معركة أولي البأس

لبنان

ترقّب للجلسة 12 لانتخاب رئيس دون التعويل على تصاعد دخان أبيض
10/06/2023

ترقّب للجلسة 12 لانتخاب رئيس دون التعويل على تصاعد دخان أبيض

اهتمت الصحف الصادرة في بيروت بالمستجدات على صعيد المشهد الرئاسي، حيث لم تحسم الصورة التي ستكون عليها جلسة الأربعاء المقبل التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري لانتخاب رئيس للجمهورية.
ورغم ارتفاع حصيلة المؤيدين لترشيح جهاد أزعور بين مختلف الكتل النيابية، إلا أن أجواء الجلسة المرتقبة لا توحي بتصاعد الدخان الأبيض من هذا الاستحقاق الذي مرّ عليه أكثر من 8 أشهر من الشغور، وأن مصير الجلسة رقم 12 سيكون كسابقاتها.
وكان الرئيس بري استقبل في عين التينة المطرانين بولس عبد الساتر ومارون العمار موفدين من البطريرك بشارة بطرس الراعي للوقوف على تطورات الشأن الرئاسي.
إلى ذلك، اتجهت الأنظار جنوبًا أمس، حيث يستمر العدو الصهيوني في استفزاز الجانب اللبناني بأعمال حفر في منطقة كفرشوبا، ما استدعى تدخلًا من الأهالي واستنفارًا من الجيش اللبناني، أجبر العدو على التراجع.


"البناء": الجيش والشعب في العرقوب يدافعان عن السيادة

على الحدود كان الوطن يصرخ، وكان الشعب والجيش ومن خلفهما المقاومة في حال مواجهة وجهوزية، والعنوان هو قرار حكومة الاحتلال بالاستعداد للحرب عبر العودة لبناء جدار عازل يكرّس وضع اليد على الأراضي اللبنانية المحتلة التي يتمسّك لبنان بهويتها الوطنية، ويخوض معركة منع ضمّها منذ العام 2000، بينما السياسة في لبنان كما كانت دائماً منقسمة بين مَن يقفون مع الحقوق الوطنية ويتمسكون بـ ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة، ومن يلوكون أحاديث السيادة لغواً فارغاً ويتهرّبون من مسؤولياتهم الوطنية بحدها الأدنى، بل إن بعضهم لم يتورع عن جعل الدفاع عن «المطبّعة» الكويتية فجر السعيد التي نبذها الكويتيون، بينما لبنان في ذروة المواجهة الدائرة حول أرض كفرشوبا والعرقوب وإصابة العشرات من الأهالي خلال المواجهات، رغم مشهد الكبرياء الوطني والعنفوان الذي أظهره الجيش اللبناني بقرار قيادته وحضور ضباطه وجنوده.

رئاسياً، ثلاث ظواهر أبرزتها تحرّكات الأمس، الأولى بدء نزول جماعة «تقاطع جهاد أزعور» عن شجرة الغلوّ والتباهي، التي أطلقها انضمام اللقاء الديمقراطي بعد التيار الوطني الحر إلى صفوفهم، واعتراف أركان «التقاطع» بالفشل في جمع 65 صوتاً لصالح مرشح التقاطع جهاد أزعور، وهو ما ظهر في النبرة العدائية والانفعالية لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بحق النواب الذين قرّروا التمايز عن الاصطفاف الحاد طلباً للتوافق بمحاولة تسمية مرشح ثالث متهماً هؤلاء بإضاعة فرصة انتخاب ازعور. والظاهرة الثانية كانت انتقال موقع ودور بيضة القبان الانتخابية من التيار الوطني الحر ثم اللقاء الديمقراطي، بعد انضمامهما بسحر ساحر إلى التقاطع، ليرسو الدور عند مجموعة النواب التي تقارب الـ 28 نائباً، والتي قرّرت عدم السير بالمرشحين سليمان فرنجية وجهاد أزعور، على الأقل في الدورة الأولى، وكتلة بيضة القبان تتكوّن من 4 نواب مستقلين و10 نواب من كتلة الاعتدال، و5 نواب من التيار الوطني الحر، و9 من نواب التغيير، منهم 6 تجري معها اتصالات للانضمام الى تقاطع أزعور، ويحول بينها وبين الانضمام الخشية من قواعد شعبيّة تعتبر أزعور رمزاً للمنظومة التي قامت بوجهها ثورة 17 تشرين، وتعتبر التحالف مع التيار الوطني الحر بعد التحالف مع حزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي خيانة لمنطلقات «الثورة»، وشعار «كلن يعني كلن». أما الظاهرة الثالثة فهي أن مؤيدي ترشيح سليمان فرنجية، وقد نجحوا باحتواء انضمام اللقاء الديمقراطي الى تقاطع أزعور، وتيقنوا من عجز المتقاطعين عن تأمين الـ 65 صوتاً، ومن إمساكهم بالقدرة على تعطيل النصاب، بدأوا يستعدون لما بعد جلسة الأربعاء، في جلسة قد لا تنعقد قبل شهور طويلة.

