لبنان
لبنان يدشن أعمال الحفر والتنقيب عن ثروات النفط والغاز كثمرة من ثمرات المقاومة
سلطت الصحف اللبنانية في افتتاحيات ومقالاتها الرئيسية اليوم الثلاثاء 22/08/2023، الضوء على الإرباك المتواصل في الكيان الصهيوني جراء استفحال الشرخ في مجتمعه وتراجع كفاءة جيش الاحتلال لا سيما على مستوى سلاح الجو، في وقت يستعد لبنان لتدشين أعمال الحفر والتنقيب الاستكشافي عن ثروات النفط والغاز في مياهه، كثمرة من ثمرات المقاومة التي انتصرت في عام 2000.
البناء
في هذا السياق، لفتت صحيفة "البناء"، إلى تقرير نشرته صحيفة «إسرائيل اليوم» عن سيناريو يبشّر بانهيار وتفكك الكيان الصهيوني في اجتماع عاملين شديدي الخطورة في وضع الكيان، ارتفاع قدرات حزب الله على تهديد أمن الكيان، وبلوغ الانقسام السياسي حدًا يهدّد بإصابة المؤسسة العسكرية بالشلل، في ظل تصاعد التوتر وانسداد الأفق أمام الحلول والتسويات، ما يجعل الحرب خيارًا حتميًا مقبلًا، مشيرة إلى أن «الجيش الإسرائيلي أُدخل بقوة زائدة إلى الصراع السياسي في الأسابيع الأخيرة؛ فمن جهة يختارون رجال احتياط وقف تطوّعهم على خلفية الصراع ضد الانقلاب القضائي، ومن جهة أخرى انتقاد لاذع من مؤيدي الإصلاح وفقدان الرسمية في ظل أقوال ضدّ رئيس الأركان وضباطه. وفي الوقت الذي يضرب فيه هؤلاء وأولئك الجيش الإسرائيلي، يعمل «حزب الله» ومؤيدوه (حسب الصحفة الصهيونية) على دفع قواتهم إلى الأمام، يتثبتون على الحدود، يضعضعون أمن السكان وينتظرون اللحظة التي يشعرون فيها بأنّهم مستعدّون لاستغلال اللحظة لشنّ الحرب». ونقلت عن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قوله: «كان دارجاً التفكير بأنه لا يمكن الانتصار على «إسرائيل» وأن جيشها لا يمكن هزيمته، وهكذا فإن دول المنطقة قبلت بوجودها كحقيقة ناجزة لا يمكن تصفيتها. وهذا اليوم تحديداً هو اليوم الأسوأ في تاريخ «إسرائيل»، كما يشهد بعض من الإسرائيليين. هذا اليوم يضع الدولة في مسار الاختفاء». ناقلة أن هذا الكلام قيل يوم التصويت على قانون التنظيم القضائي في الكنيست.
بينما يعيش الكيان هذا الارتباك يحتفل لبنان اليوم بتدشين أعمال الحفر والتنقيب الاستكشافي عن ثروات النفط والغاز، كثمرة من ثمرات المقاومة التي انتصرت في عام 2000 وأجبرت جيش الاحتلال على الانسحاب دون تفاوض ودون قيد أو شرط، ثم انتصرت عام 2006 بإسقاط قدرة الردع الإسرائيلية وتهديد عمق الكيان لأول مرة، كما يعترف قادة الكيان، ووفق مصادر متابعة لترتيبات إعلان تدشين أعمال الحفر ينتظر أن يشارك رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي في اللحظة التاريخية التي يبني اللبنانيّون عليها الكثير من الآمال. مشيرة إلى أن الرئيسين بري وميقاتي سيقومان بزيارة حقل قانا على متن مروحية.
حكوميًا، كان الاهتمام بملف كهرباء لبنان، محور اجتماعات السراي الحكومي، حيث تمّ التوصل إلى تفاهمات بين رئاسة الحكومة ووزارة الطاقة ووزارة المال ومصرف لبنان ومؤسسة كهرباء لبنان على تسهيل وصول المؤسسة إلى حساباتها بالليرة اللبنانية، وتسريع روزنامة التوازن المالي للمؤسسة.
