نصر من الله

عين على العدو

يتسحاق بريك: "اسرائيل" تحت تهديد وجودي مستقبلي
10/02/2025

يتسحاق بريك: "اسرائيل" تحت تهديد وجودي مستقبلي

رأى مفوّض شكاوى جنود الاحتلال السابق اللواء يتسحاق بريك أن "إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن ضرورة ترحيل نحو مليوني فلسطيني من سكان غزة إلى أماكن أخرى في العالم، والذي يبدو خياليًا أكثر منه واقعيًا، يُثير غضب العالم العربي ضد الولايات المتحدة و"إسرائيل"، وقد يؤدي إلى تدهور خطير: اتفاق "السلام" مع السعودية قد يسقط من جدول الأعمال، وقد ينهار "السلام" مع مصر، كما قد تعود التحالفات القديمة بين الدول العربية ضد "إسرائيل" إلى الواجهة من جديد".

وفي مقال في صحيفة "هآرتس"، قال بريك "تنفيذ المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى بات مشكوكًا فيه، إذ تشترط "إسرائيل" لهذه المرحلة استسلام حماس وتفكيك سلاحها، وهو أمر لا يبدو واردًا في الأفق، ولا سيما أنها تدرك أن الولايات المتحدة و"إسرائيل" لا تتركان لها أو لسكان غزة أي أفق للمستقبل، وأن نيتهما هي انتزاع السكان من أرضهم وترحيلهم إلى أماكن أخرى في العالم".

وتابع "بدلًا من التمسك بالأوهام، يجب على المستوى السياسي أن يعمل على تحرير جميع الأسرى دون فرض شروط لن تقبلها حماس بأي حال. كما يجب وقف الحرب التي فقدت هدفها والتركيز على إعادة بناء الدولة، الاقتصاد، التماسك الاجتماعي، العلاقات الدولية، والجيش. يتطلب هذا التحول تبني عقيدة أمنية جديدة تختلف تمامًا عن تلك التي صاغها دافيد بن غوريون في الخمسينيات. كما يجب التزوّد بوسائل قتالية حديثة، وعلى الجيش "الإسرائيلي" أن يعتمد نهجًا عمليًا مختلفًا تمامًا، وهو ما لم يحدث في السنوات الأخيرة بسبب الجمود الفكري والعملي، الغطرسة، الإهمال، الدوافع الشخصية، عدم المهنية، الهروب من المسؤولية، والإهمال الجسيم".

وأشار الى أن جيش الاحتلال "تدهور وأهمل أمن "إسرائيل" في جميع المجالات: لم يتم تطوير عقيدة أمنية تناسب الحروب الحالية والمستقبلية، ولم يتم إعداد الجبهة الداخلية للحرب، كما تم تقليص قوات المشاة إلى درجة أنها لم تعد قادرة على مواجهة تحديات الحرب، ولم يتم تطوير استراتيجية دفاعية وهجومية ضد الصواريخ، القذائف والطائرات المُسيّرة".

وأردف "بسبب غياب العقيدة الأمنية وسوء فهم الواقع من قبل المستوى العسكري والسياسي، لم يتم شراء أسلحة جديدة تتناسب مع حرب متعددة الجبهات. لم يتم إنشاء سلاح صواريخ أرض-أرض لتدمير منصات إطلاق صواريخ العدو، وهو ما كان يمكن أن يكون أكثر فاعلية لهذه المهمة من الطائرات. كان من المفترض أن يكون هناك تعاون مع الولايات المتحدة لتطوير وإنتاج ليزر قوي قادر على إسقاط الصواريخ الباليستية للعدو، والذي يُعد أرخص بمئات المرات مقارنة بالصواريخ الاعتراضية الموجودة لدينا ("حيتس"، "مقلاع داوود"، و"القبة الحديدية"). بسبب التكلفة الباهظة لهذه الصواريخ، فإن مخزونها محدود للغاية، وسيُستنفد خلال أيام قليلة في حال اندلاع حرب متعددة الجبهات. بالإضافة إلى ذلك، فإن الليزر القوي هو الوسيلة الوحيدة القادرة على اعتراض الصواريخ الفرط صوتية التي تناور في الجو. كما لم يتم شراء منظومات "دفاع" جوي متعددة الفوهات موجهة بالرادار، والتي تتمتع بفعالية كبيرة ضد الطائرات المسيّرة. كذلك، لم يتم شراء عشرات الآلاف من الطائرات المسيّرة لأغراض الاستخبارات والهجوم، ولم يتم تعزيز قوات المشاة".