وبعد موقف كتلة اللقاء الديموقراطي بالتصويت للوزير السابق جهاد أزعور تكثفت الاتصالات على كافة الخطوط السياسية بموازاة حركة خارجية نشطة باتجاه لبنان، ستبدأ مع وصول وزير الخارجية الفرنسي السابق جون إيف لودريان الى بيروت قبل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وغص الوسط السياسي والإعلامي بسيلٍ من التحليلات لأبعاد خيار رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط الذي يعكس موقفاً خارجياً تجاه لبنان، وفق ما تشير مصادر سياسية لـ»البناء»، رابطة بين موقف الاشتراكي بكلمة سر وصلت الى الفريق الأميركي في لبنان للسير بمرشح مواجهة ضد المرشح المدعوم من الثنائي رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. وتساءلت عما يجمع القوات اللبنانية والكتائب مع التغييريين والتيار الوطني الحر غير قرار خارجي أميركي – سعودي – قطري بموافقة فرنسية ظهرت بتبديل الإدارة الفرنسية المسؤول عن الملف اللبناني باتريد دوريل بالوزير السابق لودريان وإيفاده الى لبنان لطرح صيغة معدلة للطرح الفرنسي السابق بدعم فرنجية، ما سيأخذ البلد إلى تصعيد كبير ومواجهة حاسمة ستطيّر جلسات انتخاب الرئيس وتطيل أمد الفراغ في رئاسة الجمهورية.

وتداعت الكتل النيابية للاجتماع والتشاور لاتخاذ مواقفها النهائية في جلسة 14 حزيران لا سيما النواب التغييريين والمستقلين الذين لم يحسموا أمرهم حتى منتصف ليل أمس، باستثناء مارك ضو ووضاح الصادق وميشال الدويهي وفق معلومات «البناء»، أما النواب التغييريون الآخرون فيعقدون اجتماعات مع عدد من النواب المستقلين من كتلة صيدا – جزين للتصويت لخيار ثالث غير أزعور وفرنجية، والمرجح أن يكون الوزير السابق زياد بارود. وبالتوازي يجري تفاوض بين هؤلاء النواب والتيار الوطني الحر بعيداً عن الإعلام للتوافق على مرشح ثالث كالوزير بارود يوافق عليه حزب الله وحركة أمل مقابل التنازل عن فرنجية.

وفي سياق ذلك، أفادت مصادر إعلامية بأن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أسرَّ إلى نواب من التيار بأن خياره الرئاسي في المرحلة الثانية هو بارود. وذكرت المصادر أن باسيل أخطر نواباً من التيار بأنهم إن حصلوا على تعهّد من حزب الله بالتخلي عن فرنجية فسيقابل ذلك بإسقاط جهاد أزعور.
إلا أن «التيار» نفى نفيًا تامًّا، ما أوردته إحدى القنوات من كلام مضلّل منسوب لرئيس التيار جبران باسيل بشأن الاستحقاق الرئاسي، واعتبر التيار الوطني أنّ القناة «تقوم بحملة تشويش باتت أهدافها معروفة، ومكشوفة».
وعلمت «البناء» أن الجزء الأكبر من قوى التغيير والمستقلين سيصوّتون لبارود لكي ينال عدداً وازناً من الأصوات يسمح بتقديمه كمرشح تسوية بعد سقوط أزعور وفرنجية.
وأشارت النائبة بولا يعقوبيان الى ان «6 نواب من قوى التغيير لا يزالون في مرحلة التداول والمشاورات مستمرة في ما بينهم ومع مجموعاتهم وقواعد 17 تشرين على أن يُصدروا موقفاً موحداً».

وإذ لفتت مصادر سياسية الى أن الجميع ينتظر الحراك الخارجي وزيارة لودريان وجولة متوقعة للسفير السعودي في لبنان على بعض المرجعيّات، متوقعة مفاجآت حتى موعد الجلسة، أشارت أوساط الثنائي لـ»البناء» الى أن إصرار الفريق الآخر على ترشيح أزعور وطرحه بهذا الشكل الاستفزازي يحمل مشروع مواجهة ويُودي بالبلد الى مزيد من التوتر والتفجير لأنه يخفي مخططاً خارجياً أميركياً – اسرائيلياً جديداً للبنان للجم انعكاسات المتغيرات الإقليمية على لبنان الذي يشكل مصدراً لتهديد أمن إسرائيل»، ولذلك اجتمعت الأضداد السياسية في الداخل بعدما وصلت كلمة السر الخارجية»، متسائلة لماذا يصرّون على أزعور ويعرفون بأنه لن يمر؟ وأكدت المصادر تمسك الثنائي بفرنجية الذي نرى فيه الرجل الذي يناسب المرحلة.

وحتى يتضح المشهد الانتخابي في جلسة 14 حزيران ترسم سيناريوات عدة للجلسة، منها أن يعمد فريق الثنائي الى ممارسة حقه الدستوري وعدم المشاركة في الجلسة من الدورة الأولى وبالتالي عدم انعقاد الجلسة، أو الخروج من الجلسة من الدورة الثانية وفرط النصاب، أو حصول تصويت في الجلسة الأولى والثانية من دون حصول أي من المرشحين على 65 صوتاً، والاحتمال الرابع أن يؤمن الثنائي النصاب وينتخب أزعور بالـ 65 صوتاً ويرمي كرة نار الأزمة والانفجار إلى فريق المعارضة لإنقاذ لبنان من الانهيار الاقتصادي والمالي. لكن مصادر «البناء» رجّحت خيار فرط النصاب من الجلسة الأولى أو الثانية.

