الخليج والعالم
الصحف الإيرانية: التجويع تكتيك أميركي وإسرائيلي ضد غزة لتغطية الإخفاقات
تناولت الصحف الإيرانية الصادرة، اليوم الأربعاء (31 كانون الثاني 2024)، في مقالاتها الرئيسة الأوضاع الميدانية المختلفة في منطقة غرب آسيا، وخاصة بعد التطورات الأخيرة المرتبطة بتوجيه ضربة قاسية إلى الجيش الأميركي في الأردن واستيلاء المقاومة اليمنية على السفن المحمّلة بالمساعدات للكيان الصهيوني، مركّزة على تعقيد الوضع الحالي في المنطقة، وبالأخص بالنسبة إلى الأميركيين.
التجويع: التكتيك الأميركي والإسرائيلي الجديد ضد غزة
في هذا السياق، كتبت صحيفة "وطن أمروز": "الهزائم المتتالية التي مُني بها النظام الصهيوني، في حرب غزة وفشل في تحقيق أهدافه الأساسية، جعلت الوضع صعبًا للغاية بالنسبة إلى حكومة بنيامين نتنياهو وأيضًا بالنسبة إلى الولايات المتحدة الحليف الرئيسي لـ"إسرائيل"، حيث يتعرض نتنياهو لضغوط شديدة من المجتمع الصهيوني وعائلات الأسرى الإسرائيليين وأحزاب المعارضة بسبب عدم قدرته على إدارة الحرب وارتفاع الخسائر البشرية وعدم إطلاق سراح الأسرى. كما أنّ حكومته على وشك الانهيار بسبب الانقسامات والاختلافات الواسعة، وفي الأسبوع الماضي وفي يوم واحد فقط، قُتل 21 جنديًا صهيونيًا في هجمات قوات المقاومة في غزة، لدرجة أن رئيس الكيان وصفه باليوم الأصعب الذي يمر به الجيش. وفي الوقت نفسه، تعتقد العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية أن الحكومة لا تقول الحقيقة في عرض إحصائيات قتلى الحرب؛ بل تقدم المعلومات بشكل تدريجي لتجنب غضب الصهاينة".
وتابعت: "وفي أميركا، يتعرض جو بايدن لضغوط كبيرة من أعضاء الكونغرس والرأي العام بسبب دعمه للنظام الإرهابي الصهيوني وإرسال الأسلحة إلى الجيش الإسرائيلي. ويرى معظم الشعب الأميركي أن واشنطن شريكة لـ"إسرائيل" في قتل الأبرياء والمدنيين الفلسطينيين. وفي الأسبوع الماضي، قاطع بعض الأميركيين في ولاية كارولينا الشمالية خطاب بايدن ودعوا إلى وقف فوري لإطلاق النار".
وأضافت الصحيفة: "سلسلة هذه الإخفاقات دفعت أميركا وحلفاءها إلى زيادة دعمهم للكيان الصهيوني حتى يتمكّنوا من إجبار أهل غزة وحماس على الخضوع لمطالبهم، ويُعد قطع المساعدات المالية عن وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة أحدث تكتيكات واشنطن في هذا الاتجاه، حيث قطعت الولايات المتحدة مؤخرًا مساعداتها المالية السنوية للوكالة التابعة للأمم المتحدة بناءً على ادعاءات النظام الصهيوني بأنّ بعض موظفي هذه الوكالة متورطون في عملية طوفان الأقصى. كما أعلنت بعض الدول الأوروبية المتحالفة مع الولايات المتحدة تعليق مساعداتها المالية للأونروا تحت ضغط من هذا البلد وتهديداته. والأونروا هي وكالة الغوث الرئيسة لسكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة، وقد يؤدي قطع المساعدات المالية عن المنظمة إلى إغلاق كامل لنشاطاتها في غزة، بينما وصل الجوع ونقص الغذاء إلى نقطة كارثية. ويبدو أن الولايات المتحدة وحلفاءها، من خلال قطع المساعدات المالية عن الأونروا، يسعون إلى معاقبة الأمم المتحدة التي أدى موقفها ضد جرائم النظام الصهيوني إلى تفاقم هذه المشكلة".
