الخليج والعالم
سوريا الى الحضن الدولي مجدّدًا
أكد الكاتب الأميركي تشارلز ليستر في مقالة نُشرت بمجلة "Foreign Policy" أن الرئيس السوري بشار الأسد بات في وضع أفضل من أي وقت مضى منذ عام 2011.
وقال الكاتب – وهو معروف بعدائه للقيادة السورية – إن المجتمع الدولي لا يحرك ساكنًا من أجل تسوية النزاع في سوريا، ولا يحقق أيّ شكل من أشكال العدالة أو المحاسبة، بحسب تعبيره، مضيفًا إن العالم على ما يبدو بدأ يقبل شيئًا فشيئًا بعودة الرئيس السوري إلى الحضن الدولي وبالتالي يساعد على "تطبيع المجازر التي ارتكبها نظامه"، على حد قوله.
وأشار الكاتب إلى أن الانتربول أعاد ضم سوريا إلى شبكاته في أوائل شهر تشرين الأول/أكتوبر الجاري وذلك قد يمكن القيادة السورية من اصدار مذكرات اعتقال دولية لأول مرة منذ عام 2011، واصفًا ذلك بالخطوة غير العادية. ولفت إلى قرار منظمة الصحة العالمية في شهر أيار/مايو الماضي منح سوريا مقعدًا في المجلس التنفيذي التابع للمنظمة.
وتابع الكاتب أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن شبه غائبة عن الملف السوري و"تركت الباب مفتوحًا" لدول أخرى كي تقوم بتوطيد العلاقات مع القيادة السورية. كما نقل عن مسؤول أميركي اعترافه أن إدارة بايدن لن تتدخل من اجل منع حلفاء واشنطن من إعادة الانخراط وتطبيع العلاقات مع دمشق.
وأضاف الكاتب أن سياسة إدارة بايدن حيال سوريا لا تتضمن عناصر تذكر، سوى ضمان ادخال المساعدات الإنسانية ومواجهة تنظيم داعش، لافتًا في الوقت نفسه إلى أن هذه الإدارة لم تقم حتى الآن بتعيين موفد خاص لملف سوريا رغم الضغوط المطالبة بذلك من الكونغرس.
ومن ثم تطرق الكاتب إلى زيارة الملك الأردني عبد الله الثاني إلى واشنطن في شهر تموز/يوليو الماضي، وأشار إلى أنه حمل معه طرحًا حول ملف سوريا. وتابع أن عبد الله طرح آلية لبناء الثقة المتبادلة مع القيادة السورية وانشاء لجنة عمل تتكون من دول المنطقة وأوروبا والولايات المتحدة، على أن تحدد هذه اللجنة النهج "الأكثر فاعلية".
واعتبر الكاتب أنه حصلت تحولات دراماتيكية في الأسابيع التي تلت زيارة عبد الله إلى واشنطن، مشيرًا إلى الاتفاق الذي جرى التوصل اليه من اجل نقل الغار من مصر إلى لبنان عبر الأراضي الأردنية والسورية.
كما لفت الكاتب إلى أن عددًا من الوزراء في الحكومة السورية زاروا الأردن بعد اعلان اتفاق نقل الغاز، وأشار إلى المكالمة الهاتفية بين عبد الله والأسد بتاريخ الثالث من الشهر الجاري، قائلًا إنه جرى البحث في "سبل التعاون" خلال هذه المكالمة.
كذلك أشار الكاتب إلى أن وزير الخارجية السوري فيصل المقداد استقبل وزراء من سبع دول في الشرق الأوسط خلال وجوده في نيويورك للمشاركة في جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال إن إدارة بايدن لم تستفد من قانون قيصر منذ أن جاء الأخير إلى البيت الأبيض، معتبرًا أن الاستراتيجية الأميركية الحالية حيال منطقة الشرق الأوسط عمومًا قائمة على السماح لدول المنطقة بمعالجة المشاكل دون تدخل أميركي يذكر.
كما نقل الكاتب عن مصادر مطلعة أن إدارة الحكم الذاتي التابع لقوات سوريا الديمقراطية قد تدخل حالة الإفلاس المالي في غضون عام، معتبرًا أن ذلك قد يدفع بقوات سوريا الديمقراطية إلى ابرام صفقة مع القيادة السورية.
أول مكالمة بين عبد الله والأسد
وفي السياق نفسه، لفت الكاتب الأميركي إيلي لاك في مقالة نُشرت على موقع "Bloomberg" إلى المكالمة الهاتفية بين عبد الله والأسد، لافتًا إلى أنها الخطوة الأولى من نوعها منذ أكثر من عشر سنوات.
وقال الكاتب -وهو مصنّف من معسكر المحافظين الجدد ومعروف بدعمه لكيان العدو- إن المكالمة بين الأسد وعبد الله تأتي في سياق المساعي العربية لإعادة إقامة العلاقات مع دمشق. وأضاف إن هذه المساعي تكثفت منذ وصل بايدن إلى البيت الأبيض، مشيرًا إلى لقاء وزيري خارجية سوريا ومصر على هامش جلسات الجمعية العامة في نيويورك، وإلى لقاء وزير التجارة السوري مع نظيره الاماراتي من اجل بحث تعزيز العلاقات الاقتصادية.
واعتبر الكاتب أن هذه التطورات تشكل نكسة للمصالح الأميركية، اذ قال إن هدف السياسة الأميركية منذ الولاية الثانية للرئيس الأسبق باراك أوباما هو منع الأسد من تحقيق "نصر كامل"، مضيفًا إن ذلك ما دفع أوباما ودونالد ترامب إلى دعم فرض العقوبات على نظام الأسد ودعم عملية وساطة اممية من اجل انشاء "قيادة مؤقتة" في سوريا. وأردف أن الاعتراف الدبلوماسي بحكومة سوريا كان مرهونًا بنتائج هذه العملية. ولكن الكاتب أشار إلى أنه لم توجه أي انتقادات علنية لعبد الله من أي مسؤول أميركي بعد مكالمته الهاتفية مع الأسد.
كما كشف نقلًا عن مصادر أن أيّ مسؤول أميركي لم يحذر حلفاء واشنطن العرب من أن توطيد العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع دمشق يتعارض وقانون قيصر.
ولاحظ الكاتب أن الولايات المتحدة تحت قيادة بايدن لم تدرج أي اسم جديد على لائحة الشخصيات السورية المدرجة أسماؤهم ضمن قانون قيصر.
كذلك تابع الكاتب أن تطبيع العلاقات مع الأسد يبدو أمرًا سهلًا لعبد الله، وقال إن "انفتاحه" على الرئيس السوري لم يكلفه شيئًا على صعيد علاقاته مع اهم حلفائه (أي الولايات المتحدة). وأشار إلى ما قاله عبد الله في مقابلة مع شبكة "CNN" عن أن "النظام (في سوريا) باق"، معتبرًا أن بايدن على ما يبدو يوافق على هذا الكلام وإن كان الدبلوماسيون في إدارته لا يقولون ذلك.
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
27/11/2024