الخليج والعالم
انتصار آب 2006 محور اهتمام الصحف الإيرانية
اهتمت الصحف الإيرانية، الصادرة اليوم الخميس 15 آب 2024، بالتطورات الأخيرة في المنطقة والعالم، وتزامنًا مع خطاب آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي الذي حذّر فيه من حرب العدوّ النفسية، سلّطت الصحف الضوء على فاعلية العدوّ في هذا المجال، كما كتبت أيضًا عن جدلية الوحدة الوطنية التي يسعى لها السيد مسعود بزشكيان في حكومته، ولا بدّ من الإشارة إلى أن بعض الصحف أحيت ذكرى الانتصار في حرب تموز.
حرب تموز وانتهاء أسطورة "الجيش الذي لا يقهر"
كتبت صحيفة "إيران" لمناسبة ذكرى انتصار آب 2006 ضدّ العدوّ الصهيوني في لبنان: "هذه المعركة التي شارك فيها العالم وعقول الجميع فيها، جعلت المحللين والمؤسسات البحثية يتساءلون ويحللون تغيرات وتطورات هذه المعركة في ما يتعلق بقوة قوى المقاومة. كما خلقت تناقضات في مفاهيم ومقاييس الإخفاقات في تاريخ الصراع العربي- "الإسرائيلي" على مدى العقود الماضية، لتخلق بذلك حقبة جديدة من الانتصارات والإنجازات العظيمة". وتابعت: "يمكن القول إنّ هذه الحرب (حرب تموز 2006 - الـ 33 يومًا) قد ورثت معالم جديدة في نظريات الحرب الاستراتيجية، بشكل لا يمكن مقارنتها بالأمثلة المعاصرة والتقليدية. إذ كانت معركة تموز هي التي، ولأول مرة، تجمع بين الحرب الكلاسيكية التقليدية من جهة وحرب العصابات ما خلق التكامل والدمج بين هذه المعارك، ولم نشهد مثل هذه المعركة من قبل في تاريخ الحروب".
الأمر الثاني، وفقًا للصحيفة، هو أنّ هذه الحرب أدت إلى إغلاق دور "تل أبيب" الاستراتيجي، وهذا مهم جدًا، لأنها كانت بمثابة العصا القوية التي تعاملت بها "إسرائيل" مع الدول والمجتمعات التي خرجت عن الهيمنة الأميركية. والمسألة الثالثة هي أنّ حرب الـ 33 يومًا ألحقت بالعدو هزيمة مذلة، وهي ممّا لا شك فيه الهزيمة الأولى في تاريخ الصراع العربي- "الإسرائيلي" والهزيمة الأولى في سلسلة معارك هذا النظام منذ العام 1948".
إمكان واستحالة حكومة الوحدة الوطنية
من جهتها، كتبت صحيفة "وطن أمروز": "بعد ظهور نتائج انتخابات الولاية الرئاسية الرابعة عشرة، اقترحت خطّة جديدة رفيعة المستوى في الحملة الانتخابية للدكتور مسعود بزشكيان: المجلس الاستشاري.. واستحدث المجلس الاستشاري الذي يديره الدكتور محمد جواد ظريف ليكون آلية جديدة لتعيين أعضاء الحكومة الرابعة عشرة. وبحسب محمد جواد ظريف، هذا المجلس كان يهدف إلى ملء الفراغ الناجم عن عدم وجود آليات حزبية لتشكيل الحكومة، وزعم أن المجلس الاستشاري يحاول طرح خيارات مناسبة لمختلف المسؤوليات في "حكومة الوحدة الوطنية" استنادًا إلى "مبادئ خطاب الحكومة الرابعة عشرة". وكانت فكرة هذا المجلس جديدة وزرعت الآمال في نفوس الناخبين والمجموعات السياسية في البلاد، لكن هناك مسألتان أساسيتان أثارتا الشكوك حيال نجاح هذا المجلس ومدى استصواب نتائجه منذ البداية:
أ- الشكلية المفرطة في آليات تشكيل المجلس الاستشاري وتطويره.
