الخليج والعالم
ردّ حازم من الصين على الولايات المتحدة وتايوان
تسعى الولايات المتحدة الأميركية بكل الوسائل للحفاظ على ما تبقّى من "هيبتها" العالمية وأحاديتها القطبية التي حازت عليها بعد الحرب العالمية الثانية.
ونتيجة لسياساتها المغلوطة والتي انعكست على أوضاعها الداخلية، تحاول اليوم التعويض عن فشلها باللجوء إلى سياسات التخريب بين الدول لتتنازع فيما بينها. والشواهد كثيرة على ذلك آخرها دعمها أوكرانيا ضد روسيا، وزيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان -وهي ثالث أرفع شخصية سياسية في الولايات المتحدة الأميركية بعد الرئيس ونائبه- بهدف إظهار الصين بموقع الضعيف أمام المجتمع الدولي.
وبعد جولة سريعة، غادرت بيلوسي تايوان، في ختام زيارة أثارت الكثير من الجدل والتوتر مع الصين، إذ اعتبرتها بكين تنتهك سيادتها، وأعلنت تنفيذ مناورات عسكرية في محيط الجزيرة رداً على تلك الزيارة.
بالموازاة، أعلن الجيش الصيني عن انتهاء جولات عدة من إطلاق النيران على المياه في الساحل الشرقي لتايوان، وذلك في إطار أهم مناورات عسكرية في تاريخه حول تايوان ردا على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي للجزيرة التي تعتبرها بكين جزءا لا يتجزأ من أراضيها.
وشملت التدريبات تنفيذ ضربات وصفها الجيش الصيني بالدقيقة وذلك في مساحات واسعة قرب مضيق تايوان.
وقال متحدث باسم قيادة منطقة العمليات الشرقية في بيان إنه تم رفع الضوابط ذات الصلة على المجالين البحري والجوي بعد اكتمال عمليات الإطلاق.
وأوضحت وزارة الخارجية الصينية أن المناورات العسكرية قرب مضيق تايوان جاءت ردا "على القوات الانفصالية التايوانية والتدخل الخارجي".
ردًا على زيارة بيلوسي لتايوان.. الصين تتحرك
من جهته، وصف وزير الخارجية الصيني وانغ يي زيارة بيلوسي لتايوان بأنها "عمل مجنون وغير مسؤول وغير عقلاني للغاية" من جانب الولايات المتحدة.
وفي تصريح على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة الآسيان في كمبوديا، قال وانغ إن "الصين بذلت أقصى جهد دبلوماسي لتفادي الأزمة، لكنها لن تسمح أبدًا بإلحاق الأذى بمصالحها الأساسية"، معلنًا أن "التدابير الصينية الحالية والمستقبلية هي تدابير دفاعية مضادة وضرورية".
وأفاد بأنه "تم النظر في هذه التدابير وتقييمها بعناية"، مؤكدًا أنها "تهدف إلى حماية السيادة والأمن الوطنيين، بما يتماشى مع القانون الدولي والمحلي".
من جهتها، اعتبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشون يينغ أن الاجراءات المضادة التي ستتخذها بلادها ضد زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي لتايوان ستكون حازمة وقوية وفعالة.
وصرّحت تشون يينغ في مؤتمر صحفي يومي ردًا على الاستفسارات ذات الصلة، بأن الصين ستتخذ جميع الاجراءات اللازمة لحماية سيادتها ووحدة أراضيها، وقالت إن الجانب الأميركي والقوى الانفصالية الساعية لما يسمى "استقلال تايوان" سيتحملون جميع النتائج المترتبة على هذه الزيارة.
وأشارت المتحدثة إلى حوادث وقعت في الماضي، مؤكدة أن كل استفزاز تقوم به الولايات المتحدة ضد الصين يسفر في النهاية عن إحراج الولايات المتحدة ذاتها.
وقالت هوا إن أحدث مثال على ذلك هو أن بيلوسي وآخرين حرضوا على العنف في هونغ كونغ ودعوا إلى ما يسمى "المشاهد الجميلة".
وتعليقًا على محاولة المسؤولين الأميركيين تبرير زيارة بيلوسي إلى تايوان، أشارت هوا إلى أن هؤلاء المسؤولين يبذلون قصارى جهدهم لتقديم الأعذار وإطلاق الاتهامات، وهذا يعكس الافتقار إلى المصداقية والمعرفة بالتاريخ والتأمل الذاتي من جانب حكومة الولايات المتحدة.
وقالت هوا إن التاريخ شهد بأن قضية تايوان كانت ذات يوم أكبر عقبة أمام تطبيع العلاقات بين الصين والولايات المتحدة، مشيرة إلى أن هذا يرجع إلى أن الصين تلتزم بشدة بمبدأ صين واحدة ولا تقدم أي تنازلات أو حلول وسطية بشأن مسألة تايوان.