وفيما يخيم الجمود على الساحة السياسية والرئاسية والمرشح أن يستمرّ حتى نهاية الشهر الحالي بانتظار عودة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان الى لبنان، تقدّم ملف الكهرباء الى واجهة الأولويات في ظل أزمة كهربائية – مالية بأبعاد سياسية وقانونية تعصف بهذا القطاع، حيث تفاعل أمس، التوتر الكهربائي على خط وزارتي الطاقة والمالية وما بينهما مصرف لبنان الذي يرفض حاكمه بالإنابة وسيم منصوري الاستمرار بتمويل بواخر الفيول من المصرف، ما يعني أن أزمة الكهرباء مرشّحة للمزيد من التأزم وتصاعد الخلافات بين وزارتي الطاقة والمالية ومصرف لبنان، وفق ما أكدت مصادر «البناء»، متحدثة عن خلاف حول تأمين اعتمادات بواخر الفيول الراسية في معملي الزهراني ودير عمار بين مصرف لبنان والحكومة التي تبحث عن آلية قانونية ومالية لهذا التمويل. ولفتت المصادر الى أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لم يفِ بتعهده للشركات حتى الساعة لتأمين مستحقات الفيول، وكان يراهن على تنفيذ وعده على التوصل الى تفاهم مصرف لبنان على آلية للتمويل، ما يعني أن الشركات قد تعود الى توقف العمل في المعملين بأي لحظة. ووفق المصادر هناك آلية يجري البحث بها لا سيما من الحكومة لكن لم يوافق عليها مصرف لبنان حتى الساعة، وهو تحويل الأموال المخصصة للكهرباء بالليرة اللبنانية الى الدولار.
وحضر ملف الكهرباء في السراي الحكومي من خلال اجتماع «اللجنة الوزارية الخاصة بملف الكهرباء» برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي.
وبعدما استمعت اللجنة الى عرض المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك بشأن مراحل تنفيذ خطة الكهرباء وعوامل نجاحها، تقرّر الطلب من مؤسسة كهرباء لبنان تحديد التعرفة الجديدة على اساس آخر سعر صرف حدده مصرف لبنان (لمنصة صيرفة)، وذلك اعتباراً من إصدار 1/7/2023. كما والطلب اليها تمديد العمل بقرار مجلس الإدارة رقم 285 ــــ 15/2023 تاريخ 7/6/2023 والمتعلق بتعديل التعرفة الكهربائيّة بحيث يتمّ حسم نسبة 25% من بدل التأهيل؛ وحسم 25% من بدل الاشتراك؛ واحتساب 26 سنتاً أميركياً لكل كيلو واط ساعة بالنسبة للاستهلاك غير المدعوم بدلاً من 27 سنتاً، وذلك لغاية إصدار حزيران 2023 ضمناً.
كما تقرر الطلب من مؤسسة كهرباء لبنان تكثيف التواصل مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR لدفع المستحقات المتوجبة على أماكن تواجد النازحين السوريين لصالح مؤسسة كهرباء لبنان تحت طائلة قطع الكهرباء عنها.
وفي موضوع باخرة الغاز أويل تقرر الطلب من مؤسسة كهرباء لبنان تحديد كمية مخزونها من الغاز أويل ومدى توافر الأموال لديها لفتح الاعتمادات المطلوبة من قبل وزارة الطاقة والمياه ليُصار في ضوء ذلك إلى بحث الموضوع في الاجتماع المُقبل للجنة لاتخاذ القرار المناسب وفقاً للآلية التي تقررت في الاجتماع السابق للجنة بتاريخ 12/4/2023. وأكدّت اللجنة أن ما تقدّم لا يُعتبر، وبأي شكل من الأشكال، بمثابة موافقة من قبلها على طلب فتح الاعتمادات المطلوبة للغاية المذكورة لا سيما في ضوء عدم التزام الوزارة بقرار اللجنة لناحية وجوب الاستحصال منها على قرار مسبق وواضح في هذا السياق. ويبقى للوزير في مطلق الأحوال، وتداركاً لأي ضرر لا تُسأل عنه الدولة، حرية التصرف بالباخرة وفقاً لما يراه مناسباً.