ب- غموض في المعنى والملامح الخطابية لحكومة مسعود بزشكيان. فمن ناحية، الشكلية المتطرّفة في العمليات المتعلّقة بعمل المجلس الاستشاري جعلت مقترحات الوزراء للرئيس طويلة ومعقّدة، وبخلاف توقعات الدكتور ظريف، غامضة وغير واضحة. ومن ناحية أخرى، إن عدم وجود خطاب سياسي هادف يمكن من خلاله رؤية الرئيس ممثلًا أو قائدًا للخطاب المطروح، وضع المعايير الواقعية والمناسبة لتقويم المرشحين للمناصب الرئيسة في الحكومة، بما في ذلك رؤساء المنظمات ونواب الرؤساء، في هالة من عدم اليقين.
أضافت الصحيفة: "كان واضحًا منذ البداية أن المقترحات التي سيقدمها المجلس لرئيس الحكومة الرابعة عشرة ستكون في نهاية المطاف مقترحات مجموعة من الناشطين السياسيين المجتمعين حول رئيس المجلس الاستشاري، وتحدّد بناء على فهمهم لـ"ما يجب على الحكومة الرابعة عشرة أن تفعله". وقد أدت التعقيدات والقضايا الناجمة عن هاتين القضيتين في النهاية إلى ظهور سلسلة من الخلافات الداخلية والانتقادات والتحديات بين مؤيدي الحملة الانتخابية للسيد الرئيس؛ التحديات أصبحت أكثر رسمية مع انتخاب النائب الأول لمجلس الوزراء، وبلغت ذروتها باستقالة الدكتور محمد جواد ظريف من النائب الإستراتيجي للحكومة الرابعة عشرة".
بحسب "وطن أمروز": "بالطبع لكي نحكم على حكومة الدكتور مسعود بزشكيان، يجب أن ننتظر حتّى تكتمل الحكومة وتتضح العمليات التي من المفترض أن تستخدم لإدارة شؤون البلاد، وهذا يعني أنه طالما لم تشكّل حكومة بزشكيان ولم تتولَّ بشكل كامل أعمال إدارة شؤون البلاد، لا يمكننا أن نقول أي شيء ذي معنى عن كفاءة أو عدم كفاءة انتخابات رئيس الدولة أو صحة أو عدم صحة العمليات المتضمنة فيها. ومع ذلك، لا ينبغي السكوت على المعاني الضمنية للانتخابات المنشودة وآليات تشكيل الحكومة: فهذا شكل من أشكال المشاركة الوجدانية في المصير المشترك الذي أصبح بين يدي الرئيس، يُستخدم مصطلح "الوحدة الوطنية" بشكل عام كونه المفهوم الأساسي للخطاب المنسوب للحكومة الرابعة عشرة. ولمّا تكتسب الوحدة الوطنية بعد مكانة مفاهيمية في أدبيات الدكتور مسعود بزشكيان ودائرته المقربة بطرائق مختلفة، أي أنه مصطلح يستخدم لتسمية أشياء مختلفة في كلّ مرة، الأشياء أو المواقف التي قد تكون في بعض الحالات متناقضة مع بعضها البعض".
الانتقام بالتعاون مع الإعلام
تزامنًا مع كلمة الإمام الخامنئي، يوم أمس، عن الحرب النفسية للعدو والجهاز الإعلامي الذي يصنع الأوهام في الحرب؛ كتبت صحيفة "كيهان": "هناك دائمًا "حرب ناعمة" و"حرب نفسية" موازية لكل "حرب صلبة"، ومن المهم للغاية فهم هذه الحرب الناعمة والنفسية التي تجري، بشكل عام، بهدف تغيير حسابات الخصم وإحداث فجوة في الرأي العام وجعله غير مستقر. وفي الأساس، ترتبط نتيجة الحروب الصعبة ارتباطًا مباشرًا بمعدل نجاح هذه الحرب الناعمة، وللإعلام دور "حاسم" و"أساسي" في ذلك.
