لبنان
ملتقى تربوي حول "التربية الأسرية في ظل الأزمات"
في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها العائلات بسبب الحروب والأزمات، يُعدّ الحفاظ على تماسك الأسرة وحمايتها من التفكك أحد التحديات الكبرى. يتطلّب ذلك العمل على تقوية الجوانب الإيمانية والأساليب التربوية التي تساهم في تعزيز الروابط الأسرية، ولا سيما في الظروف القاسية.
تُعتبر التربية الإيمانية عنصرًا أساسيًا في تأهيل الأسرة لتخطي الأزمات والتعامل مع صعوباتها، خاصة في فترات الحرب أو الكوارث التي تُحدث تأثيرات عميقة على الأفراد.
في هذا السياق، نظّم مركز الأبحاث والدراسات التربوية ملتقى تربويًا تحت عنوان "التربية الأسرية في ظل الأزمات"، تحدث فيه مدير مركز المعارف للدراسات الشيخ حسن الهادي، ومدير الدراسات في مركز أمان للإرشاد السلوكي والاجتماعي الدكتورة سحر مصطفى حول عقبات اجتماعية متعددة.
وبحسب المتحدثين، من أولويات عملية الدعم والإصلاح في هذه الأوقات الصعبة، إعادة دمج الأطفال في بيئة تعليمية مستدامة. كما يجب تكيّفهم الإيجابي مع المستجدات التي تطرأ على حياتهم نتيجة لتلك الأزمات. هذا التكيّف الإيجابي يتطلّب تخصيص وقت وجهد طويل من أجل شرح كيفية تحقيقه، خصوصًا أنه يرتبط بتشكيل هوية الأطفال المستقبلية في بيئة مليئة بالتحديات.
وأشار المتحدثون الى أن من الأمور المهمّة أيضًا في عملية التكيّف، هو الحصول على الدعم النفسي والاجتماعي الذي يتناسب مع عقيدة الأسرة واحتياجاتها الثقافية والدينية، ورأوا أنه يجب التأكيد على ضرورة تكييف الدعم النفسي الاجتماعي ليواكب القيم العقائدية للجماعة، ليتماشى مع احتياجاتهم وخصوصياتهم.
ولفت المتحدثون كذلك الى أنه من الأساليب الفعالة الأخرى التي تساهم في تعزيز التربية الأسرية في الأزمات، تفعيل التربية على القيم الإيمانية مثل الصبر والشجاعة، وأضافوا أن هاتين القيمتين لا تساعدان فقط في تخطي الأزمات، بل تعطيان الأسرة القدرة على البناء والنمو حتّى في أصعب الظروف، فحين تتربى الأسرة على الشجاعة والصبر، تصبح الأزمة فرصة للنمو والرشد، مما يجعل من هذه التجربة فرصة لتعلم الدروس وتخطي الصعاب.
المشاركون تحدثوا أيضًا عن الدور الكبير للتربية الإيمانية في توجيه الأسرة وكيفية مواجهة الأزمات، إذ تتعلق التربية الإيمانية بتعزيز العلاقة بالله وتوجيه الأفراد من خلال العقيدة الإسلامية. هذه التربية تعمل على استدامة هذه العلاقة، لتكون مرشدًا للأفراد في كافة خطواتهم وتساهم في تهذيب سلوكياتهم وتوجهاتهم. كما يساهم تطبيقها في الحفاظ على التوازن في الأسرة في ظل الأزمات.