وكانت وزارة الطاقة قبيل اجتماع اللجنة قد أصدرت بياناً أوضحت فيه أن «خطة الطوارئ الوطنية لقطاع الكهرباء في لبنان قد لحظت السلفة المعطاة لمؤسسة كهرباء لبنان كرأسمال تشغيليّ (Working Capital) لفترة 5 إلى 6 أشهر، إنما على أن تبلغ قيمتها الإجمالية 600 مليون دولار أميركيّ، وذلك لزوم شراء وتوريد شحنات محروقات لصالح مؤسسة كهرباء لبنان ليصار إلى رفع التغذية تدريجيًا لحوالي 8 إلى 10 ساعات يوميًا، ولكن تخفيضها إلى 300 مليون دولار أميركي لأسباب خارجة عن إرادة وزارة الطاقة والمياه ومؤسسة كهرباء لبنان انعكس قسريًا تعديلًا في ساعات التغذية لغاية 4 إلى 6 ساعات يوميًا؛ مع الإشارة أيضًا إلى أنه ومع انقضاء حوالي 8 أشهر على إعطاء هذه السلفة لم يتمّ استخدام سوى 193 مليون دولار أميركي من أصل رصيدها الإجمالي».
ولفت وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، في حديث تلفزيوني إلى أنّ «خطة الكهرباء ناجحة وتزيد التغذية، وهناك معضلة مع مصرف لبنان تحتاج إلى حلول»، موضحًا أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي «لم يُبدِ أي اعتراض على عملنا». ولفت إلى أنّ مناقصة استيراد الفيول تستند إلى قرار من مجلس الوزراء»، مشيرًا إلى «أننا قمنا بإجراء مناقصتين بناء على قرار مجلس الوزراء»، موضحًا أنّ الكلام عن أنّ الفيول أويل غير مطابق للمواصفات غير صحيح، ومشددًا على «أننا بحاجة إلى شحنة الفيول الجديدة». ولفت إلى أنّ تأمين هذه الشحنة من الفيول ليس أمرًا خاطئًا. وصرّح فياض بأنّ «هناك مشكلة كحكومة في العلاقة المستجدة مع مصرف لبنان حول تأمين العملة الصعبة».
على خط موازٍ، رأس الرئيس ميقاتي اجتماعاً للجنة المكلفة وضع اقتراحات لتعديل قانون النقد والتسليف في السرايا، وشارك فيه وزير العدل هنري خوري، وزير المالية يوسف الخليل، الوزيران السابقان إبراهيم نجار وشكيب قرطباوي، الدكتور نصري دياب والخبراء عبد الحفيظ منصور، حسن صالح وغسان عياش. وقال خوري بعد اللقاء: «بحثت اللجنة في اقتراح أفكار جديدة لتعديل قانون النقد والتسليف. الأمور الأساسية في القانون لا تمسّ ولكن هناك بعض النقاط يمكن أن تطرأ عليها تعديلات تجميلية فقط».
بدوره، عرض رئيس مجلس النيابي نبيه بري الأوضاع العامة لا سيما المالية منها خلال لقائه حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري الذي يعتزم زيارة المملكة العربية السعودية خلال الأسبوع المقبل بدعوة من السفير السعودي في لبنان وليد البخاري.
وكشف محافظ مدينة بيروت القاضي مروان عبّود أن «إجراءات جديدة يتمّ التحضير لها لرفع قيمة الرسوم البلدية، حفاظاً على استمراريّة المرافق العامّة، وبالتالي سيجري رفع الرسوم الضريبيّة على الأماكن والمطاعم التجاريّة التي تجني ربحها بالدولار». وأكد عبّود أن الضريبة ستزيد بين 30 و40 مرّة. أما في الخطوات العملانيّة فسيتمّ تعيين جباة والقيام بجردة تفتيش على كل المدينة لجبي الضرائب، مشيراً الى أن «معظم الأماكن التجارية في بيروت تتهرّب من الضريبة ومن يدفع تبلغ قيمة ضريبته القصوى بين 10 و15 مليون ليرة فقط بينما مردودهم بالدولار الأميركي».
