لبنان
"الحاج جواد" شهيدًا على طريق القدس.. والعدو يُجبر على بدء المرحلة الثالثة بغزة
تناولت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الثلاثاء 9 كانون الثاني/يناير 2024، نبأ استشهاد القائد في صفوف المقاومة الإسلامية وسام طويل "الحاج جواد" على طريق القدس، بعد استهداف العدو الصهيوني سيارته في بلدته خربة سلم، ليلتحق برفاقه الشهداء بعد مسيرة طويلة من الجهاد والمقاومة. وحمّلت وسائل إعلام العدو الصهيوني الشهيد مسؤولية ضرب قاعدة "ميرون" الاستخباراتية، في عمق نحو 8 كلم داخل الأراضي المحتلة، والذي أتى كردٍ أولي على اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي في حركة حماس الشيخ صالح العاروري.
وعلى الجبهة الجنوبيّة، تطوّرت احتمالات انزلاق الوضع إلى حرب واسعة النطاق، بالتزامن مع الحراك السياسي على خط وقف الحرب، ما دفع واشنطن لارسال الموفد الأميركي عاموس هوكشتين إلى لبنان هذا الأسبوع، في حين أوفدت وزير خارجيتها، أنتوني بلينكن، إلى "تل أبيب"، أمس، في زيارة هي الخامسة منذ عملية طوفان الأقصى.
أما في غزة، فقد أجبرت المقاومة الفلسطينية الاحتلال على على تقليص عديد قواته في شمال غزة والاستعداد للانسحاب النهائي منه، وتركيز الزخم العملياتي على نقاط محصورة هناك، في ظلِّ ارتفاع خسائرها يوميًا، والتي كان آخرها 11 قتيلًا أمس، في يوم وصفه العدو بالأسوأ منذ بدء الحرب.
البناء: المقاومة تُخرِج قاعدة ميرون الاستراتيجية عن العمل والاحتلال يغتال «الطويل»
تواصل المقاومة في غزة عمليات استهداف جيش الاحتلال الذي يعجز عن التقاط أنفاسه لإعلان الانتقال الى مرحلة جديدة يسحب فيها قواته إلى نقاط أقل تعرّضاً للعمليات، حيث جاء انطلاق الصواريخ من شمال غزة على تل أبيب فضيحة للإعلان الإسرائيلي عن إنجاز المهمة في الشمال والاستعداد للانسحاب النهائي منه، بينما لم ينتج عن الزج بالمزيد من الألوية في معارك جنوب غزة إلا إلى المزيد من الخسائر، حيث اعترف جيش الاحتلال بـ 11 قتيلاً في يوم وصفه بالأسوأ منذ بدء الحرب.
وجاءت الأرقام المنشورة لجيش الاحتلال عن عدد الجنود الذين تلقوا المراجعات في العيادات النفسية وقد تجاوزوا التسعة آلاف بين جندي وضابط منذ بدء الحرب، لن يتمكّن ربعهم من العودة الى القتال أي أكثر من ألفي جندي وضابط. وهو رقم يضاف الى ثلاثة آلاف مصاب بإعاقة جسديّة دائمة تحول دون العودة إلى الخدمة، لتصبح الخسائر البشرية التي سبق وأدّت إلى سحب وحدات وكتائب من ألوية النخبة مصدراً لإنهاك الجيش وطرح أسئلة حول قدرة الجيش على مواصلة القتال، لأن التقديرات لعدد الإصابات في صفوفه وفقاً لعدد الذين لن يستطيعوا العودة إلى القتال تقول بحدّ أدنى هو أربعة أضعاف الخمسة آلاف الذين خرجوا من ساحة الحرب ولن يعودوا اليها. وهذا يعني 20 ألفاً من أصل 50 ألفاً يقاتلون في غزة، ما يمثل نسبة 40% وهي نسبة الخطر التي تبدأ الجيوش بالانهيار عندها.
