معركة أولي البأس

لبنان

بعد إقرار الموازنة.. حادثة قبرشمون أمام عودة اجتماع الحكومة
22/07/2019

بعد إقرار الموازنة.. حادثة قبرشمون أمام عودة اجتماع الحكومة

رغم إقرار المجلس النيابي موازنة العام 2019 بعد مرور أكثر من نصف السنة، إلا أن "الكحل أفضل من العمى"، على أن الأزمة الحكومية لم تفك عقدها بعد، لا سيما حادثة قبرشمون والانقسام حول تحويل القضية إلى المجلس العدلي.
وتتفاوت الأجواء بين الايجابية والمراوحة في هذه المسألة، إلا أن الطابع العام يشير إلى إصرار لدى الأفرقاء على تجاوز هذه القضية بما يرضي مختلف الأطراف، وسط متابعة متواصلة على أكثر من جبهة من قبل المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم.


"الأخبار":  «المجلس العدلي»: ليونة عونية بهدف إحياء الحكومة؟

أشارت صحيفة "الأخبار" إلى أن الجميع يتفق على ضرورة انعقاد الحكومة ومعالجة الأزمات المتراكمة، لا سيّما أزمة العمالة الفلسطينية، إلا أن ذلك ليس كافياً ليتراجع النائب طلال أرسلان عن مطلب المجلس العدلي في قضيّة البساتين ولا النائب السابق وليد جنبلاط عن رفضه، فيما يستمر اللواء عباس إبراهيم في العمل على مبادرته والوصول إلى اتفاق يسهّل انعقاد جلسة للحكومة هذا الأسبوع

للأسبوع الثالث على التوالي، يبدو مجلس الوزراء مهدّداً باستمرار التعطيل بفعل الانقسام الحاد بين أطراف الحكومة حول إحالة ملف البساتين إلى المجلس العدلي. وكأنه لا تكفي حكومة الرئيس سعد الحريري أزمة البساتين، حتى فجّر وزير العمل كميل بو سليمان ملفّ العمالة الفلسطينية، واضعاً الحكومة والبلاد أمام هزّة سياسية، ومحرّكاً الشارع الفلسطيني. إلا أن تعطيل الحكومة يمنع الحريري من ترجمة شبه الإجماع بين الكتل السياسية الرئيسية (عدا عن حزب القوات اللبنانية وحياد التيار الوطني الحرّ) الذي قرر سحب هذا الملفّ من يد الوزير وتحويله إلى الحكومة، ما يدفع الفلسطينيين إلى وقف احتجاجاتهم وتفادي استغلالها من قبل أي طرف لتحريك الشارع اللبناني.

وحفل يوم أمس باتصالات وزيارات قام بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لحل أزمة البساتين، مع رئيس الحكومة وقبله الوزير صالح الغريب، واتصالات بالرئيس نبيه بري، واتصالات من بري بمختلف الفرقاء، بهدف إيصال المبادرة إلى مرحلة المخرج وعقد جلسة للحكومة هذا الأسبوع، مع اقتناع الجميع بأن الوضع لا يحتمل التعطيل. لكنّ هذا الاقتناع لا يبدو كافياً لتنازل أي من الأطراف، التي بقي جميعها متمسّكاً بالسقوف العالية حتى ساعة متأخرة من ليل أمس. وشاعت أجواء «إيجابية» عن التوصّل إلى تفاهم حول المخرج القضائي والإعلامي لمطلب رئيس الحزب الديموقراطي النائب طلال أرسلان وحلفائه بإحالة جريمة البساتين على المجلس العدلي، واعتماد مخارج بديلة، إلّا أن مصادر رفيعة المستوى معنيّة بمبادرة إبراهيم أكدت لـ«الأخبار» أنه لم تتحقّق خروقات جديّة حتى الآن، مشيرة إلى أن المخارج موجودة لكن ما ينقص هو قرار الحلّ.
على ضفة فريق رفض المجلس العدلي، يتمسّك الحريري برفض طرح الأمر على جدول الأعمال، حتى لو كانت النتيجة سقوط المشروع والتعادل في عدد الأصوات بين الرافضين والمؤيدين لقرار المجلس العدلي. وبحسب ما علمت «الأخبار»، فإن الحريري أبلغ رئيس الجمهورية ميشال عون والمعنيين أنه لن يقبل أن يطرح عون الملفّ من خارج جدول الأعمال، وأنه قد يخرج من الجلسة في حال طرح الأمر.

