الخليج والعالم
أزمات العالم الاسلامي تحضر في قمة كوالالمبور
انطلقت صباح اليوم الخميس في العاصمة الماليزية كوالالمبور القمة الإسلامية المصغرة التي دعا إليها رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد، من أجل بحث استراتيجية جديدة للتعامل مع القضايا التي يواجهها العالم الإسلامي، بمشاركة كل من أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الإيراني حسن روحاني، ويحضرها ممثلون رسميون عن 18 دولة ونحو 450 مشاركا من علماء ومفكرين.
ودعا عدد من القادة في الكلمات الافتتاحية للقمة إلى توحيد الصفوف لمواجهة التحديات التي تواجه الشعوب الإسلامية.
مهاتير محمد
رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد قال في كلمته الافتتاحية للقمة إن قمة كوالالمبور ستناقش على مستويات عليا المشاكل التي تواجه الأمة الإسلامية وذلك مع عدد قليل من الدول كبداية، مضيفا أن ذلك لا يعتبر تمييزا أو إقصاء لأي أحد، إلا أن الهدف منه التوصل في البداية إلى حلول قابلة للتطبيق، وبعد إثبات نجاعتها تُعرض على بقية الدول.
وأشار مهاتير محمد إلى أن هذه القمة ستشهد نقاشات حول الأوضاع الراهنة للمسلمين، مضيفا "نحن جميعا نعرف أن بلدان العالم الإسلامي تشهد أزمات، ونرى أن شعوب تلك الدول تضطر لترك بلدانها والهجرة لبلدان غير مسلمة"، وقال إن "بعض المسلمين يمارسون عنفا واستبدادا حيال بعضهم البعض"، مشددا على ضرورة فهم المشكلات التي يعاني منها العالم الإسلامي، وإدراك أسبابها، ومواجهة أسباب الحروب الداخلية، وغيرها من الكوارث، والعمل على تقليل هذه المشكلات وإصلاح سمعة ديننا.
وأكد أن القرآن لم يسوغ قتل المسلمين بعضهم البعض وهذا ليس جهادًا إسلاميًا"، وأضاف "لقد فقد المسلمون دولهم وأصبحوا تحت سيطرة الدول الغربية".
روحاني
بدوره، دعا الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني في كلمته خلال القمة العالم الإسلامي إلى اتخاذ تدابير للتحرر من هيمنة الدولار والنظام المالي الأميركي.
روحاني أسف لكون العالم الاسلامي يعاني من معضلات وتهديدات من أقصى نقطة في الغرب بشمال إفريقيا إلى أبعد نقطة في شرق آسيا، مشيرا الى التهديدات اليومية المستمرة للكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني والتي تحصد الضحايا يوميا، وكذلك التهديدات العسكرية والسياسية والاقتصادية الأميركية ضد مجموعة من الدول الاسلامية.
ولفت روحاني إلى التهديد المتمثل بالإرهاب، والذي يوفر أرضية للتدخلات الأجنبية في عدد من الدول الإسلامية، معتبرا الحرب على سوريا واليمن والاضطرابات في العراق ولبنان وليبيا وأفغانستان نتيجة مباشرة للإرهاب المتفشي في الداخل والتدخل الخارجي، والسياسات غير المسؤولة والمثيرة للتفرقة من قبل قوى الهيمنة والاستكبار.
وحول التحديات الاقتصادية اعتبر الرئيس روحاني الحظر الاقتصادي انه تحول الى اهم اداة للهيمنة الاستكبارية واضاف ان تداخل الانظمة الاقتصادية والتجارية والمالية الدولية مع النظام الاقتصادي الاميركي واعتماد الدولار في الاقتصادات الوطنية والعالمية، قد وفر للولايات المتحدة امكانية المضي بهيمنتها عبر "تهديدات الحظر" و"الارهاب الاقتصادي" وفرض مطالبها اللامشروعة على الدول الاخرى.