على جبهة حدود لبنان الجنوبيّة وما يسمّيه جيش الاحتلال برعب الشمال، صداع مستمرّ في الكيان، بين رغبة بتهدئة تضمن عودة مهجّري المستوطنات الذين زادوا عن ربع مليون مهجر، ورغبة بتصعيد يمنح الفرصة لصورة نصر تكتيكيّ دون التورط في حرب لن تنتهي إلا بهزيمة استراتيجية أكيدة. وقد طغى رعب الشمال على زيارة وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن للكيان، بعد جولة عربية أراد خلالها تقديم صورة الوسيط المحايد لإدارة جو بايدن المتورطة بكل جرائم الحرب الإسرائيلية، أملاً بأن ينفع حديثه عن حل الدولتين وعن المساعدات الإنسانية وعن تخفيف الخسائر بين المدنيين، بتأمين مساهمة عربية إلى جانب واشنطن في التخلص من صداع آخر هو رعب البحر الأحمر، في ظل إصرار أنصار الله على المضي بمنع السفن المتوجّهة إلى موانئ كيان الاحتلال من العبور، وخشية أميركيّة من التورّط في حرب تجلب الأذى لقوة ردعها وتصاب خلالها القواعد والسفن الأميركيّة في المنطقة.
رعب الشمال تجلّى يوم السبت برد أولي للمقاومة الإسلامية في لبنان على اغتيال القيادي في حركة حماس وقوات القسام صالح العاروري وعلى انتهاك معادلة الردع التي تحمي الضاحية الجنوبية لبيروت، وتضمن الردّ استهداف قاعدة جبل ميرون الاستراتيجية بـ 62 صاروخاً، أخرجتها عن الخدمة باعتراف وزير الحرب في كيان الاحتلال يوآف غالانت الذي قال إن هناك منظومات بديلة لتعويض الخلل الذي أصاب «القاعدة الحساسة». وأمس قام جيش الاحتلال باغتيال القيادي الجهادي في المقاومة وسام الطويل معتبراً أنه مسؤول عن عملية استهداف قاعدة جبل ميرون، بما يشير الى حجم الأذى المعنوي والمادي الذي تسبّبت به عملية الاستهداف، لقاعدة تعتبر عيون جيش الاحتلال ودماغه ومنظومة إدارة وسيطرة على شبكات التنصّت والتوجيه الإلكتروني للطائرات المسيّرة تتولى مهام كل منطقة لبنان وسورية والعراق.
تسارعت وتيرة التطوّرات على الجبهة الجنوبيّة في ظل حرب أمنية مفتوحة بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي بموازاة الحرب العسكرية منذ 8 تشرين الأول الماضي، ما يرفع احتمالات انزلاق الوضع الى حرب واسعة النطاق، إذا لم تفلح الجهود الدبلوماسية الأميركية – الأوروبية باحتواء الموقف. وإذ أعلن رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي أن الموفد الأميركي أموس هوكشتاين سيكون في لبنان هذا الأسبوع.
وفي سياق ذلك، أشارت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية الى أنّ «مهمة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن العاجلة ستكون محاولة تبريد الرياح الساخنة عند الحدود اللبنانية، خاصة بعد صليات القذائف الصاروخية والصواريخ المضادة للدروع التي أطلقها حزب الله، أول من أمس السبت، على وحدة مراقبة الحركة الجوية في جبل ميرون، والتي أدّت إلى تسخين أجواء الحرب».
وبعد أيام على عملية اغتيال القيادي في حركة حماس الشيخ صالح العاروري في الضاحية، اغتال العدو الإسرائيلي القيادي في حزب الله وسام الطويل في غارة استهدفت سيارته في خربة سلم في الجنوب.
وفي التفاصيل أن مسيّرة إسرائيلية نفذت قرابة العاشرة والربع من صباح أمس، غارة على سيارة من نوع رابيد على طريق محلة الدبشة في بلدة خربة سلم في قضاء بنت جبيل مطلقة باتجاهها صاروخاً موجّهاً، أدّى الى جنوحها جانب الطريق واحتراقها، وحضرت الى المكان فرق من الإسعاف والإطفاء من الدفاع المدني وكشافة الرسالة الإسلامية والصليب الأحمر وعملت على إخماد النيران. واستشهد في الغارة المسؤول الميداني في حزب الله وسام الطويل الملقب بـ»جواد»، وشخص ثانٍ.
ونعى حزب الله في بيان «الشهيد المجاهد القائد وسام حسن طويل «الحاج جواد» من بلدة خربة سلم في جنوب لبنان، والذي ارتقى شهيداً على طريق القدس. فيما زعمت وسائل إعلام إسرائيلية أن الطويل هو المسؤول عن إطلاق الصواريخ على القاعدة الجوية ميرون يوم السبت الماضي.