الأخبار
وتحت عنوان: وقائع مراسلات تكشف خفّة رئاسة الحكومة في التعامل مع ملف الفيول: ميقاتي غير مهتمّ لمصير الكهرباء، كتبت صحيفة "الأخبار" تقول: فجأة، اعتقد أحد ما في القصر الحكومي، أن «اختراع» مشكلة الكهرباء واتّهام وزير الطاقة وليد فياض بالغشّ والتقصير، هما القناة التي توقف إحراج قوى السلطة وعلى رأسها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعدما قرّر حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري وقف تمويل الدولة بالعملة الأجنبية. ميقاتي يدرك بفطنته «الصناعية» البسيطة، أنه لا يمكن إنتاج الكهرباء بلا فيول مستورد يُدفع ثمنه بالعملة الأجنبية، فلجأ إلى بدعة قديمة تفترض وجود «سوء إدارة» وتخلق جدلاً حول الأمر، يستمرّ لغاية تكريس وقائع جديدة. أي التوقف عن استيراد الفيول واستهلاك المخزون الاستراتيجي المتوافر حتى آخر قطرة. وبعدها يأتي «الفَرَج». أي «فَرَج»؟ لا أحد لديه فكرة، لا ميقاتي ولا أحد غيره من قوى السلطة. الفرج الوحيد المتاح هو العتمة.
قبل بضعة أيام، سُرّب كلام منقول عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، يشير فيه إلى أن مخزون الفيول لدى مؤسّسة كهرباء لبنان في أقصى مستوياته، وأن بواخر الفيول التي استوردت بصفقات «مشبوهة» يتم تفريغها بلا فحوصات مخبرية، ما يعني أن رئيس الحكومة غير مُلزم بالدفاع عن هذه الشحنات، ولا عن الاتفاق الذي عُقد مع حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة بشأن تحويل مبلغ 300 مليون دولار وتمويله بسلفة خزينة.
لم يتأخّر ردّ وزير الطاقة وليد فياض بالوثائق على هذه الاتهامات، وأرسل ملفاً إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء يظهر أن مجلس الوزراء وافق في 18/1/2023 على إعطاء سلفة خزينة للكهرباء بقيمة 300 مليون دولار منها 264 مليوناً مخصّصة لشراء المحروقات لزوم تشغيل معامل الإنتاج. وبناءً على المرسوم 10962 فُتحت الاعتمادات المؤجّلة الدفع لستة أشهر لاستيراد 87 ألف طن فيول، وأُطلقت مناقصة عمومية لذلك نُشرت على موقع هيئة الشراء العام بتاريخ 26/4/2023. أتى عارض وحيد، فأعيدت الصفقة، ثم جرى تلزيمها مجدداً وفازت فيها شركة «Coral Energy DMCC». سلكت الصفقة مسارها القانوني، إلى أن راسلت وزارة الطاقة مصرف لبنان عبر وزارة المال، طالبة منه فتح اعتمادات بقيمة 58.87 مليون دولار، علماً أن لمؤسسة كهرباء لبنان رصيداً من سلفة الخزينة غير مستعمل بقيمة 102 مليون دولار. ووصلت الشحنة إلى لبنان بتاريخ 8/8/2023 لكنها لم تفرّغ حمولتها بسبب عدم فتح الاعتماد، ما كبّد الخزينة نحو 126 ألف دولار غرامة تأخير حتى الأمس، كما أنها جاءت نتائج التحاليل المخبرية التي أجرتها شركة «بيرو فيريتاس» إيجابية لجهة التحقق من المواصفات المطلوبة.
رغم دقّة الردّ، إلا أنه لم يُطفَأ الحريق الذي اندلع. ميقاتي «لعّيب». فهو يعلم أنه بمجرّد الردّ ستتحوّل الأنظار عن المشكلة الفعلية: للخزينة حاجة كبيرة إلى الدولارات أكبر من قدرة مصرف لبنان على توفيرها. ولولا النقص في الدولارات لما كانت المشكلة تتعلق بتشغيل معامل الكهرباء كما هي الآن، بل كانت ستعود إلى ما كانت عليه قبل الأزمة، أي مشكلة الاستثمار في الكهرباء وتقاسم المنافع وترتيب الحصص.
ونقل مقرّبون من الحاكم بالإنابة وسيم منصوري قوله بأنّه يريد المساهمة في معالجة أزمة تشغيل الكهرباء، إنما «لا يجب أن يكون الأمر خارج أولويات المصرف المركزي القاضية بالحفاظ على الاستقرار النقدي»، ولا يمكن أيضاً أن يتم ذلك خارج الأولويات التي تحدّدها الحكومة. فرئيس الحكومة حدّد أولويات ما بعد الاستقرار النقدي وفق الترتيب الآتي: تسديد رواتب القطاع العام بالدولار النقدي، تأمين حاجات القوى الأمنية من مازوت وتجهيزات ضرورية وسواها، ثم تأمين حاجات الاتصالات والكهرباء وما تبقّى من طلبات لدى القطاع العام.
