معركة أولي البأس

الخليج والعالم

استهداف قنصلية الجمهورية الإسلامية في دمشق محور اهتمام الصحف الإيرانية
03/04/2024

استهداف قنصلية الجمهورية الإسلامية في دمشق محور اهتمام الصحف الإيرانية

مثّلت جريمة الكيان الصهيوني باستهداف قنصلية الجمهورية الإسلامية في إيران والتي استشهد بسببها سبعة من كبار قادة الحرس الثوري، مركز اهتمام عند كلّ أطياف الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الأربعاء 03 نيسان/أبريل 2024، حيث تصدرت العناوين تحليلات معنى وموقع هذه الجريمة في الخارطة الإقليمية وماهية الرد الإيرانية المتوقع، كما اهتمت الصحف أيضًا بتحليل تطوّرات الميدان في غزّة وانعكاساته على المفاوضات الجارية.

بعض الملاحظات حول الانتقام

في هذا الصدد كتبت صحيفة "وطن أمروز": "هذا الكيان الصهيوني الشرير، بدعم كامل وغير محدود من القوى العظمى السياسية والعسكرية في العالم، لم يتكبد أي ثمن (حرفيًا "لا شيء") لأي من أخطائه المعروفة أو غير المعروفة في السنوات الـ 76 الماضية، وفقط استقر وكبر في جغرافيا تاريخية... ومنذ يومين سجلت "إسرائيل" رقما قياسيا جديدا في الجرائم السياسية العسكرية، إن الهجوم العسكري على أعلى مستوى ممكن (إطلاق 6 صواريخ) على سفارة دولة أخرى، على أراضي دولة ثالثة، يعتبر بدعة جديدة في تاريخ الحروب المعاصرة، إن عبور مثل هذا الخط الأحمر - الذي لم يعد بالطبع "خطًا أحمر" - لا يمكن تحقيقه إلا بثقة وارتياح من الدعم الأميركي، وهو أمر واضح وليس مفاجئًا، ويبقى هذا السؤال فقط: لماذا الآن؟ لماذا قبل يومين من بداية الشهر السابع من الحرب؟

إن العالم أجمع، وخاصة "إسرائيل"، يعرف جيدًا أن مكان المستشارين العسكريين لأي دولة، بما في ذلك إيران، هو سفارة أو قنصلية تلك الدولة، وهو مكان معروف وله علامات... فقي حين تزعم "إسرائيل" أنها انتصرت في قتالها مع مقاتلي الأسلحة الصغيرة التابعين لحماس والجهاد الإسلامي، ولم يبق إلا أن تطلق الرصاصة الأخيرة بمهاجمة رفح، ولماذا تقوم وهي على وشك النصر بزعمها بالقضاء على أعلى مسؤول عسكري في دولة أخرى بطريقة قذرة وتافهة لا تجلب له أي شرف أو وسام؟ إنه ليس سؤالًا تافهًا، وبالنظر إلى حالة المعركة، لم تقدم "إسرائيل" أية أدلة عسكرية أو سياسية توحي بمفهوم النصر للمراقبين الإعلاميين والرأي العام المؤيد لـ"إسرائيل" أو المعادي لها، بعد 6 أشهر من القصف والتدمير المتواصل في قطاع غزّة، لا تزال حركة حماس تنشط وتسقط يوميًّا قتلى من جيش الاحتلال... لم يتم إنشاء نظام أمني جديد في غزّة، وفي الشهر الخامس من الحرب، اضطرّ  الجيش الصهيوني، الذي كان يستعد لمهاجمة الطرف الجنوبي لقطاع غزّة، إلى العودة إلى الجزء الشمالي من قطاع غزّة مرة أخرى والقتال...

باختصار، لم يختلف الوضع عشية الشهر السابع عن الأسبوع الأول من الحرب، باستثناء أنه تم إنشاء سلسلة جبلية عالية من جثث النساء والأطفال وكتلة لا مثيل لها، الذي ولّد كراهية عند الرأي العام في العالم كله (باستثناء مواطني النظام الإسرائيلي وجزء من الولايات المتحدة) وتشويه سمعة الدولة اليهودية في العالم".

وختمت: " إن اتّخاذ مثل هذه الخطوة الجريئة، بعيدًا عن أي مستوى متوقع من العقلانية والحسابات، لن يعني سوى الركل من تحت الطاولة، ربما على أمل أن يؤدي المزيد من تسخين القضية إلى إجبار الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى على اتّخاذ موقف جديد داعم".

قبة ورقية.. جيش مزيّف

بدورها، كتبت صحيفة "إيران": "بينما كان بنيامين نتنياهو يدق طبول الحرب البرية في رفح في الأيام الأخيرة، فإن عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر 2023 أتاحت فرصة لإجراء تقييم جدي وجوهري لقدرات واستراتيجيات الجيش والأمن في الكيان الصهيوني، بغضّ النظر عن الصور الإعلامية، إن تمرير قوات المقاومة الإسلامية الفلسطينية عبر طبقات دفاع متعددة، وإعماء أنظمة الرادار، وأسر مئات الصهاينة، بما في ذلك كبار المسؤولين العسكريين في هذا النظام، وإدارة ساحة المعركة بعد الدخول البري للجيش الصهيوني إلى غزّة هي أهم الخطوات التاريخية، والضربات الاستراتيجية التي وجهتها المقاومة ضدّ السلطة الأمنية والعسكرية لنظام الاحتلال، كانت ضربة لا يمكن إصلاحها، بحسب تعبير الإمام الخامنئي، والآن تسير أوضاع جيش هذا النظام في رفح على نفس المسار".

