الخليج والعالم
رغم جائحة كورونا.. تونس تواصل حربها على الإرهاب
تونس - روعة قاسم
لم تمنع جائحة كورونا وانشغال قوى الأمن والجيش التونسيين بفرض الحظر الصحي وحظر التجوال من مواصلة حماة الخضراء الحرب على الإرهاب التكفيري وضرب خلاياه النائمة التي انتشرت كالنار في الهشيم بعد الثورة. ففي عملية نوعية تمكنت وحدات أمنية مشتركة مكونة من الحرس والجيش الوطنيين من الإيقاع بمجموعة من الإرهابيين كانوا مختبئين بجبل الشعانبي من ولاية القصرين وذلك في كمين محكم بحسب ما أكدت وزارة الداخلية التونسية.
منذ ثورة 2011 ، تتمركز العديد من الجماعات الإرهابية في منطقة الشعانبي نظرا لكثافة الثروة الغابية في هذا الجبل ووعورة تضاريسه باعتباره ينتمي إلى سلسلة جبال الأطلس المغاربية وبه تقع أعلى قمم البلاد التونسية. وقد عانت تونس - كباقي دول المنطقة - خلال الأعوام الماضية من خطر الإرهاب التكفيري الذي عاث في البلاد فسادًا ودمارًا، وهدد دول المنطقة بدعم من جهات صهيونية. وتأتي هذه العملية الاستباقية للأمن التونسي في وقت تبدو فيه البلاد منشغلة بالحرب ضد فيروس كورونا الذي وصلت عدد الإصابات به في تونس الى أكثر من 553 إصابة أسفرت عن مقتل 19 شخصا.
كما تأتي العملية في ظل مخاوف في تونس من أن تستغل الجماعات الارهابية وخلاياها النائمة هذا الظرف الحساس للقيام بضربات إرهابية باعتبار أن قوى الأمن والجيش منشغلة بحماية الحدود وفرض الاجراءات الوقائية من فيروس كورونا. لذلك جاءت هذه العملية الاستباقية لتؤكد مجددًا أن القضاء على الإرهاب التكفيري هو أولوية قصوى لا تقل أهمية عن مواجهة خطر كورونا وأن الدولة التونسية يقظة وأجهزتها تعمل ولم تتأثر لا بفيروس ولا بغيره.
لقد منح البرلمان التونسي رئيس الحكومة الياس الفخفاخ صلاحيات استثنائية لمجابهة تداعيات هذه الجائحة وذلك بإمكانية إصدار مراسيم تقوم مقام القوانين لمدة شهرين، بهدف تسريع تبني تدابير تهدف لمكافحة احتواء فيروس كورونا المستجد وتداعياته. ويستند قرار منح صلاحيات أكبر لرئيس الحكومة الى الفصل 70 من الدستور التونسي الذي يتيح للبرلمان تفويض صلاحيات الى رئيس الحكومة لفترة لا تتجاوز الشهرين في الحالات الاستثنائية.
ويبدو أن هذا التفويض قد يستفيد منه رئيس الحكومة في الحرب على الإرهاب من خلال التعجيل بإصدار مراسيم تسهل على الأمنيين سرعة التحرك مع الحماية وتجاوز معضلات الفراغ التشريعي الذي تسبب فيه عدم المصادقة على قانون حماية الأمنيين من البرلمانين القديم والجديد. وبالتالي فإن الحرب على فيروس كورونا تبدو داعمة للحرب على الإرهاب خلافا لما يعتقده البعض، ناهيك عن أنها تضع قوى الأمن والجيش في حالة تأهب واستعداد دائمين.
ولعل عملية الشعانبي هي رسالة استباقية للجماعات الإرهابية مفادها أن الدولة التونسية موجودة على الميدان ويدها طولى وقادرة على الوصول إليكم وردعكم ولا مجال للتفكير في استبحاتها والاعتقاد أن فيروس كورونا جعلها تصرف الأنظار عن مخططاتكم. فقد كثر الحديث مؤخرا عن عزم الجماعات التكفيرية على القيام ببعض العمليات الإرهابية استغلالا للوضع الذي قد يوحي بأن جائحة كورونا ستصرف أنظار التونسيين عن الحرب على الإرهاب التي حققت فيها الدولة التونسية نتائج باهرة في السنوات الأخيرة خصوصا قبيل وبعد ملحمة بن قردان الشهيرة.
وكانت تونس قد أعلنت عن عملية عسكرية في مرتفعاتها الغربية، انتهت بمقتل أحد أمراء جماعة "داعش" الإرهابية، محمد وناس الحاجي، المكنى بأبي مصعب الذي خلف الأمير الإرهابي طلال السعيدي الذي تم القضاء عليه في جبل المغيلة عام 2016. كما قضت العملية العسكرية، على الإرهابي ناظم ذيبي المكنى بأبي عمار، وهو عريف سرية جبل السلوم (غرب) تحت إمرة وناس الحاجي. وشارك الذيبي في عشرات العمليات الإرهابية مع كتيبة عقبة بن نافع التابعة لتنظيم "القاعدة" بالمغرب الإسلامي ثم مع كتيبة جند الخلافة وبايع عصابة "داعش" الإرهابية إثر انسلاخه عن "قاعدة" الإرهاب. وأكد الناطق الرسمي باسم قوات الدرك حسام الجبابلي أن الإرهابيين اللذين تم القضاء عليهما، بعد عمل استخباراتي مهم ومتابعة لمسالك الإرهابيين من قبل جهاز مكافحة الإرهاب هما من العناصر الخطيرة التي شاركت في استهداف جنود في مرتفعات جبل الشعانبي غرب البلاد.