إنا على العهد

عين على العدو

حكومة الاحتلال تضغط لعودة المستوطنين إلى الشمال
27/02/2025

حكومة الاحتلال تضغط لعودة المستوطنين إلى الشمال

قال موقع "كالكاليست" العبري: "أمس، عندما توقفت دولة بأسرها عن الحركة وتأنّت في تشييع شيري بيبس وأبنائها أريئيل وكفير في مقبرة تسوعير، تراوحت مشاعر الكثير من سكان الشمال بين الحزن العميق والإحباط والغضب. لقد تركوا بيوتهم على عجل بناءً على تعليمات من الدولة مع بداية الحرب، وكان هناك خوف من مجزرة كان يخطط لها حزب الله ضدّهم، مشابهة من حيث الحجم والقسوة لتلك التي نفذتها حماس في مستوطنات غلاف غزّة. مرّ أكثر من 500 يوم على ذلك، ولم تكلف الحكومة نفسها بالعمل على استعادة ثقة الناس فيها، والآن هي تتوقع منهم العودة إلى بيوتهم المهجورة بداية الأسبوع المقبل".

أضاف: "في الأوقات التي كان فيها المواطنون في "إسرائيل" يرفعون رؤوسهم بجانب الطرق التي مرّت فيها جثامين أفراد عائلة بيبس إلى مثواهم الأخير، كانت "كريات شمونة" والمطلة تواصلان الانتظار لحكم المحكمة العليا في القضايا التي تقدمت بها مطالبة الحكومة باستثنائها من خطة إعادة سكان الشمال إلى بيوتهم. في المطلة يزعمون أن السكان الذين تم إخلاؤهم منها ليس لديهم مكان يعودون إليه. حوالي 70% من منازل المستوطنة تضررت بفعل نيران حزب الله، وفي "كريات شمونة" يصارعون مع وزارة التربية والتعليم قائلين إن النظام التعليمي في المدينة لا يمكنه توفير التعليم، وفي مجلس "مفوئوت حرمون" يحذرون من أن السكان في القرى القريبة من الحدود مع لبنان ببساطة يخشون العودة".

وتابع: "الطعون التي قدموها مدعمة بالبيانات والصور التي توثق الأضرار التي لا تصدق، والسلطات تطلب تمديدًا في تنفيذ خطة الحكومة لإعادة سكانها إلى بيوتهم في الصيف. وحتّى ذلك الحين، يقولون هناك، سيكون هناك وقت كافٍ لإعادة بناء المباني والبنية التحتية التي تضررت، والأهم من ذلك – سيكون للسكان وقت لفحص استقرار وقف إطلاق النار مع حزب الله عندما يقوم الجيش "الإسرائيلي" بتعديل انتشار قواته في جميع أنحاء المنطقة بشكل يعزز شعورهم بالأمان".

وأشار الموقع إلى أن الوزير المكلف بإعادة إعمار الجنوب والشمال، زئيف إلكين، هو من يقود خطة عودة السكان إلى بيوتهم، وهو يعتمد على تصريح الجيش "الإسرائيلي" ووزارة الأمن التي تقول إنه لا يوجد سبب أمني يمنع العودة. خلال الأشهر التي سبقت وقف إطلاق النار في الشمال، لكن الجيش "الإسرائيلي" ووزارات الحكومة لم يبذلوا جهدًا كبيرًا لإقناع سكان الشمال بأن أمنهم وسلامتهم مضمونة. في نهاية القتال في جنوب لبنان، كان الجيش "الإسرائيلي" يتباهى بكشف العديد من المنشآت التي بناها حزب الله استعدادًا لشن هجوم واسع على مناطق في الجليل، مما يوضح بشكل جيد ما كان يحدث على الجانب الآخر من السياج على مدى سنوات طويلة من اللامبالاة ضدّ لبنان. في المطلة، يفيديون إنه حتّى في فترة وقف إطلاق النار، كانت المحلقات والطائرات المسيرة ما تزال تعبر الحدود من لبنان، والهدير الناتج عن الانفجارات ما زال جزءًا من الموسيقى التصويرية في المنطقة".