رأى رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك أن «الفراغ ما زال سيّد الموقف، ومن البداية الى اليوم موقفنا واضح من هذا الاستحقاق الرئاسي، قلنا وما زلنا نردد إننا نريد الرئيس الجامع المنفتح على جميع المكونات، رئيساً لجميع اللبنانيين من دون تمييز، وصاحب موقف ومبدأ وقوة على المواجهة والصمود في وجه ما يخطط للبنان من مشاريع. ومن هذا المنطلق كان تأييدنا ودعمنا للمرشح رئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجية، لأننا نرى فيه هذه المؤهلات وله القدرة على معالجة جميع الملفات، خصوصاً ملف النازحين السوريين وترتيب العلاقة مع سورية وجميع الدول العربية والخليجية والمنفتح على دول العالم ما عدا العدو الإسرائيلي».
واستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة المطرانين بولس عبد الساتر ومارون العمار موفدين من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي. وفي حين اكتفى العمار بالقول إن اللقاء كان جيداً، يفترض أن يصدر عن بكركي بيان يتطرق الى فحوى المحادثات.

 

"الأخبار": بكركي تقود جمع الناخبين لأزعور: نريد 65 صوتاً من الدورة الأولى

تبيّن أن الحوار الذي كان مفترضاً أن تقوده بكركي حول الملف الرئاسي، لا يعدو كونه جولة علاقات عامة، عنوانها تثبيت ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، ولا تقتصر على كلام عام حول غالبية مسيحية تريده رئيساً، بل تترافق مع نشاط محموم من جانب القوى التي رشّحته، وفي مقدّمها بكركي نفسها، لتوفير 65 صوتاً له من الدورة الأولى، من منطلق أن مع توافر النصف زائداً واحداً له، لن تعود هناك أهمية لتعطيل النصاب في الدورة الثانية، وتنطلق معركة تثبيته رئيساً.

وبعدما ثبّت الرئيس نبيه بري الجلسة في موعدها المقرر، لم تصل إلى بيروت إشارات خارجية جديدة، باستثناء وساطات تتولاها دولة عربية تحت عنوان «فتح كوة في جدار الصمت» بين الأطراف الرئيسية. فيما يعوّل فريق أزعور على أن حصوله على 65 صوتاً من الجولة الأولى، أو على فارق كبير لمصلحته بينه وبين فرنجية، سيكون كافياً لتعديل مواقف الدول الخارجية المعنية بالملف الرئاسي تحت وطأة التوافق المسيحي.
في غضون ذلك، يُفترض أن تعود إلى بيروت خلال ساعات السفيرة الفرنسية آن غريو التي طلب مكتبها مواعيد مع عدد من المسؤولين، لإطلاعهم على خلفية قرار الرئيس إيمانويل ماكرون تعيين الوزير السابق جان إيف لودريان موفداً خاصاً إلى لبنان، فيما لم يُعرف ما إذا كان الأخير سيزور بيروت قريباً.

وحتى مساء أمس، كان البطريرك بشارة الراعي قد تواصل شخصياً مع عدد من النواب المسيحيين المتردّدين لإقناعهم بأن التصويت لأزعور هو تصويت لبكركي. فيما واصلت قيادة التيار الوطني الحر العمل مع النواب المعترضين لإقناعهم بتغيير رأيهم، وكذلك مع كتلة حزب الطاشناق الذي لم يعلن موقفاً نهائياً بعد.
وعُلم أن الاتصالات والضغوط التي يقوم بها داعمو أزعور والوزير السابق سليمان فرنجية، تتركز على النواب الذين يقفون في الوسط، بغية جمع أصوات الدورة الأولى، كون الجميع يتصرف وفق احتمال كبير بأن يتم تعطيل نصاب الدورة الثانية. وبالتالي تأجيل الانتخابات إلى موعد آخر، قد لا يتم تحديده في ختام الجلسة نفسها.

وفيما تقول مصادر الثنائي الداعم لفرنجية إن «الجلسة قائمة»، أكدت أن لها الحق في استخدام حق تعطيل الجلسة وفرط النصاب لمنع وصول أزعور، مشيرة إلى أن «المعركة معركة نقاط لا معركة انتخاب». ونقلَ زوار بري عنه أمس أنه أبدى «أسفاً كبيراً لتحويل الأزمة الرئاسية إلى أزمة طائفية وهي ليست كذلك». وعن اللقاء الذي جمعه ورئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس عبد الساتر وراعي أبرشية صيدا ودير القمر للموارنة المطران مارون العمار، موفديْن من البطريرك الراعي، قالت مصادر عين التينة إن «المطرانين نقلا رسالة من الراعي تؤكد ضرورة الحوار بين الجميع مع التشديد على عدم الاصطدام بالتوافق المسيحي»، وأن بري أكّد أن «الثنائي سيصوّت لفرنجية في الجلسة المقبلة، ولتأخد اللعبة الديمقراطية مداها، وعبّر عن استياء كبير من اللغة الطائفية التي يستخدمها البعض لمآرب شخصية سياسية».

أما في ما يتعلق بنواب «التغيير»، فيبدو حتى الآن أن ثلاثة منهم حسموا خيار التصويت لأزعور، وكانوا جزءاً من التقاطع المسيحي بين القوات والكتائب والتيار الوطني الحر مع آخرين، وهم مارك ضو وميشال دويهي ووضاح الصادق. فيما أكدت النائبة حليمة قعقور رفض الدخول في أيّ من التسويات.

وفي موازاة مساعي بعض النواب المستقلين لإقامة تحالف يصوّت للوزير السابق زياد بارود كخيار ثالث، وقد عُقد اجتماع بين بعض هؤلاء وبارود، فيما هاتف آخرون أزعور الموجود في الولايات المتحدة والذي يتردد أنه سيحضر إلى بيروت قريباً. وفُهم أن «جهات نافذة» تسعى مع النائبة بولا يعقوبيان لإقناعها بالعمل على جذب ثلاثة نواب على الأقل من المتردّدين للتصويت لمصلحة أزعور، خصوصاً النائب فراس حمدان، تحت عنوان أن كل النواب الدروز يقفون مع أزعور في مواجهة الثنائي أمل وحزب الله. ولم يتسنَّ الوقوف على رأي حمدان نفسه. فيما قرّر النواب إبراهيم منيمنة وملحم خلف ونجاة صليبا إجراء مزيد من المشاورات قبل حسم موقفهم النهائي.