وهو بذلك يلاقي حليفه النائب السابق وليد جنبلاط الرافض لتحويل الملفّ بالمبدأ، والذي يضع الأمر في اتصالاته العربية والغربية في إطار حرب من حزب الله وسوريا عليه. وفي الأيام الماضية، استقبل جنبلاط سفراء ألمانيا وبريطانيا وفرنسا والمستشار السياسي في السفارة الأميركية كلّ على حدة، ثم السفيرة الأميركية في بيروت إليزابيث ريتشارد، لوضعهم في صورة «المؤامرة» المفترضة عليه، بعد إيفاده الوزير وائل أبو فاعور إلى السعودية الأسبوع الماض،٬ مبلغاً إياهم «بخطورة المجلس العدلي عليه وعلى الحزب الاشتراكي لشيطنته وتوقيف الوزير أكرم شهيب، وأن خلف هذا الأمر حزب الله». ومع أن جنبلاط آثر الابتعاد في كلمته أول من أمس في احتفال مدارس العرفان، عن التطورات الأخيرة، إلا أنه استعاض عن ذلك بخطاب تعبوي للجنبلاطيين يحمل رموزاً من مراحل تاريخية واستعراض القوّة. وكان سبق ذلك تغريدة له على تويتر مطالباً بتسليم الديموقراطي مطلوبين لديه، ليردّ أرسلان بالمطالبة بالتصويت على المجلس العدلي.

أمّا على ضفة أرسلان وحلفائه، يستمر حزب الله في دعم موقف رئيس الديموقراطي، مع تأكيده ضرورة التوافق وحماية الحكومة. وعلى عكس موقفه خلال الأسبوعين الماضيين، وتمسكه بالمجلس العدلي، انتشرت معلومات ليل أمس عن أن رئيس الجمهورية بات منفتحاً على حلول تتجاوز المجلس العدلي وتسرّع في عودة الحكومة إلى العمل، بعد أن لمس استحالة تغيير رئيس الحكومة موقفه، ما يضع ضغوطاً على أرسلان، ويعوّل عون على حزب الله لتليين موقف رئيس الديموقراطي. لكن مصادر الحزب الديموقراطي نفت علمها بتغيير في موقف عون، مؤكدةً أن «رئيس الجمهورية مقتنع بأن على العدالة أن تأخذ مجراها، وجريمة البساتين هي محاولة اغتيال فاشلة لوزير أو وزراء في الحكومة سقط فيها شهيدان، وتهزّ أمن الدولة وتستوجب المجلس العدلي».


"البناء": بعد الموازنة... الحكومة عند «كوع قبرشمون»
ومع نهاية مناقشات الموازنة وما تضمنته من تفاهمات سمحت لها بالتحول إلى تسوية مالية مؤقتة بانتظار ما ستحمله مناقشات موازنة العام 2020 في الخريف المقبل، ينتظر الحكومة شهران من الفرصة للتوافقات بين مكوناتها الرئيسية يتوقع ان تنفقها لحسم ملف التعيينات، إن نجحت بتجاوز عقدتي ما بات يعرف بـ»كوع قبرشمون» حيث تتوقف الحافلة الحكومية، أو معارضة القوات اللبنانية من داخل الحكومة ترجمته بالتصويت ضد الموازنة في تسجيل لسابقة تريد من خلالها الاحتفاظ بعائدات المشاركة وقطف أضواء المعارضة، وهو ما قالت أوساط مقرّبة من رئيسي الجمهورية والحكومة أنه أمر لن يمر بلا توقف عنده وفتح الخيارات أمام القوات بين مشاركة لها تبعات وموجبات، أو معارضة لها تبعات، واستحالة الجمع بينهما.

