الخليج والعالم
الليبيون أمام فرصة جديدة بعد مصادقة البرلمان على حكومة الوحدة
تونس – روعة قاسم
بعد انتظار طويل، صوّت البرلمان الليبي الأربعاء بالموافقة على حكومة وحدة وطنية يرأسها عبد الحميد الدبيبة في جلسة استثنائية عقدت بمدينة سرت، وذلك استكمالا للمبادرة الأممية التي تقوم على التسوية السياسية لإنهاء النزاع المسلح والمتواصل منذ سنوات.
وتشمل خارطة الطريق كذلك اجراء الانتخابات في هذا العام وهو التحدي الأهم الذي يواجه الليبيين.
خطوة أولى على طريق التسوية
وتعد هذه الحكومة الجديدة هي أحد أهم مخرجات ملتقى الحوار الليبي الذي يضم 75 ممثلا عن كل مدن البلاد وانطلق في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي في سويسرا برعاية الأمم المتحدة. وتتضمن تشكيلة الحكومة الجديدة نائبين لرئيس الوزراء و26 وزيرا وستة وزراء دولة، مع إسناد حقيبتي الخارجية والعدل لامرأتين في سابقة في ليبيا.
وبعد العقبات التي حالت دون عقد البرلمان لجلسة استثنائية لتمرير هذه الحكومة، يأتي هذا التصويت بأكثر من 100 صوت لصالح حكومة دبيبة ليمثل فرصة هامة لليبيين للوحدة والتوافق، على الرغم من أن الطريق ما زال طويلا لاستكمال التسوية الشاملة والتي تضمّ كذلك تسوية ملف المرتزقة وتوحيد مؤسسات وادارات الدولة وغيرها من المعضلات الشائكة.
واللافت أن اختيار سرت لتكون مقرًا لانعقاد هذه الجلسة لم يأتِ بالصدفة بالنظر الى كون هذه المدينة الساحلية تقع في المنتصف بين طرابلس مقر حكومة الغرب، وإقليم برقة مقر سلطة الشرق الليبي.
ما مصير المرتزقة؟
ولعل السؤال الأهم هو ما مصير المرتزقة؟ وهل سيقبل من أتى بهم من الخارج ومن بؤر التوتر بالانسحاب بكل بساطة دون تنازلات وصفقات سياسية؟
رئيس الوزراء الليبي المكلف عبد الحميد الدبيبة كان واضحا في تصريحه ودعوته الى رحيل هؤلاء المقاتلين الأجانب من ليبيا مناشدا النواب العمل على وضع حد لحرب طاحنة تعصف بالبلد الواقع في شمال إفريقيا، وذلك في كلمة له أمام البرلمان، موضحا أن هؤلاء المرتزقة خنجر في ظهر ليبيا، ولا بد من العمل على إخراجهم ومغادرتهم، وأشار الى أنه سيتواصل مع الأمم المتحدة والدول التي أرسلت المرتزقة للمطالبة برحيلهم.
ويرى المراقبون أن نجاح التسوية السياسية يرتبط بالأساس بمغادرة هؤلاء الأرض الليبية، اذ لا يمكن ضمان إجراء انتخابات نزيهة وشفافة في ظل سطوة هؤلاء المرتزقة والميليشيات المتقاتلة.
والمعلوم أن ليبيا المنقسمة بين قوات المشير خليفة حفتر وداعميه الخارجيين وفي مقدمتهم مصر والامارات وبين الغرب الليبي المدعوم من تركيا وحلفائها، غرقت في مستنقع العنف المسلح بعد لجوء كل من فريقي الصراع الى الاستنجاد بالخارج لدعم وتقوية مواقعهم ونفوذهم في الداخل، فكانت النتيجة هي تعريض البلاد للنهب والسرقة والتدمير ولكل أشكال الأطماع الخارجية بما فيها الأطماع التركية التي وجدت في المشهد الليبي فرصة سانحة لإعادة أوهام الإمبراطورية العثمانية بالسيطرة والنفوذ وافتكاك الأراضي وسلبها.
لقد كانت أهم بنود التسوية الأممية وكذلك اتفاق وقف اطلاق النار الدائم هو رحيل القوات الأجنبية والمرتزقة في مهلة تسعين يوما ولكن انتهت هذه المهملة ولم يرحل أي مقاتل من ليبيا. وقبل أسبوع وصل نحو 10 مراقبين دوليين إلى طرابلس للإشراف على وقف إطلاق النار المطبق في ليبيا منذ أشهر والتحقق من مغادرة المرتزقة والجنود الأجانب المنتشرين في البلاد.
وبحسب تقارير أممية، فإنه يوجد في بلاد عمر المختار حوالي 20 ألف عنصر من "القوات الأجنبية والمرتزقة" في ليبيا.
كما أشارت التقارير إلى وجود عشر قواعد عسكرية في ليبيا، تشغلها بشكل جزئي أو كلي قوات أجنبية ومرتزقة.
ويعدّ نيل حكومة الدبيبة الثقة خطوة أولى هامة على طريق حل معضلات عديدة تواجه الليبيين في مقدمتها التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية والخدماتية وغيرها.
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
22/11/2024