"الجمهورية": جلسة الأربعاء: الفشل الـ12 ..

سؤال كبير يحوم في الأجواء الداخلية: هل أنّ جلسة 14 حزيران ستكون مفصلية وتؤسّس لولاية رئاسية جديدة توجّه المسار الداخلي نحو إعادة انتظام الحياة السياسية، أم أنّها ستكون محطّة مفخّخة بمضخّات التوتير وإرادة الاشتباك، تفتح البلد على مرحلة فيها من الاحتمالات السلبية ما لا يُعدّ ولا يُحصى؟

على الرغم من الصخب المتعالي في الأرجاء الداخلية، والتحريك المكثّف للماكينات الإعلامية لحياكة سيناريوهات غير واقعية وبوانتاجات وهميّة تحسم نتائج الإنتخابات الرئاسيّة قبل إجرائها، فإنّ كلّ ذلك لا يعدو أكثر من كونه قنابل دخانيّة تحجب اصطدام كلّ أطراف اللعبة الرئاسيّة بالحائط المسدود وعدم قدرة أي منهم على اختراقه. وهذا يعني بما لا يقبل أدنى شك انّ جلسة 14 حزيران لن تنتج رئيساً للجمهورية على غرار جلسات الأحد عشر فشلاً السابقة لها. بل إنّ أقصى المتوقع لها، هو أن تتحوّل في أحسن أحوالها، إلى سيرك هزيل وتهريج وبهورات وصراخ وتشبيح سياسي ودستوري، لا يغيّر في الواقع القائم شيئاً، بل يمدّد إقامة رئاسة الجمهورية بين جبهات متناقضة، تدفع بها إلى هاوية لا يُعرف أي مجهول كامن لها وللبلد في القعر.

ليّ أذرع

وهذا السيرك، يكمّل ما تبدو انّها «معركة لَيّْ أذرع»، تتموضع في طرفها الأول «معارضات التقاطعات» التي تقاطعت على دعم ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور في مواجهة رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية. ورفعت السقف العالي في توقّعاتها وبوانتاجاتها التي رفدها «اللقاء الديموقراطي» بأصواته، إلى حدّ اعتبار انّ ازعور اصبح رئيساً للجمهورية ولكن مع وقف التنفيذ حتى 14 حزيران، الذي سيكون يوم تطويبه على العرش الرئاسي.

وتجزم بذلك مصادر معارضة بقولها لـ«الجمهورية»: «انّ أكثرية فوز الوزير ازعور برئاسة الجمهورية باتت مؤمّنة وتزيد عن الـ65 صوتاً، إلى حدود الـ70 صوتاً، وهي نسبة تثبت انّ أكثرية الشعب اللبناني رافضة لمنطق فريق الممانعة الذي بات مربكاً، ولا نستبعد بالتالي ان يستمر هذا الفريق في منحاه التعطيلي، ويلجأ إلى محاولة تعطيل جلسة الانتخاب، ونحن بالتأكيد سنكون بالمرصاد لهذه المحاولة».

الّا أنّ ما ينبغي لحظه في موازاة ما يُروّج عن بلوغ أزعور عتبة الفوز برئاسة الجمهورية بما يزيد عن 65 صوتاً، هو انّه ما زالت «التقاطعات» الداعمة لأزعور، تتطلع إلى مزيد من الأصوات ترفدها من نواب تغييريين ومستقلّين يقارب عددهم الـ 20 نائباً. وتعوّل تلك التقاطعات بالدرجة الاولى على ان ينضمّ إليها بعض من سمّتهم «المتردّدين او الرماديين»، من دون ان يتأكّد هذا الأمر حتى الآن، فيما تتواصل الاتصالات واللقاءات بين هؤلاء النواب لحسم خياراتهم، التي يبدو انّها تميل في غالبيتها إلى تبنّي ترشيح خيار ثالث او أكثر، والتصويت له في جلسة الاربعاء.

التيار يصوّت لـ»مرشّحه»؟

إلى ذلك، قالت مصادر مواكبة للاستحقاق الرئاسي لـ«الجمهورية»: «إنّ ما يلمع في صفوف المعارضة و»التيار الوطني الحر» حول ترشيح الوزير ازعور، لا يعكس الحقيقة. فهناك فريق من المعارضين مقتنع بهذا الترشيح، فيما ثمة فريق آخر غير مقتنع، ولكنه يتظاهر ويتماهى مع الموقف العام المعارض المؤيّد لأزعور، ولكنه يضمر ورقة مستورة سيكشفها في الوقت المناسب».

وأشارت المصادر، إلى انّ هذا الأمر ينطبق على رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، الذي تبين انّ مرشحه الحقيقي هو وزير سابق غير أزعور، ولكنّه يعلن تقاطعه مع المعارضات على ترشيح ازعور، فيما هو يضمر التصويت لمرشحه الثاني يوم انعقاد الجلسة التي يمكن ان تكون ناجزة بعد انتهاء الجلسات الاستعراضية.

