الخليج والعالم
الإمام الخامنئي بذكرى رحيل الإمام الخميني: جبهات الأعداء لم تتغير وعلينا تطوير أدوات المواجهة
أكد آية الله العظمى سماحة الإمام السيد علي الخامني أنه لا يمكن لأحد أن يمحو شخصية الإمام الخميني (قدس) من ذاكرة التاريخ أو تشویه شخصيته، معتبرًا أنه يمكن نشر الأكاذيب حول هذه الشخصية ولكنه لن يدوم، مشددا على أن الأجيال الجديدة والقديمة بحاجة للتعرف على أبعاد الشخصية متعددة الأبعاد لهذا الإمام.
ونبّه إلى أن الجبهات وأهداف الأعداء لم تتغير، مؤكدًا على ضرورة التنبّه لكيد الأعداء وضرورة مواجهة مخططاتهم مع تغيّر وتطوّر أدوات المواجهة، لافتًا إلى أن الشعب الإيراني اليوم أصبح أكثر قوة في مواجهة جبهة الاستكبار والصهيونية، وهم أصبحوا أكثر ضعفاً.
سماحته لفت إلى أن الإمام الخميني خلق وأوجد ثلاثة أفعال عظيمة وتاريخية وثلاثة تحولات كبيرة وغير مسبوقة في مستوى إيران والأمة الإسلامية والعالم، مشيرًا إلى أن القیام بالثورة الإسلامية بمثابة تحول حققه الإمام الخميني بدعم من الشعب الإيراني على مستوى إيران.
وفي كلمة له خلال مراسم إحياء الذكرى السنويّة الرابعة والثلاثين لرحيل الإمام الخميني (قدس)، الأحد، في العاصمة الإيرانية طهران، قال سماحته "إن الإمام الراحل من روّاد تاريخنا وليس من روّاد عصرنا فقط، ولا يُمكن إزالة الروّاد من ذاكرة التاريخ، إنّها نقطة مهمّة تحظى باهتمامنا، لا يُمكن إزالة الروّاد ولا يمكن تحريفهم"، مردفًا "الإعلام المضاد الذي يتحدث يوماً بعد يوم ويتسلح بالحداثة بإمكانه إثارة الأضاليل، لكنّ الشمس لا تغيب".
وتابع قائلا "الإمام رائدٌ في الجوانب كلّها، هو رائدٌ في العلوم الدينيّة، ورائدٌ في الفقه والفلسفة والعرفان النظري، وهو رائدٌ في الإيمان والتقوى وسلوكات التقوى، كما أنه رائدٌ في صلابة الشخصيّة وقوّة الإرادة، إنّه رائدٌ في القيام لله وممارسة السياسة الثوريّة وإحداث التحوّل في النظام البشري، وهذه الخصائص لم تجتمع في أيٍّ من روّاد تاريخنا، وهي مجتمعة لدى الإمام الجليل".
على صعيد إيران، أشار الإمام الخامنئي إلى أن الثورة الإسلامية أخرجت نظاما مذلا وتحت سيطرة القوی الأخری وحكومة معادية للإسلام من الساحة واستبدلته بنظام مستقل یعتمد علی العزة الوطنية وحكومة إسلامية، وأن هذه الثورة حوّلت الاستبداد إلى حرية، وانعدام الهوية للهوية الوطنية والثقة بالنفس، وجعلت من الشعب يحمل شعار "نحن نسطيع".
أما على مستوى الأمة الإسلامية، فإن التحوّل كان بإطلاق الإمام الخميني الصحوة الإسلامية، حيث باتت الأمة اليوم أكثر حيوية، ومع هذه الصحوة الإسلامية باتت القضية الفلسطينية اليوم في مركز اهتمام الشعوب الإسلامية وارتداد صوت المقاومين الفلسطينيين يعلو من فوق السفارة الصهيونية السابقة في طهران.
وأضاف سماحته أن "فترة السكون والجمود في العالم الإسلامي أضعفت ودمرت بسبب حركة الإمام الخميني، واليوم، الأمة الإسلامية أكثر ديناميكية ونشاطًا واستعدادًا وحيوية مقارنةً بالعصر الذي سبق انتصار الثورة الإسلامية".
وعلى المستوى العالمي، أشار سماحته إلى أن الإمام الخميني الراحل أوجد مناخًا معنويًا وروحانيًا، وهو ما تمت مواجهته بردّ فعل عنيف من قبل الأعداء، فالإمام لم يكن يملك المال والإعلام والقوى المادية ولا يحظى بدعم أي سياسة في العالم، بل كان يملك ورقة وقلمًا وشريطًا ومسجلة لإيصال صوته.
