي، من اتفق على الاسم للمناورة، كل طرف منهم يخفي مرشحه الحقيقي تحت عباءته، فيما المرشح الذي اتفقوا عليه ولم يتفقوا معه ليستخدموه في معركة الاستحقاق الرئاسي أرادوا منه فقط من أجل أن نسحب مرشحنا».
"الجمهورية": الانفراجات تتراجع والنكد يُراكم التعقيدات
الحمولة الزائدة من النكد السياسي التي تُثقل الملف الرئاسي، شَلّته الى حدّ انّه بات عاجزاً عن التقدّم ولو خطوة واحدة الى الامام، فلا قوة دفع محلية وَفّرت له «عكازاً» يستند إليه ويعينه على المشي، ولا قوة الدفع الخارجية استطاعت ان تؤمّن له كرسياً متحركاً يكرُج فيه نحو انتخاب رئيس للجمهورية. والنتيجة الطبيعية لهذا الواقع المشلول هي انّ طريق الانتخاب سينبت عليها العشب.
هذا هو واقع الحال الرئاسي، وكل آفاق تَبدّله مقفلة، وليس ما يبشّر بأنها قد تنفرج في المدى المنظور، بل على العكس إنّ المكوّنات المتصارعة على الحلبة الرئاسية تَتشارَك وتتضامن وتتكافل في قطع كل المسالك والمعابر التي تؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية، وفي شق الطريق امام البلد بصورة عامة، المؤدية الى مزيد من التوترات والانشقاق والكوارث. وضمن هذا السياق، تندرج اللعبة الدائرة حاليّاً على الحلبة الرئاسيّة، التي تَتنادَى فيها المعارضات والتناقضات لِدعمٍ، لم يحسم بعد بصورته النهائية، لترشيح الوزير السابق جهاد أزعور في مواجهة ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وهي لعبة جاءت مفاعيلها سريعة بإشاعة جَو من التوتر السياسي المفتوح على كلّ شيء إلّا على انتخاب رئيس للجمهورية.
مَن أوحى بالحملة؟
وإذا كانت مصادر سياسية عاملة على الخطّ الرئاسي لا تشكّ لحظة في «أنّ أقصى المُراد من هذه اللعبة، ليس انتخاب رئيس للجمهورية، بل إقصاء فرنجية واسقاط ترشيحه، وهو ما لا تخفيه المعارضات»، الا انّ مصادر مسؤولة أبلغت الى «الجمهورية» قولها انه «قبل الحديث عمّا تريده أطراف هذه اللعبة - وهو أمر معلوم ولم يكن خافياً من الاساس، ومعلوم ايضاً انها لا تملك قدرة الحسم وتوجيه المسار وفق مشيئتها - ينبغي السؤال عَمّن أوحى بإطلاق هذه اللعبة التي لن تؤدي بالتأكيد الى انتخاب رئيس للجمهورية؟ وأي هدف يُراد تحقيقه منها في هذا التوقيت بالذات؟ وأيّ إرادة فرضَت على تناقضات، لا نقول مُخاصِمَة لبعضها البعض بل مُعادِية لبعضها البعض، الانخراط في هذه اللعبة ورَصفتها على خط المواجهة؟ واستكمالاً لذلك أيّ غرفة سوداء، أكانت من الداخل او من الخارج او من الداخل والخارج معاً، «كَبسَت زرّ» إطلاق حملة تبدو منظّمة على رئيس مجلس النواب نبيه بري واتهامه بإقفال المجلس النيابي، وماذا تتوخى منها»؟
سَمعنا إيجابيات... ولكن؟
هي لعبة تبدو انها في الوقت الضائع، ولكن بلا أفق، على حد تعبير المصادر عينها، إلا انها تعبّر عن حذر شديد منها، وتقول انه «لا يجب الاستهانة بما قد يترتّب عليها من تداعيات». ولا تنفي خشيتها من ان تكون هذه اللعبة معطوفة على ما يبدو انّه تراجُع في حركة الجهود والمساعي الخارجية، وخُفوتٌ في المناخات التفاؤلية التي أُشيعت في الاسابيع الاخيرة عن قرب انفراج رئاسي في لبنان. على أنّ اكثر ما تحيطه المصادر المسؤولة بعلامات استفهام هو «اننا في الحراكات الديبلوماسية الأخيرة سمعنا كلاما صريحا ومباشِرا وايجابيا جدا في مُجمَله أوحى وكأنّ انتخاب رئيس الجمهورية حاصِل في غضون ايام قليلة لا تتجاوز نهاية حزيران الماضي، وفجأة سكت هذا الكلام، وتوقفت الحراكات، ولم نلمس أي ترجمة لما قيل لنا، نخشى ان نكون قد عدنا الى المربّع الاول».