جبهة فرنجية

وفي الطرف المقابل للتقاطعات، تتموضع الجبهة الداعمة للوزير فرنجية التي يشكّل ثنائي حركة «امل» و«حزب الله» عصبها. وبات معلوماً انّها حسمت تصويت نوابها والنواب الحلفاء له في جلسة الاربعاء، وعلى ما تؤكّد اوساط «الثنائي» لـ«الجمهورية»، فإنّ «القرار قد اتُخذ بالمضي في هذه المعركة إلى آخرها، والرسالة الواضحة في هذا السياق، خلاصتها انّ منطق التحدّي القائم لن يوصل إلى مكان، ولعلّ العِبَر يجب ان تُتخذ من الماضي، حيث سبق لهم ولحلفائهم أن جرّبوا بالتحدّي والتعدّي بالأقوال والأفعال وبالاستعانة بدعم مباشر من خلف البحار، أن يقلبوا الميزان الداخلي ويفرضوا امراً واقعاً جديداً يحكّمهم بالبلد ويسلّطهم عليه ويُخضع مكوناته لهم، وفشلت كلّ محاولاتهم. وتبعاً لذلك، مجنون من يعتقد انّه قد يحرق ورقة فرنجية، او انّ في إمكانه أن يُلقى برئاسة الجمهورية على مفترق تقاطعات جُمِّعت «من كل وادي عصا»، لا لإنقاذ رئاسة الجمهورية وانتخاب رئيس، بل لتعميق الشرخ الداخلي أكثر والانحدار بأزمة البلد إلى مستويات أكثر كارثية مما هي عليه اليوم».

الكلمة الفصل للنصاب

الأجواء السابقة لجلسة الاربعاء تؤكّد أنّ المحسوم حولها هو انّها ستنطلق بنصاب كامل يفوق ثلثي أعضاء المجلس النيابي، انما قد ينتهي بها الأمر لتصبح «نصف جلسة»، حيث أنّ الفوز غير محسوم في دورة الاقتراع الأولى لأيّ مرشّح، لاستحالة نيله ثلثي أصوات النوّاب، ما يعني أنّ التعويل هو على دورة إقتراع ثانية. الّا انّ هذه الدورة خاضعة لاحتمالين متناقضين:

الاحتمال الاول، انّها ستحصل حتماً في حال الإدراك المسبق بأنّها لن تغيّر في الميزان الرئاسي، وأنّ اياً من المرشحين لن يبلغ نسبة الفوز المنصوص عليها في الدستور والمحدّدة بـ65 صوتاً. وتبعاً لذلك، قد يتحدّد موعد لجلسة ثالثة عشرة، او يُترك تحديد موعد جديد إلى مزيد من المشاورات.

الاحتمال الثاني، أنّها مهدّدة بألّا تحصل، لسبب جوهري، هو خشية بعض الأطراف من احتمال حصول اي مفاجآت مكلفة لها فيها، وتَجَنُّبُها الإنجرار إلى «كمين» قد يكون منصوباً لها في دورة الاقتراع الاولى، يخفي بعض الأصوات النائمة في دورة الاقتراع الاولى، ويؤجّل صبّها لمصلحة مرشّح معيّن إلى الدورة الثانية. وبالتالي فإنّ الكلمة الفصل في هذه الحالة ستكون للنّصاب. وهذا الاحتمال هو الأكثر ترجيحاً حتى الآن. ومعه يفتح ما بعد «14 حزيران» على مرحلة غير محدّدة من «النقار» السياسي وغير السياسي، بما فيه من سقوف عالية من الصخب والاتهامات والمزايدات الشعبوية والعشوائية.

سلّة متكاملة

وبين قائل بعدم تسليم رئاسة الجمهورية الى ما تُسمّى «مجموعة تقاطعات»، وبين قائل بعدم تسليمها إلى ما يُسمّى «فريق الممانعة»، مكابرة سياسية حاكمة لخط المواجهة الرئاسية لا سقف زمنياً لها، وحلقة مفرغة أحبطت كل الجهود الخارجية الصديقة والشقيقة الرامية إلى كسر جدار التعطيل، ولاسيما منها المسعى الفرنسي الذي طرح مبادرة لحلّ رئاسي، رُفع أمامها في الداخل اللبناني جبل من التعقيدات.

وضمن سياق هذه المبادرة تندرج الزيارة المرتقبة بعد ايّام قليلة للموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان إلى بيروت. حيث اكّدت مصادر ديبلوماسية من العاصمة الفرنسية لـ«الجمهورية»، انّ تعيين لودريان بوصفه ممثلاً شخصياً للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ومهمّته في لبنان، يؤكّدان من جهة انّ ادارة الرئيس ماكرون تضع الملف اللبناني في رأس قائمة اولويات الايليزيه، ومن جهة ثانية، على أنّ الحل الرئاسي في لبنان لا بدّ أن يأتي على شكل سلّة متكاملة تحصّنه، وتشمل رئاسة الجمهورية وكذلك الحكومة، التي يُفترض ان تتشكّل ببرنامج إنقاذي وإصلاحي. حيث انّ عودة انتظام الحياة السياسية في لبنان لا تكتمل الّا بهما.

بري متمسّك بفرنجية

وضمن هذه الحلقة المفرغة التي صاغتها المكابرات الداخلية، يدور حراك البطريرك الماروني مار بشارة الراعي، الهادف إلى التعجيل بانتخاب رئيس الجمهورية، وقد أوفد بالأمس، راعي أبرشية بيروت للطائفة المارونية المطران بولس عبد الساتر وراعي أبرشية صيدا ودير القمر للطائفة المارونية مارون العمار إلى عين التينة، حيث التقيا رئيس مجلس النواب نبيه بري، وإلى كليمنصو حيث التقيا رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط.