ولفت إلى أن المستوطنين الذين تمّ إجلاؤهم من المستوطنات الواقعة على خط التماس "يدركون أنهم يتعاملون مع قيادة مهملة لا تتحمل المسؤولية عن أي شيء، بما في ذلك الكارثة الكبرى في تاريخ "الدولة" (كيان الاحتلال). لذلك، يفكرون أكثر من مرة في ما إذا كان بإمكانهم الوثوق بكلمة واحدة تخرج منها. لا يجدون عزاء في الضربات القاسية التي تلقاها حزب الله وقتل قادته، ويشيرون إلى حالة من اليقظة والشكوك نتيجة لإخفاقات الجيش والحكومة في السابع من أكتوبر. قال رئيس منتدى مستوطنات خط المواجهة في الشمال ورئيس مجلس "ماتيه إشر"، موشيه دافيدوفيتش لـ"كالكاليست": إن سكان بلدتي سيبدأون العودة يوم الأحد، ولكن مع الكثير من الأسئلة وقلوب ممزقة. يعودون إلى هدوء زائف قد يستمر لعامين، أو ثلاثة، ربما سنة أو أقل. لا أحد يعرف كم سيستمر ذلك".

ويضيف دافيدوفيتش: "نحن نرى أن حزب الله يحاول أن يرفع رأسه، يتعافى ويتسلح. بعض السكان في مجلس ماتيه إشر الذين لا يريدون العودة، يفضلون البقاء في المستوطنات التي تمّ إجلاؤهم إليها، على الأقل حتّى نهاية العام الدراسي. حتّى ذلك الحين، سيدرسون تطوّر الوضع الأمني ويرون إلى أين تتّجه الرياح. هناك مئات الأسر مثل هذه وأنا أفهمهم تماما. الدولة قامت بحملة كاملة لإعادة السكان، كما لو أنهم يعودون إلى سويسرا".

وأشار الموقع إلى أن مجلس "ماتيه إشر" علّق في الأيام الأخيرة لافتات عند مداخل مستوطناته ترحب بعودة المستوطنين. واحدة من هذه اللافتات كانت عند مدخل كيبوتس "حانيتا"، الذي تعرض لأضرار كبيرة في الأسابيع الأولى من الحرب، بسبب نيران حزب الله وأثر دبابات وآليات الجيش "الإسرائيلي" التي دمرت الطرق والأرصفة، وألحقت أضرارًا بالبنية التحتية المختلفة.

وقال رئيس المجلس: "بدأنا في إعادة بناء "حانيتا"، نعمل هناك بوتيرة سريعة، نقوم بتجديد مباني رياض الأطفال ودور الحضانة، ولكن لا يزال هناك الكثير للقيام به. في باقي المستوطنات هناك الكثير من العمل أيضًا، السكان الذين سيعودون بداية الأسبوع سيجدون منازل تحتاج إلى ترميم وإصلاح بسبب الأضرار الناجمة عن الإهمال بعد عام ونصف لم تطأها قدم إنسان. سيتعين عليهم التكيف مع الحياة الجديدة هنا، حيث إن انتشار الجيش "الإسرائيلي" قد تغير، ومجموعات التأهب مستعدة. مع كلّ هذه الأمور، أنا حقًّا لا أعرف ما سيحدث لاحقًا".

ويقول دافيدوفيتش: "إن بعض السكان اشتكوا من أن مجلس "ماتيه إشر" لم يقدم التماسًا إلى المحكمة العليا كما فعلت مجالس المطلة و"مفوئوت حرمون" و"كريات شمونة" لطلب تأجيل تطبيق خطة العودة. وقال إنه لا يرى فائدة من هذه الإجراءات. الجيش هو من يحدد متى يكون الوضع خطرًا ومتى لا، وبناءً على ذلك تتماشى جميع مؤسسات الدولة. في بداية الحرب، قررت الحكومة إخلاء جميع المستوطنات التي تبعد 5 كيلومترات من الحدود، ولكن في الواقع تم إخلاء تلك التي تبعد 3.5 كيلومترات فقط. سألتُ وزير الأمن لماذا حصل هذا، فأجابني أن هذا ما قرره الجيش. فماذا يعني تقديم التماس للمحكمة العليا، فقط لإثبات أنني تقدمت بالتماس؟".