الايجابيات ما زالت موجودة
واذا كانت بعض القراءات السياسية تَرُدّ تراجع المناخات التفاؤلية الى ما تسمّيها «عوامل مؤخرة قد تكون طرأت على المشهد الاقليمي، وأصابت ما سُمّيت «انفراجات» بشيء من الارتجاج، او بمعنى أدَق بـ«التعَثر المؤقت» الذي يتطلب المعالجة والحسم قبل استئناف قطار الانفراجات مَساره»، الّا أنّ مصادر ديبلوماسية عربية أبلغت الى «الجمهورية» قولها «انّ المشهد العربي والاقليمي انتقل الى مرحلة جديدة، نقيضَة لِما كان سائدا من توترات على اكثر من صعيد، ولا شك انّ الملفات كثيرة والنقاش حولها مستمر، وثمة تعقيدات تراكمت منذ سنوات طويلة، تتطلّب جهداً لبَتّها. المشهد ايجابي بصورة عامة، وبالطبع له تأثيراته على مجمل المنطقة ولبنان جزء من هذه المنطقة، ويمكن للبنان أن يستفيد من هذه المناخات والايجابيات ويلاقيها بحسم التوافق الداخلي على رئيس الجمهورية، وهو ما اكدت عليه القمة العربية في جدة».
باريس: إمتعاض
الا انّ الاجواء الواردة من باريس تعكس مستوى عالياً من الإمتعاض لدى المستويات الرسمية الفرنسية، وابلغت مصادر ديبلوماسية موثوقة الى «الجمهورية» قولها: انّ باريس انتظرَت تجاوباً من القادة السياسيين في لبنان مع جهودها لإنهاء أزمته الرئاسية، لكنها تشعر بالاحباط مِن مَنحى التعقيد القائم، وعدم تفاعل السياسيين مع مصلحة لبنان ومع حاجته التي باتت اكثر من ملحّة للخروج ممّا هو فيه من مصاعب على كل المستويات».
ولفتت المصادر إلى «انّ موقف الإيليزيه من الملف اللبناني ثابت عند الحسم السريع لملف الرئاسة في لبنان، وفق المسار الذي تقاطعت حوله مع اصدقائها الدوليين، وهو ما تمّ تأكيده للقادة والشخصيات والسياسيين الذين زاروا العاصمة الفرنسية في الاسابيع الاخيرة، وآخرهم البطريرك الماروني بشارة الراعي. فلبنان كما تراه فرنسا امام لحظة تاريخية لانتخاب رئيس على وجه السرعة، والّا فإن الوضع القائم حالياً سينحدر بصورة دراماتيكية الى واقع أكثر صعوبة ومأساوية على كامل مكونات الشعب اللبنانيين، والمسيحيين منهم على وجه الخصوص، الذين يشكّل لبنان نقطة الوجود الوحيدة المتبقية لهم في الشرق».
ونَسبت المصادر إلى مسؤول رفيع في الخارجية الفرنسية قوله بصوت منفعل امام بعض زواره اللبنانيين: باريس حريصة على لبنان وتريد ان ينعم بالأمان والاستقرار، وهي انطلاقاً ممّا يربطها من علاقات وثيقة وتاريخية مع هذا البلد تبذل أقصى جهدها لحل ازمته، فماذا تنتظرون؟ في بداية الازمة صَرخ وزير الخارجية جان ايف لودريان لنجدتكم وقال: ساعدوا أنفسكم قبل ان ينهار بلدكم، ومع الأسف ما زلنا نرى عكس ذلك في لبنان».