وخلصت "الأخبار" إلى أن "الكهرباء ليست أولى الأولويات! هذه ليست مسألة جديدة على سلوك قوى السلطة. فمع انفجار الأزمة عمد حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، إلى تقليص تمويل شحنات الوقود لتشغيل معامل الكهرباء من الحدّ الأقصى الذي كان مفتوحاً بموجب سلفات خزينة، إلى الحدّ الأدنى الذي لا يتيح إنتاج أكثر من ثلاث ساعات كهرباء، وفي بعض الأحيان كان الإنتاج لا يتجاوز ساعة واحدة من الكهرباء يومياً. ذلك كان قبل أن ينغمس لبنان في تسوّل الفيول من العراق، وفي التفاوض على عقود مع مصر والأردن لاستجرار الكهرباء والغاز اللازم لتشغيل المعامل. وبحسب أرقام مصرف لبنان، سجّل متوسط إنتاج الكهرباء في عام 2019 نحو 1233 مليون كيلوواط ساعة، ثم انخفض إلى 1027 مليون كيلوواط ساعة في عام 2020، و655 مليون كيلوواط ساعة في عام 2021، و235 كيلوواط ساعة في عام 2022. أما في كانون الثاني 2023 فقد سجّل إنتاج 98 مليون كيلوواط ساعة".
ولفتت "الأخبار" إلى أنه بدلاً من ذلك، سخا سلامة وقوى السلطة على تمويل استيراد المحروقات بكلّ مشتقاتها من بنزين ومازوت ووقود طيران وزفت وغيرها، حتى أُنفق مما يسمى توظيفات إلزامية بالعملة الأجنبية أكثر من 10 مليارات دولار. ومع الوقت، قرّر سلامة الاكتفاء بما بدّده من هذه الأموال، وعمد إلى تقنين عمليات التمويل للكميات المستوردة من المشتقات النفطية إلى أن فرض عملية رفع الدعم عن أسعارها بشكل كامل، أي بات سعرها يعادل سعر الصرف في السوق، وهذا ما طبّقه أولاً على المازوت ثم على البنزين. وانتهى الأمر بأن الشركات المستوردة صارت تشتري الدولارات المتدفّقة إلى السوق. بهذا المعنى، جرى تكريس وقائع جديدة، من أبرزها رفع الدعم عن الأسعار. أما اليوم، فما هي الوقائع الجديدة التي سيتم تكريسها بهذا المشكل الذي يُرمى بكامله على عاتق وزير الطاقة كأنّ ميقاتي وباقي البوطة من أركان السلطة لا يعلمون أن المشكلة الفعلية هي في أن للدولة حاجة إلى الدولارات يصعب تمويلها بلا اهتزاز سعر الصرف. مصرف لبنان الذي جمع لغاية الآن نحو 80 مليون دولار، يفضّل أن يضخّ الدولارات إلى نحو 400 ألف موظف في القطاع العام «ما يكرّس استقرار سعر الصرف لنحو 10 أيام كاملة» وفق مصادر مطّلعة. أما شراء الدولارات من السوق، فهو أمر لا يمكن القيام به إلا إذا توافرت الدولارات، أي إنه في الفترة المقبلة حين تشحّ الدولارات المتدفّقة، سيكون هناك تنافس بين مصرف لبنان والتجار والمستوردين على شراء الدولار من السوق، وبالتالي قد لا يتمكن المصرف المركزي من شراء هذه الكميات وجمعها من السوق، بينما هو لا يريد أن يمسّ بما يسمّيه احتياطات بالعملة الأجنبية.
ورأت أنه كلما وقفت قوى السلطة في مواجهة المشكلة، تقرّر سريعاً الحياد عنها. هذه المشكلة واضحة للعيان؛ لا يمكن أن تُستأنف الحياة في لبنان من دون إعادة إطلاق النظام المالي، وهذا يتطلب توزيعاً للخسائر مرتبطاً مباشرة بملّاكي المصارف وكبار المودعين ونفوذهم السياسي، بالتوازي مع خطّة اقتصادية واجتماعية يُكرس لها ما تبقّى من موارد. رغم ذلك، سلوك قوى السلطة يظهر أنها تفضّل تبديد الموارد من دون القيام بشيء!