وعلى خلفية التداعيات أمام المحكمة العليا في مواجهة الطعون التي قُدمت لها يوم الاثنين، أجرت الحكومة استفتاءً هاتفيًا وافق فيه الوزراء على إعادة جميع سكان الشمال إلى بيوتهم اعتبارًا من بداية الأسبوع، مع إعفاء من دفع ضريبة الأملاك حتّى نهاية حزيران/يونيو. كما قررت الحكومة تخصيص 50 مليون شيكل تعويضًا للسلطات المحلية عن خسارة الإيرادات. وقالوا في إدارة إعادة تأهيل الشمال: "هذه الخطوة ستتيح للسلطات المحلية الاستمرار في تقديم الخدمات الأساسية للسكان وتسريع المشاريع المحلية لإعادة الإعمار والتنمية رغم الأضرار الكبيرة في إيراداتها".

نائبة رئيس إدارة التأهيل ومديرة إقليم الشمال في وزارة الداخلية، عيناف بيرتس، تقول إن "التعويض عن خسارة الإيرادات من ضريبة الأملاك هو أكثر من مجرد دعم مالي – إنه إعلان عن التزام أخلاقي من الدولة تجاه سكان الشمال". ومع ذلك، قال دافيدوفيتش يوم أمس لصحيفة "كالكاليست" إن الأموال الموعودة لإعادة الإعمار تتدفق ببطء شديد وبمبالغ ضئيلة. "أعتقد أن ألكين يبذل جهودًا، ولكن في النهاية، نحن بعد سنة ونصف من بداية الحرب ولا تزال لا توجد خطة منظمة لإعادة إعمار الشمال. ببساطة لا توجد".

وبحسب الموقع فإن المستوطنين الذين لن يعودوا إلى بيوتهم في الأسبوع الأول من آذار/مارس سيخسرون آلاف الشواكل من منح العودة. في ححين سيحصل المستوطن الذي سيعود إلى منزله حتّى 8 آذار/مارس سيحصل على منحة قدرها 15,360 شيكل، بينما الذي سيعود بعد ذلك، سيحصل على منحة قدرها 7,680 شيكل. ستنخفض المنحة مع مرور الوقت، بحيث إن من سيعود إلى منزله بداية من أيار/مايو سيحصل على منحة قدرها 1,920 شيكل فقط.

في الطعون المقدمة من "كريات شمونة"، المطلة و"مفوئوت حرمون"، يرون هذا المخطّط فرضًا من الدولة على سكان الشمال للعودة إلى بيوتهم مع استغلال وضعهم الاجتماعي والاقتصادي الضعيف. رغم ذلك، أعلنت مئات العائلات من مستوطنات مجلس "ماتيه إشر" عن قرارها بالبقاء في أماكن إجلائها مؤقتًا، حتّى وإن كان ذلك يعني فقدان منح الحكومة.

ليس فقط في مجلس مستوطنات "ماتيه إشر" ينتظرون، بل أيضًا في كيبوتس المنارة، حيث تضرر حوالي 90 من بين 150 منزلًا ومبنى جراء صواريخ حزب الله. ورغم ذلك، ترى الحكومة أن على السكان هناك العودة إلى بيوتهم اعتبارًا من بداية الأسبوع المقبل. تقول سيغال فيجنيسر، التي تقيم مؤقتًا في كيبوتس "غدوت" مع زوجها زئيفي وطفليها رونين (16 عامًا) وجيفين (14 عامًا): "نحن نرغب بشدة في العودة إلى ديارنا، لكن ببساطة ليس لدينا إلى أين نعود، لذلك سنبقى في "غدوت" رغم كلّ شيء". وأضافت: "معظم المنازل في المنارة تعرضت لضربات مباشرة.. بعض العائلات طلبت جلب وحدات سكنية متنقلة كحل مؤقت حتّى يتم ترميم منازلهم، لكن لم يُسمح لهم بذلك".

