لبنان
تفاهمات الحريري باسيل تنعكس على الحكومة.. وأصوات جعجع وجنبلاط ترتفع
تناولت الصحف الصادرة صباح اليوم أجواء الجلسة الحكومية الهادئة التي تأثرت بالاجماع المطوّل بين رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل قبل يومين، والتي أرست تفاهمات على التعيينات الادارية المرتقبة.
هذا التفاهم أثار حفيظة كل من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية، حيث خرج الأول بتغريدات عالية السقف، وعبّر الثاني من بيت الوسط عن مخاوفه من استحواذ باسيل على المراكز المسيحية في التعيينات المرتقبة.
"الأخبار": الحريري يتمسّك بركود الاقتصاد!
في جلسة مجلس الوزراء أمس، قرر رئيس الحكومة سعد الحريري، التبشير بالمزيد من التقشف. والتقشف الذي يُقدّم، شعبوياً، كنقيض للهدر، لا يُعد، وفق خبراء اقتصاديين، سوى وصفة للركود والانكماش الاقتصاديين. الدولة، بإقرارها سياسة التقشف، تريد خفض الاستهلاك والاستثمار، ما يعني تراجع النمو والوظائف. في مشروع موازنة 2019، اعتمدت الحكومة سياسة التقشف، وفرض ضرائب على الاستهلاك (كالرسم على الاستيراد، على سبيل المثال لا الحصر). وباعترافها، ستؤدي هذه السياسة إلى خفض القدرة الاستهلاكية للدولة، وللمواطنين.
لكنها تراهن على أموال «سيدر» لتحفيز الاقتصاد. ورغم أن قروض مؤتمر «باريس 4» لا تزال غير مضمونة الوصول، إلا أن الحريري مصرّ على سياسة التقشف. على طاولة مجلس الوزراء أمس، دعا إلى إنجاز مشروع موازنة 2020 قبل موعدها الدستوري (أن تُحال على مجلس النواب قبل نهاية خريف 2019، إذا أنجزت الحكومة ذلك، فستكون قد حققت سابقة تاريخية)، مشدداً على «ألّا يتضمن مشروع موازنة 2020 أي زيادة في الإنفاق، أي التزام ما اتُّفق عليه في مشروع موازنة 2019، وإذا استطعنا التخفيض في موازنة 2020، ومن المؤكد أننا سنخفض مجدداً، و هناك اتفاق على ألّا تتم زيادة النفقات». وتحدث الرئيس الحريري وأصرّ على «أننا في شهر تموز يجب أن نكون قد أقررنا مشروع الموازنة وخطة ماكنزي».
ماذا يعني كلام رئيس الحكومة الذي لم يعترض عليه أحد من الوزراء؟ كلام الحريري يعني أنْ ليس لدى الحكومة لتبشّر به سوى المزيد من الركود. فالتقشف، وخفض الإنفاق، تلاقيهما سياسة مصرف لبنان الذي يغري المصارف لدفعها إلى تجفيف السيولة من السوق، وتحويل ودائع زبائنها إليه. ذريعة المصرف المركزي المعلنة، أنه لا يريد مزيداً من الاستهلاك، لأن الاستهلاك يؤدي إلى طلب على الدولار لتمويل الاستيراد، ما يستنزف احتياطات مصرف لبنان من العملات الأجنبية. وهذا يعني أن الركود سيبقى عنوان المرحلة المقبلة، في ظل التلاقي بين سياستي كل من الحكومة ومصرف لبنان.
على صعيد آخر، قرّر مجلس الوزراء منع البلديات من القيام بأي عقد بالتراضي ابتداءً من 1/1/2020، وحدد مهلة 6 أشهر لاتخاذ التدابير اللازمة وتحضير دفاتر الشروط.
"البناء": جنبلاط وجعجع يفتحان النار على تفاهم الحريري باسيل
في سياق متصل، أشارت المعلومات التي تناقلتها المراجع السياسية إلى نجاح الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل بإنجاز خريطة طريق لتعويم التفاهمات بينهما، والبدء بملف التعيينات في المجلس الدستوري في الجلسة التشريعية التي دعا لانعقادها رئيس مجلس النواب يوم الأربعاء المقبل، وترتب على تفاهم الحريري باسيل تصعيد جنبلاطي قواتي عبرت عنه تغريدات رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ومواقف رئيس حزب القوات اللبنانية، اللذين كشفا بوضوح عن خشيتهما من وجود تفاهم على حسابهما بين باسيل والحريري بكلام جنبلاط عن الصهر والعبث بالأخضر واليابس وعن تسوية الذل والاستسلام، وحديث جعجع عن سعي باسيل لوضع اليد على المراكز المسيحية في الدولة. وتوقعت مصادر متابعة أن يحفظ لجنبلاط الموقع الدرزي في المجلس الدستوري، ويمرّر من مجلس النواب، ومثله يمرّر في مجلس النواب أحد الأعضاء المسيحيين للقوات اللبنانية، بالإضافة إلى شيعي تسمّيه حركة امل، وسني يسمّيه المستقبل ومسيحي يسمّيه التيار الوطني الحر، مقابل تعيين مجلس الوزراء سنياً يسمّيه المستقبل، وشيعياً يسمّيه حزب الله، وثلاثة مسيحيين يسميهم التيار الوطني الحر.
