لبنان
الشيخ قاسم: المقاومة تختار نقاط الضعف عند العدوّ لتوقع فيه الخسائر وتعطل مشروعه
رأى نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن الدول العربية والإسلامية الآن أمام فرصة لتقف بشجاعة لمرة واحدة حتّى تشعر "إسرائيل" أنَّها محاصرة، مؤكدًا على قدرة المقاومة الفلسطينية على الصمود مهما طالت الحرب.
وفي كلمة ألقاها في المجلس العاشورائي إحياءً لليلة السابعة من ليالي عاشوراء في حسينية الأوزاعي في بيروت، السبت 13 تموز/يوليو 2024، قال الشيخ قاسم: "بعد كلّ الانتصارات التي انتصرناها يقول بعض الناس: كيف تقولون أنكم هزمتم "إسرائيل" على الرغم من أنَّها دمرت الكثير من البيوت وقتلت الكثير من الناس؟! نريد أن نعرف ما معنى الهزيمة وما معنى النصر، نحن عندما نتكلم عن مقاومة مقابل جيش تدعمه الدول الكبرى بكلّ الإمكانات، لا يمكن أن يكون هناك تكافؤ بين إمكانات المقاومة وهذا الجيش".
وتابع الشيخ قاسم: "فعندما لا يوجد تكافؤ عسكري الجيش ماذا يفعل؟ هو يدمِّر، أما المقاومة ماذا تفعل؟ تختار نقاط الضعف عند الجيش (العدو) لتوقع فيه الخسائر وتعطل مشروعه، إذًا نحن نعطل المشروع الذي يريدونه"، مذكّرًا: "أخذوا قرارًا يومها أي سنة 2006 بسحق المقاومة، لكن كانت النتيجة أن بقيت المقاومة وتوقفت الحرب بعد مجزرة الدبابات في وادي الحجير وسلَّم "الإسرائيلي" بأنه غير قادر على سحق المقاومة".
وأضاف الشيخ قاسم: "إذًا من حقنا أن نقول إننا انتصرنا لأننا لم نمكِّنه من تحقيق أهدافه، ومن الطبيعي أن التضحية تحتاج خسائر، فالقيمة الكبرى هي بإرادة المقاومين، هذا المقاوم الذي يمتلك 5% أو 10% في مقابل "إسرائيلي" يمتلك 100% ولكن روحية المقاوم تجعل الـ 10% تصبح 100% والـ 100% التي عند العدوّ تصبح 10% لأنَّه لا يملك إرادة القتال ويخاف في الميدان ويهرب عند المواجهة".
ولفت الشيخ قاسم إلى أنّه "في غزّة، كلّ تصريحات نتنياهو تدل على أنه يريد أن تستمر الحرب ولو طالت لأشهر وسنوات! وهو يخادع ويكذب عندما يتحدث عن الموافقة على اتفاقية وقف إطلاق النار لأنَّه يضع لها شروطًا مسبقة تقول بأنَّه إذا توقف إطلاق النار للمرحلة الأولى (أي خلال 48 يوم) يريد "الإسرائيلي" أن يعود للقتال، من سيوافق على ذلك؟ هل من المعقول إنَّ توافق حماس والمقاومة على وقف إطلاق النار لمدة 48 يومًا ويفرجون عن الأسرى، ومن ثمّ بعدها يقولون تفضل واستمر بالقتال، أيُعقل هذا؟"، معتبرًا أن "أميركا لا تضغط بالشكل الكافي، لأنَّ أميركا لديها أولوية أن تكون "إسرائيل" مرتاحة، فأميركا مخادعة في ضغطها".
وأكد الشيخ قاسم أنّه "لو بقيت الحرب أشهرًا طويلة، بحسب معلوماتنا فالمقاومة في غزّة والشعب الفلسطيني سيصمدون مهما طالت الحرب ويملكون الإمكانات والإرادة ما يجعلهم يصمدون حتّى تحقيق النصر بعدم السماح لـ "إسرائيل" بتحقيق أهدافها سواء بالإبادة أو الاستسلام، إذًا كلّ ما طال الوقت "إسرائيل" ستخسر أكثر، وبالتالي التضحيات التي قدَّمها الفلسطينيون ستكون سببًا لبناء مستقبل لن يترك فلسطين بعد اليوم، بل سيؤدي إلى أن يولد الأطفال مقاومين، لأنهم رأوا بأمِّ العين كيف يقتل آباؤهم وأمهاتهم وإخوانهم، ومع وجود الإرادة والمقاومة فالنصر سيكون حليف هؤلاء حتمًا".