وأشارت الصحيفة إلى أن بعض المراقبين السياسيين يرون أن قطع المساعدات المالية للأونروا بمثابة انتقام من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ردًا على حكم محكمة العدل الدولية في سياق جرائم الإبادة الجماعية والجرائم التي ترتكبها "إسرائيل" في غزة". وقالت الصحيفة: "وفي الوقت نفسه الذي قطعت فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها المساعدات المالية للأونروا، نشهد عرض خطط جديدة لوقف إطلاق النار، وتحركات واشنطن للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لإطلاق سراح الأسرى. إذ تسعى الولايات المتحدة و"إسرائيل" إلى زيادة الضغط على حماس لقبول وقف إطلاق النار من خلال الأمم المتحدة، واعتمدتا على تجويع شعب غزة لتحقيق أهدافهما في الحرب".
الصهاينة يعانون نقصًا في الأسلحة...واليمن يستولي على سفن الذخائر
أما صحيفة "جام جم" فقد كتبت: "مع مرور ما يقرب من أربعة أشهر على عملية طوفان الأقصى وجرائم النظام الصهيوني العديدة، لم يتمكّن هذا النظام حتى من تحقيق هدف من أهدافه، ويمكن القول إنّه فشل فشلًا ذريعًا في تحقيق الإنجازات العسكرية. مثل هذه الظروف جعلت من الصعب للغاية على النظام الصهيوني مواصلة الحرب. كما أنّ المقاومة الفلسطينية من جهة والضغوط والخلافات الداخلية في الأراضي المحتلة من جهة أخرى، وضعت نتنياهو في مأزق كبير، وبناءً على ذلك؛ هو يحاول الآن إجبار أميركا على إرسال المزيد من الأسلحة للكيان من خلال استغلال نفوذ اللوبي الصهيوني في أميركا والضغط على أعضاء الكونغرس. وبالطبع، خلال الأشهر الأربعة التي مرت على حرب غزة وجرائم "إسرائيل"، استخدمت واشنطن كل قوتها لمساعدة الجيش الصهيوني، بالإضافة إلى المساعدات السياسية والدبلوماسية والفيتو على جميع القرارات الصادرة ضد "إسرائيل" في مجلس الأمن، بالإضافة إلى كم كبير من المساعدات العسكرية. لكن مع الدخول القوي لمقاومتي اليمن والعراق- كونهما من الأذرع القوية لمحور المقاومة لحرب غزة - والإجراءات التي اتخذتها فصائل المقاومة بما فيها حركة أنصار الله اليمنية والحشد الشعبي العراقي اختلطت معادلات أميركا والصهاينة تمامًا. وفي الأسابيع الماضية، استولت قوات المقاومة على السفن المحملة بالأسلحة التي كانت تتجه من الولايات المتحدة إلى الأراضي المحتلة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وتسببت هذه القضية في تآكل خطير للجيش الصهيوني.
وتابعت الصحيفة؛ مشيرة إلى تقارير حول مستودعات للأسلحة في الأراضي المحتلة، والتي كانت دائمًا مليئة بالذخيرة والأسلحة، يجري الآن إفراغها، حيث يواجه الجيش الإسرائيلي نقصًا في الأسلحة. ولهذا السبب، تزايدت في الأيام الأخيرة ضغوط اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة على البنتاغون والكونغرس لإرسال مساعدات عسكرية فورية لـ"إسرائيل". إلا أن الظروف السائدة في المنطقة لا تسمح للرئيس الأميركي جو بايدن بذلك، لأن الجيش الوطني اليمني وقوات المقاومة استولت حتى الآن على عدة سفن أميركية تحمل أسلحة في البحر الأحمر. ففي الأيام الماضية؛ هاجمت قوات المقاومة العراقية والحشد الشعبي القاعدة العسكرية الأميركية على حدود الأردن وسوريا، ما تسبب بأضرار جسيمة لقوات هذا البلد، ولذلك فإنّ الأميركيين غير قادرين على تقديم المزيد من المساعدات العسكرية للجيش الصهيوني، سواء بسبب ضغط الرأي العام أو بسبب دخول المقاومة الشاملة في حرب غزة".