وبينما أصبح مؤكداً أن لا جلسة الخميس لمجلس الوزراء ما يعني أن لا تعيينات هذا الاسبوع، فان جلسة مجلس الوزراء أمس، كانت عادية حيث درس نحو نصف جدول الاعمال المؤلف من مئة بند، جدد خلالها الرئيس سعد الحريري التضامن الوزاري. وأصرّ الحريري على ضرورة إقرار الموازنة وخطة ماكنزي في شهر تموز وطلب من وزير الاقتصاد منصور بطيش إعادة دراسة الرسم النوعي مشيراً الى أن الأهم هو المحافظة على مؤسساتنا التجارية .
الى ذلك، وفيما لم تمض ساعات قليلة على الرسالة التي بعث بها رئيس الحزب التقمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى رئيس الجمهورية عبر النائبين الوزيرين أكرم شهيب ووائل أبو فاعور، حتى خرج جنبلاط نفسه بتغريدة عبر تويتر مهاجماً الوزير جبران باسيل من دون أن يسميه قائلاً: في فلسطين صفقة قرن وفي لبنان صفقة قرن. هناك أرض وشعب على مشارف المصادرة والتهجير وهنا اتصالات وكهرباء وأملاك بحرية ومصافي ونفط وغاز على مشارف القرصنة والتوزيع والتخصيص. هناك صهر وهنا صهر يعبثون بالأخضر واليابس. هناك رئيس يهدد العالم يميناً وشمالاً وهنا تسوية القهر الذل والاستسلام .
ولفتت مصادر الاشتراكي لـ«البناء الى ان النائب السابق وليد جنبلاط يرحّب بأي تفاهم بين المكونات السياسية، لكنه يبدي تحفظاً حيال التسوية التي يحاول من خلالها التيار الوطني الحر الاستئثار بالبلد، مضيفة: كثر الحديث عن لقاء الخمس ساعات في بيت الوسط وأنه تناول ملف التعيينات الذي يجب أن يبحث في مجلس الوزراء وليس في اجتماعات ثنائية. واذا صح ما سبق ذكره، فإننا لن نسمح لأحد بمد اليد على الحصص التي لا تتصل بالطائفة المسيحية، معتبرة أن الحزب الاشتراكي على موقفه أنه لن يقبل تحت اي مسمّى المسّ بحصته في ملف التعيينات، مشيرة الى ان للحزب الاشتراكي وحده له الكلمة في التعيينات في المراكز التي تخصّه ولن يتنازل عن حقه لأحد، قائلاً: طالما ان بعض المكونات تنتهج سياسة القفز فوق المعايير الواجب اعتمادها للتعيينات، فإن ما يسري عليها سوف يسري على الجميع، وتابعت قائلة: عندما يسمح الوزير باسيل للقوى السياسية إبداء الرأي والتدخل في التعيينات المسيحية عندها لكل حادث حديث.
"اللواء": جنبلاط حانق من «صفقة الذل والإستسلام» اللبنانية.. وجعجع في بيت الوسط لحجز حصّة في التعيينات
"اللواء" أشارت إلى أنه إذا كانت عملية تبريد الساحة السياسية الداخلية، قد اكتملت بلقاء الساعات الخمس بين الرئيس سعد الحريري ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، حيث تمسك الرجلان بالتسوية الرئاسية، فإن هذه العملية تكرست عملياً، في جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت لأول مرّة منذ عطلة عيد الفطر، ثم أعاد الرئيس الحريري تحصينها باللقاء المسائي الذي عقده مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في «بيت الوسط»، وفق ما كانت «اللواء» قد توقعته، وحرص من خلاله على تطمين جعجع بأن تفاهمه مع الوزير باسيل، سواء بالنسبة لمعالم العمل السياسي في المرحلة المقبلة، أو بالنسبة للتعيينات، لن يكون على حساب التعاون بين مكونات الحكومة، وفي مقدمها العلاة الراسخة مع «القوات»، والتي لا يُمكن ان تهتز بفعل تفاهم تم بعلمها، مكرراً امامه ما سبق ان أكده امام باسيل، من ان التعيينات يجب ان تكون على أساس الكفاءة، والابتعاد قدر الإمكان عن المحاصصة، وهو ما تشعر حياله «القوات» بالقلق، خاصة وانها تلاحظ ان أحد أطراف التسوية يتصرف بشكل عشوائي، بحسب ما كان جعجع قد أعلن بعد اجتماع تكتل «الجمهورية القوية»، لافتاً الى ان هذا الطرف، ويقصد بالطبع «التيار العوني» مُصر على ان تكون كل التعيينات المسيحية من حصته، مبدياً اعتقاده بأن التسوية لن يكون في مقدور أحد انقاذها الا بتدخل مباشر من الرئيس عون.