وفي مقابلة مع عضو هيئة التدريس في جامعة الدفاع الوطني، الدكتور فتح الله كلنتري، وفي حديثه لصحيفة إيران حول طبيعة حرب المدن وفشل الجيش الصهيوني في إدارة مصير الحرب، قال: "في ما يتعلق بالعلاقة بين الجغرافيا السياسية والعسكرية لغزّة، تجدر الإشارة إلى أنه بداية، نشأت وحدة سياسية غريبة جدًا بين المقاومة الإسلامية في فلسطين وشعب هذا البلد، واتحد كلاهما بالإجماع على الوقوف ضدّ الكيان الصهيوني، كانت الوحدة بين الشعب وحماس كبيرة لدرجة أنه على الرغم من الضغوط الشديدة التي مارسها النظام في القصف الوحشي والجبان للمناطق السكنية والمراكز الدولية الآمنة وخطوط المساعدات، فإن سكان غزّة ما زالوا غير مستعدين لمغادرة وطنهم والتوقف عن دعمهم المقاومة، إن مقاومة أهل غزّة هذه تعبر عن وحدة الشعب والمقاومة، إنها تعبر عن الوحدة بين الجغرافيا والسياسة، إنها تعبر عن الوحدة بين كتائب المقاومة العسكرية والشعب الفلسطيني، التي بقيت خلال هذا الضغط المستمر، ولذلك فإن هناك تقاربًا سياسيًا وعسكريًا بين حماس والشعب الفلسطيني، وهو ما تسبب في فشل النظام الصهيوني في استكمال حصار غزّة وتحقيق أهداف النظام العسكرية".

وأضاف: "الميدان والتفاوض هما الجناحان والأداة الرئيسية للنظام السياسي، لكن ما هو حاسم هو قوة الميدان، لأن التفاوض يرتكز على قوة الميدان، بمعنى آخر، التفاوض شرط ضروري لتحقيق النصر، لكنّه ليس شرطًا كافيًا ولن يصل إلى أهدافه دون دعم الميدان، أعتقد أن ما يحدد مصير الحرب هو الميدان أولًا ومن ثمّ التفاوض، ورغم أنه عمليًا لا يمكن الفصل بين هذين الجناحين، لكن إذا أردنا إعطاء الأولوية، أعتقد أن الجناح الرئيسي هو الميدان والجناح الثاني هو التفاوض، ولذلك فإن ما يجبر النظام الصهيوني على التفاوض هو القوّة الميدانية للمقاومة التي تعتمد على الدعم من الشعب، اليوم تكمن قوة حماس في حقيقة أن الشعب يقاوم جنبًا إلى جنب مع المقاتلين".

الغدر الإسرائيلي المتعمّد

من جهتها، كتبت صحيفة "مردم سالاري" الإصلاحية: "إن الهجوم الذي قام به نظام الاحتلال الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق، التي تعتبر جزءًا من وطننا الحبيب، واستهدف عددًا من مواطنينا العسكريين، ندينه بشدة، وهذه الإدانة خارجة عن أي وجهة نظر حزبية أو سياسية أو حالية، وهي ناجمة عن الانتماء والانتماء للوطن، نظام نتنياهو الذي يواجه أزمات داخلية، اختار منذ فترة طويلة استراتيجية الإرهاب وتوسيع الحرب من أجل الهروب من المأزق وفضيحة غزّة الأخلاقية والسياسية والدولية والعسكرية، بالنسبة لهذا النظام، فإن أي هزيمة على يد الفلسطينيين ستخلق أزمة وجودية للكيان، وفي وضع يتعاطف فيه الرأي العام العالمي مع معاناة الفلسطينيين ويقف ضدّ الاحتلال الصهيوني، مع اتساع مستوى الأزمة وتصاعدها، ينتقل التركيز من غزّة إلى مكان آخر، مما يوفر متنفسا أن يرتكب الجيش الإسرائيلي التائه بلا هدف في غزّة المزيد من الجرائم ضدّ الإنسانية، ولعلّ الهدف هو التورط المباشر ونقل تكاليف الحرب إلى الولايات المتحدة (التي كانت بينهما خلافات بسبب ظروف الانتخابات المقبلة)... 

لذلك، من الضروري الحفاظ على اليقظة لتقليل نقاط الضعف واتّخاذ الإجراءات الوقائية ضدّ الخدعة الإسرائيلية الجديدة، من حق إيران، مثل أي دولة أخرى، أن تقدم ردًا مناسبًا على انتهاك الخصوصية القنصلية واستشهاد كبار قادتها العسكريين، لكن هذا الرد يجب أن يكون متناسبا وذكيا ومدروسا".
 

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم