الخليج والعالم
أبعاد اغتيال إسماعيل هنية ودوافع الثأر لشهادته محور اهتمام الصحافة الإيرانية
اهتمت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الأحد 04 آب 2024 بمسألة الانتقام والثأر المرتقب من قبل الجمهورية الإسلامية على عملية اغتيال الشهيد إسماعيل هنية حيث حاولت الصحف الإيرانية بيان الأبعاد التي تجعل عملية الثأر مسألة وطنية بالدرجة الأولى، كما تابعت الصحف أيضًا مسألة العلاقات بين أميركا والصهاينة.
نتنياهو في أميركا...قاتل كذّاب
كتبت صحيفة "كيهان": "بعد حوالي أسبوع من الرحلة المثيرة التي قام بها بنيامين نتنياهو، جزار غزّة، إلى الولايات المتحدة وخطابه وسط التصفيق المستمر في الكونغرس، قال بعض المحللين للعلاقات الدولية في الولايات المتحدة إنّ هذا الإجراء لم يترك سمعة للولايات المتحدة في العالم".
وأردفت الصحيفة: "إن تشجيع شخص ثبتت جرائمه في المحاكم الدولية وحكم عليه بـ "الإبادة الجماعية" و"جريمة الحرب" ليس بالأمر الذي يمكن تجاهله بسهولة، خاصةً إذا علمنا أن هذه الدعوة تمت بقصد مخالفة هذه الأحكام القضائية، وبعد إدانة نتنياهو من قبل محكمة العدل الدولية (لاهاي) وإصدار مذكرة اعتقال، أعلنت العديد من دول العالم حتّى في الغرب أنها ستعتقله إذا زار بلادها، لكن بعد تهديد ورشوة قضاة هذه المحكمة والمدّعين العامين لإظهار عدم اهتمامها بهذه الأحكام، دعت أميركا نتنياهو لإلقاء خطاب أمام الكونغرس وشجعته بطريقة جنونية، وكان نشر صور التشجيع المتواصل لمجرم حرب في بلد يعتبر نفسه رائدًا في مكافحة الإرهاب والمجرمين، فضيحة كبيرة لدرجة أنه حتّى بعد حوالي أسبوع من هذه الفضيحة، لا تزال ردود الفعل عليها مستمرة".
وبحسب "كيهان": "قال جون ميرشايمر، المنظر الأميركي للعلاقات الدولية وصاحب نظرية "الواقعية العدوانية"، في مقابلة معه إن "اللوبي "الإسرائيلي" يسيطر على الكونغرس الأميركي، ويمكنه الحصول على أي شيء يريده تقريبًا... والحقيقة هي أن هذه القضية [دعوة مجرم حرب وتشجيعه] تجلب العار الكبير للولايات المتحدة في العالم وتجعلنا أكبر المنافقين في العالم، نتنياهو مجرم حرب، إنه القائد المسؤول عن حملة الإبادة الجماعية في غزّة التي يشجعها معظم أعضاء الكونغرس، والتي تلحق ضررًا كبيرًا بسمعة أميركا، لست مندهشًا من أنه [نتنياهو] كان يدعو إلى الحرب إلى هذا الحد، كما أنني لست مندهشًا من مدى كذبه الصارخ، وهو الأمر الذي قبله الكونغرس بسهولة بالطبع، ما يهم نتنياهو هو التطهير العرقي في غزّة، إنه يريد طرد جميع الفلسطينيين".
الانتقام قضية وطنية
كتبت صحيفة "وطن أمروز" اليوم: "حتّى اليوم قدمت تحليلات كثيرة حول اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ورفيقه في طهران، ومع ذلك، لم تتناول أي من هذه التحليلات تقريبًا المعنى السياسي للعمل الجبان الذي قام به النظام الصهيوني في هذا الصدد، وفي ما يتعلق بالحكومات، فإن تصرفات النظام الصهيوني في هذه الحالة تعني تحدي الشخصية القانونية والجوهر السياسي لجمهورية إيران الإسلامية كدولة، وينبغي فهم هذه القضية في ضوء حقيقة أن جميع الأشخاص الذين يعيشون في بلد ما، سواء كانوا شخصيات سياسية أو أشخاص عاديين بموجب قوانين الحكومة المضيفة، يتمتعون بالحصانات والحقوق والأمن بسبب نظام البلد المضيف، وفي كلّ مرة تقوم جهة أجنبية، دون إذن أو إخطار الحكومة المضيفة، بإجراء سياسي أو قانوني أو أمني ضدّ هذه الفئة من الناس وضد وجودهم، هي في الواقع وفي الممارسة العملية، تتحدى وتتجاهل مبدأ هيكلية وشخصية الدولة المضيفة، ولهذا السبب فإن تصرف الطرف الثالث في هذا السياق هو عمل ضدّ السلامة الوجودية للدولة المضيفة، لأنه بهذا الفعل يكون قد تصرف وكأن الدولة المضيفة غير موجودة على الإطلاق"، مشيرةً إلى أنّ "ما قامت به العصابة الإجرامية الصهيونية ضدّ الشهيد إسماعيل هنية في طهران ليس فقط عملًا ضدّ مواطن أجنبي وأحد قادة المقاومة الفلسطينية، بل قبل كلّ شيء، عمل ضدّ أمن وسلامة حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبالتالي ضدّ الهويّة السياسية، ولذلك فإن مسألة هذا الإجراء لا تتعلق فقط بالقانون الدّولي، وبما أنها مسألة تتعلق بالأمن القومي الإيراني، فيمكن اعتبارها مسألة داخلية، كما ينبغي صياغتها كقضية وطنية تتعلق بالهوية السياسية لجميع الإيرانيين".
