الخليج والعالم
الجولاني يتسول القبول الغربي عبر بوابة الموحدين الدروز في جبل السماق
دمشق - علي حسن
لا يكف الإرهابي ابو محمد الجولاني وتنظيمه اللذين ارتبط اسماهما بمئات المجازر المروعة والمرتكبة بحق السوريين عن محاولة تعويم نفسه ليصبح مقبولا في أية تسوية قادمه، فبعد ارتداء الكرافيت والثياب الاجنبية وارتياد المقاهي والاسواق واجراء المقابلات مع الصحفيين الامريكيين فضلا عن تغيير اسم التنظيم الارهابي عدة مرات، وهو الذي كان يبايع تنظيم "القاعدة"، قرر الجولاني أن يثبت اعتداله هذه المرة عن طريق زيارة القرى الدرزية في مناطق سيطرته في جبل سماق وهي نفس القرى التي ارتكب فيها تنظيمه مجزرة مروعة بحق ابنائها راح ضحيتها عشرات المدنيين الأبرياء فضلا عن اجبار بقية السكان على تغيير معتقداتهم الدينية تحت تهديد قتلهم واقتلاعهم من قراهم وبلداتهم التي عاشوا فيها منذ مئات السنين.
ونشرت مؤسسة "أمجاد" الإعلامية التابعة لتنظيم الجولاني تسجيلاً مصورًا يظهر جزءًا من اجتماع بينه وبين وجهاء جبل السماق.
وخلال الزيارة، توسّط الجولاني عددًا من وجهاء المنطقة بالقرب من موقع البئر الذي جرى افتتاحه، والذي كان المناسبة المعلنة لهذه الزيارة وزعم الجولاني أن هذه البئر هي مقدمة لخدمات أوسع ستشمل قطاعات أخرى خلال المرحلة القادمة"، وطلب الجولاني من الوجهاء أن يعيدوا المبالغ المالية التي جمعوها لتأمين مياه الشرب، معلنا ان تنظيمه سيتكفل بمصاريف حفر البئر والمصاريف التشغيلية.
الجولاني وفي معرض رده على احد الوجهاء الذين طلبوا ان لا يستمر التعامل معهم كفئة ادنى نتيجة اختلافهم الطائفي، تجاهل اجبار سكان تلك المناطق على دخول الاسلام من منظوره المتطرف قائلا: " لا إكراه في الدين نحن لن نجبر أحدًا على الدخول في الإسلام".
وخلال اللقاء، حاول الجولاني الاعتذار بشكل غير مباشر عن المجزرة التي وقعت في واحدة من قرى المنطقة قبل سنوات على يد أحد قادته، وحاول أيضا التنصل من المسؤولية.
وقال: "الشيء القديم الذي حصل، نحن غير مسؤولين عنه، والشخص الذي ارتكب الجريمة تعرفون ماذا حصل له، نحن بريئون منه"، زاعمًا ان "هذه الثورة لم تقم على خلاف بين الطوائف والأديان، بل قامت لرد الظلم، نحن مشكلتنا مع النظام فقط".
وفي تعليقه على زيارة الجولاني لتلك القرى اكد المحلل السياسي عيسى عيسى لموقع العهد الإخباري ان هذه الزيارة لا تعدو كونها محاولة فاشلة جديدة من قبل زعيم التنظيم الارهابي لتلميع صورته التي لا يمكن ان تتحسن لا سيما وان هذا التنظيم الذي اوفد من قبل تنظيم القاعدة من العراق الى سورية وبالمجازر التي ارتكبها والفكر الظلامي الذي يعتنقه عناصره وكوادره لا يخدع احدا ولا يمكن ان يكون موثوقا من قبل السوريين مهما حاول قادته ومشغلوه تغيير هذه الصورة.
ميزان الخسارة اثقل من الربح في خطوة الجولاني
وفي السؤال عن النتائج المترتبه على السعي المتواصل من قبل الجولاني لتلميع الصورة اعتبر عيسى ان الجولاني بمثل هذه الخطوات يقامر بخسارة البنية الاساسية لتنظيمه التكفيري القائمة على الكراهية وقتل الآخر عدا عن انها لن تقنع السوريين والمجتمع الدولي بصدقها وان هذه الزيارة اثارت ردود فعل عنيفة جدا في اوساط تنظيمه عبر منصات التواصل الاجتماعي الذين سخروا من الزيارة واهدافها واعتبروها خروجا عن المنهج الاصيل لفكرهم حسب زعمهم. ولم تكن التعليقات الغاضبة حكرا على الانصار فقط بل تعدت ذلك الى قياديين بارزين ورجال دين متطرفين محسوبين على التنظيم من امثال ابو العلاء الشامي الذي اعتبر الخطوة تسولا رخيصا من الجولاني امام الغرب للاعتراف به.
المحلل السياسي عيسى عيسى أشار إلى ان كل تصرفات التنظيم الارهابي تدل على تخبطه وقرب نهايته المحتومة.
وتتوسط المنطقة التي زارها الجولاني في جبل السماق ريف إدلب الشمالي الغربي، ويبلغ عدد قرى الموحدين الدروز في المنطقة 18 قرية، أما عدد السكان الأصليين فيصل إلى 20 ألف نسمة موزعين على قرى كفتين وبيرة كفتين ومعارة الإخوان وكفر بني وعرشين وبنابل وقلب لوزة وبشندلنت وبشندلايا وتلتيتا وكفر مارس وحلة والدوير وعلاتا وعَبريتا وجَدعين وكوكو وكفركيلا، وقد غادر قسم كبير منهم المنطقة إلى مناطق سيطرة الدولة السورية.
وبعد توسع سيطرة تحرير الشام في إدلب في العام 2014 أعطى عدد من قادتها مهلة عام كامل للموحدين الدروز في ادلب "للدخول في الإسلام " وإلا سيتم إخراجهم من ديارهم بعدها. وعينت الهيئة في ذلك الوقت أبو عبد الرحمن التونسي الملقب بـ"سفينة التونسي"، أميراً على المنطقة، وأجبر عدداً من أهالي المنطقة على "إعلان إسلامهم" وأن يتعهدوا بفتح المساجد وإقامة الشعائر وتعليمها لأبنائهم".
وفي حزيران/يونيو 2015، ارتكب أبو عبد الرحمن التونسي ومجموعته مجزرة مروعة راح ضحيتها أكثر من 20 مدنياً في قرية قلب لوزة بسبب خلاف بين أبناء البلدة وعناصر تحرير الشام على أحد الحواجز وسط البلدة.
وقتلت "تحرير الشام" سفينة التونسي الذي كان برفقة أبو دجانة الليبي في بلدة كفر دريان بريف إدلب الشمالي، منتصف شهر نيسان/ابريل 2021، وذلك عندما كانت تلاحق مجموعة متهمة بقتل فايز الخليف، "وزير التعليم العالي" في حكومة الانقاذ التابعة للفصيل الإرهابي.
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
22/11/2024