الخليج والعالم
الصحف الإيرانية: لماذا يصرّ كيان العدوّ على مواصلة الحرب؟
سلّطت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الثلاثاء (12/3/2024) الضوء على المتابعات والتحليلات المتعلّقة بالحرب على قطاع غزّة، بالإضافة إلى قضايا المفاوضات وأسباب عدم وصولها إلى أفق واضح حتّى الآن.
ثلاثة عواقب لخطأ بايدن في غزّة
مع وصول المعركة الدامية ضدّ الشعب الفلسطيني إلى شهرها الخامس، في ظلّ ظروف بلغت فيها هجمات الكيان الصهيوني على قطاع غزّة ذروتها، خصوصًا بعد انتهاء مساعي اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس و"إسرائيل"، نقلت صحيفة "إيران"عن الخبير في القضايا الدولية عابد أكبري قوله: "لقد مرت 5 أشهر منذ بداية حرب غزّة، حرب استشهد فيها أكثر من 30 ألف فلسطيني وجرح أكثر من 65 ألف آخرين، في ما فُقد آلاف الفلسطينيين الآخرين أو ما يزالون تحت الأنقاض. بالإضافة إلى ذلك، هُجّر جميع سكان غزّة تقريبًا من منازلهم، كما بات الجوع وانتشار الأمراض المعدية يهدّدان سكانها. هذه هي الظروف التي تستمر فيها تجري مفاوضات غير متوازنة ويائسة بشأن اتفاق وقف إطلاق النار، ولا يوجد أي احتمال واضح لإنهاء الحرب". وأضاف أن: "إحدى النقاط المثيرة للاهتمام حول استمرار معادلة حرب غزّة، هي النوع الخاص من النشاط واللعب الذي تمارسه الإدارة الأميركية".
بحسب الصحيفة، أوضح أكبري أنه: "على الرغم من أن مسؤولي البيت الأبيض يظهرون رغبتهم بـ"السلام" ومن وقت لآخر يصدر مسؤول أميركي انتقادات خفيفة تجاه الكيان الصهيوني، لكن يبدو أن وقاحة هذا الكيان في مواصلة الإبادة الجماعية في غزّة تعود إلى ثقته بنفسه وبالحصول على "شيك على بياض" موقّع من الأميركيين، وهو أمر كانت عواقبه مقلقة خصوصًا أن الكثير من الأميركيين باتوا يرون أن سياسة إدارة الرئيس الحالي جو بايدن المتعلّقة بحرب غزّة هي خطأ كبير في تاريخ السياسة الخارجية الأميركية".
وأضاف أكبري: "يشير العديد من منتقدي حكومة الولايات المتحدة إلى عواقب هذا الخطأ المتعلّق بالمصالح الوطنية الأميركية، وإذا تجاهلنا الاحتجاجات الكبيرة التي تشهدها مدن أميركية مهمّة مثل واشنطن ونيويورك وشيكاغو، فيجب أن ننتبه إلى حقيقة أن أكثر من 70 بلدية حتّى الآن شككت في حرب غزّة وأعلنوا عن دعمهم الأكيد والرسمي للشعب الفلسطيني، وهي قضية تظهر احتدام المواجهة بين الحكومة والرأي العام في أميركا". وتابع: "بحسب التقارير الرسمية، أرسلت إدارة بايدن حتّى الآن ما يقارب 14 مليار دولار من المساعدات المالية والأسلحة إلى الإسرائيليين، وهذا المبلغ يعادل تقريبًا أربعة أضعاف المساعدات السنوية التي تقدمها الحكومة الأميركية للكيان، وفي ظلّ المظلة الواسعة للدعم السياسي والمادي الأميركي لـ"إسرائيل"، يرى العديد من المراقبين والمحللين أن واشنطن هي شريك "إسرائيل" الأساسي في الجريمة ضدّ غزّة".
ولفت إلى: "أمر آخر من عواقب السلوك الأميركي في المنطقة، حيث شهدت المرحلة الأخيرة أكثر من 150 هجومًا على القواعد العسكرية الأميركية في منطقة غرب آسيا، وفي الوقت نفسه، تعرّض الشحن الدولي في البحر الأحمر للخطر إلى حد كبير بسبب المواجهات مع أنصار الله في اليمن، كما ارتفعت تكاليف الشحن وتجارة الحاويات في العالم بشكل كبير، وهي مسألة تخلق تكاليف وتحديات اقتصادية كبيرة للقوى الغربية، خاصة أميركا. إذ تظهر هذه التداعيات أن خسائر الولايات المتحدة مقارنة بما تكسبه في معادلة الدعم غير المشروط لـ"إسرائيل" في خضم حرب غزّة أكبر بكثير، وليس أمام الأميركيين خيار سوى متابعة مشروع السلام بجدية أكبر".
إحجام نتنياهو عن وقف إطلاق النار من أجل بقائه
كتبت صحيفة "وطن أمروز": "آلة حرب رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، ما تزال تنطلق في غزّة ولم تتوقف على الرغم من المشاكل الداخلية والضغوط الخارجية. وفي الوقت نفسه، ووفقًا للعديد من الاستراتيجيين السياسيين والعسكريين، لم ينجح جيش الاحتلال في المعركة في غزّة، فلماذا تصر "إسرائيل" على مواصلة الحرب؟".