وتابعت: "إن مسألة الثأر، التي أثارها قائد الثورة بعد العمل الإرهابي الذي قام به النظام الصهيوني، لها جوانب مختلفة، وينبغي فهم قضية الثأر أكثر فأكثر على أنه ضرورة سياسية ومسألة تتعلق بالحكومة، وكما ذكرت سابقًا، فإن الإجراء "الإسرائيلي" ضدّ شهداء المقاومة في طهران هو، من عدة جوانب، قضية مرتبطة بشكل أساسي بشخصية الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتستهدف أسسها القانونية والسياسية"، لافتةً إلى أنّ "هناك مسألة أخرى ينبغي الاهتمام بها في هذا السياق، وهي تتعلق بالوحدة الوطنية داخل إيران، والوحدة السياسية بين إيران والمقاومة الإسلامية في المنطقة، لذلك، سواء في السرد الذي نقدمه حول العمل الإرهابي الذي يقوم به النظام "الإسرائيلي" أو في شكل ومضمون الثأر الخاص الذي نتوقعه، ينبغي النظر في مسألة هذين الشكلين من الوحدة".
الجبهة الأميركية الصهيونية ضدّ المقاومة
كتب أمير علي أبو الفتح المتخصص في الشؤون الأميركية في صحيفة "همشهري" اليوم: "إن أي إجراء يقوم به النظام الصهيوني يؤثر على منطقة غرب آسيا وعلى المستوى الدّولي، لا شك أنه يتم بالتنسيق مع الأميركيين وبعلمهم، إن السلام والحرب والإرهاب وما إلى ذلك، وأي عمل عسكري وأمني سينفذه "الإسرائيليون"، يجب أن يكون بإخطار مسبق وبالتنسيق مع كبار المسؤولين في الولايات المتحدة".
وتابع:"على هذا الأساس، فإن اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الذي يتمتع بتمويل إقليمي ودولي، تم بعلم وتبرير كاملين من ساكني البيت الأبيض، لكن النقطة الموجودة في هذا المجال هي أن الأبعاد الدقيقة والمعلومات التفصيلية حول هذا التبادل للمعلومات حول اغتيال الشهيد هنية ليست متاحة بعد، وهي بحاجة إلى مزيد من التحقيق".
وأردف:"من ناحية أخرى، وفي ما يتعلق بدعم أميركا لـ"إسرائيل"، لا يخفى على أحد أن واشنطن لن تتوقف عن أي عمل من شأنه أن يساعد على بقاء النظام الصهيوني والحفاظ عليه، وسيحقق ذلك بأي طريقة ممكنة، لكن اللافت أنه رغم هذا الدعم الشامل فإن الأميركيين يزعمون العمل على تخفيف التوّتر في المنطقة وإنهاء الحرب وإرساء الاستقرار".
وقال:"إنّ خفض التصعيد والاستقرار الذي يبحث عنه الأميركيون يختلف تمامًا عما يدور في أذهاننا بشأن خفض التصعيد وإنهاء الحرب، على سبيل المثال، لا يساعد الأميركيون "إسرائيل" في التعامل مع فصائل المقاومة فحسب، بل ينخرطون بشكل مباشر في صراع وحرب مع أطراف محور المقاومة، التي يعتبرونها جماعات إرهابية، وتماشيًا مع السياسة الاستراتيجية الكليّة، ومن وجهة نظر الأميركيين بشكل أساسي، من الضروري شن حرب مع مجموعات المقاومة وإضعافها أو القضاء عليها، على سبيل المثال، في معركتهم مع المقاومة اليمنية، أطلق الأميركيون دعاية ووصفوهم بالإرهابيين، وهذا هو نفس الأسلوب الذي اتبعته "إسرائيل" في الحرب مع حماس وتعتبر قوى المقاومة الفلسطينية إرهابية".
وأشار أبو الفتح إلى أنّ "النقطة اللافتة هنا هي أنه لا يوجد اختلاف في الرأي بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة في السياسات الكليّة والاستراتيجية، بمعنى أن كلًا منهما ينتهج سياسة واحدة في البعدين الإقليمي والعالمي، ولكن أحيانًا في التكتيكات والأساليب بينهما نجد الاختلاف، على سبيل المثال، يرتكب النظام الصهيوني أعمال القتل والعنف ضدّ سكان غزّة من خلال هجمات عمياء يعتبرها هجمات متعمدة ومستهدفة، لكن الولايات المتحدة تعتقد أن النظام الصهيوني يجب أن يكون أكثر حذرًا من أجل التوصل إلى اتفاق بين الفلسطينيين و"إسرائيل"، الذي سينتهي في صالح "إسرائيل"".
وختم:"لكن تجدر الإشارة إلى أنّ هذه التوصيات إما لا تؤخذ بعين الاعتبار من قبل الصهاينة، أو أن أولئك الذين ينوون الاهتمام بتوصيات أميركا، عندما يرون دعم واشنطن الشامل لـ"إسرائيل"، لا يلتزمون بحلول أكثر حذرًا، لأن النهج الاحترازي الذي تتبعه أميركا ليس جديًا".
فلسطين المحتلةالجمهورية الاسلامية في إيراناسماعيل هنية