الخليج والعالم
سوريا: انكفاء دور المجموعة المصغرة لحساب سوتشي في اللجنة الدستورية
محمد عيد
مع انطلاق عمل اللجنة الدستورية السورية في جنيف تدور النقاشات حول دور الأمم المتحدة في دعم عمل هذه اللجنة.
انكفاء دور المجموعة المصغرة لحساب سوتشي
يرى عضو الوفد الحكومي السوري السابق لمؤتمر جنيف الدكتور أسامة دنورة أن حضور وزراء الدول الضامنة في جنيف قبيل انعقاد أولى جلسات لجنة مناقشة الدستور يشير بوضوح الى أن هذه الدول الثلاث هي صاحبة السهم الأكبر في دفع عمل لجنة مناقشة الدستور الى الامام ووضعها على سكة العمل. كما يؤشر كذلك، الى تراجع دور دول المجموعة المصغرة الى حجم يقارب حجم المراقب.
وفي حديثه لموقع "العهد" الإخباري يعتبر دنورة أن "هذا التراجع يوازي عمليًا تراجع الانخراط الميداني لدول المجموعة المصغرة، لا سيما بعد الانسحاب الجزئي الامريكي مقابل التمدد التركي والروسي في منطقة الشمال الشرقي، دون أن يعني ذلك ان قدرات التأثير والتعطيل قد انتهت بل تراجعت تبعاً لتصاعد أولويات أمنية واستراتيجية وسياسية لدول المجموعة المصغرة على حساب الانخراط في الشأن السوري".
التدخل سيستمر في عمل اللجنة
وأوضح دنورة أن قدرة المعارضة على الانعتاق من الضغوط الخارجية، وبالقياس على التجارب السابقة، هي قدرة مشكوك بها نظرًا الى أن رعاة أطراف المعارضة الخارجية ليسوا جمعيات خيرية، ولديهم أجنداتهم الجيوبوليتيكية التي يريدون أن تعمل المعارضات المدعومة من قبلهم على تنفيذها، مبينًا أنه اذا استمر هذا المشهد فإن ذلك سيناقض المبدأ الذي تقره الشرعية الدولية ومبدأ السيادة المتساوية، والذي ينص على ان تكون العملية بملكية وسيادة سوريا "ومما لا شك فيه أن التعطيل قد يكون واحدًا من آليات التأثير الخارجي الذي لا نتمنى أن نراه، والواقع ان مؤشرًا سلبيًا قد أتى من رئيس ما يسمى بالهيئة العليا الذي هدد بـ"نزع الشرعية" عن اللجنة، علمًا أن عبارة التهديد مرفوضة وخاطئة شكلاً ومضمونًا".
العضو الحكومي السابق إلى مؤتمر جنيف أكد أن نسبة الـ٧٥٪ المطلوبة لاعتماد مقترحات التعديل الدستوري، والتي ستعرض فيما بعد على البرلمان السوري أو على الاستفتاء العام لاقرارها، هي نسبة كفيلة باقرار مقترحات تتمتع بالحد الأدنى من التوافق الذي يكسبها مصداقية تجعلها جديرة بالعرض على الأطر المخولة دستوريًا بإقرارها، موضحًا أن الدوافع الاقليمية والدولية لدفع أعمال اللجنة الى الامام قد تكون متعارضة أحيانا ومتقاطعة احياناً اخرى "فمن مصلحة القوى الدولية التي تريد الاستمرار في ممارسة الابتزاز السياسي تجاه الدولة السورية أن تعرقل تقدم الحل السياسي بشكل عام، لكي تستمر في الابقاء على مبررات العزل والمقاطعة والعقوبات الاقتصادية الى أن تستطيع أن تصرف هذه الضغوط بصيغة تغيير في موقع سورية في معادلات المنطقة خاصة انتماءها لمحور المقاومة".
توظيف احتجاجات الجوار
دنورة أكد أن هذه العرقلة المحتملة قد تتساوق عمليًا مع الاستهداف بتحريك العصيان وتأجيج وتوظيف الاحتجاجات في العراق ولبنان لتحقيق الأهداف ذاتها، مشيرًا الى أن القوى المتضررة بشكل مباشر أو غير مباشر من استمرار الاضطراب في الساحة السورية قد تكون لديها اولويات أخرى "فالضامنون الثلاثة في مسار آستانة لديهم اولويات مختلفة فيما يخص الشأن السوري، لا يمنع ذلك ايضاً من وجود تناقضات وتقاطعات مع الموقف الغربي لا سيما عندما يتعلق الامر بالحديث عن الموقف التركي الحائر جيوبوليتيكياً بين استعادة التمدد العثماني والهيمنة بالشراكة مع الاخوان، وبين الانكفاء الى معالجة التهديد الامني التقسيمي الناجم عن حزب العمال الكردستاني، والحائر جيواستراتيجياً بين الناتو / الغرب وبين المشروع الاوراسي".
الدكتور أسامة دنورة أكد في الوقت نفسه أن الحيرة التركية هذه قد تضع الدور التركي في سياق المراوحة بين الشراكة مع الضامنين الآخرين في سوتشي، وبين التوتير الامني / العسكري وربما السياسي كنتيجة للتباين المرحلي على الاقل مع الضامنين الآخرين الروسي والايراني.
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
25/11/2024