لبنان
نواب الحاكم يضعون خطة للهروب إلى الأمام.. والاستحقاق الرئاسي في سبات
تناولت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الجمعة 21 تموز/يوليو 2023، ما قدّمه نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة من جدول أعمال للتعامل مع الأزمة والتغطية اللازمة من السلطة التشريعية خلال الجلسة الثانية التي عقدتها أمس لجنة الإدارة والعدل النيابية معهم.
وأشارت الصحف إلى أنَّ نواب الحاكم تقدموا بخطة نقدية مالية تقوم على إعادة النظر في مشروع الموازنة وإقرار قوانين للكابيتال كونترول وإعادة هيكلة المصارف ومعالجة الفجوة المالية وحماية والودائع والتعاون بين مصرف لبنان والبرلمان والحكومة في ضبط سوق الدولار، إضافةً لوضع تواريخ زمنية لتنفيذ كل هذه النقاط في مهلة أقصاها تشرين الثاني/نوفمبر. ورأت الصحف أنَّ نواب الحاكم يبحثون عن غطاء لدفع المسؤولية عنهم عما سيحصل في المستقبل، ويريدون تغطية حكومية ونيابية للاستمرار بتشغيل صيرفة وتمويل الدولة من الاحتياط المركزي أي من أموال المودعين.
رئاسيًا، قالت الصحف إن الملف الرئاسي لم يسجل أي جديد وسط تراجع التفاؤل بإحراز أي تقدم عبر المبادرة الفرنسية، خصوصًا بعد اللقاء الخماسي الذي لم يكن في حجم توقّعات باريس، مرجحةً دخول العاصمة القطرية مجدداً على ملف لبنان، وسط معلومات عن وصول وفد قطري خلال أيام الى لبنان لإجراء جولة مشاورات مع القوى السياسية بموازاة تحرك قطري باتجاه ايران.
"الأخبار"| نواب الحاكم: نريد غطاءً لـ«الإصلاح» أو نستقيل
في الجلسة الثانية التي عقدتها أمس لجنة الإدارة والعدل النيابية مع نواب حاكم مصرف لبنان (وسيم منصوري، بشير يقظان، سليم شاهين، وإلكسندر موراديان)، قدّم هؤلاء الأربعة جدول أعمال للتعامل مع الأزمة والتغطية اللازمة من السلطة التشريعية، يتضمّن مهلاً زمنية وخطوات محدّدة، مثل إقرار موازنة 2024 وكابيتال كونترول، وقوانين إعادة هيكلة القطاع المصرفي وحماية المودعين، وإصلاحات مالية أخرى. حتى إنه يتضمن تفاصيل محدّدة عن إيرادات الموازنة، وتحرير سعر الصرف بشكل «مُدار»... لكنه جدولٌ يعاكس كل ما قامت به قوى السلطة لجهة المماطلة في إقرار القوانين التي طلبها صندوق النقد الدولي، وهي أيضاً ترفض إلغاء صيرفة، وتمتنع عن تحديد وجهة الإنفاق من الاحتياط بالعملة الأجنبية. هذه الممانعة، لمسها نواب الحاكم أمس؛ بعض النواب طلبوا الاستمرار في «صيرفة»، وآخرون حذّروا من المسّ بالاحتياطات، ومنهم من شدّد على ثبات سعر الدولار وعدم المساس بالاحتياطات...
رغبات متناقضة، دفعت منصوري إلى مخاطبة رئيس اللجنة النائب جورج عدوان، قائلاً: بهذا الجو، لماذا سأبقى في المجلس المركزي؟ وفي المحصّلة شكّكت الكتل النيابية في جدول أعمال نواب الحاكم الأربعة. وهؤلاء الأربعة، بدورهم، شكّكوا في نوايا النواب في الإصلاح. وبقيت الأسئلة بلا إجابات: ماذا سيكون مصير رواتب موظفي القطاع العام في مطلع الشهر عندما تنتهي ولاية رياض سلامة ويتسلّم منصوري مهامه، أصيلاً أو مستقيلاً؟ هل سيغطّي مجلس النواب منصوري ورفاقه للإنفاق من الاحتياط؟ هل لدى القوى السياسية رغبة في تبنّي جدول أعمال آخر غير «الانهيار»؟ هل ما عرضه نواب الحاكم مقبول؟ الإجابة الوحيدة التي تردّد صداها أمس، أن اللجنة ستجري مشاورات، وستبلّغ نتيجتها نوابَ الحاكم الأربعة في مطلع الأسبوع المقبل.