وأشارت مصادر في فريق المقاومة لـ»البناء» الى أن «الشهيد الطويل هو قيادي ميداني بارز في حزب الله ومن الطبيعي أن يُستشهَد كغيره من المقاومين الشهداء من مختلف الرتب والمواقع العسكرية، في ظل ضراوة العمليات العسكرية ومواجهة الحرب الأمنية الإسرائيلية التي تخوضها المقاومة ضد لبنان ومحور المقاومة، وتأتي عملية الاغتيال بعد قيام المقاومة بتسديد ضربة كبيرة واستراتيجية لقاعدة ميرون العسكرية والاستخباراتية». ولفتت المصادر الى أن «اغتيال قيادات في المقاومة مهما بلغت أهميّتهم لن يؤثر على معنوياتها وقوتها ودورها في القيام بواجبها الميداني في الدفاع عن الجنوب ولبنان ورد العدو الإسرائيلي وإسناد غزة، بل يزيد من معنويات المقاومين في ساحات الحرب».
وأوضحت المصادر أن «العدو الإسرائيلي يعرف أن الهيكلية العسكرية والتنظيمية للمقاومة لا تتأثر باغتيال من هنا وهناك بل لكل قياديّ بديل وربما أكثر تقوم قيادة المقاومة بتعيينه للاستمرار بمهامه الجهادية، لا سيما أن حزب الله ينتج قيادات بشكل دائم، والدليل أن المقاومة لم تتأثر باغتيال قيادات كبيرة لها منذ اغتيال القائد العسكري للحزب الشهيد عماد مغنية والمسؤول العسكري الكبير الشهيد مصطفى بدر الدين وآخرين، بل المقاومة ازدادت قوة وقدرة وعقيدة وعدّة وعديداً وتطوراً الى حد كبير». وأضافت المصادر أن استهداف قيادات المقاومة في الميدان ليس إنجازاً للعدو، وهناك الكثير من القيادات استشهدت في الميدان خلال مواجهات عسكرية وليس باغتيالات أمنية فقط. وأكدت المصادر أن المقاومة لا تزال سيّدة الميدان ولها اليد الطولى وتملك بنك أهداف كبيراً عن مواقع ومراكز العدو على مساحة الشمال وكل فلسطين المحتلة، وستختار الهدف المناسب لضربه خلال الأيام المقبلة وهي ملتزمة بالدفعات المتبقية من الرد على استهداف الضاحية واغتيال القيادي العاروي.
الأخبار| مقتلة إسرائيلية كبرى في غزّة | تل أبيب لواشنطن: بدأنا المرحلة الثالثة... ولكن
في اليوم الرابع والتسعين من عدوانها على قطاع غزة، ظلّت قيادة إسرائيل السياسية متمسّكة بنهج الهروب إلى الأمام، مواصلةً طرح سقف عالٍ لأهداف الحرب، والتي باتت المعطيات الميدانية تحول دون تحقيقها أكثر من ذي قبل. ويترافق ذلك مع تزايد تململ الداخل الإسرائيلي من حرب لا تظهر لها نهاية، ولا إمكانية للنصر فيها، وهو ما يترجَم بمطالبات بوقفها، ووضع قضية الأسرى في رأس سُلّم اهتمامات القيادة بدلاً من المضيّ فيها على أيّ حال. وفي ظل هذا الوضع، أظهرت التصريحات الأخيرة الصادرة عن المسؤولين الإسرائيليين مزيداً من محاولات التسويف بشأن إعادة انتشار القوات والانتقال إلى المرحلة الثالثة - على رغم أن هذه العملية قد بدأت بالفعل -، التي باتت بالنسبة إلى الولايات المتحدة، ولا سيّما مع اقتراب انتخاباتها الرئاسية، بالإضافة إلى هواجسها من توسّع الحرب الحالية إلى صراع إقليمي قد يدخل المنطقة في دوّامة من الفوضى تشكّل خطراً على مصالحها.وفيما بعثت واشنطن بوزير خارجيتها، أنتوني بلينكن، إلى تل أبيب، أمس، في زيارة هي الخامسة منذ عملية «طوفان الأقصى»، استبق الناطق باسم جيش العدو، دانييل هاغاري، وصول بلينكن، بإعلان بداية الانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب، وذلك في حديث إلى صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية. إلا أن نتنياهو، ووزير حربه، يوآف غالانت، قالا في اجتماع كتلة «الليكود» في «الكنيست»، إن «الحرب لم تقترب من نهايتها في الجنوب (مع غزة) والحدود الشمالية (مع لبنان) وستستمر لأشهر طويلة». وتابعا: «حتى تستمر الحرب، نحتاج إلى دعم دولي، ونعمل على تأمينه». وفي السياق نفسه، ذكرت «نيويورك تايمز» أن مسؤولين إسرائيليين أوضحوا لنظرائهم الأميركيين أنه «على الرغم من أنهم يأملون في إكمال المرحلة الانتقالية بحلول نهاية الشهر (الجاري)، إلا أن الجدول الزمني ليس ثابتاً». وأضاف المسؤولون أنه «إذا واجهت القوات الإسرائيلية مقاومة من حماس أكثر صرامة مما كان متوقعاً، أو اكتشفت تهديدات لم تتوقعها، فإن وتيرة الانسحاب قد تتباطأ، ويمكن أن تستمر الضربات الجوية المكثّفة».