قدمت الصحيفة أجوبة على هذا السؤال تمثلت بما يلي:
1. كانت حكومة نتنياهو تواجه مشاكل كثيرة منذ البداية، فمن ناحية، أدى اختيار حكومة متطرّفة تضم وزراء فاسدين -أغلبهم لديهم قضايا جنائية وإجرامية- وقدمت خططًا مثيرة للجدل بما في ذلك خطة الإصلاح القضائي، إلى اعتراضات كثيرة، وأدى في النهاية إلى احتجاجات واسعة النطاق في الشوارع ضدّ نتنياهو، ودفعه إلى حافة الانهيار.
2. عملية طوفان الأقصى، على الرغم من أنها وجهت ضربة قاضية لهيبة نتنياهو والأجهزة الأمنية والعسكرية لهذا الكيان، إلا أنها في الوقت نفسه أتاحت لنتنياهو التخلص من عبء الضغط الداخلي.
3. بعد أكثر من 5 أشهر من حرب غزّة، لم يتحقق أي من وعود نتنياهو بتحقيق نصر سريع على حماس وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين.. إن سوء إدارة الحرب وارتفاع عدد الضحايا في صفوف جنود جيش الاحتلال في المعركة مع مقاتلي المقاومة، والفشل في اكتشاف وتدمير أنفاق حماس، وبقاء جميع قادة حماس على قيد الحياة، وتدهور الوضع الاقتصادي في "إسرائيل"، كلها أمور زادت الآن من حدة المخاوف الإسرائيلية.
4. في حين يطالب المستوطنون، ومن بينهم عائلات الأسرى الإسرائيليين وقوى المعارضة، بوقف إطلاق النار مع حماس، فإنّ آلة القتل التي يقودها نتنياهو في غزّة ما تزال مستمرة، وعلى الرغم من احتجاجات المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، لا يوجد أي احتمال لخروج المحتلين من غزّة، حتّى أن عرقلة نتنياهو لاتفاق وقف إطلاق النار فاجأت حلفاء هذا الكيان، بمن فيهم رئيس الولايات المتحدة.
5. نتنياهو الآن في مأزق سيء، فالانسحاب من غزّة سينهي حياته السياسية، واستمرار الحرب يهدّد بتدمير "إسرائيل"، وقد حذر زعماء المعارضة الإسرائيلية، الذين يعرفون ذلك جيدًا، من أن مستقبل "إسرائيل" لا قيمة له بالنسبة إلى نتنياهو، وأنه سيدمر نفسه و"إسرائيل" مع استمرار الحرب.
6. الهجوم على رفح هو السهم الأخير في خطة نتنياهو لإطالة أمد الحرب، وبينما ينتظر الصهاينة والمجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، أمر نتنياهو بإعداد خطة إخلاء رفح والقيام بعمليات عسكرية ضدّ المدينة التي تستضيف أكثر من 1.5 مليون لاجئ فلسطيني، وعلى الرغم من الوضع المروع في غزّة ونقص الغذاء والماء والدواء والوضع المزري للأطفال الجائعين، قال نتنياهو" إن العملية العسكرية ضدّ رفح لن تلغى تحت أي ظرف من الظروف".
إلى من يريد الكيان الصهيوني تسليم السلطة في غزّة؟
في سياق متصل، رأى سيد رضا الحسيني الخبير الكبير في قضايا غرب آسيا في مقابلة مع صحيفة قدس" أن: "الكيان الصهيوني، بمساعدة داعمين أميركيين وأوروبيين، حاول تسليط الضوء على قضية مستقبل غزّة بعد الحرب من أجل تشتيت الرأي العام، وحتّى الآن، باءت جميع الخطط المقترحة في هذا الصدد بالفشل، لكن سبب فشل هذه المخطّطات يكمن في استمرار المقاومة ضدّ الاعتداءات والبنية التي خلقتها في هذا القطاع خلال أكثر من عقدين من وجودها وإدارتها في غزّة".
وأشار الحسيني إلى أن: "المظهر الواضح لجهود إضفاء الشرعية على مثل هذه المخطّطات يتجلى بوضوح في زيارة وليام بيرنز رئيس وكالة التجسس الأميركية لدول المنطقة، وتسليط الغرب الضوء على مثل هذه المخطّطات"، لافتًا إلى أن: "شركات إعلام إسرائيلية في الأيام الأخيرة، صرحت أن إحدى هذه الخطط هي ترك غزّة في أيدي بدو المنطقة، وهو ما يعدّ في سياق إدارة الكتلة؛ لكن يقظة زعماء القبائل ووعي سكان غزّة في الأيام الماضية أوصلت هذه الخطة الخطيرة والمثيرة للخلاف إلى طريق مسدود، وقد أعلن شيوخ العشائر أنهم لن يقبلوا بأي خطة خارج الإطار الفكري للمقاومة وأهل غزّة".