وقد لخّص المطران عمار جوّ اللقاء مع الرئيس بري بأنّه جيّد، فيما كشفت بعض المصادر لـ»الجمهورية»، انّ جو اللقاء اتسم بالصراحة والود المتبادل، وهو ما يؤكّد تجاوز الالتباسات التي اُثيرت حول مواقف البطريرك من رئيس المجلس. وخلال اللقاء عكس المطرانان الحاجة الملحّة إلى تجاوز الأزمة الرئاسية، وان يمارس المجلس النيابي دوره في التعجيل بانتخاب رئيس للجمهورية، وتجنّبا الدخول في مفاضلة بين اسماء المرشحين، او إبراز موقف بكركي وكأنّها تزكّي أياً منهم على حساب الآخر، فالمهم بالنسبة اليها هو انتخاب رئيس للجمهورية. فيما اكّد الرئيس بري على ما مفاده، «انّ انتخاب رئيس الجمهورية يجب ان يحصل، ولا يجوز استمرار هذا الوضع». وقد عرض للجهود التي بذلها منذ ما قبل الدخول في الفراغ الرئاسي، والمبادرات التي أطلقها لتجنّب هذا الفراغ والدخول في حوار للتوافق بين مختلف الفرقاء على انتخاب رئيس للجمهورية، لافتاً إلى انّ «الاطراف المعنية لو تجاوبت وتحاورت في ما بينها، لكنّا انتخبنا رئيساً للجمهورية قبل اربعة او خمسة اشهر». وفي معرض كلامه كرّر بري التمّسك «بدعم ترشيح الوزير فرنجية الذي لا يشكّل تحدّياً لأحد».


"اللواء": «الثنائي» لبكركي: فرنجية مرشّح وحيد

لم يخرج اجتماع الرئيس نبيه بري مع موفدي البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي المطران بولس عبد الساتر ومارون العمار بغير ما كان متوقعاً: ابلاغ موفدي الصرح بأن رئيس المجلس مع حزب الله ماضيان بتأييد ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية، مع تلازم ذلك بالتأكيد على اهمية الحوار مع الفريق الآخر.
ويأتي هذا الموقف على خلفية حصول ما لم يكن متوقعاً بالنسبة لموقف اللقاء الديمقراطي، لجهة الذهاب الى المجاهرة بالاقتراع لصالح المرشح الرئاسي جهاد ازعور، منظماً مع تقاطع الكتل المسيحية الكبرى، وعدد لا يستهان من النواب التغييريين.

وبصرف النظر عن مجرى العلاقات المتبدلة في ضوء التباينات الرئاس، لا سيما على جبهتي عين التينة - كليمنصو، وحارة حريك- ميرنا شالوحي، فإن الجلسة الرئاسية الاربعاء المقبل، والتي تعقد، ربما مع وصول الموفد الرئاسي الفرنسي جان- إيف لودريان الى بيروت، ومتابعة دول اللقاء الخماسي، باضافة الى دمشق التي ادخلتها زيارة رئيس الجمهورية السابق ميشال عون في لعبة الاسماء و«التسميات».

الجلسة تتسم بخصوصية، مختلفة تماما عن الجلسات 12 السابقة، الفرز واضح، والتصويت سيد الموقف، وعملية الارقام ليست مسألة عابرة، وإن كانت الجلسة الثانية التي يمكن الفوز فيها بـ65 صوتاً مرشحة قبل الذهاب الى البرلمان للتأجيل، لتدخل البلاد مرحلة جديدة، فما قبل الجلسة لن يكون بعدها حسب مصادر «الثنائي الشيعي».
والسؤال، كيف بدت المواقف في حالة فرز الألوان، وسمّ الأبدان:

اولاً: بالنسبة للثنائي الشيعي، يمكن ايجاز الموقف على النحو التالي:
1 - حزب الله، كما الرئيس بري، يتمسكان بمعادلة: «فرنجية او لا أحد»، حتى «لو اجتمعت كل الدنيا ضدنا وضده، وعلى هذا الاساس ليتصرف الحليف قبل الخصم»، حسب قيادي في حزب الله.
2 - ما بعد الجلسة ليس كما قبلها، فالحزب سيصوت لفرنجية مع حلفائه في الدورة الاولى، ويطيّر النصاب في الدورة الثانية.
3 - يتعاطى الحزب مع ترشيح ازعور كما تعاطى مع ترشيح النائب ميشال معوض، مع العلم حسب المعلومات (راجع ص 3) فإن ازعور زار حارة حريك اكثر من مرتين، وقدم نفسه على ان «ليس مرشح تحدٍ او مواجهة».
4 - رفض حزب الله الاستماع للنائب جبران باسيل في تبريرات انتقاله الى «المحور الآخر» معتبراً ان باسيل «ارتكب خطأ جسيماً»، وبالتالي لا حاجة لسماع كلامه عن خيار اي هدفه اقصاء فرنجية وخيار استراتيجي، يتعلق بعدم التراجع عن دعم المقاومة والعلاقة الاستراتيجية مع حزب الله.
5 - وبالنسبة لجنبلاط، يعتقد حزب الله ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ورَّط نجله تيمور في «دعسة سياسية ناقصة».
6 - ويمضي القيادي في حزب الله الى التأكيد على ان «الأمور مرهونة في خواتيمها».
ويعترف القيادي بأن «الصوت السني ممر إلزامي لتحديد مصير اي تسوية لحل الازمة الرئاسية».
ثانياً: بالنسبة للتيار الوطني الحر، فإنه لا يزال على صمته تجاه العلاقة مع حزب الله، ولكنه في الوقت نفسه، ماضٍ بخيار التصويت لأزعور، من موقع ما يعتبره حقاً طبيعياً في دعم المرشح الذي يريده، معتبراً ان موقفه يصبّ في خانة الحؤول دون ان تتمكن المنظومة من تجديد نفسها عبر انتخاب فرنجية، الذي هو مرشح «فرض مرفوض».
ولا يفتأ التيار العوني، من تذكير فرنجية بمناسبة، ومن دون مناسبة بأنه عليه ان يأخذ بعين الاعتبار الاعتراض المسيحي على ترشيحه..
لكن اوساط مقرَّبة من التيار تروّج الى «تخوف من محاولات» قد يُقدم عليها المتضررون او المستفيدون لتعطيل الجلسة.

