الخليج والعالم
يقظة الجيل الجديد في أوروبا محور اهتمام الصحف الإيرانية
سلّطت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الأربعاء (15/5/2024) الضوء على ذكرى النكبة الفلسطينية وما يكتنفها من تطورات على مستوى الواقع والوعي العالمي إزاء الكيان الصهيوني والقضية الفلسطينية، خاصة ما يحدث الآن في المجتمعات الغربية أو ما يسمى الانتفاضة الطلابية في وجه المؤسسات الديكتاتورية المقنّعة بقناع الليبرالية.
ذكرى النكبة.. على رأس الكيان الصهيوني
في ذكرى النكبة، كتبت صحيفة "إيران": "خلال الصراعات في العام 1948، والتي أدت إلى قيام هذا الكيان واحتلال جزء كبير من فلسطين، سوّي أكثر من 530 بلدة وقرية في فلسطين بالأرض، واستشهد 15 ألف فلسطيني، وأُعدم العشرات منهم جماعيًا، وهاجر نحو 18 ألف شخص، وتشرّد ما مجموعه 800 ألفًا، أي نحو 70% من الفلسطينيين بسبب السلوك الصهاينة الهمجي". وأضافت: "على الرغم من أن الكيان المجرم يحاول تنفيذ سيناريو آخر ليوم النكبة في قطاع غزة، إلا أن وجود روح المقاومة عند الشعب الفلسطيني من جهة، وضعف الكيان بعد طوفان الأقصى ووعي العالم لطبيعة الصهاينة، دفع هذا الخيال الفج إلى الوراء، فمن خلال خلق مشكلات متزايدة لإسرائيل بدأت تظهر علامات على وجود تراجع لهذا الكيان".
وتابعت الصحيفة: "في مقابل تزايد جرائم الصهاينة، ازدادت قوة المقاومة والشعب في تنظيم مواجهة مسلحة ضد مؤامرات الكيان وإرادة القتال ضد المحتلين، ووفرت الأساسات لولادة وترسيخ مجموعات المقاومة المنظمة، لتكون عملية "طوفان الأقصى" نموذجًا متطورًا لنضال الشعب الفلسطيني، غيّر موازين القوى وحدد مسارًا جديدًا للمعادلات في الأراضي المحتلة". وأشارت إلى أن الغرب يبحث في سياق خطة الدولتين وتسليم قيادة قطاع غزة رسميًا بعد الحرب إلى بعض الدول العربية وتحديد مسار الاحتلال من حيث المبدأ للكيان الصهيوني. وهي خطة قديمة وقعت في فخها بعض المؤسسات الفلسطينية، ولكن في الحقيقة رسمت جرائم الكيان الصهيوني الدموية التي لا هوادة فيها خطًا أحمر على هذه الفكرة"، لافتة إلى أن: "فصائل المقاومة الفلسطينية، وبناء على نظرة عميقة إلى طبيعة الكيان، قامت برفع مستوى قواتها القتالية والميدانية، لتؤكد مبدأ "المقاومة" كونه الحل الوحيد للقضية الفلسطينية، خصوصًا أن أساس الاستراتيجية الصهيونية لا يقتصر على الأراضي الفلسطينية، بل إن كل غرب آسيا والدول الإسلامية في المنطقة هي جزء من أهدافها الشريرة والمتنوعة طويلة المدى".
وختمت الصحيفة بالقول: "ربما تحدد بعض التيارات الدولية المنحازة أسسًا لمواجهة الكيان من الناحية الفكرية، إلا أن سلوك الصهاينة بعد طوفان الأقصى أبطل هذا التصريح وأظهر أن نظام الاحتلال لا يتوانى ولا يلتزم بالمبادئ الإنسانية الأساسية في فلسطين من أجل تنفيذ أهدافها يحدث كل إجراء، ولهذا السبب دخلت جبهة المقاومة في المنطقة ساحة النضال ضد الكيان بعد طوفان الأقصى للضغط عليه، وإثبات قوتها الداخلية ووحدتها في مواجهة أي خيال عابر للحدود الصهاينة في المنطقة".
دور حرب غزة في يقظة الجيل الجديد في أوروبا
بدورها، رأت صحيفة "وطن أمروز" أن: "الغضب العالمي إزاء الهجوم الصهيوني على رفح لمّا ينته بعد، ووصل الأمر إلى حد قيام مجموعة من موظفي مؤسسات الاتحاد الأوروبي بمسيرة صامتة في بروكسل حدادًا على الشهداء في غزة"، مضيفة أن: "تحليل مسألة كيفية تحدي موظفي إحدى المؤسسات المتورطة في الإبادة الجماعية في غزة للمؤسسة التي يعملون فيها، يتطلب بحثًا واسعًا".