و«بما أن الأجواء غير مشجّعة» بحسب ما قال أحد نواب الحاكم لـ«الأخبار»، «إذا لم نلمس لحين انتهاء ولاية سلامة في آخر تموز، جديّة في مقاربة طروحاتنا، بالتأكيد ستشكّل استقالاتنا موقفاً تجاه النوايا السيئة التي أُبديت تجاهنا. لكنّ الاستقالة لا تحدّد مصير موظفي القطاع العام الذين كانوا يحصلون على رواتب مدعومة على صيرفة. وليس لدى نواب الحاكم، أي تغطية قانونية بالإنفاق من الاحتياط الإلزامي، وليست لديهم تغطية حكومية بدعم رواتب القطاع العام. أما هؤلاء «المعتّرون»، فهم أكثر المتضرّرين».
إذاً، ما هو جدول الأعمال الذي قدّمه نواب الحاكم الأربعة؟ عرض الأربعة خطّة مختصرة، مكتوبة باللغة الإنكليزية وليس العربية، تتضمن مهلاً زمنية محدّدة لتنفيذ البنود المطلوبة بحدّ أقصاه 6 أشهر «لوضع الحجر الأساس في عملية التعافي المالي». الخطوة الأولى في الخطة أن تقرّ موازنة 2023 خلال شهر، وأن تحيل الحكومة موازنة 2024 قبل تشرين الأول المقبل. وتطالب الخطّة بأن تصل جباية الخزينة إلى ما بين 240 تريليون ليرة و288 تريليون ليرة سنوياً بدلاً من 181 تريليون ليرة. وتستند الخطة إلى ما قاله البنك الدولي حول الإيرادات الضريبية التي يجب أن تتجاوز، في أي بلد، 15% من الناتج المحلي الإجمالي لتكون مفتاحاً أساسياً للنموّ الاقتصادي، ولتقليص الفقر. وبالتالي، فإن معدل الناتج بقيمة 20 مليار دولار يعني أن الإيرادات بالحدّ الأدنى يجب أن تبلغ 3 مليارات دولار. كذلك تضيف الخطة: «في سياق الجهد المبذول من أجل ضبط اقتصاد الكاش الذي بات يمثّل أكثر من 50% من الناتج، وفي سياق اتخاذ الإصلاحات الأساسية، فإن الإيرادات الضريبية يمكن أن تتجاوز 4.5 مليارات دولار».
كما حدّدت الخطّة مهلة شهر لإعادة دراسة وإقرار قانون الكابيتال كونترول، وصولاً إلى تحرير سعر الصرف بنهاية أيلول المقبل (يكون سعر الصرف مُداراً). وفي غضون ذلك، سيكون على الحكومة إقرار وإحالة مشاريع قوانين إلى مجلس النواب خلال شهرين، وأهمها: إعادة التوازن المالي وإعادة هيكلة المصارف. وتفترض الخطّة أن يكون هناك «تنسيق بين مصرف لبنان والحكومة ومجلس النواب، في سياق عملية تطوير سوق صرف للعملات الأجنبية، وفي ابتكار آلية محدّدة للصرف من الاحتياطي على أن تتعهّد الحكومة بإعادة كل الأموال المقترضة...». لهذا الغرض، تفترض الحكومة أن يقرّ مجلس النواب قانوناً يسمح لمصرف لبنان بإقراض الحكومة من الاحتياطي الإلزامي مبلغاً لا يتعدى 200 مليون دولار شهرياً شرط ألا تتخطى القيمة الإجمالية 1.2 مليار دولار خلال 6 أشهر. وبحسب الخطّة، سينتقل مصرف لبنان خلال شهر إلى منصّة صرف جديدة بديلة من منصة «صيرفة» وظيفتها إدارة سعر صرف عائم.