«لجنة الكهرباء» لوزير الطاقة: لن ندفع، تصرّف!
ونقلت "الأخبار" عن مصادر في اللجنة الوزارية المخصّصة للكهرباء، قولها إنه خلال الاجتماع «سُئِل وزير الطاقة عن سبب تجاهل الآلية المتّفق عليها وتجاوز قرارها، فادّعى بأنّه أرسل كتاباً إلى رئيس اللجنة أبلغه فيه بأنّه سيقوم باستقدام الباخرة». فردّ أعضاء اللجنة بأنّه «أرسل الكتاب لكنه لم ينتظر الجواب وأقدمَ على الخطوة قبل حجز الاعتمادات المالية الخاصة بها وهي تناهز 30 مليون دولار». وقالت المصادر إن «اللجنة ستجتمع يوم الإثنين لاتخاذ القرار الأخير»، علماً أنه «جرى إبلاغ الوزير بصراحة بأنّه سيتم التأكد من المخزون المتبقّي، وأن هناك احتمالاً كبيراً برفض دفع المبلغ، مع أن كلفته محجوزة سلفاً من الدولة اللبنانية جراء تخصيص 300 مليون دولار لتنفيذ الخطة الوطنية للكهرباء، لكنّ الوضع المالي في البلد لا يسمح بذلك».
وشدّدت المصادر على أن «إصرار الوزير على استقدام الباخرة في وقت أن الفيول الموجود يكفي إلى حين وصول الفيول العراقي يطرح علامات استفهام كبيرة، وشكوكاً حول الغرض من ذلك ووجود شبهة ما»، مشيرة إلى أن «أعضاء في اللجنة تداولوا في بعض المعلومات التي تحدّثت عن التصرّف بالباخرة في حال لم تدفع الدولة ثمن الفيول وإمكانية بيعها» وردّوا على وزير الطاقة بالقول: «هاي شغلتك إنت تصرف».
وليد فياض: نغرق مع «المركزي» أو نجبي بالدولار
قال وزير الطاقة وليد فياض، أمام زواره، أمس، إن الخيارات التي تواجه مؤسّسة كهرباء لبنان باتت محدودة بعدما تبيّن أن المصرف المركزي ليس قادراً على تأمين العملات الأجنبية المطلوبة. فالمسألة ليست مسألة مخزون الفيول أو استقدام باخرة، بل القصّة تتعلق بأن الشلل أصاب مصرف لبنان وأنّه يجرّ مؤسسة كهرباء لبنان نحو الإفلاس معه بعدما تمكّنت في الفترة الماضية من النهوض وباتت قادرة على تجميع مبالغ تغطّي دورة عملها كما هي عليه الآن، أي لإنتاج خمس ساعات كهرباء يومياً في المتوسط. وبما أن مصرف لبنان ليس قادراً على تحويل الليرات التي تجمعها إلى دولارات تستخدمها لشراء الفيول، فإن دورة عملها قابلة للانتهاء سريعاً، لذا «يجب تأمين استقلالية المؤسسة عن المصرف المركزي، وهذا يتطلب أن تكون قادرة على جباية الفواتير بالدولار، أو أن يُسمح لها بأن تشتري بالليرات التي تجمعها دولارات تستخدمها لسداد ثمن الفيول. الخيار المطروح الآن هو أن نغرق مع مصرف لبنان أو أن نكون قادرين على الاستقلال عنه في هذه المرحلة الصعبة».
هل المطلوب نفادُ الكمية؟
أصدر المكتب الإعلامي لوزارة الطاقة والمياه، بياناً موجّهاً إلى أوساط حكومية يشير إلى أن «كميات الفيول الموجودة تكفي لأقل من شهر بحسب مؤسسة كهرباء لبنان المعنية الأولى، فهل المطلوب نفادُ الكميات الموجودة والوصول إلى العتمة الشاملة، أم تأمين الاستدامة المطلوبة، خصوصاً في ظل شحّ كميات الفيول وصعوبة تأمينها عالمياً؟ أصبحنا شبه أكيدين أنّ نيّة تأمين استدامة الكهرباء للمواطنين غير موجودة والعرقلة واضحة».
