الخليج والعالم
نتائج الانتخابات الألمانية.. هذه دلالاتها
قالت الباحثة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أولريكه فرانك في مقالة نُشرت بمجلة "Politico" إن نتائج الانتخابات الألمانية تعطي مؤشرات هامة حول السياسة الخارجية المستقبلية التي ستنتهجها ألمانيا، حيث رجحت أن تشهد العلاقات بين برلين وحلف الناتو بعض التوتر، مضيفةً إنه قد يجري تكثيف التعاون حول "التحديات الجديدة مثل الصين".
وتابعت الكاتبة أن التشكيلة المتوقعة للائتلاف الذي سيحكم ألمانيا قد يخيب آمال المعسكر الأميركي الداعم للتحالف الأطلسي "التقليدي"، الا أنها قد تكون "نبأ سارًا" للجهات التي تريد تحالف أطلسي "جديدًا" يركز على مواجهة الصين.
وأشارت إلى أن حزبي الخضر والديمقراطيين الأحرار سيكونان جزءًا من الائتلاف الحاكم بعد ادائهما القوي في الانتخابات، معتبرة أن كلا الحزبين يتبنيان موقفا أكثر تشددًا حيال الصين، لافتةً إلى أن الائتلاف الحاكم في ألمانيا كان يتكون خلال عهد انجيلا ميركل من الحزب المسيحي الديمقراطي (حزب ميركل) والحزب الاشتراكي الديمقراطي، وكان البلد أكثر ترددًا في تبني موقف متشدد حيال بيكن.
وبناء عليه، توقعت الكاتبة نقاشًا "أكثر حيوية" في ألمانيا حول تبني موقف أكثر تشددًا حيال الصين خلال حقبة ما بعد ميركل.
كذلك رجحت الكاتبة أن يكون الائتلاف الحاكم المقبل في ألمانيا مكونًا من ثلاثة أحزاب، مشيرة إلى أن ألمانيا لم تشهد هكذا سيناريو سياسي منذ حقبة الخمسينيات. وبينما قالت إنه ليس واضحًا أية جهة سترأس الحكومة المقبلة، توقّعت أن تكون تحت قيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي (الفائز بالانتخابات)، اذ سيكون حزبا الخضر والديمقراطيين الاحرار شركاءه في الحكومة.
كما لفتت الكاتبة إلى أن موقف الحزب الاشتراكي الديمقراطي فيما يخص المساهمة في الانفاق الدفاعي لحلف الناتو ليس مؤيدًا كما الحزب المسيحي الديمقراطي، وحزب الخضر في المقابل يرفض رفضًا مطلقًا مبدأ تخصيص ألمانيا نسبة ٢٪ من ناتجها المحلي الإجمالي للمساهمة في الإنفاق الدفاعي لحلف الناتو.
وأشارت الكاتبة إلى أن الائتلاف المكوّن من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر وحزب الديمقراطيين الاحرار سيكون أكثر تحفظًا حيال الاتفاقيات المبرمة بين الولايات المتحدة وألمانيا في المجال النووي، وإلى أن الحكومة الألمانية المستقبلية ستكون امام قرار محوري يتعلق باستبدال الطائرات المقاتلة من طراز "Tornado" التي تستطيع حمل قنابل نووية أميركية والتي تشكل ضمانة لانخراط ألمانيا في برنامج "المشاركة النووية" لدى حلف الناتو.
وقالت الكاتبة إن الولايات المتحدة تضغط على ألمانيا من أجل استبدال هذه الطائرات، مضيفة إن عدم استجابة برلين لهذه الضغوط سيشكل صفعة قوية "للتركيبة الأطلسية التقليدية". ولفتت في الوقت نفسه إلى أن الشارع الألماني غير مؤيد ابدًا للأسلحة النووية، ومن أن عدم استبدال هذه الطائرات قد يخرج المانيا من برنامج "المشاركة النووية" الذي سيؤثر بدوره على المظلة النووية عمومًا لحلف الناتو، مضيفة أن هذه المظلة تشكل العمود الفقري للحلف الأطلسي.
أما فيما يخص السياسة المتبعة حيال الصين، فقد توقعت الكاتبة أن يكون الائتلاف المستقبلي أكثر تشددًا حيال بيكن، معتبرةً أن التعاون الوثيق مع الولايات المتحدة ضد الصين لن يكون سهلًا للحكومة الألمانية المستقبلية بغض النظر عن مكوناتها.
وأشارت هنا إلى أن نسبة ١٨٪ من الشعب الألماني فقط يرى أن بلده طرف في المواجهة الحاصلة بين واشنطن وبيكن. كما أشارت إلى استطلاع أجري في عام ٢٠١٩ كشف أن غالبية ساحقة من الألمان (الذين شملهم الاستطلاع) تفضل تبني موقف الحياد بدلًا من الوقوف مع الولايات المتحدة في حال اندلاع النزاع بينها وبين الصين.
وفي الختام، قالت الكاتبة إن على إدارة بايدن أن ترحب بحكومة ألمانية جديدة تكون أكثر تحفظًا حيال الصين، لكنها توقعت في الوقت نفسه نقاشات صعبة حول ما اذا كانت ألمانيا ستبقى تلعب دورًا بارزًا في التركيبة الدفاعية لحلف الناتو وأيضًا حول شكل "المقاربة الأميركية الألمانية المشتركة حيال الصين".
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
27/11/2024