ورأى الشيخ قاسم أنّه "توجد الآن فرصة مهمّة للضغط على "إسرائيل" حتّى تتوقف بعد أن رأينا فشل الضغط الأميركي وعدم جديته وتصميم "إسرائيل" على الاستمرار، أصبح مطلوبًا أن نبحث عن ضغط مبدع من أجل أن نضع حدًّا لـ "إسرائيل"، مضيفًا: "الآن هناك فرصة أمام الدول العربية والإسلامية أن تقف بشجاعة لمرة واحدة ولا أقول لهم قاتلوا "إسرائيل" بل أقول لهم من له علاقات اقتصادية أو سياسة فليقطعها، ومن له وعود لـ "إسرائيل" فليوقفها".
الشيخ قاسم تابع "وإذا كانت تستطيع جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي أن يجتمعوا ليقولوا موقفًا واحدًا برفض ما يحصل في غزّة من إبادة ويوجهوا هذا النداء عمليًا بإجراءات رادعة لـ "إسرائيل" كما فعل محور المقاومة ولكن ليس على المستوى العسكري، على الأقل السياسي والاقتصادي والتجاري والعملي حتّى تشعر "إسرائيل" أنَّها محاصرة وحتّى تشعر أميركا بأنَّ كلّ الدول العربية ستقف صفًا واحدًا وقد يتطور هذا الموقف أكثر إذا لم تحل المشكلة في غزّة".
وتوجّه الشيخ قاسم بالسؤال للبعض في لبنان "الذين يتصدون ويطلقون تصريحات حول الحرب ونظرتهم إلى الحرب ومحاولة إبعاد لبنان عن الحرب": "ما هي المصلحة الوطنية أن ينبري بعضهم فيطعن المقاومة في ظهرها ويبدأ بإثارة الأسئلة التي لا وقت لها الآن، أو يطالب بإلغاء قدرة لبنان تحت ذرائع مختلفة ونحن في الميدان، ويبرر لـ "إسرائيل" ما تصنعه ويروّج لعدم مواجهتها ويطرح خيارات تعطل قدرة لبنان وقوة لبنان أثناء المواجهات والتضحيات، فنسألهم ما هي المصلحة الوطنية في ذلك؟!".
وأضاف الشيخ قاسم متوجّها للمعارضين لخيارات المقاومة: "أنتم تعلمون أنكم بذلك تزيدوننا تصميمًا وعزيمة، وتدعوننا إلى المزيد من الاحتياط لننتبه لكم في أن لا تطعنوا في ظهورنا"، مشيرًا إلى أنّه "من المهم أن ننتهي من الجدل، إذا أردتم أن يكون هناك رئيسًا في لبنان فما الداعي إلى رفض فكرة الحوار؟ يجيبون بأننا لا نريد أن نقوم بالحوار حتّى لا يصبح ذلك عرفًا!".
وجدّد الشيخ قاسم الدعوة إلى الحوار متوجّهًا إلى رافضيه بالقول: "ناقشوا فترة قصيرة من الزمن لننتقل من الحوار إلى الانتخاب، أما التمترس خلال سنة ونصف وراء آراء جامدة لا تتحرك عند كلّ الأطراف، فهذا يعني أن الأمر سيتأخر كثيرًا، من أراد أن ينجز الاستحقاق الرئاسي عليه أن يسرع بتقديم بعض التسهيلات والتنازلات والنقاشات حتّى نتفاهم، وكلّ من يتذرع بحرب غزّة فيقول بأنَّ الحل لا يأتي إلا بعد انتهاء حرب غزّة فهو لا يتكلم بدقة، لأَّنه لا علاقة لحرب غزّة بالامتناع عن انتخاب رئيس للبنان، فعدم انتخاب رئيس للجمهورية سببه التمزق والتشرذم الداخلي والتصلب في المواقف، ولو حصلت الآن حلحلة فغدًا يمكن أن يكون هناك رئيس للبنان حتّى ولو كانت الحرب مشتعلة".
حزب اللهفلسطين المحتلةالشيخ نعيم قاسم