وفيما أجبر الضغط الميداني من قبل المقاومة، العدو، على تقليص عديد قواته في شمال غزة، وتركيز الزخم العملياتي على نقاط محصورة هناك، نقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أميركيين اعتقادهم أن هذا العدد «انخفض إلى أقل من النصف»، عما كان عليه في ذروة العملية البرية. وبينما قال هاغاري إن إسرائيل «ستركز الآن بدلاً من ذلك على معاقل حماس الجنوبية والوسطى، خاصة حول خان يونس ودير البلح»، نقلت صحيفة «يسرائيل هيوم» عن غالانت قوله إن الانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب «لا يعني السماح بعودة سكان شمالي غزة».
ومن هنا، تتعمّق أزمة الثقة بين إدارة جو بايدن والحكومة الإسرائيلية، في حين يبدو أن لهجة الأولى باتت أكثر حزماً؛ إذ قال مسؤول في إدارة بايدن، لشبكة «CNN» الأميركية، إنه «سيتعين على نتنياهو الاختيار بين طريقة وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، في الحكم، وطريقة ترضينا»، في إشارة إلى أن نتنياهو يخضع لأقطاب اليمين الفاشي في حكومته. كما كان لافتاً إعلان بايدن أنه يعمل مع إسرائيل على «وقف الهجمات في غزة»، وإعرابه عن تفهّمه لمشاعر متظاهرين قاطعوا خطابه في كارولاينا الجنوبية، مطالبين بوقف إطلاق النار. ويُعد هذا التصريح الأول من نوعه بعدما ظلّت الإدارة الأميركية، ورغم الضغوط الداخلية عليها، تبحث عن أعذار للجرائم الإسرائيلية.
وفي ظل الحراك السياسي على خط وقف الحرب، قصفت «كتائب القسّام» تل أبيب ومحيطها برشقة صاروخية، رداً على المجازر الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين. وأثارت هذه الرشقة، التي قال العدو إنها عبارة عن 10 صواريخ، بالإضافة إلى تطورات الميدان في غزة، تساؤلات وسط المعلّقين الإسرائيليين حول حقيقة إنجازات جيش الاحتلال، فيما يتواصل سقوط الصواريخ على قلب الكيان. وبعدما تحدّث الإعلام العبري عن «حدث أمني صعب» في القطاع، أعلنت «القسام» إحباط محاولة إسرائيلية لتحرير أحد الأسرى لديها في مخيم البريج وسط غزة، والاشتباك مع قوة خاصة وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح، فيما قال مراسل «القناة 14» الإسرائيلية إن «اليوم يُعتبر من أصعب الأيام علينا منذ بداية الحرب، إن لم يكن أصعبها»، وذلك تعقيباً على حديث تداولته غالبية وسائل الإعلام العبرية عن سقوط 9 جنود قتلى داخل القطاع أمس، وإصابة 7 آخرين بجروح خطيرة، في كمين مضاد للدبابات. وفي وقت لاحق، أعلنت «القسام» عن عدة عمليات نفّذتها في منطقة المحطة في مدينة خانيونس، جنوبي القطاع، من بينها استهداف دبابة «ميركافا» وقوة إسرائيلية خاصة داخل أحد المنازل وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح، وتفجير عبوة في قوة أخرى والاشتباك مع من تبقّى منها بالأسلحة الرشاشة. وشمال غرب مدينة غزة، استهدف مقاومو «القسام» ناقلة جند من نوع «بوما»، وأجهزوا على جنديين كانا بجوارها. وفي سياق متصل، أفادت «الهيئة الطبية» التابعة لجيش العدو بأن 9000 جندي تلقّوا علاجاً نفسياً منذ بداية الحرب، وأن ربع هؤلاء لم يعودوا إلى القتال، بينما أعلنت «القناة 12» العبرية وفاة الرقيب أول ستاف باشا جراء تعرضه لسكتة (جلطة) قلبية قبل شهرين، عندما شاهد مقتل جنود كانوا تحت إمرته في غزة.