تابعت الصحيفة: "يورغن هابرماس، عالم اجتماع وفيلسوف ألماني، له مصطلح يسمّى Validity Claim، وترجمته هي "ادعاء الصحة"، باختصار، بلغة بسيطة للغاية، هناك قيم صالحة في كلّ مجتمع تكون "صالحة" للناس لسبب ما، في هذه الأثناء، قد يكون هناك أشخاص من ذلك المجتمع لا يؤمنون بهذه "القيمة الأصيلة"، ولكن لأن المساحة غير مناسبة لهم، فلا علاقة لهم بها ولا يعارضونها علنًا، بل لديهم دائمًا الأسباب اللازمة للمعارضة العامة".
ووفقًأ للصحيفة: "على سبيل المثال، فكر في "الصيام" أو "الحجاب" في مجتمع ديني، يأتي معارض وعدو للدين يعلن عبر المنابر الإعلامية أن الصيام يسبب حصوات الكلى والأمراض! وهو لا يرى حاجة إلى تفسير علمي على الإطلاق، ويدعي أن الصوم مضر ومن خلال إطلاق أحكام عامة. ويقول هابرماس، وهنا الموقف المخالف نفسه يسيء إلى "صحة الادّعاء"، أي أن هؤلاء الأشخاص الذين كانوا ضدّ الصيام لأي سبب من الأسباب، ولكن لم تتح لهم الفرصة لمعارضته علنًا، ينتهزون الفرصة ويخرجون عن الصمت، ويقبلون هذا الادّعاء"". وأضافت: "من الأمور المهمّة في المجتمع هو الإجماع، وهذا التلاحم والوحدة ضروري للغاية، لذلك يعطي العدو، بهدف كسر هذه الوحدة والمصداقية، رأيًا مخالفًا لتلك القضية الصالحة للشعب، فتحدث فجوة ونزاع فيها".
ختمت الصحيفة: "تدور حرب غير مباشرة ولكن كبيرة، بين إيران وحلفائها من جهة، والكيان الصهيوني وأميركا وحلفائهم من جهة أخرى، هذه الحرب ليست منذ سنة أو سنتين مضت، وهي مستمرة منذ بداية الثورة الإسلامية. وبحسب التطورات كانت تارة قوية وأخرى ضعيفة، لكنّها لم تتوقف أبدا، طوال هذه السنوات، وضع النظام الإرهابي الصهيوني سياسة "الإرهاب" على جدول أعماله، وانتهك في هذه الأثناء جميع القوانين الدولية، وبالاعتماد على هذه السياسة، فقد مر أسبوعان منذ اغتيال إسماعيل هنية القائد السياسي حماس الذي دخل طهران بجواز سفر دبلوماسي... وبعد الاغتيال تزايد الغضب من الكيان الصهيوني لدرجة أنه خلال الأيام القليلة الأولى، أصبح الانتقام من النظام الصهيوني ادعاءً صحيحًا بين الرأي العام في إيران - وربما في المنطقة- أي أن الجميع طالب بالانتقام، في بداية مثل هذه الأحداث، وبسبب "التحقق"، يكون الجو عرضة للاستجابة بشكل كبير، ومع مرور الوقت، وبسبب تفعيل بعض الشخصيات ووسائل الإعلام، تتضرر مصداقية هذا الادّعاء، وشيئًا فشيئًا، يحاول أولئك الذين يسميهم شيمون بيريز "أكبر مستثمري "إسرائيل" في إيران" كسر هذه المصداقية والتماسك الاجتماعي، فإما أن يخيفوا الناس من الأزمة الاقتصادية، أو أن يلجأوا إلى ترويج الشائعات، أو يروون الحدث الأصلي بطريقة تؤدي في النهاية إلى كسر هذا التماسك".
الانتصار الإلهيحرب تموز 2006الجمهورية الاسلامية في إيرانغزة
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
20/11/2024