خطأ استراتيجي لــــ"بايدن"
كتبت صحيفة "قدس": "إن عواقب مغامرات إدارة بايدن في الشرق الأوسط، هذه الأيام، قد لفتت أنظار مسؤولي البيت الأبيض بشدة. والولايات المتحدة، والتي وسعت تواجدها الميداني في المنطقة لدعم نظام الاحتلال الصهيوني، أصبحت الآن ترى مصالحها في مرمى فصائل المقاومة؛ الجماعات التي لا ترى لنفسها مهمة سوى الدفاع عن الشعب الفلسطيني المظلوم. وبعد حادثة الهجوم على القواعد الأميركية في الأردن، وتحت ضغط الرأي العام الداخلي، وبدلًا من أن يشرح للرأي العام العالمي ما تفعله قواته على بعد 12 ألف كيلومتر من الحدود الأميركية في الشرق الأوسط، سارع بايدن إلى اتهام إيران وتوعدها بالانتقام... وفي الوقت نفسه، ارتفعت التكهنات حول نوع الرد العسكري المحتمل للولايات المتحدة، إذ تزعم بعض المصادر أنه مع الضوء الأخضر لبايدن، فمن المرجح أن يكون الرد الأميركي على شكل موجة من الهجمات على مجموعة من الأهداف، وأن "الهجوم على العناصر الإيرانية في سوريا أو العراق وكذلك القطع البحرية الإيرانية في الخليج العربي" هو من بين الخيارات المطروحة على طاولة البنتاغون".
وأضافت الصحيفة: "وفي حين وجّه مسؤولون في واشنطن أصابع الاتهام إلى طهران في الهجوم على قاعدتها العسكرية في الأردن، أعلنت المقاومة الإسلامية في العراق مسؤوليتها رسميًا عن هذا الهجوم، لقد شكّلت هذه القضية تحديًا لنوع الرد الأميركي على هذا الهجوم. بدوره قال حميد رضا آصفي المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية في حديث لصحيفة "قدس"، وهو يشير إلى مسألة ارتباك أميركا في طريقة المواجهة والرد على قوى المقاومة : "إذا كانت الولايات المتحدة تسعى إلى حل مشاكلها في منطقة غرب آسيا، ينبغي لها أن تجبر النظام الصهيوني على منع قتل الأبرياء في غزة والإبادة الجماعية في هذه المدينة، وهذا الإجراء منخفض التكلفة، يمكنها إنقاذ نفسها من المنطقة من خلاله... في الأشهر الماضية، دعم الأميركيون الإبادة الجماعية التي قام بها الصهاينة ودخلوا البحر الأحمر مباشرة وأنشأوا تحالفًا بحريًا ضد أنصار الله اليمنيين، لكن بعد أسابيع قليلة فشل هذا التحالف البحري".
وتابعت الصحيفة: "مسؤولو البيت الأبيض، وخاصة الرئيس الأميركي بايدن، أكدوا مرارًا وتكرارًا في خطاباتهم أنهم لا يبحثون عن صراع وحرب مباشرة مع الحركة الإسلامية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، إذا اتخذت واشنطن أدنى إجراء ضد مصالح إيران في المنطقة، فهي لن تواجه ردًا قاسيًا من القوات المسلحة لبلادنا فحسب، بل ستغرق أميركا و"إسرائيل" وحتى حلفائهما إلى الأبد في مستنقع المنطقة، وبدلًا من السعي إلى الخطاب مع جمهورية إيران الإسلامية من جهة ودعم جرائم الصهاينة في غزة من جهة أخرى، يجب على الأميركيين تغيير نهج سياستهم في المنطقة ومساعدة المجتمع الدولي على تهدئة الوضع مع شعب غزة؛ وهذا هو الخيار الوحيد أمامهم في غرب آسيا".