فيجنيسر، التي تشغل منصب منسقة الاستيعاب في الكيبوتس الذي يضمّ 280 مستوطنًا، تؤكد أنه رغم تقليص الحكومة لمنح العودة، فإنهم مضطرّون للبقاء في أماكن إجلائهم بسبب الحرب. وتقول: "نحن غاضبون من خفض المنح، لكن ما هو خيارنا؟ إلى أين سيعود الناس، إلى الخيام؟ الجو في الخارج 3 درجات مئوية، والأجهزة الكهربائية في المنازل تضررت. ليس لدينا منزل نعود إليه، وسنضطر لشراء أثاث وأجهزة كهربائية جديدة، بينما تمارس الدولة ضغوطًا علينا من خلال تقليص المنح. هذا ليس عادلًا".

وفقًا لوثيقة نشرها أربعة باحثين من معهد أبحاث الأمن القومي (INSS) في الأيام الأخيرة، بالتزامن مع بدء عودة مستوطني الشمال إلى منازلهم، فإن "الوضع على الأرض هش للغاية، حيث يتعرض السكان يوميًا لتقارير عن انتهاكات متبادلة لوقف إطلاق النار. إلى جانب ذلك، هناك عودة لسكان جنوب لبنان إلى منازلهم، بينما يحمل بعضهم أعلام حزب الله وصور زعيمهم الراحل حسن نصر الله".

الوثيقة التي وقعها عضو "الكنيست" السابق عوفر شيلح، والدكتورة عيديت شفران غيتلمان، وعينات شابيرا، ويردن أسرَف، تتناول أزمة ثقة سكان الشمال في سلطات الدولة، والتي تنبع من أن الجيش "الإسرائيلي" والمؤسسة الأمنية سمحوا لقوة الرضوان التابعة لحزب الله بالتعاظم على مقربة من المستوطنات الإسرائيلية إلى مستويات خطيرة. وجاء في الوثيقة أن "التحذيرات التي أطلقها سكان المنطقة بهذا الشأن قوبلت بالتجاهل ووصفت بأنها مبالغ فيها. واكتشاف نفق عبر الحدود، رغم التصريحات العسكرية التي نفت وجود مثل هذه الأنفاق، كان بمثابة نقطة انهيار أخرى في الثقة".

كما يشير معدو الوثيقة الأربعة إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" ولبنان، موضحين أنه يوجد تفاوت كبير بين الواقع العملاني على الأرض وبين التصورات حوله لدى الستوطنين. ويعود ذلك إلى صعوبة الوصول إلى النص الرسمي للاتفاق، المتوفر فقط باللغة الانجليزية، مما يجعل تفاصيله غير متاحة لمعظم الجمهور. وبذلك، فإن الأشخاص الذين يتعين عليهم الآن اتّخاذ قرار بشأن العودة إلى منازلهم، يضطرّون للقيام بذلك في ظل حالة من عدم اليقين التام، حيث يتوجب على كلّ فرد منهم تفسير الوضع مع حزب الله بطريقته الخاصة (وفقًا للموقع).

ويختم الموقع: "توضح وثيقة INSS أن الحرب وعمليات الإجلاء أثرت بشكل كبير على الوضع الاقتصادي وفرص العمل لسكان الشمال، حيث فقد كثيرون مصادر دخلهم، كما شهدت أماكن العمل هجرة كبيرة للكفاءات. وتضيف: "الفجوات الاقتصادية بين الشمال ووسط الدولة، التي كانت قائمة قبل الحرب، تعمقت بشكل كبير. الشعور بالنمو الذي ساد قبل الحرب تلاشى، وهذا يترك أثرًا سلبيًا كبيرًا على رغبة السكان في مواصلة العيش في الشمال".

الكيان الصهيونيالمستوطنات الشمالية

إقرأ المزيد في: عين على العدو

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة

خبر عاجل