ورداً على سؤال قالت المصادر الديبلوماسية: انّ باريس وسائر اصدقائها الدوليين على ثقة انّ في إمكان اللبنانيين حسم الملف الرئاسي على وجه السرعة، لكنّ استمرار الحال على ما هو عليه من افتعال تعقيدات تُعطّل المسار الرئاسي يضع لبنان امام احتمالات سيئة، ليس أقلّها تحوّل لبنان الى نقطة مجهرية في أجندات الدول وأولوياتها».
المعارضات والحسم
وفي انتظار الحراك الذي أعلن البطريرك الراعي إطلاقه في اتجاه مختلف القيادات والمكونات السياسية، تترقب الاوساط السياسية ما ستقرره المعارضات الداخلية حول دعم ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور. وفيما يُروّج بعض المعارضة الى انّ اعلان هذا الدعم بات وشيكاً، كان اللافت للانتباه ما تَردّد في الساعات الماضية عن أنّ هذا التبنّي قد لا يأتي على شكل بيانٍ باسم المعارضات، بل عبر بيانات منفصلة، ما يعني دعماً بالمفرّق وليس بالجملة.
وفيما تؤكد مصادر في المعارضة لـ«الجمهورية» انّ اعلان المعارضات دعم ازعور يُزيل من الطريق أيّ عذر لاستمرار إقفال المجلس النيابي، ويوجِب بالتالي مبادرة رئيس المجلس الى تحديد جلسة انتخابية على وجه السرعة»، اعتبرت المصادر المقابلة انّ رئيس المجلس كان واضحا في موقفه حينما ربطَ دعوته الى جلسة انتخابية بوجود مرشّحين جديين، وليس بمرشّحين للمناورة، وفي اي حال الصلاحية في يد رئيس المجلس، وهو يقرر ما يراه مناسباً في هذا الاطار».
نِصاب في مواجهة نصاب
الا انّ مصادر نيابية رسمت صورة ملبّدة لأي جلسة انتخابية يُدعى اليها في ظل هذه الاجواء، حيث تقول: لنفرض انّ المعارضات اتفقت على ازعور، معنى ذلك انّ نصاب الانعقاد قد تأمّن، وبالتالي اذا ما دُعي الى الجلسة فإنها ستُعقد بنصاب كامل، ومحسوم في دورة الانتخاب الاولى انّ أيّاً من المرشحين لن ينال اكثرية الثلثين التي تحمله الى القصر الجمهوري، ما يوجِب الانتقال الى دورة انتخاب ثانية التي يحدد فيها الدستور نسبة الفوز بالاكثرية المطلقة (65 صوتاً)».
ولفتت المصادر الى «ان الدورة الثانية ليس مضمون لها ان تحصل، لأنها محكومة بنصاب في مواجهة نصاب. ذلك انّ كل طرف، سواء الداعمين للوزير فرنجية او الداعمين للوزير ازعور، يَحتكِم على الثلث المعطل للجلسة. فإذا ما وَجدَ داعمو فرنجية أنّ الكَفّة ستميل لصالح ازعور، فإنهم لن يترددوا في فرط نصاب الجلسة، وكذلك الامر بالنسبة الى داعمي ازعور، حيث انهم اذا ما وجدوا انّ الكفة ستميل لصالح فرنجية فإنهم لن يترددوا في فرط النصاب، وقد أعلنوا ذلك صراحة. عملياً، ما هو منتظر في هذه الاجواء ليس جلسة انتخاب رئيس بل جلسة يُسَجّل فيها الفشل الثاني عشر، وهو الامر الذي يفتح بالتأكيد على غليان سياسي لا يعرف مداه، في انتظار مفاجآت او صدمات تفرض الانتخاب».