الديار: نتنياهو يتوعّد من الشمال... ورئيس مُستوطنة «مرغليوت»: حزب الله أعادنا للعصر الحجري
«الاستراتيجية الإسرائيلية الآن هي الانتقام من حزب الله»، هكذا لخصت وكالة «رويترز» طبيعة المواجهة الدائرة على الحدود الجنوبية، بعدما نجحت المقاومة في توجيه ضربات امنية وعسكرية مؤلمة غير مسبوقة، دفعت برئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو الى زيارة مستوطنة «كريات شمونة»، في محاولة لرفع معنويات جنوده ومستوطنيه المذعورين، عبر اقناعهم انهم في دولة قوية وليست من «خيوط عنكبوت»، وهو ما كذبه رئيس مستطونة «مرغليوت» الذي قال «ان حزب الله اعاد الشمال الى العصر الحجري».
وفيما احتفت «اسرائيل» باستشهاد القائد الميداني وسام الطويل بعد استهداف سيارته بصاروخ في بلدته خربة سلم، باعتباره «الرقم الثاني» في «فرقة الرضوان»، والمسؤول عن ضرب قاعدة ميرون الاستخباراتية، لم تقلل مصادر معنية من حجم عملية الاغتيال، ولا من اهمية الرجل وموقعه القيادي في المقاومة، وهو رافق الحاج عماد مغنية والحاج قاسم سليماني ومصطفى بدرالدين، وهو ركن اساسي في عملية تطوير المقاومة بعد 2006، الا انها اعتبرت ان الحرب «سجال» والاستهداف يفتح المواجهة على نسق جديد كمّا ونوعا، لان الرد سيكون قاسيا، وليس الاستهداف التدميري مساء امس لموقع الراهب بصواريخ بركان الا مؤشر بسيط عما ينتظر العدو في الايام المقبلة.
وفي تكذيب مباشر لأوهام نتناياهو، قال رئيس مستوطنة «مرغليوت» إيتان دافيدي «أنّ حزب الله أعادنا الى العصر الحجري، فيما كان وزير الأمن يوآف غالانت يتوعّد لبنان بأنه سيُعيده إلى العصر الحجري». وفي مقابلة مع قناة «كان الاسرائيلية»، قال دافيدي إنّ «الإضرار بمرغليوت يضرّ بالأمن الغذائي لإسرائيل، لأننا نزوّد المؤسسات الغذائية الكبرى بالمحاصيل اللازمة»، وخلص الى القول «يقولون إنّ حزب الله غير مهتمّ بالقتال في الشمال، في رأيي أنهم حقّقوا بالفعل ما أرادوا، طردونا، يجب أنْ نسحق حزب الله».
وردًا على سؤال هل أنتَ خائف اليوم على ضوء ما جرى في بيروت؟ أجاب دافيدي «أنا أخاف كلّ يومٍ، طوال اليوم أخاف.. نحن نرتعد من الخوف، ببساطة نحن مرئيون من قبل حزب الله طوال اليوم، ولا نستطيع السير بشكلٍ عاديٍّ وحرٍّ، نحن نعرف أنّ حزب الله طوال الوقت مَنْ ينظر إلينا وفي كلّ لحظةٍ يستطيع قتلنا، حزب الله لا يقتلنا حاليًا لأنّه لم يقرر».