وبحسب بريك، كل هذا يعود إلى العقيدة العسكرية المشوّهة للمستوى العسكري الرفيع، الذي استمر في التمسك بمفاهيم الحروب الماضية، واعتمد بشكل أساسي على الطائرات، على الرغم من أن دورها في الحروب الحديثة يتراجع لصالح الطائرات المسيّرة. بالإضافة إلى ذلك، لم يتجاوب المستوى السياسي والعسكري الرفيع مع التغيرات في جيوش الدول العربية، والتي أعدّت نفسها لحروب مختلفة جذريًا عن الماضي.

وشدّد على أن "التهديد الوجودي اليوم على "إسرائيل" لا يُقارن بالتهديد الوجودي المستقبلي"، ولفتت الى أن "الجيش "الاسرائيلي" البري صغير الحجم، ولا يمكنه القتال إلا في جبهة واحدة، لكنه سيُجبر على القتال في ما لا يقل عن 5 جبهات برية في وقت واحد. عندما تندلع حرب إقليمية شاملة متعددة الجبهات، سيتعين على الجيش "الإسرائيلي" مواجهة قوات "الرضوان" التابعة لحزب الله في لبنان، التي ستتعزز مجددًا، إضافة إلى الدولة الإسلامية المتطرفة في سورية المدعومة من تركيا، والفصائل المتحالفة مع إيران على الحدود مع الأردن"، وتابع "في حال اندلاع انتفاضة في الأردن، كما حدث في سورية فإن "إسرائيل" ستتأثر بتأثير الدومينو، وسيكون وضعها أكثر خطورة. كل ذلك بسبب تقليص حجم القوات البرية خلال العشرين عامًا الماضية".

ووفق بريك، حاليًا، لا توجد لـ"إسرائيل" قوات منتشرة على طول الحدود مع الأردن، كما أنها لم تمنع منذ سنوات "تهريب" مئات الآلاف من الأسلحة والعبوات الناسفة إلى الضفة الغربية، ممّا قد يؤدي إلى اندلاع انتفاضة ثالثة. كما يجب الأخذ بعين الاعتبار أنه في ظل ظروف معينة، قد تنضم مصر أيضًا إلى الحرب، إلى جانب حماس في قطاع غزة.

وختم "هذه هي السيناريوهات التي يجب على الجيش "الإسرائيلي" الاستعداد لها، فإذا لم يحدث شيء – فذلك أمر جيد، ولكن إذا وقعت كارثة – فسيكون وضعنا سيئًا للغاية. يجب الاستعداد للتهديدات المحتملة وليس فقط تحليل نوايا العدو، كما كانت تفعل شعبة الاستخبارات (أمان) في الماضي، والتي كانت دائمًا تخطئ في تقديراته. تمّ تعيين رئيس أركان جديد مؤخرًا، إيال زمير، الذي يمتلك القدرة والمعرفة لإصلاح الجيش، ولكن هناك مخاوف جدية من أن بنيامين نتنياهو وحكومته، اللذين يهمّهما بقاؤهما السياسي أكثر من أي شيء آخر، سيعرقلان جهوده، ويدفعان الجيش إلى الاستمرار في حرب فقدت هدفها منذ زمن. مثل هذا الوضع لن يسمح بإصلاح الجيش وإعداده لتحديات الحاضر والمستقبل".

 

الكيان الصهيوني

إقرأ المزيد في: عين على العدو