لا يبدو أن هذا البرنامج راق للكتل النيابية، باستثناء حركة أمل التي حضر معظم نوابها الجلسة مطالبين بتأمين ضمانات لنواب الحاكم الأربعة حتى يتاح لهم إكمال مرحلة ما بعد رياض سلامة، أو لحين تعيين حاكم جديد. وفُسّر هذا الموقف من نواب كتل أخرى، بأنه خطّة مدروسة من «عين التينة» للتنصّل من المسؤولية ورميها على غيرهم. ويستدلّ هؤلاء على «المؤامرة»، بالدعوة المفاجئة للاستماع إلى نواب الحاكم الأربعة، ما يشي بأن هناك «سيناريو معدّاً مسبقاً غايته تبرئة ذمّة نائب الحاكم الأول وسيم منصوري باعتباره قدّم حلولاً، ولا يتحمّل هو أو الجهة السياسية التي يمثّلها مسؤولية الامتناع عن تطبيقها، حتى لو أن القانون يحتّم عليه إدارة المصرف بكل الأحوال». وثمّة كلام آخر جدّيته ليست واضحة، عن سيناريو يتضمن الطلب من رياض سلامة تسيير الأعمال لفترة وجيزة، إذ تقول مصادر نيابية إن هناك «سعياً لتأمين غطاء بكركي بشكل واضح للمضي في التمديد إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية...»، ويجري الترويج لذلك على أساس الاختيار بين السيّئ والأسوأ.
أثناء الجلسة، بدا لافتاً كلام رئيس اللجنة جورج عدوان، عن عدم تنسيق ما بين الحكومة ونواب الحاكم متوجّهاً إليهم بالقول: «روحوا قعدوا واتفقوا»، علماً أنه هو من بادر إلى دعوتهم للاجتماع مع أعضاء لجنته التي لا تختصّ بهذه الأمور مثل لجنة المال والموازنة. كذلك، قال النائب جورج عقيص: «إن البرنامج المطروح لا دخل لنا فيه كمجلس نيابي». أما نواب حزب الله فغابوا عن الجلسة، ما فُسّر بأنه إشارة إلى عدم رضاهم عما يحصل، ولا سيما أنهم خرجوا من الجلسة السابقة قبل انتهائها. ورأى نواب التيار الوطني الحرّ، أن ما يُطرح هو برنامج تعرقله كتل نيابية منذ 4 سنوات وسط تدخلات من مصرف لبنان والمصارف، لافتين إلى أن الأمر يحتاج الى وجود رئيس جمهورية وحكومة فعّالة. أما نواب الحزب الاشتراكي، ولا سيما النائب بلال عبدالله، فقد وصفوا ما يجري بأنه تقاذف للكرة بين مصرف لبنان والحكومة ومجلس النواب، ويرون أن مطلب نواب الحاكم بتأمين الغطاء السياسي «يجري في ظل حكومة مشلولة ومجلس معطّل ومصرف مركزي يخرج عن الخدمة في نهاية الشهر. لذا، الأفضل تعيين حاكم أصيل».
من جهتها، سألت النائبة حليمة قعقور عن الدراسات التي بُنيت عليها هذه الخطة، مطالبة «النواب الأربعة» بالقيام بواجباتهم في إدارة المصرف المركزي من دون شروط، وبما يتوافق مع قانون النقد والتسليف ولا سيما المادة 33 منه. كذلك، حصل نقاش بين الكتل النيابية حول الجهة التي ستتحمّل مسؤولية القرارات الصعبة، مثل توحيد وتحرير سعر الصرف، وإلغاء صيرفة، وآليات التدخل في السوق، وصولاً إلى إصرار النواب الأربعة على وقف الصرف من الاحتياطي في أول آب المقبل، وضرورة إقرار قانون لإقراض الحكومة حتى تتمكن من دفع رواتب القطاع العام والاستمرار في الدعم الجزئي للدواء والقمح.
"البناء": بعد استقالة الخماسية ملف المركزي على نار حامية
الملف الساخن، بل المتفجّر هو ملف مصرف لبنان، بعد ما كشفته اجتماعات نواب حاكم المصرف المركزي مع لجنة الإدارة والعدل في مجلس النواب من طبخة بحص، حيث الخطة التي يقترحها نواب الحاكم تحتاج إلى وجود تشريع يعرف النواب استحالته، والتزام حكومي لن يحصل النواب عليه، وفق إفادتهم بأن توافق الحكومة والحكام كان سبب تجاهل ملاحظاتهم، ما يعيد الأمور إلى مربعها الأول، الذي تبدو معه كل المشاهد المتلاحقة مناورة لتبرير التمديد للحاكم رياض سلامة ولو بصيغة تصريف أعمال مع النواب عند استقالتهم.
