الخليج والعالم
انفصام لدى "تحرير الشام" حيال الموقف من تركيا.. واعتذار علني
محمد عيد
أثار مقطع فيديو يظهر فيه عدد من عناصر ميليشيا "هيئة تحرير الشام - النصرة" وهم يتوعدون بقطع رؤوس الجنود الأتراك حالة من الارتباك الشديد لدى قيادة هذه الميليشيا التي سارعت للتبرؤ من فعل عناصرها والتأكيد على الشراكة المستمرة مع أنقرة، فيما لا يظهر هذا المقطع غير عينة بسيطة من حالة السخط والتوجس التي يبديها عناصر الهيئة الارهابيون من إمكانية قيام أنقرة ببيعهم والتفاوض على رؤوسهم عند أول معترك تفاوضي قادم بعدما باتت الهيئة ورقة محروقة وعبئًا ثقيلًا لم يعد بإمكان أنقرة حمله لمدة زمنية طويلة.
اعتذار بالتركية
سارعت ميليشيا "هيئة تحرير الشام - النصرة" لاستدراك حالة الحرج التي وضعها فيها عناصرها. محاولة استدراك قيادة "النصرة" للموقف جاءت عبر توضيح نشرته باللغة التركية شبكة "إباء" التابعة للهيئة يوم الخميس الواقع في السادس عشر من نيسان الحالي وذكرت فيه أن "الادعاءات التي أطلقها المقاتلون من عناصرها باطلة دون التحقق منها وهي أفعال مرفوضة أخلاقيًا ودينيًا".
الهيئة لم تكتف بالتبرؤ اللفظي من تهديد عناصرها بل سارعت للجم ردة الفعل المحتملة لأنقرة من خلال التأكيد على أنها بدأت بالبحث عن الأشخاص الظاهرين في المقطع المصور والمجموعات التابعين لها من أجل التحقيق معهم بغية "معرفة دوافعهم".
فرع "القاعدة" في بلاد الشام سارع إلى وصف الجيش التركي بـ "الشريك في حرب الثورة السورية ضد النظام السوري وحلفائه "وأنهم" حاربوا في خندق واحد مع عناصره باذلين دماءهم دفاعًا عن الأراضي المحررة"، وفق زعمه.
تبرؤ "هيئة تحرير الشام" من تصرفات عناصرها جاء في الوقت الذي تتهم فيه بالوقوف وراء اعتصام جرى على الطريق الدولي حلب - اللاذقية إم فور رفضًا لمرور أي دورية روسية في المنطقة وهو الاعتصام الذي دعت تركيا لفضه على استحياء في بداية الأمر تطبيقًا لاتفاق الخامس من آذار مع روسيا والذي قضى بتسيير دوريات مشتركة بين الجانبين. لكن الهيئة عزت ذلك في حينه إلى "مجاورة مناطق الاحتجاج لمناطق الرباط في المعارك، ولكون الطرقات مفتوحة، الأمر الذي يسمح لأي فصيل أو مجموعة من العناصر والمدنيين أن يدخلوها"، مضيفة أن منع دخول هؤلاء والتحكم بالطريق ووضعه تحت السيطرة أمر صعب للغاية.
الهيئة ختمت بيانها بالتركيز على أن الأشخاص الظاهرين في مقطع الفيديو "استثناءات ويمثلون أنفسهم فقط لا غير، وسيحاسبون على فعلتهم، كما سيحاسب كل من يسيء للثورة السورية وداعميها ويحاول تخريب صورتهم".
المخاوف واحدة والسلوك مختلف
المؤرخ والمحلل السياسي ابراهيم زعرور كشف عن وجود حالة من الانفصام في جسم ميليشيا "هيئة تحرير الشام" تجاه التعاطي مع أنقرة وجيشها المتواجد بشكل غير شرعي على الأراضي السورية.
وفي تصريح لموقع "العهد" الإخباري أكد زعرور أن الشكوك تراود الهيئة بقيادييها وعناصرها حول النوايا التركية تجاههم والرغبة في التخلص منهم حين يكون ثمن ذلك مجزيًا في السياسة سيما وأن "الإرهاب المتمثل في فرع القاعدة في بلاد الشام" يمكن أن ينقلب على داعميه في أية لحظة ما يعزز "الخوف المتبادل" بين الهيئة وأنقرة ويدفع أحدهما للتفكير في الانقلاب على "الشراكة" قبل ان يبادر الآخر لذلك.
زعرور شدد على أن الفيديو المتداول منطقي لجهة أن يبادر عناصر الهيئة دون قيادتهم للتعبير عن حالة السخط والقلق مما يمكن أن تقدم عليه أنقرة، معتبرًا أن تبرؤ القيادة من عناصرها لا يعني أنها لا تشاركهم مخاوفهم من النوايا التركية ولكن "السياسة والبراغماتية" ألزمت قيادة "النصرة" بالإبقاء على شعرة معاوية مع أنقرة ريثما تتكشف الحقائق أكثر ويبنى على الشيء مقتضاه بالنسبة لما يمكن أن تقوم به أنقرة مستقبلا تجاه تطبيق "التزاماتها مع الجانب الروسي والمفاضلة ما بين استمرار الاستثمار في الإرهاب أو مقايضته بمصالح سياسية يمكن أن يكون الجانب الروسي ضامنًا لها مع مراعاته الدائمة لسيادة دمشق على أراضيها".
زعرور رأى أن قيام عناصر من الجيش والشرطة التركية يوم الإثنين الماضي 13 نيسان باقتحام خيام المعتصمين في نقطة اعتصام متقدمة قريبة من قرية الترنبة شرق مدينة إدلب على طريق حلب - اللاذقية إم فور يعكس محاولة انقرة تجنب المزيد من الضغوط الروسية عليها سيما وأن تصرفها هذا جاء متأخرًا بكثير عن الموعد المقترح لضمان تسيير الدوريات المشتركة الذي سار في حدوده الدنيا على خلفية الاعتصام الذي غضت أنقرة النظر عنه بادئ الأمر.
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
22/11/2024