الخليج والعالم
العلاقات الأمريكية السعودية: هكذا تدحرجت وساءت
"السعودية بقرة حلوب، متى جف ضرعها ولم يعد يعطي الدولارات والذهب، سنأمر بذبحها أو نطلب من غيرنا أن يذبحها". هذه العبارة الشهيرة التي قالها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، تعبّر عن مدى الصلافة والوقاحة التي يتصف بها ترامب، لكنها تختصر فعلًا طبيعة العلاقة الأميركية مع السعودية، على أنها علاقة استغلالية قائمة على أساس النهب المنظم الذي تتبعه الولايات المتحدة للسيطرة على ثروات في العالم وفي مقدمها منابع النفط.
كيف بدأت العلاقات النفطية بين واشنطن والرياض؟
يعود تاريخ العلاقات الأميركية – السعودية إلى العام 1932، عندما وقّع البلدان الاتفاقية الدبلوماسية التجارية المؤقتة، والتي استفادت منها الولايات المتحدة لكسر طوق عزلتها عن العالم الخارجي، وإطلاق شركاتها للاستثمار في الخارج، تلتها اتفاقية منحت الشركات الأميركية حق التنقيب عن النفط في السعودية. وما لبثت أن تمددت الشركات الأميركية حتى بلغ عددها خلال أربعينيات القرن الماضي ما يزيد على 200 شركة نفطية، وكان أبرزها: شركة "ستاندرد أويل"، "موبيل"، "أكسون"، "تكساسكو"، و"أرامكو" (التي تحوّلت فيما بعد إلى "رامكو" السعودية).
في العام 1974، حقّقت الاتفاقية التي وقعها الملك فهد بن عبد العزيز مع واشنطن تطلّعات الشركات الأميركية الكبرى التي كانت تبحث عن عقود عمل في المنطقة العربية من خلال الإفادة من إعادة تدوير العائدات النفطية في وقت بدأ فيه سعر النفط يرتفع بدرجة كبيرة، فحققت عبرها الولايات المتحدة عائدات مالية ضخمة.
وبعدها بفترة قصيرة، أبرمت السعودية وأميركا اتفاقية تعاون أخرى بعنوان "اتفاقية الاستثمارات الخاصة المضمونة" بهدف زيادة حجم الشراكات الخاصة الأميركية في المشروعات المحلية في المملكة.
توتر العلاقات
العلاقات النفطية الأميركية - السعودية، منذ بدايتها، جعلت المملكة فعلًا بمثابة "البقرة الحلوب" إذ كانت تحقق المصالح الأميركية دون الالتفات لمصالح الرياض التي كانت تأتمر من الولايات المتحدة في ما يتعلق بتحديد أسعار النفط ومستوى الإنتاج صعودًا أو هبوطًا وفق ما يتناسب مع مصالح واشنطن، عبر دور المملكة في منظمة "أوبك" أو "أوبك+"، إلى أن توترت العلاقة بين الطرفين للمرة الأولى في أعقاب الكشف عن علاقة السعودية بهجمات 11 أيلول/سبتمبر عام 2001، حين كان هناك 15 سعوديًا من بين المهاجمين الـ19، واستغلّتها واشنطن في ابتزاز الرياض على أكثر من صعيد.
الابتزاز الأكبر
بلغ مستوى الابتزاز الأميركي للسعودية ذروته في عهد ترامب الذي نجح في الحصول على صفقات وهدايا بلغت قيمتها أكثر من 450 مليار دولار، كانت بمثابة رشوة قدمها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان طمعًا بالحصول على رضا واشنطن وقبولها بتتويجه ملكًا خلفًا لوالده الملك سلمان.
شكّل اغتيال الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول في العام 2018، فرصةً لاستئناف الابتزاز الأميركي للسعودية، حتى زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الرياض في حزيران/ يونيو الماضي، والتي تجاهلت الاتهامات الأميركية لنظام آل سعود بالجريمة.
تأزّم العلاقات مجدّدًا
اليوم، دخلت العلاقات الأميركية السعودية في حالة توتر جديدة في أعقاب قرار منظمة "أوبك+" بتقليص الإنتاج بمعدل مليوني برميل يوميًا، خلافًا لرغبة الإدارة الأميركية التي اعتبرته انحيازًا لصالح روسيا في الحرب مع أوكرانيا.