وفيما تترقب الأوساط السياسية الحراك القطري باتجاه القوى السياسية وطهران وبموازاته الحراك الفرنسي مع وصول مبعوث الرئاسة الفرنسية حان أيف لودريان الى لبنان مطلع الأسبوع المقبل، تتجه الأنظار إلى استحقاق الحاكمية الداهم مع استعداد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لمغادرة المصرف المركزي في 31 الحالي والذي سيختم الـ30 سنة على رأس البنك المركزي بإطلالة تلفزيونية الأربعاء المقبل يكشف خلالها عن تفاصيل الكثير من الملفات ويطلق مواقف ويردّ على ما يعتبرها اتهامات بحقه بجرائم فساد وأخطاء في السياسة النقدية على مدى العقود الثلاثة الماضية.
وبعد تعهّدهم أمام لجنة الإدارة والعدل بعدم تقديم استقالتهم والتوجه لتحمل مسؤوليتهم في إدارة المصرف المركزي بعد نهاية ولاية الحاكم الحالي، تقدم نواب حاكم مصرف لبنان من لجنة الإدارة والعدل، خلال حضورهم جلسة للجنة هي الثانية هذا الأسبوع، بخطة نقدية مالية تقوم على إعادة النظر في مشروع الموازنة وإقرار قوانين للكابيتال كونترول وإعادة هيكلة المصارف ومعالجة الفجوة المالية وحماية والودائع إضافة إلى التعاون بين مصرف لبنان والبرلمان والحكومة في ضبط سوق الدولار.
ووضعت الخطة تواريخ زمنية لتنفيذ كل هذه النقاط في مهلة أقصاها تشرين الثاني. إثر الجلسة قال النائب قاسم هاشم: خلال الاجتماع طالب نواب الحاكم بألا ترمى عليهم المسؤولية وأن تكون المسؤولية جماعية مشتركة وطالبوا بعدد من الأمور الأساسية كالموازنة.
ولفتت مصادر سياسية ومالية لـ»البناء» إلى أن «خطة نواب الحاكم جاءت متأخرة وتصطدم بالعوائق الدستورية في ظل الخلاف السياسي على تشريع الضرورة وانعقاد الجلسات النيابية وحول دستورية وشرعية جلسات حكومة تصريف الأعمال». وتساءلت المصادر كيف يمكن تنفيذ خطة تتضمن هذه الملفات الحساسة والدقيقة خلال أشهر، خصوصاً بظل هذا الفراغ في المؤسسات الأساسية كرئاسة الجمهورية وحكومة تصريف أعمال وغياب حاكم مصرف مركزي أصيل». وكشفت المصادر أن نواب الحاكم يريدون قوننة للاستمرار بسياسة حاكم مصرف لبنان وتدارك أزمة أكبر والحد من الانهيار الكبير لدفع المسؤولية عنهم عما سيحصل في المستقبل، ويريدون تغطية حكومية ونيابية للاستمرار بتشغيل صيرفة وتمويل الدولة من الاحتياط المركزي أي من أموال المودعين».
وتساءلت: «كيف ينصب نواب الحاكم أنفسهم مكان الحكومة والمجلس النيابي بوضع خطط فيما هذه مهمة الحكومة بعد انتخاب رئيس للجمهورية؟». وأوضحت المصادر أن نواب الحاكم يقولون إنهم أرسلوا كتباً لوزير المال وحاكم مصرف لبنان اعتراضاً على السياسة النقدية والتعاميم لا سيما منصة صيرفة لكنهم لم يعترضوا في الإعلام على أي قرار أو تعميم ولم يهددوا بالاستقالة أو بالحد الأدنى مقاطعة اجتماعات المجلس المركزي، ولو فعلوا ذلك لكان الكثير من التعاميم وسياسات رياض سلامة وتعاميمه لم تصدر».
وحذّرت المصادر من وضع اللبنانيين بين خيارين أحلاهما مرّ: إما فرض تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي يكون استمراراً وامتداداً للحاكم الحالي أو تحمل تداعيات انفلات سعر صرف الدولار وانفجار اجتماعي».