بالأولوية يتقدّم ملف كوع قبرشمون على ملف معارضة القوات، حيث لا تزال الحكومة عالقة عند «الكوع» عاجزة عن التقدم، والوساطات المستمرة ومثلها المساعي الأمنية التي يقودها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لا تزال تصطدم بالمواقف المتباعدة لطرفي القضية، والاصطفاف السياسي المتوازن خلفهما. فالنائب طلال إرسلان مقتنع بأن طرح قضية إحالة حادثة قبرشمون على المجلس العدلي على التصويت في أول اجتماع للحكومة ممكن ويشكل مخرجاً من تأجيل عقد الحكومة بحثاً عن التوافق. وتقول مصادر متابعة أن رهان إرسلان هو على استحالة أن يسير التصويت وفقاً لما يتم تسريبه بتوازن التعادل، فلا رئيس مجلس النواب نبيه بري يمكن أن يذهب للتصويت ضد المجلس العدلي ويبدو منحازاً خصوصاً في ظل تصويت حزب الله مع المجلس العدلي وعدم وجود سابقة تصويت أحد طرفي الثنائي ضد الآخر. ولا رئيس الحكومة يمكن أن يصوت فيما رئيس الجمهورية صاحب الاقتراح ولا يحق له التصويت، ولا وجود لسابقة تصويت لرئيس الحكومة بهذا الشكل التصادمي مع رئيس الجمهورية.

وبالتالي فإن التأجيل بذاته هو العرقلة ولذلك خاطب إرسلان رئيس الحكومة سعد الحريري داعياً للدعوة إلى جلسة للحكومة وإعلان استعداده لقبول النتائج، ولو كانت ضده فعندها يكون قد قام بواجبه وتحمل الجميع مسؤولياتهم تجاه ما جرى، والحادثة تمسّ حياة وزير، والموقف يشكل سابقة، أما حسابات النائب السابق وليد جنبلاط وفقاً للمصادر ذاتها فتركز على اعتبار القبول بالدعوة لتسليم المطلوبين للتحقيق، والسير بالذهاب إلى المحكمة العسكرية، جعلها تتقدم بنقطتين على إرسلان، خصوصاً ان فرضية المحكمة العسكرية كانت تحتمل ضمناً إمكانية الذهاب لاحقاً للمجلس العدلي وأنها جاءت من فريق رئيس الجمهورية.


"الجمهورية": الحكومة مأزومة
صحيفة "الجمهورية" رأت أن الأزمة الحكومية تراوح في مربّع السلبية، الّا انّ اوساط رئيس الحكومة سعد الحريري قالت لـ"الجمهورية": ما زلنا نأمل في انعقاد مجلس الوزراء هذا الاسبوع".
وتحدثت مصادر بيت الوسط لـ"الجمهورية" عن اتصالات حثيثة ستشهدها الساعات المقبلة، الّا انها لم تَشأ الدخول في التفاصيل، مشيرة الى انّ خطوط التواصل مفتوحة في كل الإتجاهات.

أجواء غير مشجعة
على أنّ هذا الأمل المتجدد من قبل الحريري ما زال يتواكب مع اجواء غير مشجعة، بالتوازي مع سؤال مطروح في مستويات سياسية مختلفة ليس فقط حول سرّ التعطيل غير المبرر لجلسات مجلس الوزراء، بل عمّن يعطل الحكومة، ومن هي الجهة التي تدفع من الخلف الى هذا التعطيل، وما هو الهدف المتوخّى من هذا التعطيل؟

الساعات الماضية شهدت حراكاً مكثفاً، لنزع فتيل التصعيد والتعطيل الّا انّ المعنيين بهذا الحراك لا يوحون بتقدّم، فعقدة المجلس العدلي لم تخرج بعد من دائرة التصعيد المتبادل بين الحزب التقدمي الاشتراكي ومن معه، لجهة رفض إحالة حادثة قبرشمون الى المجلس العدلي، مع القبول بالاحالة الى المحكمة العسكرية، وبين الحزب الديموقراطي اللبناني ومن هم خلفه، لجهة الإصرار على الموافقة على مبدأ الاحالة قبل الحديث في اي أمر آخر.