ميدانيا، نفذت المقاومة 6 عمليات نوعية ضد المستوطنات ومواقع قوات الاحتلال، واوقعت قتلى وجرحى في صفوف الجنود «الاسرائيليين»، وكان ابرزها اصابة موقع الراهب بصواريخ بركان ادت الى اندلاع حريق كبير في داخله. وكانت مسيرة «اسرائيلية» استهدفت قرابة العاشرة والربع صباح امس سيارة من نوع «رابيد» على طريق محلة الدبشة في بلدة خربة سلم في قضاء بنت جبيل، مطلقة باتجاهها صاروخا موجها، ادى الى استشهاد المسؤول الميداني في حزب الله وسام الطويل الملقب بـالحاج «جواد». وقد اصدر حزب الله بياناً نعى فيه الشهيد المجاهد القائد وسام حسن طويل «الحاج جواد» من بلدة خربة سلم في جنوب لبنان، والذي ارتقى شهيداً على طريق القدس.
في هذا الوقت، وفيما تتواصل التحقيقات في الخرق المريب لامن المطار، لا تعويل جديا على الزيارات الديبلوماسية المكوكية الى بيروت، لانه لا قدرة جدية عند اي طرف اقليمي او دولي لفصل مسار الابادة الاسرائيلية المتواصلة في غزة عن الجبهات الاخرى في المنطقة، بعدما ابلغ المعنيون الجديون بمسار التطورات العسكرية والسياسية في لبنان من يعنيهم الامر، ان لا تسوية او ترتيبات امنية او سياسية قابلة للبحث والنقاش قبل توقف الحرب في القطاع، وهو الامر الذي لا يبدو انه ممكن في المدى المنظور، بسبب الميوعة الديبلوماسية الاميركية المتخبطة في مستنقع «المياه الآسنة» الاسرائيلية، ما يجعل المنطقة برمتها امام مخاطر تصعيد جدي لا يمكن حصره، خصوصا ان وزير الخارجية الاميركية انطوني بليكن لم يحمل معه اجابات واضحة على تساؤلات زعماء الدول التي التقاها، قبل وصوله محتطه الاخيرة في «تل ابيب» حول «اليوم التالي» الذي ترفض «اسرائيل» حتى اليوم في بحثه مع واشنطن، التي استبقت لقائه برئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو بتصريح لاحد كبار المسؤولين فيها الى محطة «سي ان ان» الاميركية دعاه فيها الى الاختيار بين طريقة وزيريه المتطرفين بن غقير وسموتريتش في الحكم او طريقة ترضي الاميركيين حسب تعبيره.
هذه التصريحات لا تثمن ولا تغني عن جوع، لانها لا تقترن بضغوط جدية على «اسرائيل»، وهو امر يشير بوضوح الى عدم وجود نية لدى واشنطن لاجبارها على وقف تهديد امن المنطقة، فادارة بايدن، بحسب مصادر سياسية بارزة، امام معضلة وعليها ان تحلها قبل ان يجول ديبلوماسييها في المنطقة سعيا الى عدم توسع الحرب، وعليها اقناع «اسرائيل» اولا بوقف التصعيد الخطير في المنطقة. وفي هذا السياق، صدر بيان لافت في توقيته عن نتانياهو ووزير الحرب «الإسرائيلي» يوآف غلانت اعلانا فيه ان الحرب لم تقترب من نهايتها في غزة، وكذلك على الحدود الشمالية وهي ستستمرّ لأشهر طويلة، وطالبا قبل ساعات من وصول بلينكن دعما دوليا لمواصلة الحرب في غزة لعدة أشهر أخرى.
ولفتت الصحيفة، الى انه أمام بلينكن مهمة أخرى مستعجلة، وهي محاولة تهدئة النفوس المشتعلة على الحدود مع لبنان. وقالت ان إطلاق الصواريخ والقذائف المضادة للدروع التي أطلقها حزب الله السبت الماضي على وحدة المراقبة الجوية في جبل ميرون، رداً على اغتيال قائد حماس صالح العاروري في بيروت، ضخمت أجواء الحرب. ولهذا كلف الرئيس الأميركي رجاله بمهمة منع حرب شاملة بين «إسرائيل» وحزب الله. وحسب الصحيفة، فإن موظفين أميركيين يخشون من أن يعتبر نتنياهو توسيع الحرب في لبنان مفتاحاً لبقائه السياسي، إزاء انتقاد الجمهور لأداء حكومته إزاء 7 تشرين الأول، وحذرت الإدارة الأميركية نتنياهو من حرب واسعة.