ثالثاً: اللقاء الديمقراطي ما تزال اوساطه تؤكد على ثوابت ثلاث:
1 - العلاقة الاستراتيجية مع الرئيس بري.
2 - اعتبار ازعور بأنه ليس شخصية تحدٍ او استفزاز.
3 - اعتبار ان لا مجال لانهاء الازمة الرئاسية من دون تسوية مع الفريق الشيعي.
رابعاً: اما التكتلات المسيحية الأخرى، مثل تكتل «القوات اللبنانية» فهي ماضية بخياراتها، مع الأخذ بعين الاعتبار حسابات الضغط وتطيير النصاب.
وأكد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع خلال ندوة نظّمتها مصلحة أصحاب العمل – دائرة السياحة في القوات اللبنانية: ان هناك مرشحين مدعومين من كتل كبيرة ولديهما الحظوظ في تبوّؤ سدة الرئاسة، لذا من يريد انتخابات فعلية عليه الاختيار بينهما والا فهو يصوّت لابقاء الفراغ الرئاسي.

وتابع: نطرح المسألة بشكل موضوعي، ولذا نسأل، هل يجوز بعد كل ما مررنا به ان نسمع هذا الكلام من نواب انتُخبوا من اجل التغيير؟ او ان نرى نوابا آخرين لم يعجبهم أحد الاسمَين لأن بنظرهم فرنجية مرشح ممانعة وازعور مرشح تسويات، في وقت هناك ايضا نواب يريدون التصويت لمرشح ثالث، في احسن أحواله، سينال 6 او 7 اصوات، الأمر الذي سيعطّل الاستحقاق الرئاسي كما فعل في السابق من صوّت بورقة بيضاء. وهنا لا يمكن تجاهل خطة من يسعى الى منع حصول احد المرشحَين على 65 صوتا في الجلسة المرتقبة مع من يتأثر به من قلة الادراك، فضلا عن من يتأمل من النواب بفشل انتخاب رئيس في الوقت الراهن ليكون بعدها أحد الاسماء المطروحة.
وبين المواقف المرتقبة لبعض الكتل التي لم تحدد خياراً رئاسياً بعد، وعودة الحراك الداخلي وترقب الحراك الخارجي والفرنسي بشكل خاص، ما زال الاستحقاق الرئاسي يدور في دوامة المواقف ذاتها لمؤيدي فرنجية وازعور، مع محاولة جديدة وربما اخيرة للبطريرك بشارة الراعي لتدوير الزوايا ومعالجة الانقسام، وسط معلومات عن انه «يفكر جديا بالدعوة الى قمة روحية بعد جلسة 14 الجاري لمحاولة تخفيف الاحتقان والتأزم».

ومهما يكن من أمر، فإن تعثر جلسة 14حزيران الانتخابية حسب رأي اغلب القوى النيابية، سيقود من الان حتى اواخر الصيف الى البحث عن خيار رئاسي ثالث بمرشح مقبول من الاغلبية السياسية، ذلك ان جلسة الاربعاء ستُسقط ترشيح فرنجية وازعور على الارجح، وهذا ما يتمناه ضمنيا اغلب مؤيدي المرشحين للخروج من المأزق الذي وصلوا اليه، لا سيما بعدما اعلن اكثر من طرف في المعارضة ان ازعور ليس مرشحه المفضل. وبعد ان أقر مؤيدو فرنجية بصعوبة إيصاله. ما يعني ترقب مقاربة فرنسية– عربية جديدة للملف الرئاسي بدفع اميركي لا يعرف احد كيف ستكون نتائجه.
وقد استقبل بري في عين التينة المطرانين بولس عبد الساتر ومارون العمار موفدين من البطريرك بشارة بطرس الراعي. وحسب المعلومات المتوافرة، نقل المطرانان الى بري نتائج زيارة البطريرك الراعي الى فرنسا والفاتيكان ومسعاه التوافي للخروج من ازمة الاستحقاق الرئاسي، لكن بري اكد امامهما تمسكه بفرنجية مرشحا، وابلغهما الموقفُ نفسه الذي ابلغه نصرالله الى الوفد البطريركي.

واكتفى المطران العمار بالقول بعد الاجتماع مع بري: اللقاء كان جيداً. يفترض ان يصدر عن بكركي بيان يتطرق الى فحوى المحادثات.
وكان المطرانان قد زارا رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط مساء الخميس. حيث جرى بحث المستجدّات السياسية الراهنة.
وبالنسبة لمواقف الكتل، يعقد الاثنين اجتماع لتكتل الاعتدال الوطني لتقرير الموقف النهائي من التصويت اما لفرنجية واما لأزعور. وقالت مصادره: نحن خارج الاصطفافات القائمة.والتنسيق قائم مع «اللقاء النيابي المستقل».