وأضافت المصادر أن لا مفاعيل قانونية لاستقالة نواب الحاكم إذا رفضتها الحكومة سوى أنها من قبيل إبراء الذمة المعنوية عن التداعيات الخطيرة المتوقعة على المستويات النقدي والمالي والاقتصادي».
وأعلن رئيس لجنة الإدارة والعدل النّائب جورج عدوان، بعد ترؤّسه جلسة اللّجنة في المجلس النّيابي، بحضور نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي وعدد من النّواب، إضافةً إلى نوّاب حاكم مصرف لبنان الأربعة، الّتي استغرقت أكثر من ثلاث ساعات ونصف السّاعة، أنّه «سيُصار إلى استكمال درس الموضوع المالي، وسيعقد مؤتمرًا صحافيًّا في الأيّام المقبلة يوضح فيه كلّ شيء».
من جهته، أوضح نائب حاكم مصرف لبنان الأوّل وسيم منصوري، بعد الجلسة، أنّه «تمّ عرض ما تمّ القيام به في المصرف المركزي واحتياجات المرحلة المقبلة، وأهمّ شيء أساسي هو مصلحة كلّ الشّرائح، وتحديدًا القطاع العام الّذي يقبض بالعملة اللّبنانيّة»، مشيرًا إلى أنّه «لم يتمّ التّوصّل إلى أيّ نتيجة من الاجتماع، وسننتظر الاتّصالات الّتي سيقوم بها النّواب، وفي بداية الأسبوع المقبل سنعرض لنتيجة هذه الاتصالات وللموقف الّذي سنتّخذه على هذا الأساس».
في سياق ذلك، عقدت لجنة المال والموازنة برئاسة النائب إبراهيم كنعان جلسة تابعت فيها بحث اقتراح قانون الصندوق السيادي للموارد البترولية والغاز، بحضور وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل. وتابعت اللجنة على مدى ساعتين البحث والنقاش والاستماع الى مختلف وجهات النظر، وقد حدّد النائب كنعان الاثنين المقبل موعداً لاستكمال النقاش لإقرار القانون. وقال «الاجتماع تمحور حول فصل الحوكمة ومنه تعيين مجلس ادارة للصندوق وفقاً للمعايير المعتمدة عالمياً مع اقتراحات بتحديد سني الخبرة والاستعانة بشركات دولية متخصصة للتوظيف كما العمل على إدراج الآليات المتعلقة بمهام الأعضاء والصندوق في متن القانون بدل تركها بكاملها للمراسيم التطبيقية».
ولم يسجل الملف الرئاسي أي جديد وسط تراجع التفاؤل بإحراز أي تقدم عبر المبادرة الفرنسية، مقابل تقدم الحراك القطري، وسط معلومات عن وصول وفد قطري خلال أيام الى لبنان لإجراء جولة مشاورات مع القوى السياسية بموازاة تحرك قطري باتجاه ايران، ولفتت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أن بيان الاجتماع الخماسي يشبه بيان اللقاء الثلاثي الأميركي الفرنسي السعودي في أيلول الماضي والمبادرة الكويتية واجتماع جدة منذ أشهر، ويوحي بيان الخماسي بانقلاب على المبادرة الفرنسية وضرب فرص الحوار ما سيحدث إرباكاً للفرنسيين من جهة وللقوى السياسية وخلط الأوراق».
في المقابل أكدت مصادر الثنائي حركة أمل وحزب الله لـ»البناء» أن «بيان اللقاء الخماسي لم يغير في واقع الحال شيئاً ولم يؤثر على موقف الثنائي ولا على توازن القوى النيابي والسياسي الداخلي، لأننا لم نعوّل على الخارج ولا ننتظره وإن كنا نؤيد أي مساعدة خارجية لتسهيل التوافق الداخلي لا سيما الجهود الفرنسية، لن لا نبني آمالنا على الخارج. واللافت أن الفريق الذي وقف ضد المبادرة الفرنسية ووجه اتهامات للثنائي بإجراء صفقة مع الفرنسيين هو أول من هلل وكبر للبيان الخماسي واعتبره انتصاراً له وهزيمة لفريق الثنائي الداعم لسليمان فرنجية».
