الخليج والعالم
عودة ترامب قد تسرّع الانتقال إلى التعددية القطبية
قال شون نارين أستاذ العلوم السياسية، في جامعة "St Thomas" الكندية، إن: "ولاية رئاسية ثانية للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لن تعني بالضرورة سياسة خارجية أكثر تدميرية من المعتاد بالنسبة إلى لولايات المتحدة الأميركية".
ففي مقالة، نُشرت على موقع "Asia Times"، تحدّث الكاتب عن وقوف الولايات المتحدة وراء حجم هائل من العنف والفوضى على المسرح العالمي منذ القرن الحادي والعشرين، ورأى أن: "ذلك سمة في السياسة الخارجية الأميركية بغض النظر عن هوية الرئيس". كذلك ذكّر الكاتب بما فعلته الولايات المتحدة، خلال غزو أفغانستان والعراق واحتلالهما غير المشروع، مشيرًا إلى أنّ ذلك تسبّب بوفاة أكثر من ٤.٦ ملايين شخص، وانعدام الاستقرار في الشرق الأوسط، وأعداد كبيرة من اللاجئين.
كما ذكّر نارين بالأزمة المالية العالمية بين عامي ٢٠٠٧ و٢٠٠٨، قائلًا: "إن الاقتصاد الأميركي غير الخاضع للنظام تسبب بها"، مضيفًا أن: "التداعيات السياسية والاقتصادية لذلك لا تزال مستمرة اليوم". ولفت أيضًا إلى التدخل الأميركي والأطلسي في ليبيا وانهيار تلك الدولة، وما نتج عن ذلك من نشر الفوضى في شمال أفريقيا وغيره.
كذلك تحدّث عن محاولات أميركية لتعزيز الهيمنة على أوروبا من خلال توسيع حلف "الناتو"، وذلك بالرغم من تحذيرات روسيا ضد القيام بذلك. وتابع الكاتب أن: "إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن اتُهمت بالإسهام في اشتعال الحرب على أمل إضعاف روسيا بشكل دائم ورفض مفاوضات السلام".
كما قال: "إن الولايات المتحدة أجّجت التوتر مع الصين حين لم تقم بالتزاماتها المنصوص عليها في القانون المتعلّق بالعلاقات مع تايوان حول عدم إقامة علاقات رسمية أو "تحالف" مع الأخيرة".
أما بخصوص العدوان الإسرائيلي على غزة، قال الكاتب إنه:" يشكل جزئيًا تتويجًا لعقود من السياسة الأميركية المضلة"، مردفًا: "الولايات المتحدة متواطئة بالكامل بجرائم الحرب الإسرائيلية، وتسهيل النزاع الذي يؤدي إلى ارتفاع منسوب التوتر في المنطقة". وتابع نارين أنّ: "إسرائيل لا تمثل قيمة استراتيجية تذكر للولايات المتحدة. والسياسيون الأميركيون يقولون إن الدعم الأميركي لـ"إسرائيل" يعكس الروابط "الأخلاقية والثقافية"، إلا أن السبب الأساس يعود إلى السياسات الداخلية". ورأى الكاتب: "ذلك يُفيد أن الولايات المتحدة تعرّض الاستقرار العالمي للخطر وتدعم الفظائع لأسباب سياسية داخلية".
كما أشار الكاتب إلى أن: "إدارة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن واصلت الكثير من مبادرات السياسة الخارجية التي ورثتها من ترامب"، لافتًا إلى أن بايدن كثّف الحرب الاقتصادية والتكنولوجية والسياسية التي شنها ترامب على الصين". كذلك قال الكاتب "إن بايدن استمر باتفاقيات "أبراهام" التي بدأها ترامب حول تطبيع العلاقات بين دول عربية و"إسرائيل"، من دون حل المسألة الفلسطينية".
وقال الكاتب: "إن كل ذلك لا يشجع على الثقة بقيادة الولايات المتحدة للعالم"، فبايدن وترامب يتشاركان الهدف نفسه، وهو الهيمنة الأميركية الدائمة، الا أنّ الخلاف هو فقط حول كيفية تحقيق ذلك".
وأردف الكاتب: "ترامب يرى أنه بإمكان الولايات المتحدة استخدام القوة الاقتصادية والعسكرية من أجل إجبار العالم على الرضوخ للرغبات الأميركية، وذلك بغض النظر عن الأثمان التي سيدفعها الآخرون، ومن دون أن تقدم الولايات المتحدة التزامات لأي طرف. أما بايدن فيتبع استراتيجية أكثر دبلوماسية، والتي تحاول التحكم بالمؤسسات الدولية، وإقناع دول رئيسة أن مصالحها تقتضي القبول بالهيمنة الأميركية والتعاون معها"، لافتًا في هذا السياق إلى أن "بايدن يلجأ إلى الإكراه الاقتصادي والعسكري أيضًا".
وتابع الكاتب أن: "الجانب الإيجابي في ولاية رئاسية لترامب هو أنها قد تجبر حلفاء الولايات المتحدة على مواجهة الواقع"، فبرأيه : "حلفاء أميركا أقنعوا أنفسهم أن رئاسة بايدن تعني العودة إلى الحياة الطبيعية، ولكنهم ما يزالون يقبلون ويدعمون "العنف الأميركي العالمي"، وهم يتجاهلون الفساد السياسي الأميركي الذي لم تستطع هزيمة بايدن لترامب في العام ٢٠٢٠ إخفاءه".
نارين قال: "إن ترامب هو من نتائج الاختلال السياسي الأميركي وليس من مسبباته"، جازمًا أن: "الحزب الجمهوري سيواصل انزلاقه نحو الفاشية، وستبقى الأجواء السياسية في أميركا مسمومة حتى لو خسر ترامب في الانتخابات الرئاسية القادمة في تشرين الثاني/نوفمبر". وشدّد الكاتب على أنّ: "ولاية رئاسية ثانية لترامب قد تُقنع حلفاء أميركا أنه لا يمكن الاعتماد عليها وهي متقلبة"، مضيفًا: "مجيء ترامب مجددًا قد يقوّض الائتلاف الذي هيمن وتسبّب بأضرار كبيرة للعالم"، لافتًا إلى أنّ: "هذا الائتلاف هو في الغالب "غربي"".
كذلك تابع الكاتب أنه: "إذا عاد ترامب، فحلفاء أميركا التقليديون قد يُدركون أن مصالحهم تقتضي إجراء مراجعة لعلاقاتهم مع الولايات المتحدة". وقال "إن ولاية رئاسية لترامب هي مجرد أنباء سيئة لبلدان مجاورة لأميركا مثل كندا والمكسيك، حيث ستضطر هذه الدول إلى حماية نفسها من "الفاشية الأميركية"، أما بالنسبة إلى بقية العالم، فولاية جديدة لترامب قد تمثّل بداية نظام ديناميكي متعدّد الأقطاب".