من الجوانب التي تساهم في تعزيز التربية الأسرية، وفق المتحدثين، هو إشراك أفراد الأسرة في أعمال تطوعية تهدف إلى إعادة الإعمار والتعافي، مما يُحسن من حالة الأسرة النفسية ويزيد من ارتباطها بالمجتمع. علاوة على ذلك، تشجيعهم على الاهتمام بالأنشطة الدينية مثل حفظ القرآن الكريم، يشكّل جزءًا مهمًا من إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي. كذلك، فإن من الخطوات المهمّة التي يجب اتباعها خلال الأزمات، إشراك الأسر في وضع خطط للتعافي واطلاعهم على الجهود المبذولة في هذا المجال. هذا يعزز من شعورهم بالمسؤولية ويدفعهم للمساهمة في توفير حلول للمشكلات التي يواجهونها.
وشدّد المتحدثون على وجوب تُدير الأسرة بشكل فعال عملية التوجيه والإرشاد للأبناء، مع الحرص على عدم الوقوع في أساليب القهر أو التحكم المفرط في ظل الضغوط. من المهم التوازن بين الشعور بالمسؤولية والتوجيه بأسلوب تربوي إيجابي، وقال إن جهود تحسين الوضع الأسري لا تقتصر على المبادرات الأسرية فقط، بل يجب تكثيف دور مراكز الإرشاد النفسية والاجتماعية، مثل مؤسسة أمان، ودعمها بشريًا وماليًا وعمليًا، فقد أصبح من الضروري الآن أن تكون هذه المراكز مجهزة بالموارد الكافية لمواكبة حجم الأزمات التي تواجهها الأسر.
أما عوائل الشهداء وتحديات خاصة، فيجب أن يتم تخصيص اهتمام خاص لها ولاسيما أنها بحاجة إلى دعم ثقافي وتربوي لتجاوز الأثر النفسي والمجتمعي لهذا الفقد، فالأسرة التي فقدت الأب تعتبر أمام تحدٍ كبير في كيفية تقديم دور تربوي فعال، وفي هذه الحالة تصبح التربية الإيمانية والقيم الأخلاقية بمثابة الحبل المتين الذي يساعدهم على استعادة توازنهم ومرونتهم في مواجهة الحياة.
وأكد المتحدثون أن أحد الأساليب التربوية الهامة في تعزيز الدور الإيماني في الأزمات هو التركيز على الجانب الروحي من خلال العبادة، مما يعزز من تماسك الأسرة خلال الحروب، وتطبيق هذه القيم من خلال حلقات الذكر والأدعية يمكن أن يساعد الأسرة في الاستمرار في ممارسة حياتهم بشكل طبيعي رغم الضغوط.
وخلص الملتقى إلى أن تربية الأسرة على القيم الإيمانية ليست مجرد عملية تعليمية، بل هي أداة حيوية في توجيه الأسرة نحو التماسك والقوّة في مواجهة التحديات. ومن خلال الالتزام بالمبادئ الإسلامية والتعليمات الربانية، تصبح الأسرة قادرة على تجاوز الأزمات وتحويلها إلى فرص للنمو والتعلم.
إقرأ المزيد في: لبنان
التغطية الإخبارية
إعلام العدو: وزير الطاقة "الإسرائيلي" يصدر قرارًا بوقف تزويد قطاع غزة بالكهرباء
فيديو| جانب من المطبخ الرمضاني في مجمع السيدة زينب (ع) في حارة حريك في الشهر الفضيل
قوات الاحتلال الصهيوني تتوغل في إحدى بلدات ريف القنيطرة وتقيم حاجزًا عسكريًا
فيديو| إعلام العدو: إصابتان في انفجار مركبة في "تل أبيب"
إعلام العدو: تقارير عن انفجار سيارة في شارع "أيالون" في "تل أبيب" وقوات الشرطة تتوجه إلى المنطقة للتحقيق في الحادث
مقالات مرتبطة

صراع الحق والباطل: رؤية دينية وفلسفية في التربية الجهادية
التربية الجهادية من التحديات إلى الآفاق

النائب فضل الله: التربية على المقاومة تُعزّز الانتماء الوطني

جريمة إلكترونية على ساحة "التيكتوك" اللبناني: قضية خطيرة والحاجة شديدة للتثقيف والوعي
