الخليج والعالم
معارك عسكر السودان تدخل أسبوعها الثاني.. خرق ثالث للهدنة وفشل للوساطات
مع دخول المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أسبوعها الثاني، فشل الطرفان في تطبيق الهدنة "الثالثة" المؤقتة المعلنة بعد أقلّ من ساعة على سريانها، إذ أكّد رئيس تحرير صحيفة "اليوم التالي" الطاهر الساتي أنّ هذه هي "الهدنة الثالثة في السودان التي يتمّ خرقها، مؤكداً وقوع "إطلاق نار كثيف، صباح يوم السبت، في بعض أحياء الخرطوم"، وأنّ "مجموعات من الدعم السريع منتشرة في الأحياء".
وفي السياق، كشف رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، عن مكانه الذي يستقرّ فيه، منذ بدء المعارك مع قوات الدعم السريع، والتي اندلعت يوم السبت الماضي.
وقال البرهان، في تصريحات لوسائل إعلامية، يوم السبت، إنه "موجود حالياً في مركز القيادة العامة، ولن أتركه إلّا في نعش"، متهماً قوات الدعم السريع بـ"الاعتداء على البعثات الدبلوماسية من دون مراعاة القانون الدولي".
وأشار إلى أنّ "مجموعات الدعم السريع منتشرة داخل الأحياء السكنية، وتتخذ المدنيين دروعاً بشرية".
وظهر البرهان في مقطع فيديو، مدةَ ثوان قليلة، داخل غرفة، يجلس إلى جانبه عضو مجلس السيادة، شمس الدين الكباشي، وقادة عسكريون آخرون.
ويُظهر الفيديو القصير قادة الجيش وهم يتابعون العمليات العسكرية، من خلال شاشة تلفزيونية ضخمة، ترصد مناطق العمليات في الخرطوم وبعض الولايات. كما أظهر فيديو آخر البرهان وهو يحيّي جنوده في الميدان ليلاً في ظلام دامس.
ولا يُعرف بصورة موثوق بها مكان البرهان، ولا مكان نائبه، قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، الشهير بـ"حميدتي"، واللذين لم يظهرا ميدانياً منذ بداية المعارك بينهما، باستثناء سماع صوتيهما في تصريحات هاتفية للفضائيات.
ويؤكد كل طرف سيطرته الكاملة على مقر القيادة العامة في الخرطوم، وأن قيادته تدير المعارك الدائرة حالياً على الأرض من هذا المقر. وسبق أن نشر الطرفان مقاطع مصوَّرة تشير إلى سيطرة كل منهما عليه.
ومنذ اندلاعها في 15 نيسان/أبريل، تسببت المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع، بسقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى، وكان الحليفان السابقان استوليا على السلطة، بصورة كاملة، في انقلاب في عام 2021، أطاحا خلاله الحكم المدني، الذي كانا يتقاسمان السلطة معه.
"رائحة دماء"
وفي الخرطوم، المدينة التي يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة، قلب الصراع حياة المدنيين الذين احتموا يتملكهم الرعب داخل منازلهم من دون كهرباء في أجواء حرّ شديد.
ويغامر عدد منهم بالخروج للحصول على مواد غذائية عاجلة أو للفرار من المدينة.
وقال أحد السكان سامي النور لوكالة "فرانس برس" إن العيد يجب أن يكون "مع الحلويات والمعجنات مع أطفال سعداء والناس يحيون الأقارب"، لكن بدلاً من ذلك هناك "إطلاق نار ورائحة دماء حولنا".
وشهدت الخرطوم معارك عنيفة جدًا خلال الأيام الماضية، إذ شنّت طائرات مقاتلة ضربات جوية على مواقع عدة، بينما تجوب دبابات الشوارع ويطلق الرصاص والمدفعية في مناطق مكتظة بالسكان. لكن العنف انفجر في جميع أنحاء البلادأيضاً.
واتهم الجيش في وقت متأخر من الجمعة قوات "الدعم السريع" بشنّ هجمات في المدينة التوأم للعاصمة أم درمان حيث أخرجوا "عددًا كبيرًا من نزلاء" أحد السجون. لكن قوة الدعم السريع نفت ذلك.
واندلعت معارك في إقليم دارفور في غرب السودان حيث قالت منظمة أطباء بلا حدود في مدينة الفاشر إن الوضع "كارثي"، و"لا يتوفر عدد كافٍ من الأسرّة لاستيعاب عدد الجرحى الهائل"، وبينهم عدد كبير من الأطفال.
إجلاء الرعايا
بالمقابل، تقوم جهات عدة بإعداد خطط لإجلاء الرعايا الأجانب، بينما نشرت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان قوات في الدول المجاورة، ويدرس الاتحاد الأوروبي خطوة مماثلة.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية، الجمعة، إن الوضع ما زال خطيراً لإجلاء موظفي السفارة.
وفي وقت لاحق، قالت قوات "الدعم السريع" إنها مستعدة لفتح "كل مطارات" السودان "جزئياً" من أجل إجلاء الأجانب مع أنه من غير الممكن معرفة ما هي المطارات التي تسيطر عليها هذه القوات.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن 413 شخصاً قتلوا وأصيب 3551 بجروح في القتال في جميع أنحاء السودان، لكن يُعتقد أن العدد الفعلي للقتلى أكبر من ذلك، إذ لم يتمكن عدد من الجرحى من الوصول إلى المستشفيات.
وقالت نقابة الأطباء إن أكثر من ثلثي المستشفيات في الخرطوم والولايات المجاورة "توقفت عن العمل" الآن. وتعرضت أخرى للنهب وقُصفت أربع مستشفيات على الأقل في ولاية شمال كردفان.
وقال برنامج الغذاء العالمي إن العنف قد يدفع ملايين آخرين إلى الجوع في بلد يحتاج فيه 15 مليون شخص - ثلث السكان - إلى المساعدة.
ويتركّز الخلاف بين البرهان ودقلو على خطة دمج قوات "الدعم السريع" في الجيش، وهو شرط أساسي لاتفاق يهدف إلى استئناف الانتقال الديموقراطي في السودان.
ووصلت السبت، دفعة أولى من السعوديين ورعايا دول أخرى، إلى مدينة جدة السعودية، بعد إجلائهم من السودان، وللمرة الأولى منذ بدء المعارك، أعلنت الرياض بدء إجلاء سعوديين ورعايا آخرين بحراً الى جدة في غربي المملكة.
عبد الفتاح البرهانالجيش السوداني