الجمهورية
من جهتها رأت صحيفة "الجمهورية" أنه منذ اشتعال الأزمة قبل سنوات، يهوي هذا البلد من انحدار إلى انحدار وكأنّه يزحل من مكانه، واللبنانيون التوّاقون الى الخروج من جهنّمها كيفما كان، هَزمهم معطّلو الحياة في لبنان، وحكموا عليهم بالدوران حول أنفسهم في متاهة خيبات متتالية، كانت فاتحتها سقوط رهانهم على الشعارات الكبرى التي طرحت للتغيير والتطوير، وكان لكلّ خيبة منها ثمن باهظ يدفعونه وجعاً وجوعاً وقلقاً من انحدار أكبر الى واقع أفظع.
وعلى ما تؤكد وقائع المشهد الداخلي ومجرياته، مسلسل الخيبات متواصل، وها هي نُذر خيبة جديدة تلوح في الأفق القريب، بسقوط الرّهان على فرصة حوار في شهر ايلول المقبل، أتاحها الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان للتوافق على رئيس للجمهورية، خصوصاً انّ الكلمة الفصل كانت وما زالت للمعطّلين.
بدأ تسليم الأجوبة
وإذا كانت السفارة الفرنسية في بيروت قد بدأت بتسلم أجوبة عن السؤالين الواردين في رسالة لودريان، من قبل أطراف اعلنت موافقتها على المشاركة في الحوار باعتباره سبيل التوافق الوحيد على رئيس، فإنّ جبهة رفض الحوار واسعة وشاملة لكلّ التوجهات السياسية والنيابية التي تصنف نفسها سيادية واستقلالية وتغييرية. وتعتبر ان لا جدوى من حوار مع "حزب الله". وهو الأمر الذي يشكّل، كما يقول مرجع مسؤول لـ"الجمهورية"، مقتلاً لهذا الحوار واعداماً لفرصة توافق قد لا يتكرّر مثلها في المدى المنظور".
وأضاف: "بحسب معلوماتي فإن الفرنسيين شعروا بخيبة كبرى ممّا أحاط رسالة لودريان من ردود سياسية سلبية من قبل البعض، والموفد الفرنسي نفسه عَبّر عن استياء بالغ من المنحى لا يساهم في إحباط آخر فرصة لتوافق اللبنانيين على رئيس للجمهورية. ولكن في مطلق الاحوال فإنّ الموفد الفرنسي سيأتي في بداية ايلول، وسيسعى لإنقاذ مهمّته، لكنّ الجوّ العام كما نراه في هذه الفترة لا يبعث على التفاؤل".
وقال: "بناء على ما صدر من اعتراضات، فإنّ المؤشرات سلبية، فثمة أطراف قررت المقاطعة المسبقة للحوار، وتبعاً لذلك لا أعتقد انّ لودريان يستطيع ان يتجاوز هذه الاعتراضات والمقاطعات، أو يكمّل مهمّته في اتجاه عقد "حوار بمَن حضر". خصوصاً انّه يريد حواراً يشمل كلّ الاطراف المعنية بالملف الرئاسي، وهذا الحوار اصلاً، وتبعاً للمواقف المتناقضة، حظوظ تمخّضه عن ايجابيات ضئيلة جدا، فكيف مع غياب مكوّنات سياسيّة عنه؟
يؤكد المرجع عينه "انّ التعاطي السلبي مع العملية الحوارية التي قال لودريان انه يقودها بالتنسيق مع شركاء فرنسا في اللجنة الخماسية، أسقط المسعى الخارجي في الاحراج والارباك"، ويكشف انّ المعطيات المتوافرة لديه تفيد بأنّ لودريان سيستبق حضوره الى بيروت، بمشاورات يُجريها مع سائر اعضاء اللجنة الخماسية، ليضعهم في صورة الأجوبة التي تلقاها على رسالته، ولتحديد الخطوة التالية التي ستبنى عليها.
وفي الافق، كما يقول المرجع عينه، احتمالان، الأول أن تأتي الخطوة التالية بإعلان النعي لمهمة لودريان وصَرف النظر عن الحوار مع تحميل معطّلي الحوار المسؤولية والتبعات. اما الاحتمال الثاني، فهو اتخاذ خطوة نوعيّة لا يُتوخّى منها إنجاح مهمّة لودريان بقدر ما تكون خطوة مقرونة بإجراءات قاسية لحفظ ماء الوجه، خصوصاً انّ فشل هذا المسعى يشكّل خيبة فرنسية بالدرجة الاولى، قبل ان يكون خيبة لشركاء فرنسا في اللجنة الخماسية.
