الخليج والعالم
انفتاح دولي على سورية.. السياسات العدائية لواشنطن تجاه دمشق فشلت
كتب جوشوا لانديس وحكمت أبو خاطر مقالة نشرت على موقع "Responsible Statecraft" قالا فيها إنّ المبادرات التركية تجاه الرئيس السوري بشار الأسد وعودة سورية إلى الجامعة العربية وانتخاب مسعود بزشكيان رئيسًا لإيران، وكذلك الحرب المستمرة في غزّة، كل ذلك يشير إلى ضرورة أن تعتمد الولايات المتحدة سياسة جديدة حيال سورية.
وشدد الكاتبان على ضرورة أن تتقبل واشنطن أنَّ المنطقة بأكملها تطبع العلاقات مع دمشق والرئيس الأسد، لافتَين إلى أنَّ السياسة الأميركية الحالية التي كانت تستند إلى تغيير النظام في دمشق فشلت، وأن قرار الأمم المتحدة رقم 2254 الذي يدعو إلى عملية انتقالية ديمقراطية في سورية من أجل وصول المعارضة السورية إلى الحكم ليس لها أي فرص نجاح، وكذلك الأمر بالنسبة للمساعي الهادفة إلى فصل سورية عن إيران.
وأوضح الكاتبان أن المساعي الهادفة إلى إنشاء كيان كردي شبه مستقل في شمال شرق سورية هي أيضًا غير واقعية، حيث أشارا إلى أن الدول المجاورة وخاصة تركيا ترفض هذا المشروع، مؤكدين أن السياسات الثلاث المذكورة وهي تغيير النظام ودحر إيران وإنشاء دويلة كردية كلها كانت تستند إلى نجاح تغيير النظام في دمشق، وأنها لم تعد منطقية اليوم.
وتابع الكاتبان أن "واشنطن ومع تواجد محدود ساعدت قوات "سورية الديمقراطية" التي هي قوة يقودها الأكراد على الحفاظ على السيطرة على المناطق الواقعة في شمال شرق سورية التي تمثل "سلة الخبز" ومخزونًا نفطيًا لبقية البلاد".
وأضافا أنَّ السياسة الجديدة وراء وجود الجنود الأميركيين في سورية غير المعلنة تحولت إلى دحر إيران عبر قطع صلة الوصل لجبهة المقاومة المتمثلة بسورية.
وأوضح الكاتبان أنه ومع انتخاب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الذي ألمح إلى انفتاحه تجاه الغرب ورغبته في إعادة الانخراط مع الولايات المتحدة في الملف النووي على واشنطن أن تلاقيه في منتصف الطريق.
كذلك أردف الكاتبان أنَّ تداعيات دعم أردوغان للجماعات المتطرفة في سورية عادت لتطول تركيا، حيث عبرت أعداد كبيرة من اللاجئين الحدود إلى داخل تركيا هروبًا من الحرب في سورية.
وأشارا إلى أنَّ تركيا تعاني اليوم من التوّتر الاجتماعي الذي تفاقم مع وجود 3.7 مليون لاجىء سوري في البلاد بالرغم من تلقيها ما يزيد عن 11 مليار دولار من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للتعامل مع أزمة اللاجئين، فإن أردوغان قرر مؤخرًا أن الوقت مناسب لرحيلهم.
وأوضح الكاتبان أنه إلى جانب مسألة اللاجئين، يرى أردوغان أن الوضع القائم الذي تحافظ عليه الولايات المتحدة في شمال شرق سورية هو غير مقبول.
كما أضافا أنَّه وبعدما دعم إزاحة الرئيس الأسد من الحكم لاثني عشر عامًا، بات يدرك أردوغان أن الرئيس السوري باق ويفضله على حدوده الجنوبية بدلًا من كيان كردي مستقل.
وأشارا إلى أنَّ أردوغان وجه دعوة إلى الأسد لزيارة رسمية إلى إسطنبول هذا الشهر.
كذلك قال الكاتبان، إنه وعلى الرغم من أن الرئيس الأسد يرفض لقاء أردوغان من دون الحصول على التزامات من تركيا تقضي بسحب قواتها من الأراضي السورية، فإنه ألمح إلى استعداده لعقد لقاء من حيث المبدأ.
وتابعا أنَّ الرئيس السوري يريد استعادة السيادة السورية على المناطق التي سيطرت عليها الجماعات الإرهابية والجيوش الأجنبية.
كما أردفا أنَّ إعادة إحياء التبادل التجاري مع تركيا سيعطي شريان الحياة للاقتصاد السوري الذي هو بأمس الحاجة إليه.
وتحدث الكاتبان عن رغبة الرئيس الأسد بأن يكون له حليف في مواجهة الأكراد الذين تدعمهم أميركا في شمال شرق سورية، مؤكدين أنه يسعى إلى الاستفادة من التهديد المتمثل باجتياح تركي للمناطق التي تسيطر عليها قوات "سورية الديمقراطية" من أجل التفاوض على صفقة حول الأكراد السوريين.
كما شدد الكاتبان على أنَّه حان الوقت لسحب القوات الأميركية من سورية مع اقتراب تسلم إدارة أميركية جديدة الحكم في عام 2025 المقبل.
واعتبر الكاتبان أن أمام الولايات المتحدة فرصة للاستفادة من ورقة العقوبات الاقتصادية بغية التوصل إلى صفقة مقبولة بين قوات "سورية الديمقراطية" والحكومة السورية، وبموجب مثل هذه الصفقة يحصل الأكراد على حكم ذاتي نسبي مقابل استعادة الحكومة السورية السيادة.
كذلك تابع الكاتبان بأنه يجب التوصل إلى اتفاق بين الأكراد ودمشق، وبأن بإمكان الولايات المتحدة الاستفادة من أوراقها لضمان التوصل إلى أفضل اتفاق ممكن. وأردفا أن العودة إلى اتفاقية أضنة عام 1998 بين سورية وتركيا هي النتيجة الأكثر ترجيحًا على الأمد الطويل.
أما على صعيد موضوع اللاجئين فقد شدَّد الكاتبان على ضرورة أنَّ تطرح الحكومة الأميركية على نفسها سؤالًا عما إذا كانت المصلحة الأميركية تقتضي عودة عدد من اللاجئين البالغ عددهم 3.7 لاجىء الممكنة اقتصاديًا عبر رفع العقوبات عنها، أم فرارهم إلى تركيا في طريقهم إلى أوروبا، وبالتالي اشتعال أزمة هجرة جديدة وتمكين اليمين المتطرّف في أوروبا أكثر.
وأشار إلى أن العديد من حلفاء أميركا الأوروبيين يرغبون باستئناف العلاقات الدبلوماسية مع دمشق ورفع العقوبات، وإلى أن ثماني دول من الاتحاد الأوروبي قدّموا مؤخرًا وثيقة تقترح أن يستأنف الاتحاد الأوروبي العلاقات الدبلوماسية مع الحكومة السورية.
ولفت الكاتبان إلى أن هذه الدول إنما ترى أنَّ سياسة تغيير النظام والعقوبات قد فشلت، وأن الخطوات التي اتّخذت حتّى الآن أضرت بشكل أساس بالمدنيين، محذرين من أن واشنطن ستطرد من المنطقة إذا ما واصلت إعاقة عملية التطبيع التي يسعى وراءها حلفاؤها المقرَّبون.
سورياالولايات المتحدة الأميركيةتركيا