الخليج والعالم
الولايات المتحدة أمام عاميْن من الفوضى
علّق الأستاذ في جامعة "نيويورك" ريتشارد بيلدز على انتخابات رئاسة مجلس النواب في الولايات المتحدة التي شهدت 15 جولة أفضت في النهاية الى فوز الجمهوري كيفين مكارثي بالمنصب.
وقال بيلدز في مقال نُشر في صحيفة "نيويورك تايمز" إنه وللمرة الأولى منذ قرابة المئة عام، أصبح الحزب الجمهوري منقسمًا لدرجة أنه فشل بعد عدة محاولات بانتخاب رئيس للبرلمان. وأضاف: هذا يعكس عوامل بنيوية تغيّر وجه "الديمقراطية الأميركية"، فالفشل في انتخاب رئيس للبرلمان بعد عدة محاولات يعكس الصعوبات التي أصبحت تواجهها الأحزاب السياسية على صعيد إدارة شؤونها، ناهيك عن ممارسة الحكم.
وبحسب بيلدز، هذه المعركة مؤشر على عالم جديد من الانقسام السياسي الذي أصبحت تواجهه الأنظمة الديمقراطية، وهو يتمثّل بتبديد القوة السياسية بين أيدي ومراكز قوة عدة يصعب بشكل كبير ممارسة الحكم بشكل فاعل.
وبينما أكد أن الخلافات في المجالين الاقتصادي والثقافي هي التي تدفع بهذا الانقسام، لفت الى أن ثورة الاتصالات هي التي مكّنت من حدوثه، مضيفًا أن "الأحزاب التقليدية في غرب أوروبا التي كانت تُهيمن على المشهد السياسي انقسمت إلى أحزاب أصغر، والحزبان الرئيسيان الاثنان في الولايات المتحدة أصبحا يعانيان من انقسامات داخلية، حيث لم تعد القيادة تملك تلك القدرة على تخطي الخلافات.
ونبّه الى أن الانقسام سيبقى يشوّش على قيادتي كلا الحزبيْن الديمقراطي والجمهوري.
صعوبات أمام الكونغرس
وفي تقرير آخر نشرته، اعتبرت "نيويورك تايمز" أن هذه الانتخابات كشفت بوضوح أن على الولايات المتحدة الاستعداد لحالة من الفوضى الدائمة خلال العاميْن المقبليْن.
ووفق الصحيفة، "وصفة الفوضى" كانت موجودة أصلًا والتي هي عبارة عن مزيج ما بين غالبية جمهورية ضئيلة ومعسكر يميني متطرف يرفض آليات عمل الحكومة المعتمدة، ومرشح لرئاسة مجلس النواب رضخ لليمين المتطرف من أجل السلطة.
وأشارت الى أن فشل مكارثي بالحصول على عدد الأصوات الكافية إلّا بعد عدة محاولات بيّن أن الكونغرس سيواجه صعوبات في تنفيذ أبسط واجباته خلال العاميْن القادميْن، مثل تمويل الحكومة وبما في ذلك القوات العسكرية.
الصحيفة تحدّثت عن أن مكارثي ومن أجل كسب الأصوات تعهّد بتقديم تنازلات إلى معسكر اليمين المتطرف، وتابعت "هذه التنازلات ستؤدي إلى إضعاف منصب رئاسة مجلس النواب بشكل كبير وسيعطي اليمين المتطرف أداةً جديدة من أجل التعطيل في مجلس النواب، فضلًا عن القدرة على جعل مكارثي رهينة لمطالبهم".
وإذ لاحظت أن الاعتراضات على مكارثي كانت شخصية وسياسية في آنٍ معًا، قالت إن بعض المشرعين يكنّون الكراهية له وتعهّدوا بعدم التصويت له تحت أيّة ظروف كانت، فهناك مشرعون آخرون استغلّوا عملية انتخاب رئيس لمجلس النواب بغية إدخال تغييرات كبيرة على آلية العمل في المجلس.
وفي الختام، توقعت الصحيفة أن يركز هذا المعسكر على ملفّات مثل حظر الإجهاض في كافة أنحاء البلاد، والتحقيق في ملفات مرتبطة بـ"هانتر بايدن" (نجل الرئيس جو بايدن)، مستبعدة أن يكون الحكم بحد ذاته من الاهتمامات.