الخليج والعالم
كيف دفع الملك الأردني ثمن مواقفه الداعمة للقدس؟
دفع الملك الأردني عبد الله الثاني ثمن مواقفه تجاه الملف الفلسطيني عموما والاحتلال الإسرائيلي لمدينة القدس خصوصا، فبعد ان رفض الضغوط المطالبة بتقديم التنازلات شهدت الأدرن أحداثا هددت استقرار النظام وحرضت على الفتنة قادتها كل من الولايات المتحدة وكيان العدو والسعودية.
وفي هذا السياق، ذكر الكاتب ديفيد اغناطيوس في مقالة نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" أن "مشاكل الملك عبد الله كُشفت للعيان في أوائل شهر نيسان/أبريل الماضي عندما اعتقلت قوات الأمن الأردنية 3 شخصياتٍ بارزةٍ خططت لتقويض النظام الأردني، وهم ولي العهد السابق حمزة والشريف حسن بن زيد والوزير السابق بسام عوض الله".
وأشار الكاتب إلى أنَّه "اطلع على تقريرٍ استقصائيٍ أردني من خلال مسؤولٍ استخباراتيٍ غربي سابق، جاء فيه أنَّ ما قام به المخططون لا يصل إلى حد الانقلاب بالمعنى القانوني والسياسي، إلا أنَّه جرت محاولة تهديد استقرار الأردن والتحريض على الفتنة"، مشيرا إلى أن "أيَّ تهمٍ لم توجَّه إلى حمزة وهو موجود مع عائلته وفي منزله تحت رعاية الملك عبد الله"، ولفت إلى أن "التقرير أكد أنَّ حمزة لم يتقبل أبدًا إزاحته من منصب ولي العهد خلال العام 2004 وحاول أن يقدِّم نفسه على أنَّه البديل عن عبد الله".
وأضاف أنَّ "التقرير الاستقصائي ذكر أن عوض الله كان يعمل على الترويج لـ"صفقة القرن" وتقويض الموقف الأردني حيال فلسطين والوصاية الهاشمية للأماكن الإسلامية والمسيحية المقدسة في القدس المحتلة".
ونقل اغناطيوس عن مصادر أميركية وبريطانية وسعودية وصهيوني وأردنية قولها إنَّ "الملك عبد الله تعرَّض لضغوطٍ حقيقيةٍ ازدادت وتيرتها منذ بدء الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مساعيه لاتمام ما يعرف بـ "صفقة القرن"، موضحا أن "عراب الصفقة وصهر ترامب جاريد كوشنير أقام علاقاتٍ وطيدة مع كلٍّ من رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لكنه تبنى موقفًا عدائيًا حيال الملك الأردني".
كما نُقل عن مسؤولٍ رفيع سابق في وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية الـ "CIA" قوله إن "ترامب اعتبر في تلك الفترة أن عبد الله يشكل عقبةً "لعملية السلام".
ورأى الكاتب أنَّ "ترامب وكوشنير أرادا بشدة إبرام "اتفاقية سلام" بين "تل أبيب" والرياض، وحاولا الضغط على الأردن بغية تحقيق هذا الهدف"، لافتا إلى أنَّ "الوضع تغير اليوم بعد أن غادر ترامب البيت الأبيض، فيما يتجه نتنياهو نحو الخروج من السلطة أيضًا".
وبحسب الكاتب، "بعد تسلم الرئيس الأميركي جو بايدن السلطة بات يُنظر إلى الأدرن من جديد على أنَّه حليف وطيد لواشنطن، إذ سيزور الملك الأدرني البيت الأبيض الصيف القادم ليكون أول زعيم عربي يلتقي شخصيًا مع بايدن، فيما لا يزال ابن سلمان ينتظر اتصالاً أو دعوة منه".
ونقل الكاتب عن مصدرٍ أميركيٍ مطلع أنَّ "عبد الله شعر خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة أنَّ ترامب ونتنياهو وابن سلمان يحاولون إزاحته من دور الوصي على المسجد الأقصى"، مشيرا إلى أنَّ "كوشنير واصل مساعيه لتطبيع العلاقات بين "إسرائيل" والسعودية حتى آخر أيام ترامب في البيت الأبيض".
وأضاف الكاتب أن "الأردن كانت قد جمعت وقتها عددًا من الرسائل التي جرى اعتراضها، التي تفيد أنَّ هناك تحريضًا على النظام السياسي وممارسات من شأنها أن تخلق الفتنة"، وذلك بحسب ما ورد في التقرير الاستقصائي الأردني.