وقالت: "بعد مرور 32 عامًا على تأسيس الاتحاد الأوروبي، تحولت هذه النزعة المؤسسية إلى دكتاتورية جماعية، فمؤسسات القوة في أوروبا، بدلاً من أن تسعى إلى تحقيق التقارب حول المصالح المشتركة للقارة الخضراء، أصبحت حافزًا وقناة لتثبيت استقرار النظام أو الفوضى التي يفرضها الغرب في النظام الدولي"، لافتة إلى أنه: "تُحدّد الخطوط الحمراء لمؤسسات السلطة في أوروبا الموحدة والاعتراف بها بناءً على هذه الأفكار والافتراضات، فأي شخص في أي مكان في أوروبا ينتهك هذه الخطوط الحمراء المفروضة وغير العقلانية سيواجه القوة القسرية.. إن الشعارات الملونة والمثالية التي رُفعت في بداية تشكيل الاتحاد الأوروبي فقدت لونها الواحد تلو الآخر".
ورأت الصحيفة أن: "الحرب في غزة وتطوراتها الرهيبة والمحزنة هي النقطة الكاشفة لصعود الرأي العام الأوروبي ضد المؤسساتية المسمومة في هذه المجموعة.. لقد أدرك المواطنون الأوروبيون اليوم أن الخطوط الحمراء التي صيغت وغرست في أوروبا في ظل المؤسساتيةن وتحت ذريعة الاعتماد على العقل الجمعي، يجب تجاوزها بشكل صريح".
وتابعت أن: "الوعي الجمعي في أوروبا، والذي نشهد تبلوره واستقراره في الوقت الحاضر، تحدى أفكار وأسس الحكم الغربي والمؤسساتية المقيتة والخبيثة المختبئة في قلبها، ولم يترك سبيلاً لإحيائها"، موضحة أن: "في هذه المؤسساتية لا يستحق مواطنو الغرب القيم المزعومة والوهمية مثل الديمقراطية وحرية التعبير وحرية تداول المعلومات، إلا إذا خضعوا لهذه المؤسساتية الرسمية والديكتاتورية غير الرسمية". وقالت إن: "الجيل الجديد في الاتحاد الأوروبي، خلافًا لأسلافه، يكره هذه المؤسساتية والدكتاتورية كونهما توأمان. والانتفاضة الطلابية الأخيرة في أوروبا، على الرغم من التهديدات المتعددة من المؤسسات القضائية والسياسية والأمنية في الغرب، تضاف إلى هذه الصحوة لحظة بلحظة، كما أن وقوع حرب غزة كشف لأول مرة عن طبيعة المؤسساتية الغربية أمام الرأي العام في القارة الخضراء، وخاصة الشباب.. اليوم نرى نتيجة هذه العملية في تبلور حماسة واسعة النطاق وغضب مقدس ضد النظام الصهيوني الغاصب وداعميه الغربيين".
الابتعاد عن الديمقراطية الليبرالية
من جانبها، أشارت صحيفة "جام جم" إلى أن: "مصادر أوروبية نشرت مؤخرًا تقريرًا مدروسًا حول نظرة المواطنين الغربيين إلى الديمقراطية، وذلك نقلاً عن بحث مكثف في المجتمع المستهدف (15 دولة أوروبية)، تبيّن أن عدم الرضا عن الديمقراطية الغربية يتزايد في بعض أجزاء أوروبا؛ حيث تفشل الحكومات في تلبية التوقعات الديمقراطية للمواطنين"، لافتة إلى أن: "هذا التقرير يُنشر في الوقت الذي تُقمع فيه انتفاضة الطلاب الأوروبيين دفاعًا متحمسًا عن شعب غزة، من فرنسا وألمانيا إلى هولندا وإسبانيا،.. أما منظمات حقوق الإنسان المستقلة على ما يبدو في الغرب، بما في ذلك البرلمان الأوروبي، ظلت صامتة في مواجهة هذا الحجم من الاعتقالات وأعمال العنف".
الصحيفة تحدثت عن نقاط أساسية يجب أخذها بالحسبان، ففي العقود الأخيرة، لوحظ أن الديمقراطية الليبرالية الغربية يستشهد بها من هم في السلطة في الغرب ليس فقط كنموذج للحكم، ولكن أيضًا نموذجًا لأيديولوجيا فكرية. فمن الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية والمحافظة في أوروبا إلى الأحزاب الديمقراطية والجمهورية في أمريكا، يرون الديمقراطية الليبرالية هي البنية التي تضمن بقائهم، وأي فكر يتحدى أسسها أو حتى مخرجاتها يكون هدفا لهجماتهم المختلفة. ومن هذه النظرة، وبالرغم من الشعارات الإنسانية، تهيمن البنية على الفاعل، وعلى هذا الأساس البنية الليبرالية للديمقراطية الغربية تحرم حتى كبار أساتذة الجامعات الأوروبية والأمريكية من حرية مواصلة أبحاثهم لإدانة إبادة جماعية واسعة النطاق وواضحة في قطاع غزة".