فصل.. لم يتم
وفيما أكدت معلومات موثوقة لـ"الجمهورية" انّ هناك فكرة طرحت كمخرج لهذه الازمة، يقوم على الفصل بين حادثة قبرشمون وبين الوضع الحكومي، لاستئناف جلسات مجلس الوزراء، الّا انّ المعنيين بحركة الاتصالات كشفوا لـ"الجمهورية" انّ هناك صعوبة شديدة تحول دون تحقيق هذا الهدف حتى الآن، لكنّ الأمور ليست مقفلة، وبالتالي في الامكان التوصّل الى شيء ما خلال هذا الاسبوع، وهذا رهن بنتائج الاتصالات والجهود التي سيتابعها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم مع أطراف الازمة.

حراك
وعلمت "الجمهورية" انّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري تابع اتصالاته بعيداً عن الاعلام في الساعات الماضية. وهو عقد لقاء امس، في مقر رئاسة مجلس النواب في عين التينة مع اللواء ابراهيم، الذي عاد وزار رئيس الحكومة سعد الحريري في بيت الوسط مساء امس.

وكذلك التقى بري الوزير السابق غازي العريضي، وأجواء هذين اللقاءين عكست إصراراً من قبل رئيس المجلس على إنهاء هذه الازمة، وعودة البلد الى التقاط انفاسه الحكومية، إذ لا يجوز ابداً ان تبقى الحكومة في وضع التعطيل، الذي ينعكس ضرراً بالغاً إن على مستوى الاستقرار السياسي والحكومي المطلوب، او على مستوى مصالح الناس، علماً انّ الملفات تتراكم امام الحكومة، ومرحلة ما بعد إقرار الموازنة تتطلّب مواكبة حكومية لكل التفاصيل والاولويات المتعلقة بها، وعلى وجه الخصوص متابعة موضوع "سيدر" وما ينتظر منه.


"اللواء": مساعي اللواء إبراهيم
وبحسب "اللواء"، فقد ترددت معلومات مساء السبت بأن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، طلب من اللواء إبراهيم تفعيل وساطته لمعالجة ذيول وتداعيات حادثة قبرشمون، حيث أفيد انه زار مساء أمس الرئيس الحريري في «بيت الوسط» بعد ان عقد لقاء مع النائب والوزير السابق غازي العريضي عند الرئيس نبيه برّي، على أن يلتقي لاحقاً النائب أرسلان.

وذكرت المعلومات ان اللواء إبراهيم يعمل على بلورة حل لقضية حادثة الجبل، ونقلت قناة «المنار» الناطقة بلسان «حزب الله» من مصادر أمنية قولها ان ما يسرب إلى وسائل الإعلام عن الحل الذي يعمل عليه المدير العام للأمن العام غير دقيق، وان اقتراح اللواء إبراهيم ما يزال قيد الدرس مع المعنيين.

وافادت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» ان اللواء إبراهيم لا يزال يتحرك في موضوع معالجة تداعيات حادثة قبر شمون ولم يقطع الأمل وانما ما من تقدم عملاني قد سجل، مشيرة الى ان هناك اتجاها لأن تكون لوزير شؤون النازحين صالح الغريب اطلالة من خلال اما مؤتمر صحافي او خطاب على اعتبارها تعويضا بسبب عدم حصول شيء ويعقب ذلك استئناف مجلس الوزراء لاجتماعاته.

 وقالت ان اللواء ابراهيم يواصل اجتماعاته، والكلام عن خيار اللجوء الى  المحكمة العسكرية في موضوع الحادثة ليس دقيقا، لأن ارسلان لا يزال مصرا على المجلس العدلي وغير مقتنع بالمحكمة العسكرية.

ولكن، وبحسب ما سرب من معلومات فإن اقتراح الحل، والذي ساهم في صياغته الوزير جريصاتي، ووافق عليه «حزب الله» يقضي بتسليم «الاشتراكي» والديموقراطي اللبناني المطلوبين في حادثة قبرشمون للتحقيق، على ان يحال الملف على المحكمة العسكرية وليس على المجلس العدلي، وان هذا الاقتراح أبلغ إلى أرسلان فرفضه بشدة، باعتبار انه يحرجه امام جمهوره في الجبل، وبالتالي طلب ان يتم التصويت في مجلس الوزراء على اقتراح المجلس العدلي، ولينجح من ينجح، مؤكدا انه لا تراجع ولا مساومة على المجلس العدلي.

إقرأ المزيد في: لبنان