ولجهة نواب التغيير علمت «اللواء» انهم باتوا ثلاث مجموعات: مجموعة تدعم ازعور وتضم مارك ضو ووضاح الصادق وميشال دويهي، وهناك 3 ضد فرنجية وازعور هم حليمة قعقور وسينتيا زرازير والياس جرادة وتحاول هذه المجموعة اقناع الوزير الاسبق زياد بارود بالترشح لكنه غير متحمس في هذا الجو من الانقسام. ومجموعة تضم 6 نواب هم ملحم خلف وبولا يعقوبيان وفراس حمدان ونجاة صليبا وابراهيم منيمنة وياسين ياسين، لا يزالون في مرحلة التداول والمشاورات مستمرة وسيقررون موقفهم بين السبت والاثنين. لكن اوساطهم تُرجح ان يختاروا ازعور.

وقالت اوساط مراقبة لـ «اللواء» أن أكثر من اجتماع يسجل نهاية الأسبوع وبداية الأسبوع تمهيدا لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية ورأت أن هذه الجلسة تختبر النيات والتقاطعات ومن شأنها أن ترسم صورة عما هو مقبل بالنسبة إلى جلسات الأنتخاب.
وأشارت هذه الأوساط إلى أنه بعد هذه الجلسة تنطلق التحليلات عن الأصوات والنتيجة السياسية لها فضلا عن ترقب الخارج لمسارها في الوقت الذي يطلع فيه الموفد الفرنسي الرئاسي جان ايف لودريان على التقارير قبل أي تحرك مرتقب له في إطار المهمة التي يتم تكليفه بها.
وتترقب مصادر سياسية مايحمله مبعوث الرئيس الفرنسي، وزير الخارجية الاسبق ايف لودريان في جعبته لدى زيارته إلى لبنان، من افكار لتنفيذ مهمته التوافقية بين الاطراف السياسيين، لحل الازمة المتفاقمة الناجمة عن تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية،وبذل المزيد من المساعي لتقريب وجهات نظر الاطراف حول مرشح يحظى بالتوافق فيما بينهم، لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في اقرب وقت ممكن.

ولاحظت المصادر انه بالرغم من مرور أكثر من ثلاثة ايام، على تكليف لودريان بهذه المهمه الرئاسية، في محاولة من الرئيس الفرنسي، لاعادة تلميع التحرك الفرنسي لمساعدة لبنان، وتقديمه بقالب توافقي، لتأمين الحد الادنى من مستلزمات نجاحه، بعد فشل تنفيذ المبادرة الفرنسية التي ارتكبت على ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة وتولي القاضي نواف سلام رئاسة الحكومة، لافتقارها إلى التشاور والتنسيق مع مختلف الاطراف السياسيين، لم يصدر حتى اليوم اي موقف عربي او دولي، من هذا التحرك الفرنسي المستحدث، ما يطرح جملة اسئلة واستفسارات، عما اذا كان هذا الجهد الفرنسي مرحبا به، ومدعوم ولاسيما من دول اللقاء الخماسي الذي تحظى فرنسا بعضويته، ام هناك اعتراضات ورفض، ينتظر ان تتبلور تباعا فيما بعد.

واشارت المصادر إلى ان وقع التحرك الفرنسي الجديد تجاه لبنان، لم يكن مريحا لدى حزب الله وحلفائه وفي مقدمتهم الرئيس نبيه بري، الذين لم يصدروا اي مواقف علنية بهذا الخصوص، الا ان بعض وسائل الإعلام الموالية تكشف هذا الاستياء تلميحا او مواربة، وتصر على تمسكها بالمبادرة الفرنسية الاساسية وترشيح فرنجية، بينما تبدي اطراف المعارضة بمكوناتها، انها حققت خطوة ايجابية إلى الأمام، بتحويل وجهة التحرك الفرنسي عن دعم فرنجية، الا انها بالمقابل تعتبر ان اتفاقها على ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور للرئاسة، يصب في خانة التوافق، وليس استفزاز اي طرف، بعدما تخلت عن مرشحها للرئاسة سابقا النائب ميشال معوض.
الاهم في نظر المصادر ان يستطيع الموفد الرئاسي الفرنسي، تسويق مساعي التوافق التي تشكل العنوان الاساس لمهمته ،في ظل الانقسام السياسي الحاد بين الاطراف المعنيين، وتشبث كل منهما بمواقفه الرافضة لمواقف الآخر.

وبينما تشكك المصادر السياسية في امكانيه نجاح المسعى الفرنسي الجديد، لاسيما وان للمبعوث لودريان، أكثر من محطة فاشلة في مساعيه لحل الازمات المستعصية في لبنان وكأن آخرها، فشله في انجاح مبادرة ماكرون لتشكيل حكومة اخصائيين لإنقاذ لبنان برئاسة سعد الحريري، والتخلي عن هذه المهمة، بعدما عرقل حزب الله تنفيذها بعرقلة مهمة الحريري بتشكيل الحكومة، تشير مصادر ديبلوماسية فرنسية الى ان مهمة لودريان هذه، تكتسب أهمية خاصة، لانها تأتي في وقت تزداد خطورة الازمة الضاغطة في لبنان، وهناك اصرار من الرئيس الفرنسي على متابعة الجهود والمساعي الفرنسية المبذولة لتسريع حل الازمة السياسية المستعصية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

إقرأ المزيد في: لبنان