ورأت «هآرتس» ان تسريب تقرير لوكالة الاستخبارات التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، يقدر بأن «الجيش الإسرائيلي» سيجد صعوبة في مواجهة مثل هذه الحرب، بسبب الحاجة إلى توزيع قدراته بين لبنان وغزة، يبدو خطوة تعمدتها الإدارة الأميركية التي تشعر بان ممثلي اليمين المتطرف يؤججون الخلافات بين «إسرائيل» والولايات المتحدة، يبدو أن نتنياهو أسير لديهم.
وفيما التقى وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن مسؤول السياسية الخارجية في الاتحاد الاوروربي جوزيب بوريل في السعودية، وبحثا جهود منع اتساع الصراع في قطاع غزة، ستشهد الساحة اللبنانية حركة دولية مكثفة خلال الشهر الجاري، فثمة اجتماع مهم يفترض ان تعقده خماسية باريس نهاية الاسبوع المقبل على الارجح، او نهاية الشهر، يشارك فيه المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا، يبحث تطور الوضع في لبنان وصيغ الحل القابلة للتنفيذ.
ووفقا لمصادر ديبلوماسية، فان بيانا مهما سيصدر عنه وقد يكون مفصليا، على ان يتوجه على الاثر العلولا الى بيروت لوضع المسؤولين في اجوائه واطلاعهم على المداولات الخماسية. تزامنا، من المقرر ان يزور بيروت ايضا، وزير خارجية فرنسا السابق جان ايف لودريان، والموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني، لكن النتائج مرهونة بمرحلة ما بعد وقف الحرب في غزة، اي التحضير للتسوية الكبرى، ولا توجد اي امكانية لفصل الملفات، وهو امر المح اليه بالامس رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، الذي اكد انه يجري العمل على حل ديبلوماسي للوضع في الجنوب، لكن تطبيقه مرتبطا بوقف العدوان على غزة». وشدد على «أن المطلوب اعادة إحياء إتفاق الهدنة وتطبيقه، وإعادة الوضع في الجنوب الى ما قبل العام 1967، وإعادة مزارع شبعا التي كانت تحت السيادة اللبنانية قبل البدء باحتلالها تدريجيا، والعودة الى خط الانسحاب السابق بموجب اتفاق الهدنة.
ووفقا لمصادر ديبلوماسية، فان هوكشتاين طالب «اسرائيل» بعدم استهداف الجيش اللبناني راهنا او مستقبلا، وبينما تريد «اسرائيل «تعهدا من حزب الله بوقف النار، فان الحزب يرفض اي حديث حول اليوم التالي قبل وقف العدوان على غزة. وهنا بات هوكشتاين مقتنعا انه لا تطبيق لاي حل الا بعد وقف الحرب على غزة، ولذلك هو في مهمة الآن لخفض نسق التوتر وضبطه كي لا تخرج الامور عن السيطرة، وبات مدركا انه غير قادر على اعادة الهدوء الى الجبهة اللبنانية. ولهذا قد يحمل معه مقترحا قابل للتطبيق بعد توقف الحرب، من خلال معالجة نقاط النزاع على الحدود البرية، انطلاقا من النقطة «ب1» والنقاط الـ13 المتحفظ عليها، وينتظر الجانب اللبناني التصور الاميركي العملاني، لأجل انسحاب العدو من الجزء اللبناني من شمال بلدة الغجر، والتصور لحل مشكلة مزارع شبعا، حيث يطالب الجانب اللبناني بإقرار حكومة العدو بلبنانية المزارع، ومن ثم ترك كيفية إدارتها ومعالجة أي نقاط خلاف مع سوريا للحكومة اللبنانية، وهو امر تشك مصادر ديبلوماسية بامكان التسليم «الاسرائيلي» به.
في المقابل، منح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الجانب الرسمي اللبناني دفعا قويا من خلال اعلانه دعمه المساعي لاي تفاهمات حول الترسيم البري، تمنح لبنان تحرير اراضيه كاملة.