وتابع سماحته أن الإمام الراحل كان يملك الإيمان والأمل حتى تمكّن من التقدم دون تعب وأزال الموانع من أمامه، وهو امتلك الإيمان بالخالق الواحد والثقة بالباري تعالى والإيمان بالشعب وقدرات المؤمنين، كما أنه آمن بالشريعة الإسلامية، والإسلام الذي أراده الإمام ليس إسلام الرأسماليّة وليس الاسلام الملتقط من ثقافة الغرب، كما أنه رفض إسلام الأشخاص المتحجرين، ورفض كلّ النظريّات الركيكة، ولم يقبل بالتوجهات، بل كان لديه ثقة بالشعب وبالقاعدة الشعبية.
ولفت الإمام الخامنئي إلى أن الأمل كان نابضًا في قلب الإمام الراحل، مضيفًا "علينا أن نستمع ونصغي لتوجيهات الإمام وأمامنا درب طويل وأعمال كبيرة تنتظرنا ونحتاح لتوصيات الإمام الراحل، ومن أبرز توصيات الإمام أن نواصل دربه ونصون التحولات الثلاثة الكبيرة التي أوجدها على مستوى إيران والأمة والعالم".
الإمام الخامنئي أشار إلى أنه "مع التطور التكنولوجي الحاصل في العالم قد تتغير أدوات المواجهة، لكن أن الأهداف لم تتغير والجبهات لم تتغير، والشعب الإيراني اليوم أصبح أكثر قوة في مواجهة جبهة الاستكبار والصهيونية، ففي عصر الذكاء الصناعي والانترنت لا يمكن التعامل بأساليب العقود الماضية، فالوسائل يجب أن تتناسب مع مقتضيات العصر".
وأضاف "الأهداف لا تتغير، وجبهة الأعداء والاستكبار والصهاينة لن تتغيّر، وهي كالسّابق تصطفّ أمام الشعوب، لكنّ الشعب الايراني أصبح أكثر قوة، وهم أصبحوا أكثر ضعفاً".
ونبّه سماحته الشباب إلى ضرورة التنبّه إلى أن عداوة الاستكبار للشعب الإيراني لن تنتهي، وأن الأمريكيين وضعوا إيران في محور الشر وهدفهم العودة بإيران إلى ما قبل الثورة وجعلها تابعة لهم، وأضاف "كما أن عداء جبهة الأعداء لإيران لا يتغير بالتراجع ومن يظن ذلك فهو مخطئ وتراجعنا أمام الأعداء يجعلهم أكثر شراسة، والبعض في السنوات الأخيرة اعتقد أنّ التراجع وإعطاء الامتيازات يقلل من عداء جبهة الأعداء لكن هذا الأمر لم يحدث".
وأوضى الإمام الخامنئي بتعزيز الإيمان والأمل، لأن مساعي الأعداء الواسعة تستهدف إيمان وأمل الشعب وتسعى لإطفاء شعلة الأمل في نفوس الشباب، ولكن مساعي العدو باءت بالفشل أمام إرادة الشعب الإيراني الصلبة.
ولفت سماحته إلى أن آخر مساعي الأعداء كانت اضطرابات الخريف الماضي في إيران، والتي تم التخطيط لها في الغرب ودعمها ماديًا وإعلاميًا، مشيرًا إلى أن من نفّذ المؤامرة خان وطنه والبعض في الداخل كانوا بيادق للمخططين الأعداء، وأضاف "المجرمون في الداخل تحرّكوا، وبعض السياسيين في الخارج التقطوا صوراً تذكاريّة مع هؤلاء الخونة".
وأشار سماحته إلى أن "الأعداء أخطأوا مرة أخرى وارتكبوا حماقة جديدة ولم يعرفوا مدى عظمة الشعب الإيراني"، محذّرًا الجميع بأن عليهم أن لا يغفلوا عن كيد الأعداء.
كما نوّه إلى وجود أحداث كثيرة لدينا تبعث على الأمل، وأن العدو يسعى ليفرغ الشعب الإيراني من الأمل ويبرز المشاكل المعيشية ويحاول إبعاد نظر شبابنا عنها، فالأعداء يحاولون بث اليأس بين الشباب الإيراني واستغلال كل المشاكل الحالية التي يجب حلّها.
ولفت سماحته إلى أنه "رغم كافة المنزلقات نشاهد أن شبابنا يتحركون بثقة"، مؤكدًا على واجب النخب وأصحاب المواقع الاجتماعية بتقوية إيمان الشعب وإبعاد الشبهات وفضح سبل وسائل العدو في بث اليأس.