لبنان
في عيد العمال.. عمال الجنوب يكافحون العدوان
حسين كوراني
لم يثن العدوان "الإسرائيلي" عمّال جنوب لبنان عن مواصلة جهاد العمل. شأنهم شأن مجاهدي الميدان، أبوا إلا أن يكافحوا ويقاتلوا بقوت يومهم وعلى طريقتهم. في عيد العمال هذا العام، عمال في قرى المواجهة الحدودية فقدوا أعمالهم بسبب قصف العدوّ المتواصل الذي دمّر البيوت والمنشآت وحرق المواسم الزراعية بالقذائف الفسفورية. كلّ ذلك لم يحبط أصحاب العمل والعمال ممن لا يَألفون البطالة والاعتماد على برامج الإغاثة، من الكفاح حتّى الرمق الأخير كي يؤمّنوا قوت عيالهم سعيًا إلى تعزيز صمودهم في أماكن النزوح عبر تأسيسهم لموارد رزق بديلة، بعضهم افتتح محالَّ وأنشطة تجارية في البلدات والمدن، ومنهم من ارتضى أن يكون عاملًا يوميًا بعدما كان ربّ عمل.
"الحاجة أم الاختراع"، هذا الواقع حتّم على أصحاب المهن الأخرى أن يبتكروا أعمالًا بطرق بسيطة، إذ إن أحد العمال كان يملك "كاراج" تصليح سيارات بات يعمل كـ"ميكانيكي ديليفري" في صور. ومثله، فعل آخر كان يملك محلًا لصيانة الإطارات في عيتا الشعب وتحول إلى "بنشرجي ديليفري". صاحبة صالون لتزيين الشعر تستقبل زبائنها في منزلها الجديد في العباسية. صاحب محل للفروج فتح فرعًا آخرَ في صور، وكذلك فعل جزَّار (لحّام).
قلة من تصدوا لملف النازحين ومدوا يد العون لعمال الجنوب. سُجّلت مبادرات من بلديات وجمعيات محلية لتأمين رواتب شهرية وأدوية وكلفة طبابة بدعم من مغتربين جنوبيين، في ما كان أكبر التقديمات من قبل "جمعية العمل البلدي" على صعيد تأمين الكهرباء والمياه والاستشفاء في بلدات الصمود. ولكن ما لم يكن متوقعًا تحقيقه في ظلّ حياد المجتمع الدولي، حققه وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم، إذ تمّكن من إدراج بند خلال اجتماع وزراء العمل العرب في بغداد، يقضي بتخصيص هبة ماليّة لعمّال لبنان وخصوصًا في الجنوب الذين تهجّروا ودُمِّرَت ممتلكاتهم من مصانع ومحال ومنشآت مختلفة بفعل القصف الصهيونيّ، حيث تمّت الموافقة بالإجماع وأدرج في البيان الختاميّ الذي صدر الثلثاء.
الوزير بيرم أكَّد أن "الاقتراح اعتمد تقديم مساعدة أو هبة تشغيلية للعمال وأصحاب العمل الذين تضررت منشآتهم وأعمالهم في الجنوب اللبناني، بإجماع الدول العربية كلها". وفي حديث خاص وصف بيرم إقرار المساعدة بالإنجاز، موضحًا أن "هذا البند لم يكن على جدول أعمال المؤتمر، وإنما أنا من طالبت بذلك، بحكم انتخابي كرئيس فريق عمل الحكومات لـ 21 دولة عربية، وكوني كنت أدير الجلسة، اقترحت هذه المسألة وتمت الاستجابة".
بدوره، أشار فراس زعيتر، مستشار الوزير بيرم، إلى أن "البند صار من ضمن الموازنة بانتظار الإجراءات التنفيذية"، لافتًا إلى أن "المبلغ لم يحدد بعد، بانتظار تحديده من قبل اللجنة المالية في المنظمة"، موضحًا أن "البند أقر خلال مناقشة دعم عمال قطاع غزّة المتضررين من العدوان الإسرائيلي، وذلك انطلاقًا من أن جبهة جنوب لبنان هي جبهة مساندة لغزّة"، وأضاف زعيتر أن "بيرم سيتابع لدى وصوله إلى لبنان إجراءات تنفيذ البند مع اللجنة مباشرة".
مطلب بيرم الذي أدرج في البيان الختامي خلال اجتماع وزراء العمل العرب في العراق، عبارة عن مبادرة إنسانية عسى أن تفتح الباب أمام الحكومة لتحصيل المزيد من الدعم والمساعدات للعمال المتضررين من العدوان "الإسرائيلي" الهمجي على الجنوب، وأن تتحرك منظمات العمل الدولية للقيام بواجبها تجاه هؤلاء العمال