ورأت «كتلة الوفاء للمقاومة»، في بيان لها بعد اجتماعها الدوري برئاسة النائب محمد رعد «أن إنجاز الاستحقاق الرئاسي هو هم وطني بالأصل يتوجب على اللبنانيين تحمل المسؤولية إزاءه، وإن أي رهان على مساعدة أصدقاء لا يصح أن يتحول خياراً بديلاً عن الجهد الوطني أو معطلا له».
"الديار": الاستحقاق الرئاسي في «غيبوبة»
دخل الاستحقاق الرئاسي في «غيبوبة» بعدما غاب الفرنسيون عن «السمع» بعد اجتماع «الخماسية» في الدوحة، لا نية لدى الدول الفاعلة في الضغط على الافرقاء اللبنانيين للخروج من «عنق الزجاجة» بحل مشترك متكامل يراعي التوازنات السياسية القائمة، ولا دعم للرغبة الفرنسية باجراء حوار لبناني – لبناني برعاية خارجية، وهذا يعني عمليا قطع الطريق على الطموح الفرنسي باجتراح حل لم يعد متيسرا ما يضع الكثير من الشكوك حيال ما يمكن ان يحمله المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان في جعبته خلال زيارته المؤجلة دون مواعيد ثابتة حتى الآن.
نقديا، لم يصل الحوار بين نواب الحاكم المركزي الاربعة والمجلس النيابي الى تفاهم على «خارطة طريق» لما بعد خروج حاكم المركزي رياض سلامة من منصبه نهاية الجاري. الخطة «الطموحة» على «الورق»،تخلي مسؤولية النواب الاربعة عن تداعيات المرحلة المقبلة، لكنها تبدو بعيدة المنال على الصعيد الواقعي، ولهذا ثمة الكثير من علامة الاستفهام حيال الاجوبة المنتظرة من لجنة الادارة والعدل ورد الفعل عليها مطلع الاسبوع المقبل، خصوصا مع رفض المجلس النيابي تبني الخطة كونها مسؤولية الحكومة لا مسؤولية مجلس النواب خصوصا ان لا تصور واضحا حول بديل منصة صيرفة وحماية سعر الصرف. كما ان ما يريده نواب الحاكم هو الاستمرار بالصرف من اموال المودعين لكن بتغطية قانونية. ماليا ايضا، تبدأ الحكومة دراسة موازنة «الضراب والرسوم» الاثنين والتي ستزداد بمعظمها ثلاثة اضعاف، وستجبى من جيوب المواطنين، وتكفي الاشارة الى ان 25 بالمئة من الواردات مصدرها ضريبة «القيمة المضافة»، والمفارقة ان الزيادات الاخيرة على الرواتب لا تدخل ضمن اساس الراتب اي ان تعويضات نهاية الخدمة «دون قيمة».
رئاسيا، وكما كان متوقعا، لم يمنح الاجتماع «الخماسي» في الدوحة دفعا لمهمة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، بل «كربجها» حيث غاب الفرنسيون عن «السمع» في وقت يحاول المعنيون بالملف في باريس ايجاد صيغة معدلة للمبادرة التي فقدت محركها الاساسي المفترض بعدما بات احتمال حصول حوار داخلي برعاية خارجية يعادل «الصفر» في غياب الدعم السعودي والاميركي للطرح، ووفقا لمصادر سياسية بارزة، يدرك الفرنسيون ان فكرة الحوار التي جرّبتها فرنسا وصلت الى حائط مسدود من دون تغطية اقليمية ودولية، وبغياب الضغط من قبل الرياض ووواشنطن لن تستطيع باريس اقناع المعارضة بتلبية دعوة مماثلة، في المقابل، فان تراجعها عن التمسك بمبادرة «السلة»، يضعها ايضا في مواجهة مع «الثنائي الشيعي» وخصوصا حزب الله غير المعني بتقديم اي تنازل خصوصا بعدما بات واضحا ضعف الدور الفرنسي الذي سمح لقوى «الخماسية» بان تستغله ولم تقدم اي شيء ملموس لدعمه، وبدل قيامه بالمواجهة اعتراضا على استهداف دوره، اختار كما هي العادة التراجع «خطوة الى الوراء»، والان يبدو حائرا لا يعرف ماهية الخطوة المقبلة. والخلاصة سنكون امام فترة طويلة من الفراغ المفتوح على كافة الاحتمالات.
إقرأ المزيد في: لبنان
25/11/2024
عمليات المقاومة ليوم الاثنين 25-11-2024
25/11/2024