عين على العدو
شهران على وقف إطلاق النار.. مستوطنو الشمال متردّدون بشأن العودة إلى منازلهم
كتبت عادي حشموناي مراسلة صحيفة "هآرتس الإسرائيلية" في الشمال مقالة لفتت فيها إلى أنّ مفترق "هغوما"، في الجليل الأعلى، يستخدم بصفة مؤشر أولي لما يحدث في مستوطنات المنطقة، فخلال الشهرين الماضيين، وفي ظل وقف إطلاق النار مع لبنان، تغير مظهره بشكل كبير. في البداية، أزيلت البوابة الصفراء المتنقلة التي استخدمتها قوات "الأمن" لإغلاق المفترق منذ اندلاع الحرب. بعد ذلك بوقت قصير، حلت محلها أعلام صفراء ولافتات تضامن مع "المختطفين" (الأسرى) المحتجزين في القطاع، إلى جانب لافتات احتجاج ضد الحكومة.
وتابعت حشموناي تقول: "على الرغم من أن معظم سكان (مستوطني) الشمال الذين أجلوا من منازلهم لمّا يعودوا بعد، فقد استأنف مركز الاحتجاجات في منطقة "إصبع الجليل" نشاطه بالكامل؛ حيث الملجأ الخرساني الموجود على الرصيف يذكّر بمرحلة الانتظار التي يمر بها السكان. وعلى بعد بضعة كيلومترات شمالًا، تبدو الحركة على الطريق الرئيسي الذي يعبر كريات شمونة خادعة. حركة المرور تبدو أكثر نشاطًا مما كانت عليه قبل وقف إطلاق النار، لكن في ساعات المساء، تبقى معظم المنازل والشقق مظلمة. ووفقًا لتقديرات البلدية، عاد أقل من 4000 من أصل 24 ألفًا من سكان كريات شمونة في الشهرين الماضيين".
وتنقل حشموناي عن تشارلي رفاح، وهو أحد مستوطني كريات شمونة أـجلي ثم عاد مع أسرته قبل حوالي ثلاثة أسابيع، تنقل عنه قوله: "الناس ما يزالون خائفين من العودة، إنهم ينتظرون معرفة كيف سينتهي الوضع مع حزب الله. هم في حال تردد، يأتون لتنظيف المنازل وترميمها، لكنهم يعودون للنوم في الأماكن التي أجلوا إليها". وتضيف الكاتبة: "إلى جانب الأضرار الناجمة عن القصف، هناك بوادر أولية لعودة الحياة إلى طبيعتها في كريات شمونة؛ فبعض المحلات فتحت أبوابها لساعات قليلة، ومؤخرًا عيّن حارس "أمني" عند مدخل المركز التجاري "نحميه"، لكن دوره الرئيسي في هذه المرحلة هو منع الزوار من الصعود إلى الطابق الثاني الذي تضرر من القصف من لبنان".
كما يقول رفاح: "وصلت إلى هنا الآن للاستعداد لإعادة فتح مشروعي، لكن لا يمكنني الدخول إليه؛ لأن الطابق الثاني مغلق. نحن نعمل على ترميم المنزل ونحاول العودة إلى الحياة تدريجيًا، من الصعب التنبؤ بما سيفعله السكان الذين لمّا يعودوا بعد، ولكن من المتوقع أن تتضح الأمور خلال الأيام القليلة القادمة، حين تنتهي مهلة 60 يومًا المحددة في اتفاق وقف إطلاق النار".
وتردف حشموناي: "وفقًا للاتفاق، يجب على الجيش "الإسرائيلي" الانسحاب تدريجيًا من جنوب لبنان بحلول 26 كانون الثاني/يناير، بينما يتمركز الجيش اللبناني هناك. ولكن قبل شهر، بدأ الجيش "الإسرائيلي" الاستعداد لاحتمال بقائه لمدة أطول، نظرًا إلى صعوبة تحقيق السيطرة الكاملة من الجانب اللبناني"؛ وفقًا لزعمها.
هذا؛ وقال مصدر دبلوماسي لصحيفة "هآرتس": "إن "إسرائيل" طلبت من الولايات المتحدة تمديد موعد الانسحاب لمدة 30 يومًا إضافية، وتجري محادثات مكثفة مع فرنسا ولبنان في هذا الموضوع".
تعود حشموناي للحديث عن المستوطنين بالقول :""السكان"، في هذه الأثناء، يفكرون في المستقبل البعيد. يقول أحد سكان إحدى مستوطنات إصبع الجليل التي أخليت: "لا أعتقد أن إيقاف حزب الله إطلاق النار من لبنان سيُستأنف يوم الاثنين. أنا أقل قلقًا بشأن الأمور الفنية، لكنني قلق جدًا بشأن ما سيحدث هنا عاجلًا أم آجلًا. من يضمن لنا الأمن؟ من يضمن أننا في العام 2026 أو 2030 لن نكون مثل نير عوز في الشمال؟". وأضاف: "أعتقد أننا نعتمد بشكل مفرط على الجيش "الإسرائيلي" وقوات الأمن. لم أسمع قائد المنطقة الشمالية يقول إن هذا الاتفاق يضمن لنا عودة آمنة إلى منازلنا لسنوات قادمة، لا بشكل رسمي ولا غير رسمي، إذًا لماذا أعود"؟".
عوفر موسكوفيتش، وهو أحد مستوطني مستوطنة "مسكاف عام" ومن بين القلائل الذين عادوا بعد وقف إطلاق النار إلى المستوطنة التي تقع عند الحدود الشمالية مع لبنان، على مقربة من قرية العديسة اللبنانية، يقول: "أنا أقضي ليلة في المستوطنة وأخرى في الفندق في طبريا حيث نقلونا إليها؛ وعندما أنام هنا، أكون وحدي، وكل صوت يجعلني أستيقظ متأهبًا.. الجميع هنا قلقون".
وبالرغم من المخاوف، تقول الكاتبة إن إدارة المستوطنة وسكانها يستعدون للعودة في الأول من آذار/مارس، وهو الموعد الذي حددته الحكومة.
كما هو الحال في "مسكاف عام"، تلفت حشموناي إلى أنّ: "التحضيرات جارية في مستوطنة دفنة. للمرة الأولى منذ بدء الحرب، أعيد فتح المتجر المحلي، ومن المتوقع افتتاح روضة الأطفال بداية الشهر القادم. في المستوطنة، يقدّرون أن افتتاح المتجر ورياض الأطفال سيجذب المزيد من "السكان" (المستوطنين) للانضمام إلى العشرات الذين عادوا بالفعل، ولكن حتى هنا تؤدي المنح الحكومية دورًا في القرارات التي ستتخذ. وتقول أوريت فراغ، وهي عضو إدارة المستوطنة: "هناك الشعور مع مجرد إعلان التأمين الوطني مؤخرًا أن العائدين لن يحصلوا بعد الآن على منح السكن التي يحق للمُخلين الحصول عليها، أصبح هناك اهتمام أقل بالإسراع في العودة إلى الديار". وأضافت: "هذا أدى إلى تأجيل عودة الناس في التاريخ الذي حددته الدولة في الأول من آذار/مارس".