الخليج والعالم
تعميم نموذج "مك فاي" في أميركا.. انتشار سيناريو التمرّد المسلّح بحماية سياسية
سلّطت صحيفة "نيويورك تايمز" الضوء على حوادث إطلاق النار الجماعية المنتشرة بشكل كبير في الولايات المتحدة الأميركية أو ما يُسمى العنف باستخدام السلاح، مذكرة بقضية (مك فاي) McVeigh عام 1995 وخلفياتها، وربطتها بحادثة إطلاق النار الجماعية التي حصلت أواخر الأسبوع الماضي في ولاية تكساس وحوادث أخرى، معتبرة أن السلطات الأميركية لم تعد تتوقف عند هذه الحوادث بل أصبحت تتعامل معها كأنّها حوادث عاديّة، وذلك من أجل "السماح للمعسكر اليميني بالحصول على السلاح من دون أيّ عقبات".
وكتبت (ميشيل غولدبرغ) Michelle Goldberg مقالة نُشِرت في صحيفة "نيويورك تايمز" قالت فيها أنّ المدعو (تيموثي مك فاي) Timothy McVeigh الذي نفّذ تفجيرات (أوكلاهوما سيتي) Oklahoma City عام 1995 والتي أدت إلى مقتل 168 شخصًا، كانت أولى اهتماماته السلاح، حيث كان يعتبر السلاح بأنّه يمثّل "الحرية"، وأن "أيّ محاولة من قبل الحكومة لفرض قوانين حول حيازة السلاح كأنّه نوع من الاستبداد".
وتحدّثت الكاتبة عن التقدّم الذي أحرزته قضية (مك فاي) McVeigh منذ إعدامه عام 2001، موضحة بأنّ الأخير كان ينتمي إلى جماعة (كو كلوكس كلان) Klu Klux Klan – وهي جماعة البيض المتطرفين المعروفة – وأنّه كان يأمل في أن يؤدي التفجير الذي نفّذه إلى دفع جيش من الأتباع لشن حرب على الحكومة، إذ أنّ تفجيره استهدف مبنى (ألفريد مورا) Alfred Murrah الفدرالي. وأضافت بأنّ اليوم هناك مجموعة من الأفراد الذين يتشاركون الكثير من آراء (مك فاي) McVeigh والذين يشنّون ما يشبه "التمرّد".
وبينما أكدت الكاتبة على أنّه ليست كل حوادث إطلاق النار الجماعية بدافع أيديولوجي، نبّهت إلى أن الحالات التي يدخل فيها العامل الأيديولوجي غالبًا ما تكون بدافع "الفكر اليميني المتطرف".
ومن ثم أشارت الكاتبة إلى حادثة إطلاق النار الجماعيّة التي حصلت أواخر الأسبوع الماضي في ولاية تكساس، منبّهة إلى أنّ المعطيات تفيد بأنّ منفّذ الهجوم كان يرتدي علامة "لفرقة الموت اليمينية"، وذلك تكريمًا للزعيم التشيلي "الفاشي" (أوغستو بينوشيه) Augusto Pinochet، لافتة إلى أنّ جماعات مثل (براود بويز) Proud Boys أيضًا ترتدي هذه العلامة.
كما أردفت الكاتبة بأن مثل هذه الحوادث كانت تنال تغطية إعلامية هائلة وتجبر السياسيين على إصدار موقف، إلاّ أنّها أصبحت اليوم شيئًا عاديًّا. كذلك استبعدت أن تؤدي حادثة تكساس إلى تغيير سياسي. وأضافت بأنّها أصبحت كما الأحداث العادية التي يُتوقّع التعايش معها، وذلك من أجل السماح للمعسكر اليميني بالحصول على السلاح من دون أيّ عقبات.
كذلك قالت الكاتبة أن أميركا تعاني من "عنف السلاح" كما لا تعاني أيّ دولة أخرى من الدول المتقدمة، وأنّها لا تتخذ إجراءات قويّة حيال الموضوع كون العديد من السياسيين يتبنّون مواقف حول السلاح ليست بعيدة جدًا عن آراء (مك فاي) McVeigh.
وتابعت الكاتبة بأنّ عشق الحزب الجمهوري للسلاح وعشقه للتمرّد يكملان بعضهما البعض، إذ أنّ السلاح يلعب دورًا مركزيًّا في رؤية عالميّة يجب أن تتضمن سيناريو التمرّد المسلح.
وفي هذا السياق، لفتت إلى أنّ الجمهوريين وفي أعقاب حوادث إطلاق النار الجماعية يدعمون الحصول على السلاح. وأشارت إلى أنّ الجمهوريين قاموا بطرد مشرّعين ديمقراطيين اثنين من أصول افريقية عن ولاية (تينيسي) Tennessee، وذلك عقب حادثة إطلاق النار التي وقعت في مدرسة بمنطقة (ناشفيل) Nashville في الولاية المذكورة خلال شهر نيسان/أبريل الماضي. كذلك لفتت إلى أن مجلس الشيوخ لدى الولاية قام بعد بضعة أيام بتمرير مشروع قانون يحمي شركات السلاح من الدعاوى القضائية.
وخلصت الكاتبة إلى أن المجتمع الأميركي قام بترهيب نفسه بشكل قلّ نظيره، مضيفة بأن "تطبيع الإرهاب اليميني وحوادث إطلاق النار الجماعية المتكررة" يعود إلى تعميم آراء (مك فاي) McVeigh.
هذا، وأفادت منظمة "أرشيف عنف السلاح" – منظمة غير ربحية – بأن عطلة نهاية الأسبوع الماضي شهدت سبع حوادث إطلاق نار في الولايات المتحدة، من بينها حادثة تكساس، وبأنّ عدد حوادث إطلاق النار الجماعية في الولايات المتحدة لهذا العام ارتفع بالتالي إلى أكثر من مئتين حادثة.
كما أشارت المنظمة إلى أنّ الولايات المتحدة تخطّت خلال العامين المنصرمين عتبة مئتي حادثة إطلاق نار جماعية مع حلول شهر أيار/مايو، فيما عدد هذه الحوادث لم يصل إلى مئتين في عامي 2020 و2019 حتى حلول منتصف حزيران/يونيو. كذلك لفتت إلى أن عدد الحالات تخطّت المئتين مع حلول شهر تموز/يوليو في فترة ما بين عامي 2016 و2018.
ونبّهت المنظمة إلى أنّ شخصًا واحدًا قُتِل في حادثة إطلاق نار جماعية في كاليفورنيا في نفس يوم حادثة تكساس، والذي شهد أيضًا مقتل شخص آخر في أوهايو في حادثة أخرى.
كما أشارت إلى وقوع أربع حوادث إطلاق نار جماعية يوم الأحد الفائت، أدّت في المجموع إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة 12 آخرين في كل من كاليفورنيا وميزوري ونيو جيرسي وماريلاند.
وأضافت المنظمة بأنّ حادثة تكساس كانت ثاني أخطر حادثة لهذا العام، بينما تحتل المرتبة الأولى حادثة (مونتيري بارك) Monterey Park في كاليفورنيا والتي أدّت إلى مقتل 11 شخصًا.