واعتبر أنَّ "مكانة الملك عبد الله كأفضل صديق للولايات المتحدة في العالم العربي بدأت تتغير مع صعود ابن سلمان في أعقاب تولي والده سلمان بن عبد العزيز الحكم عام 2015"، مضيفًا أنَّ "نجم ابن سلمان صعد في واشنطن على ضوء خطته التي سميت "رؤية عام 2030" والخطوات التي اتخذها على صعيد تحجيم دور المؤسسة الدينية".
وأشار إلى أنَّ ما أسماه "نجم ابن سلمان صعد أكثر حتى عندما أصبح ترامب رئيسًا للولايات المتحدة عام 2017، حيث زار الرياض في أول رحلة خارجية له كرئيس".
وقال: "في العام 2018، بدا الملك عبد الله متخوفا من أنَّ صعود نجم ابن سلمان يأتي على حساب بلاده"، موضحًا أنَّ "مسؤولين أردنيين كباراً عبَّروا عن مخاوفهم من استبدال الأردن بالسعودية بسبب علاقات ترامب الوطيدة مع ابن سلمان والسعودية، ورغبته بتسوية "المشكلة الإسرائيلية الفلسطينية" رغم هواجس عمان".
وكشف أنَّ "الملك عبد الله وجَّه انتقاداتٍ علنية شديدة اللهجة لخطة كوشنير التي نصت على موافقة الفلسطينيين على السيادة المحدودة، وتقديم صيغة مختلفة حول موضوع القدس مقابل الحصول على دعم مالي".
وأضاف أنَّ "الملك عبد الله أكد في تصريحات أدلى بها في 21 آذار/مارس عام 2019، أنَّه لن يغيِّر موقفه حيال موضوع القدس وأنَّ هناك ضغوطًا خارجيةً تُمارس عليه في هذا السياق، وشدد على عدم تخليه عن القدس"، مضيفا أن "كوشنير كان يأمل في أن يؤدي الدعم السعودي والعربي لخطته إلى تخطي المعارضة الأردنية والفلسطينية".
وأوضح الكاتب أنَّ أجهزة الأمن الأردنية بدأت تحقق في تهديدات محتملة للنظام الأردني بينما تزايدت الضغوط على الملك عبد الله في الداخل والخارج"، مشيرًا إلى أنَّ "إسراع الولايات المتحدة ودول غربية أخرى إلى تأكيد دعمها للنظام الأردني بعد صدور التقارير حول الخطة المزعومة في شهر نيسان/ابريل الماضي، يُفيد أنَّ هذه الدول أخذت مخاوف الملك عبد الله على محمل الجد".
وذكر أنَّه "جاء في التقرير الاستقصائي الأردني أنَّ التحقيقات بدأت قبل عامَيْن حيث أفادت المعلومات الاستخباراتية أنَّ الشريف حسن بن زيد التقى في منتصف العام 2019 مسؤولَيْن اثنَيْن من سفارة أجنبية لمعرفة موقف بلدهما حيال دعم الأمير حمزة كبديل عن الملك عبد الله، وأن الشريف حسين استمر بالتواصل مع السفارة المذكورة بعد ذلك"، ونقل عن المسؤول الاستخباراتي الغربي السابق الذي اطلع من خلاله على التقرير الاستقصائي ترجيحه أن "السفارة التي تواصل معها الشريف حسين هي السفارة الأميركية".
وتابع أنَّ "التقرير الاستقصائي الأردني يشرح كيف تواصل عددٌ من الشخصيات العشائرية مع أجهزة الأمن لإبلاغها بمحاولة حمزة كسب دعمهم، ويشير إلى أن الأجهزة الأمنية حصلت فيما بعد على معلومات كشفت عن اتصالات مكثفة بين حمزة والشريف حسن وعوض الله".
كما نقل الكاتب عن المسؤول الغربي الاستخباراتي السابق قوله إنَّ "عوض الله أبلغ ضابطا استخباراتيا أميركيا سابقا بانزعاج ابن سلمان من استخدام عبد الله لموضوع المسجد الأقصى من أجل الحفاظ على دوره في المنطقة، مضيفا أنَّ "ابن سلمان أبدى انزعاجه لأنه لا يستطيع إبرام صفقة كونه لا يستطيع التعامل مع رد فعل الفلسطينيين في حال استمر عبد الله على ثبات موقفه حيال القدس".
القدس المحتلةصفقة القرنمحمد بن سلمانالملك عبد الله الثانيالاردن
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
23/11/2024