الخليج والعالم
حلف صيني روسي كوري بوجه واشنطن
أشار الكاتبان "جيمس بارك" و"مايك موتشيزوكي"، في مقالة مشتركة لهما نُشرت في مجلة "ريسبونسبل ستيتكرافت" الأميركية، إلى أنّ الرئيس الأميركي "جو بايدن" يسعى لتعزيز العلاقات الثلاثية مع اليابان وكوريا الجنوبيّة في رسالة موجّهة إلى الصين وروسيا وكوريا الشماليّة.
وتحدث الكاتبان حول القمّة بين الولايات المتّحدة واليابان وكوريا الجنوبيّة، في كامب ديفيد، وأشارا إلى تنازلات قدّمها الرئيس الكوري الجنوبي "يون سوك يول" إلى اليابان في ملف الخلافات بين البلدين التي تعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية، فأكدا أنّ هذه التنازلات لا تحظى بالشعبية. وأوضح "بارك" و"موتشيزوكي"، في مقالتهما، أنّ نحو ستين بالمئة من الشعب في كوريا الجنوبيّة يعارضون هذه التنازلات، ويشعرون بأنّ اليابان لم تعالج بالشكل المطلوب المظالم التي ارتكبتها خلال حكم الاستعماري لكوريا.
أما بخصوص الولايات المتّحدة، فقد فقال الكاتبان إنّها طالما سعت إلى تعزيز الروابط الأمنيّة بين اليابان وكوريا الجنوبيّة، وأضافا أنّ الرئيس الأميركي "جو بايدن" اغتنم الفرصة من خلال استضافة قادة البلدين في كامب ديفيد. والكاتبان نبّها من أنّ تعزيز الروابط العسكريّة بين الولايات المتّحدة وكوريا الجنوبيّة واليابان يحمل معه المخاطر أيضًا، وقد يؤدي إلى زيادة التوتر في المنطقة.
وبحسب الكاتبيْن، تعزيز التعاون الأمني بين الدول الثلاث سيؤدى على الأرجح إلى احتدام الانقسام والتوتر بين الولايات المتّحدة وكوريا الجنوبيّة واليابان من جهة، والصين وكوريا الشماليّة وروسيا من جهة أخرى. كما حذّر الكاتبان من أن تكثيف التعاون الأمني بين الولايات المتّحدة وكوريا الجنوبيّة واليابان واحتمال توسيع هذا التعاون ليشمل أبعادًا عسكريّة- استراتيجيّة أخرى، قد يعزّز المخاوف الأمنيّة لدى كوريا الشماليّة والصين، ويدفعهما بالتالي إلى تعزيز قدراتهما الأمنيّة وتشكيل حلف عسكري ثلاثي مقابل يشمل البلدين بالإضافة إلى روسيا.
كذلك تحدث الكاتبان عن إمكان بدء مناورات مشتركة دورية بين بيونغ يانغ وبيكن وموسكو، وتعميق التنسيق الأمني فيما بينهم. وبينما قال الكاتبان أنّ العلاقات بين الصين وكوريا الشماليّة وروسيا طالما كانت هشة، نبّها من أنّهم قد يندفعون نحو اصطفاف استراتيجي أكبر في ظلّ مخاوفهم الأمنيّة. إذ إنّ احتمالات حدوث مثل هكذا سيناريو تزداد في ضوء المفاوضات المتعثرة بين كوريا الشماليّة واليابان، إلى جانب التوتر بين الصين والولايات المتحدة والعزلة الغربية لروسيا على خلفية الحرب في أوكرانيا.
وشدّد الكاتبان على ضرورة أن تسعى واشنطن وطوكيو وسيول إلى خفض التصعيد، حيث نبّها من أن توسيع التعاون العسكري وحده سيقوّض الأمن الإقليمي، وأن تحسين الوضع الأمني سيتطلّب ردعًا عسكريًا إلى جانب عمل دبلوماسي مشترك لإدارة التوتر والحدّ من مخاطر اندلاع النزاع مع كوريا الشماليّة والصين.
الكاتبان رجّحا أن تركز "قمّة كامب ديفيد" أساسًا على التعاون الأمني، من دون التركيز على المسار الدبلوماسي. وأضافا بأنّ الحكومة الكوريّة الجنوبيّة تريد في النهاية استئناف العمل الدبلوماسي مع الجارة الشماليّة، على أساس أنّ مصلحة الحكومة اليابانية تقتضي أيضًا إعادة الانخراط مع كوريا الشماليّة، سواء على صعيد نزع السلاح النووي أم حلّ موضوع المخطوفين بين الجانبين. كما تحدثا عن ضرورة أن تعالج اليابان موضوع التعويض عن كوريا الشماليّة بسبب حكم اليابان الاستعماري.
وشدّد الكاتبان على أنّ السعي إلى تحويل الشراكة الثلاثيّة إلى حلف معادي للصين لا يخدم مصلحة واشنطن، على صعيد إقامة شراكة مع طوكيو وسيول، والتي تأتي بالمكاسب المشتركة. وقالا إنّ العديد في كوريا الجنوبيّة واليابان لا يحبذون نهج المواجهة مع الصين بسبب المصالح الأمنيّة والاقتصاديّة لدى البلدين. وحذّرا من أنّ كوريا الجنوبيّة واليابان ستدفعان أثمانًا لا يمكنهما تحمّلها في حال اندلاع النزاع العسكري مع الصين، وذلك بسبب قرب المسافة الجغرافية. كذلك أردفا بأنّ طوكيو وسيول لا تزالان تدركان مدى أهمية العلاقات الاقتصادية المستقرة مع الصين، والتي هي الشريك. التجاري الأكبر لهما.
ورأى الكاتبان أنّ هشاشة العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبيّة التي تعود إلى الخلافات التاريخيّة والمناطقيّة، ستبقى تشكل عقبة أمام توطيد الشراكة الثلاثية مع الولايات المتّحدة.
وخلص الكاتبان إلى أنّ التقارب بين كوريا الجنوبيّة واليابان على المستوى الحكومي لن يستمر على الأرجح، وقد يقوّض حتى الشراكة الثلاثية، إذا ما كان يفتقد إلى دعم سياسي وشعبي واسع في كوريا الجنوبيّة.