ولم يعرف ما إذا كان جعجع قد خرج من لقاء «بيت الوسط» مطمئناً إلى مسألة التفاهم المستجد بين الرئيس الحريري والوزير باسيل، وما إذا كان وافق على ان تكون التعيينات سلّة واحدة، لكنه أوحى بعد اللقاء بأنه لا يريد شيئاً لنفسه في التعيينات المقبلة، بل ان كل ما يريده هو تعيينات وفق آلية معينة، تشبه إلى حدّ كبير الآلية التي اعتمدت في الحكومات السابقة، مشيرا إلى ان ما يجمعه مع الرئيس الحريري تاريخ من النضال، وما زال يجمعنا معه إلى اليوم النظرة العامة للبنانيين وتمسكنا بالدستور والقانون وحصرية السلاح بيد الدولة.
وأعلن جعجع انه في موضوع الموازنة ينسق مواقف «القوات» مع «المستقبل» إلى أبعد أحد، لافتاً «الى ان الموازنة ليست فقط أرقام، وإذا ضربت ثقة المجتمع الدولي بلبنان نخسر «سيدر» وسواه، معتبراً ان الإصلاح الفعلي، يبدأ من الفرقاء الرئيسيين في الحكومة والتصرف بمسؤولية، بدلاً من التصرف بإشكال ارتجالية».
تصعيد جنبلاطي
ولاحظت مصادر قواتية إن لقاء «بيت الوسط» انعقد على إيقاع القلق الذي اشاعه موقف رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط والذي حمل فيه بعنف على «الصهر» الذي «يعبث بالاخضر واليابس» مهاجماً التسوية الرئاسية التي وصفها «بتسوية الذل والقهر».
"النهار": تحذير الحريري واعتراض جعجع وجنبلاط: التسوية المفكَّكة
وبرزت مؤشرات التوتر حول ملف التعيينات في كلام جعجع عقب اجتماع "كتلة الجمهورية القوية" اذ قال: "إن السلطة السياسيّة الحاليّة منبثقة من التسوية التي تمت منذ قرابة سنتين ونصف إلا أنها ويا للأسف في حالة شلل جزئي لأن أحد أطرافها الرئيسيين يتصرّف بشكل عشوائي وعبثي ومن دون أي حدود أو منطق ولا يأخذ في الإعتبار المصلحة العامة حيث يسمح لنفسه بعرقلة تشكيل الحكومة خمسة أو ستة أشهر فقط لأنه لا يريد أن يشارك حزب "القوّات اللبنانيّة" فيها بشكل معيّن، كما يبدّي المصالح الخاصة على المصلحة العامة لذا لم يعد هناك إمكان لإنقاذ الوضع من دون تدخل مباشر من الجنرال عون من أجل لجم الأوضاع لهذه الناحية".ولفت الى ان "هناك طرفاً من أطراف التسوية يصرّ على أن تكون جميع التعيينات المسيحيّة من حصّته، متجاهلاً وجود أي أفرقاء آخرين، ونحن لا نطرح هذا الموضوع من قبيل أن حزب "القوّات اللبنانيّة" يريد حصّة له فنحن نعتبر أننا ننال حصّتنا عندما يتم اعتماد آليّة للتعيينات في الدولة".
كما رأى جعجع ان "على السلطات الشرعيّة كافة أن تقول لـ"حزب الله" بشكل علني أن عليه التزام سياسة "النأي بالنفس" قولاً وفعلاً فنحن ندعو الله ألا يلحق أي ضرر بأي جهة ولكننا في الوقت عينه لسنا مضطرين للتضحية بالشعب اللبناني لا في سبيل مصالح إيران، ولا غيرها من الدول، في لبنان".
وعقب لقائه مساء والحريري صرح جعجع بأن "على الافرقاء الموجودين في مجلس الوزراء التصرف بمسؤولية اذ لم نتمكن حتى اليوم من اعطاء الاشارات المطلوبة لناحية الاصلاح والثقة بالطبقة السياسية" ، لكنه شدد على العلاقة الطويلة مع الحريري "والثابت بيننا الحفاظ على السيادة الوطنية والنظرة الاستراتيجية"، مجدداً المطالبة بآلية واضحة للتعيينات.
وكان رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي "وليد جنبلاط اتخذ موقفاً لاذعاً جديداً أمس، إذ غرد: "في فلسطين صفقة قرن وفي لبنان صفقة قرن. هناك أرض وشعب على مشارف المصادرة والتهجير، وهنا اتصالات وكهرباء وأملاك بحرية ومصاف ونفط وغاز على مشارف القرصنة والتوزيع والتخصيص. هناك صهر وهنا صهر يعبث بالاخضر واليابس، هناك رئيس يهدد العالم يميناً وشمالاً وهنا تسوية القهر والذل والاستسلام".