وتطرق روحاني إلى الحظر الأميركي ضد إيران لإسقاط نظام الجمهورية الإسلامية، وآخره فرض أكثر من 98 إجراء للحظر عقب خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، لافتا إلى أن "الاقتصاد الإيراني عاد الى مرحلة الاستقرار، والمؤشرات الاقتصادية ماضية الى التحسن وحتى في هذه الظروف فإن الاصلاحات الاقتصادية جارية والموازنة العامة للبلاد قد تم إعدادها بصورة مستقلة تماما عن النفط وجرى تقديمها للبرلمان".
ولم يختم روحاني دون ذكر قضية فلسطين، وقال: "إنني أرى لزاما علي الإشارة إلى القضية الفلسطينية التي تعد القضية الجوهرية في العالم الاسلامي، وإن الغفلة عنها والتطرق الى قضايا هامشية ومثيرة للتفرقة يعدان انحرافا كبيرا عنها، فلسطين اختارت طريق المقاومة وهي تحظى في هذا المسار بدعم الشعوب الإسلامية".
تميم بن حمد آل ثاني
أما أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني فدعا إلى اعتماد أساليب التفاوض والحوار في حل القضايا العالقة بين الدول ورفض استخدام أساليب القوة والحصار والتجويع وإملاء الرأي، موضحا خلال كلمته أن ذلك يتطلب حدا أدنى من الإجماع على منح صلاحيات أوسع للمؤسسات الدولية التي لا يسود فيها حق "الفيتو" لهذه الدولة أو تلك.
وأكد آل ثاني أن العالم يعاني من ازدواجية المعايير حتى في التعامل مع حقوق الإنسان، وأن البعض نتيجة صراع المحاور يتخذ من مجرمي الحرب حلفاء وينسى بلاغته الكلامية ضد الإرهاب والإرهابيين حين يتبنى مليشيات مسلحة تعمل خارج القانون المحلي والدولي، وترتكب جرائم ضد المدنيين.
وأضاف أنه يكاد يستحيل الحفاظ على السيادة الوطنية واستقلالية القرار في ظروف من التخلف والتبعية، مشددا على أن الاستقرار من أهم شروط التنمية ويتطلب علاقات متوازنة بين الدول تقوم على المصالح المشتركة.
واعتبر أمير قطر أن بقاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين هو أحد أهم أسباب عدم الاستقرار في المنطقة، وأضاف إن "أحد أهم مصادر عدم الاستقرار في منطقتنا هو تحييد الشرعية الدولية وتهميشها، ومحاولة إملاء إرادة الاحتلال بالقوة في فلسطين، حيث تتواصل سياسات الضم والاستيطان بما في ذلك تهويد القدس، وهي السياسات التي تصفّي الطابع العربي للمدينة، وتستفز مشاعر العرب والمسلمين في كل مكان".
أردوغان
من جهته، طالب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بإصلاح مجلس الأمن الدولي الذي يجعل العالم رهينة للدول الخمس الكبرى في العالم.
وعزا أردوغان فشل مجلس الأمن الدولي في الأمم المتحدة في حماية مليار و700 مليون مسلم إلى نظام "الفيتو" الذي يخوّل الدول الخمس الكبرى التحكم بمصائر الشعوب.
ودعا أردوغان إلى الإسراع في إنهاء الصراع في سوريا بهدف معالجة القضايا الإنسانية وإعادة اللاجئين إلى موطنهم، وطالب بوقف الجرائم التي ترتكب بحق أقلية الروهنغا في ميانمار وإعادة النظر في أسلوب التعاطي مع الاحتلال الإسرائيلي وتهويد القدس وإعادة الاعتبار للشعب الفلسطيني واستعادة كرامته.
كما توقع الرئيس التركي أن تبحث قمة كوالالمبور قضايا الصراع الداخلي في الدول الإسلامية والإرهاب والإسلاموفوبيا والعدالة.