وقالت إنه في عام 1971، أكدت الولايات المتحدة للصين المبادئ الجديدة التي ستتبعها فيما يتعلق بقضية تايوان. وتشمل هذه المبادئ: الولايات المتحدة تعترف بوجود صين واحدة في العالم وبأن تايوان جزء من الصين، ولن تكرر الولايات المتحدة العبارة القائلة بأن وضع تايوان غير محدد، والولايات المتحدة لم تدعم ولن تدعم الحركات الساعية إلى ما يسمى "استقلال تايوان".
وقالت هوا إن الجانب الأميركي أعلن صراحة في بيان شانغهاي الصادر في عام 1972 أن "الولايات المتحدة تعترف بأن جميع الصينيين على جانبي مضيق تايوان يؤكدون أن هناك صين واحدة وأن تايوان جزء من الصين. ولا تتحدى حكومة الولايات المتحدة هذا الموقف". وأشارت هوا إلى أن تلك الالتزامات المذكورة سابقًا التي قدمها الجانب الأميركي هي التي أطلقت عملية تطبيع العلاقات بين الصين والولايات المتحدة.
كما أشارت إلى البيان المشترك حول إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة الأميركية وجمهورية الصين الشعبية، الصادر في عام 1978، وبيان 17 آب/اغسطس المشترك عام 1982، ما يدل على أن الالتزامات التي تعهد بها الجانب الأميركي واضحة وموقعة في وثائق.
ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، دأب الجانب الأميركي على تشويه وإخفاء وتفريغ مبدأ صين واحدة من مضمونه. كما أنه يسعى بوقاحة إلى الارتقاء بالعلاقات بين الولايات المتحدة وتايوان، ويشجع الأنشطة الانفصالية الساعية لما يسمى "استقلال تايوان"، كما أوضحت هوا.
وأشارت إلى أنه كان من المفترض أن تكبح الحكومة الأميركية محاولة زيارة تايوان من قبل ثالث أعلى مسؤول في الحكومة الأميركية. ومع ذلك، فقد تواطأت حكومة الولايات المتحدة في هذا الاستفزاز. هذا هو السبب الجذري والحقيقة وراء التوترات في مضيق تايوان.
وأوضحت أنه خلال الأيام القليلة الماضية، أعرب العديد من القادة حول العالم وأشخاص من مختلف مناحي الحياة عن معارضتهم لهذه الزيارة. وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة منذ قليل إن الأمم المتحدة ستواصل الالتزام بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2758 والتمسك بمبدأ صين واحدة، ما يظهر أن الانحياز للعدالة هو الموقف السائد بين الناس.
وقالت المتحدثة إن موقف الصين حكومة وشعبًا من قضية تايوان ثابت، وإن حماية سيادة الصين وسلامة أراضيها بحزم هي الإرادة الراسخة لأكثر من 1.4 مليار صيني، ولا يجوز لأي دولة أو قوة أو فرد أن يسيء تقدير ما لدى الصين حكومة وشعبًا من التصميم الراسخ والإرادة القوية والقدرة العظيمة للدفاع عن سيادة الدولة وسلامة أراضيها وتحقيق إعادة التوحيد الوطني وتجديد شباب الأمة الصينية.
الولايات المتحدة منزعجة من الصين
في المقابل، قال مستشار الأمن القومي الأميركي "جيك سوليفان" في حديث للإذاعة الوطنية العامة "إن بي آر": "نعتقد أن ما تفعله الصين هنا غير مسؤول".
وأضاف "عندما ينخرط جيش في سلسلة أنشطة تشمل إمكان إجراء تجارب صاروخية وتدريبات بالذخيرة الحية وتحليق طائرات مقاتلة في السماء وتحرك سفن في البحار، فإن احتمال حدوث نوع من الحوادث هو أمر حقيقي".
وحضّ "سوليفان" بكين على تهدئة التوتر في مضيق تايوان، قائلًا: "ما نأمله هو أن تتصرف جمهورية الصين الشعبية بمسؤولية وتتجنب نوع التصعيد الذي قد يؤدي إلى حدوث خطأ أو سوء تقدير سواء في الجو أو البحار".
وغادرت "بيلوسي" تايوان، بعد زيارة تحدت فيها تهديدات بكين التي اعتبرت قدوم "بيلوسي" إلى الجزيرة بمثابة "استفزاز كبير"، قبل أن تعلن عن إجراء مناورات عسكرية قبالة سواحل تايوان، أحد أكثر الممرات المائية ازدحامًا في العالم.
وبعد مغادرتها، أعلنت وزارة الدفاع التايوانية في وقت متأخر الأربعاء أن 27 طائرة حربية صينية دخلت منطقة تمييز الهوية لأغراض الدفاع الجوي "أديز" للجزيرة.
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
22/11/2024