ويخلص المرجع الى القول: في مطلق الاحوال، المسألة باتت مسألة ايام قليلة، وسينكفىء الفرنسيون وستخرج اللجنة الخماسية نفسها من الملف الرئاسي، وما علينا في هذه الحالة سوى أن نحضّر أنفسنا لِتلقّي ما سيتدحرج علينا من تداعيات.
ماذا بعد أيلول؟
وإذا كانت الاعتراضات السياسية قد حكمت على حوار لودريان بالفشل المُسبق، سواء الفشل في الانعقاد، او الفشل في الخروج بتوافق إن انعقد، فإنّ ذلك يفتح على سؤال كبير: ماذا بعد؟ واي مرحلة سيدخلها لبنان ما بعد هذا الفشل؟
ولفتت "الجمهورية" إلى أن لودريان في زيارته الأخيرة، أكد بصراحة مُطلقة على انّ فرصة الحوار هي الاخيرة التي يمكن أن تُتاح امام لبنان، وتفويتها ستترتّب عليه تداعيات صعبة أقلها انّ المجتمع الدولي سينصرف عن لبنان، ما يعني ترك هذا البلد لمصيره.
واللافت في هذا السياق، انّ المقاربات السياسية المختلفة لمرحلة ما بعد فشل حوار ايلول، تتقاطَع عند نظرة شديدة السوداوية للواقع اللبناني، وقلقه من "بنك تداعيات سلبية" ستحكم لبنان لفترة طويلة، وتدفع الشعب اللبناني أثماناً باهظة فوق طاقة تحمّله.
ونقلت "الجمهورية" عن مصادر سياسية مسؤولة قولها إنّها تخشى من واقع مرير ومخيف يتهدّد لبنان على كلّ المستويات، ويلقي باللبنانيين في مهبّ توتّرات وعواصف سياسيّة وأمنيّة واقتصادية ومالية واجتماعية ومعيشية، تطوق الواقع اللبناني بفلتان وفوضى شاملة خارج نطاق السيطرة. واما الضحية الكبرى فهي رئاسة الجمهورية التي ستطول إقامتها في مربّع الفراغ، حيث ان انتخاب رئيس للجمهورية برغم ضرورته وأولويته، قد يصبح امرا ثانويا جدا امام ما قد يشهده البلد من عواصف ومطبّات.
الاشتباك الكبير
وفي قراءة لهذا المشهد، تذهب شخصية وسطيّة بارزة إلى المدى الأبعد في تشاؤمها، وقالت لـ"الجمهورية" انها تؤيّد ما اعتبره رئيس مجلس النواب نبيه بري بأنّ تعطيل الحوار والتوافق على رئيس للجمهورية، خطيئة كبرى تُرتكب بحق البلد. ومن هنا تمسّكنا بالحوار بوصفه أقصر الطرق الى صياغة الحلول والتفاهم على رئيس يرضي كل الأطراف. ولكن ما العمل إذا كانت ثمة عقليات تُعاكِس هذا المسار، وتدفع بلبنان الى الاشتباك الكبير".
وتستدرك الشخصيّة قائلة: إن حصل ما أنا خائف من حصوله، فعلى لبنان السلام، ولن تقوم له قائمة لا بمؤتمر تأسيسي ولا بما هو أبعد من مؤتمر تأسيسي.
ورداً على سؤال، أجابت الشخصية الوسطية: "لستُ خائفاً من التقسيم، بقدر ما انا خائف من تفتيت هذا البلد". وسخرت ممّا سمّتها "النشوة" التي تغمر معطلي حوار ايلول ورافضي التوافق على رئيس، في انتظار ظروف يراهنون على بروزها لاحقاً، لتقلب الواقع الداخلي، وتميل الدفة الرئاسيّة في الاتجاه الذي يرغبونه، فيما هي لا تعدو اكثر من "نشوة خادعة" غير قابلة للصرف في أيّ بنك سياسي او غير سياسي، لا الآن ولا في اي وقت لاحق".